الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
ومن والاه وبعد :
فإن المتأمل في رد هذا الدعي والذي نقله هذه المقهور عن
شيخه إن لم يكن هو يجد العجب العجاب !
فمن ينظر إلى وجوه الرد التي رد
بها هذا الدعي والبالغة 33 وجه يخيل إليه أن هذا الدعي ما ترك كبيرة ولا
صغيره في ردي عليه إلا ونقضها لا سيما وهي لا تتعدى العشرة تقريب!ا
ولكن
عند التأمل يجد أن هذا الرد ما هو إلا غثاء يريد صاحبه أن يحفظ به ماء وجه
الذي ذهب بعد ما ظهر زيف كلامه وافتراءاته وجرأته على أهل العلم من السلف
والخلف …
ولقد تحدث إلي أكثر من واحد من الإخوان متعجبا من هذا الرد
الغريب ويقول أنه لم يفهم منه شيئامن طريقة عرضه وتناقضه !!
فالرجل بعد ما
أفلس من الحجة الشرعية سول له شيطانه أن يمعن في الكذب مرة أخرى ويدعى أني
نقلت ما يؤيد كلامه ويوافقه ثم أخذ ينقل عني في قرابة عشرون وجها من رده
...
وهذا والله من المضحكات والتي يستخف بها هذا الدعي من معه من
المغفلين ! أو الطيبين !
فأخذا هذا الدعي يرقم الملاحظات بقال الباشا
وقال الخارجي في أكثر من 20 نقطة من نقاطه ال33 مستكثرا بهذا العدد وملبسا
على ضعاف العقول بهذه الحركات التي لا تدخل إلا على الصبيان !
وهذه
الوجوه التي نقلها عني أتركها للقارئ الكريم بلا تعليق لعله أن يقف فيها على
معنى يفيدني به !
- ثم علق في حوالي عشرة نقاط بكلام سخيف لا معنى له
لم يتعرض فيه لنقض أي مسالة من مسائل البحث أو رد ردا علميا على الأقل بل
ملئها بالسب والشتم ووصفي بأني خارجي وكل إناء بما فيه ينضح !
ومن يرى
غير ذلك ممن يصفق له ويهلل فليبرز لنا مسألة واحدة وقف فيها على رد علمي ينقض
أي من مسائل بحثنا !!!
وإذا ما جئنا على غثاءه نجده جله الكذب كما
سيأتي في نقاط :
1- : لما
ووجه هذا الدعي بكلام اللجنة الدائمة في شيخه العنبري أخذ يتنصل من مذهبه
فزعم أنه موافق للجنة في كلامها وأن كلامها متوجه لمن يزعم الإجماع : فقال :
وأما قول اللجنة في الرد على العنبري … فهو قولنا وكل صاحب عقل يفرق
بين ادعاء الإجماع على عدم كفر من حكم بغير ما أنزل الله في التشريع العام
إلا بالاستحلال القلبي كسائر المعاصي التي دون الكفر وبين نفي وجود إجماع على
كفر من حكم بغير ما أنزل الله في التشريع العام بدون استحلال ….)
ا.هـ
- فنقول لهذا الدعي الكذاب أنت قد ادعيت الأمرين جميعا !
-
ادعيت الإجماع على عدم كفر من حكم بغير ما أنزل الله ! كما زعم العنبري
-
وكذلك نفيت إجماع أهل السنة على كفر المبدل لشرائع الإسلام!أيضا كما فعل
العنبري
فجمعت بين الشرين ووقعت في المحظورين وكما جاء في حديث أم زرع قول
المرأة :
( إن شجك أو فلك أو جمع كلا لك )
أما الأول فنقلت فيه إجماع
ابن عبد البر رحمه الله
-وكونك تحتج به وترد به قول من خالفه لا يحتمل
سوى أنك تقول به !
وأنت في لا تخرج عن حالين :
إما أن تقول بهذا
الإجماع وتجعله على ظاهره من أن الجور في الحكم من الكبائر وتخرج بذلك بعض
صور الحكم المكفرة كالتشريع مع الله أو من دونه وتحكيم غير شرعه والتحاكم
إليه كما وضحنا في الرد.
وإما أنك تعممه على جميع صور الحكم وتكون جميعها
من الكفر الأصغر حتى في التشريع العام وتكون بذلك موافقا للعنبري ومستحقا
لوصف اللجنة فيه( وهذا ما تقول به أيها الدعي ولكنك تروغ ) واليك نص كلامك
.
