هذه القصيدة للشاعر ايليا أبي ماضي
السحــــــب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين |
والشمــــــــــــــــــس تـــــــــــبـــــــدو خلفها صفراء عاصبة الجبين |
والبحـــــــــــــــــــــر ساجٍ صامـــــــــــــــــتٌ فيه خشوع الزاهدين |
لكنما عـــــــــيناك باهتتان في الأفـــــــــــــــــــــق البعـــــــــــــيد |
سلمى ...بماذا تفكرين؟ |
سلمى ...بماذا تحلميـــــــن؟ |
أرأيت أحلام الطفــــــــــــــــــــولة تختفي خلف التخوم؟ |
أم أبصرتْ عيناك أشــــــــــــــــباح الكهولة في الغيوم؟ |
أم خفتْ أن يأتي الدُّجى الجـــــــــــاني ولا تأتي النجوم؟ |
أنا لا أرى ما تلمـــــــــحـــــــــــــــــــــين من المــشــــاهد إنما |
أظلالـــــها في ناظريك |
تنم ، ياســـلمى ، عليك |
إني أراك كســــــــــــــــــائحٍ في القفر ضل عن الطريق |
يرجو صديقاً في الفـــــــــــلاة ، وأين في القفر الصديق |
يهوى البروق وضــــــــوءها ، ويـــــــــــــخاف تخدعهُ البروق |
بــــلْ أنت أعظم حـــــــــــــــــيرة من فــــــارسٍ تحت القتام |
لا يستطيع الانتــــصار |
ولا يطيق الانــــــكسار |
هــــــذي الهواجـــــــس لم تكن مرســــــــومة في مقلتيك |
فلقـــــد رأيـــتـــك في الضــــحى ورأيته في وجـــــنتيك |
لكن وجــــــدتُك في المساء وضـــــعت رأسك في يديك |
وجـــــــلست في عــــــينيك ألغازٌ ، وفي النفــس اكتئاب |
مــــثل اكتئاب العاشقين |
ســلمى ...بماذا تفكرين |
بالأرض كيف هـــــــوت عروش النور عن هضباتها؟ |
أم بالمـــــــــروج الخُضرِ ســــــاد الصمت في جنباتها؟ |
أم بالعــــــصـــــافــــــــــــير التي تعـــــدو إلى وكناتها؟ |
أم بالمـــــــسا؟ إن المســــــــــــــا يخفي المدائن كالقرى |
والكوخ كالقصر المكينْ |
والشـوكُ مــــــــــــــــــــــثلُ الياسمين |
لا فــــــــرق عــــــــــند الليل بين النهــــــــــر والمستنقع |
يخفي ابتسامات الطـــــــــــــــروب كأدمع المـــــــتوجعِ |
إن الجـــــــــمالَ يغـــــــيبُ مـــــــــــــــــثل القبح تحت البرقعِ |
لكن لماذا تجــــــــــــزعـــــــــــــــين على النهار وللدجى |
أحـــــــــــلامه ورغائبه |
وســـــــماؤُهُ وكواكبهْ؟ |
إن كان قد ســــــــــــــــــتر البلاد سهـــــولها ووعورها |
لم يسلـــــــــــــب الزهر الأريج ولا المياه خـــــــريرها |
كلا ، ولا منعَ النســــــــــــــــــــائم في الفضاءِ مسيرُهَا |
ما زال في الــــوَرَقِ الحفــــيفُ وفي الصَّبَا أنفــــــاسُها |
والعــــــــندليب صداحُه |
لا ظفـــــــــــرُهُ وجناحهُ |
فاصغي إلى صـــــــــوت الجداول جارياتٍ في السفوح |
واســــــتنشـــــــــقي الأزهار في الجنات مادامت تفوح |
وتمتعي بالشــــــــــــــهـــــب في الأفلاك مادامتْ تلوح |
من قــــــبل أن يأتي زمان كالضـــــــــــــباب أو الدخان |
لا تبصرين به الغــدير |
ولا يلـــــــذُّ لك الخريرْ |
مـــات النهار ابن الصباح فلا تقـــــــــــــــولي كيف مات |
إن التــــــــــــــــأمل في الحــــــــــياة يزيد إيمـــــــــــــان الفتاة |
فدعي الكآبة والأسى واســـــــــــــــــترجعي مرح الفتاةْ |
قد كان وجهك في الضحى مثل الضحى متهـــــــــــــللاً |
فيه البشـــــاشة والبهاءْ |
ليكن كــذلك في المساءْ |
جميع الحقوق محفوظة© 1420هـ/ سامي العوفي |