قلت :
( يحتج بعضهم على أن تحكيم القوانين وجعلها نظاماً عاماً
يعد كفراً أكبر بالإجماع ، مع أن الإجماع منعقد على أن الحكم بغير ما أنزل من
الكبائر التي هي دون الكفر قال ابن عبد البر كما في التمهيد (5/74) في صدد
الكلام على الكبائر" وأجمع العلماء على أن الجور في الحكم من الكبائر …..) ا
.هـ
وقلت قبله :
( فآية الحكم بغير ما أنزل الله لا يخفاكم أن المقصود
بالكفر فيها الكفر الأصغر كما ذهب إلى ذلك ابن عباس وطاوس ومجاهد وأحمد وجمع
من السلف " وليس لهم مخالف في ذلك" ..) ا.هـ
وقلت أيضا : ( وأما قول
أبي السعود المذكور في الرد ومن وافقه فهو مخالف للإجماع … ) ا.هـ
- فكيف
يكون كلام اللجنة بعد ذلك هو قولك أيها الدعي ؟
وبهذا يظهر كذبك
وتدليسك والله المستعان
أما نفيك لإجماع أهل السنة فما زلت متبجحا برده
وتحريفه بل عقدت فصلا في تحريفه والتلاعب به
فقلت : ( فصل في رد دعوى
الإجماع المفترى وعكسه على صاحبه ) ا .هـ
فبئس ما قلت وبئس ما ذهبت إليه
من تحريف
وتأمل قول هذا الدعي بعد كل هذا :
( والصحيح وهو
الذي عليه اتفاق السلف ، أن المراد بالكفر هنا الأصغر وأن الحكم بغير ما أنزل
الله كباقي الكبائر لا يخرج به صاحبه من الملة إلا إذا كان جاحداً أو مستحلاً
ولم يخالف في ذلك إلا الخوارج فالخلاف في هذا القسم خلاف بين أهل السنة
والخوارج وليس بين أهل السنة كما يزعم البعض فالمخالف في هذا القسم يضلل
ويبدع ولا كرامة …) ا.هـ
فإن كنت تزعم( كذبا ) أنك مع اللجنة ولا تقول
بالإجماع المستنكر والمخالف لك هذا حاله ! فكيف لو أنك تقول بالإجماع أيكون
المخالف عندك كافرا ؟!!! فتأمل أخي الكريم كيف يكون الكذب والتناقض
!!!
ومع كل ما سبق فيأبى الله سبحانه وتعالى إلا أن يفضح هذا المدلس حيث
قال :
( ولذلك نجد أن شيخ الإسلام اشترط الاستحلال حتى فيما يحكم به
أهل البوادي مثل ما يسمى بسوالف البادية وهذا لا شك أنه تشريع عام )
ا.هـ
ليكون بذلك قد سار على درب شيخه الضال العنبري وإليك كلام اللجنة
فيما هو قريب وملازم لكلام هذا الدعي وليعلم القارئ الكريم كيف أن هذا الدعي
يكذب ويتحرى الكذب في زعمه موافقة اللجنة وفقها الله.
( تقوله على شيخ
الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في ص / 17 - 18 إذ نسب إليه جامع
الكتاب المذكور : أن الحكم المبدل لا يكون عند شيخ الإسلام كفراً إلا إذا كان
عن معرفة واعتقاد واستحلال . وهذا محض تقول على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله تعالى..) ا.هـ كلام اللجنة من فتواها اللجنة في الحلبي
فهل عرفت
أخي الكريم ما يتمتع به هذا الدعي من تدليس؟ والله المستعان









2- قال الدعي :
( متى ألتزمت وأنت تعلم
أنني قسمت الخلاف في هذه المسألة إلى أربعة أقسام وجعلت القسمين الأخيرين من
أقوال أهل السنة وأين زعمت الإجماع على ذلك وقد ذكرت أن المسألة من المسائل
المستحدثة !!!) ا.هـ
أقول:
أما دعواك الإجماع فقد مرت قصتها ، أما
تقسيمك المبتدع فتريد الآن أن تأخذه حجة لتتنصل من كلام اللجنة فيك وفي شيخك
وهذا قد يدخل على خفافيش البصائر والسذج ولرد هذا أقول : ..
إن تقسيمك
المبتدع هذا في حقيقته لا يخرج عن قسمين وإن حاولت التدليس والتلبيس
..
1- أن الحكم بغير ما أنزل الله
كفر أكبر مخرجا من الملة وهذا قول الخوارج كما زعمت !
2- أن الحكم بغير ما أنزل الله معصية
وكبيرة دون الكفر ولا تكون كفر ا إلا بالاستحلال أو الجحود أو غيرها من أوجه
الكفر الاعتقادي وهذا مذهب أهل السنة كما زعمت أيضا
- ثم القسم الثاني
ممن يرى أنه معصية قسمته بزعمك قسمين أحدهما تكذب عليه وتفتري أنه يرى أن
معصية الحكم بغير ما أنزل الله قرينة على الاستحلال ( على مذهب الخوارج )
!!!
- والقسم الأخر على أصله في كونه معصية لا يكفر فيها إلا بالاستحلال
الصريح .
*** وهذه والله جناية على جمهور العلماء الذين يرون أن الحكم
بالقوانين كفر أكبر مخرج من الملة وتقويلهم ما لم يقولوا بل زجهم في صف
الخوارج المكفرين بالمعاصي وإنا لله وإنا إليه راجعون .
- ولقد تحديت
هذا الدعي أن يأتي بقول أحد من أهل العلم المعتبرين يصرح فيه بأن الحكم بغير
ما أنزل الله معصية دون الكفر وهي مع ذلك قرينة على الاستحلال فلم يأت بشيء
إلا دعواه العريضة في قوله :
" وأما قول الشيخ الإمام محمد بن إبراهيم
والشيخ أحمد شاكر و شيخنا الشيخ محمد بن عثيمين وشيخنا الشيخ صالح الفوزان
فمحله في القسم الثالث " فظهر زيف كلامه وبطلانه والله المستعان
-وطلب
التصريح هنا ضروري خاصة عند اختلاف الافهام وتعارض الأقوال بل لابد من تظاهر
الأقوال في هذا الحال ليصدق عليه أن يكون قسما من الأقسام كما يزعم هذا الدعي
.










3- ومن كذب هذا الدعي
وافتراءه قوله :
( فإن القارئ لرده يلاحظ لمزه للشيخ الألباني وابن
باز وحشرهم معي في صف الجهمية والمرجئة وإنني أتحداه أن يصرح بعقيدته في هذين
الإمامين وأن يكون من النافين عنها تهمة الإرجاء )
فأين بربك أيها المنصف
تعرضت لهذين الإمامين بوصف الإرجاء ؟! بل أين وصفت المخالف في هذه المسألة
بالإرجاء ؟ فلم الكذب وعلام ؟









4- قال هذا الدعي :
( قولك " ترك
الحكم بما أنزل الله مجردا أو ما يسمونه القضية المعينة" خطأ وسيأتي كشفه )
ا.هـ !!!
أقول : أين الكشف ؟
وكذلك قوله : ( فلا تستعجل أخي
القاريء فسأكشف لك قريباً أن الرجل خارجي جلد ومن الذين يرمون الإمامين
بالتجهم والإرجاء كصاحبه الذي نقل مقاله وعند قاهر الحزبيين الخبر اليقين )
ا.هـ
أقول أين هذا الكشف يا دعي ؟
أم تظن أن وصفك لي بالخارجية
دليل على صدق دعواك ؟ ولقد وصفنا بهذا من هو أخس منك قدرا وأشد منك وقاحة
فكان عاقبته أن يظل موضوعه معلق إلى الآن لا يستطيع أن يدفع عن نفسه دنس
الإرجاء ولوسة التجهم …. ولا يضير السماء نبح الكلاب ……والله المستعان









5- قال الدعي :
( وأما قول أبي السعود
المذكور في الرد ومن وافقه فهو مخالف للإجماع كما قال محمد رشيد صاحب المنار)
أقول:
أين قرر محمد رشيد رضا هذا الإجماع ؟ ثم قرر مخالفة قول أبي
السعود رحمه الله وغيره له ؟
فأنت تقول: ( كما قال محمد رشيد…) فأين قوله
هذا أيها الدعي ولماذا لا تنقله ليطلع القارىء عليه ؟
علما بأن فسوى هذا
الدعي ما هي إلا سلسلة كذب وافتراءات وطعونات على أهل العلم تدور بين سقم
الفهم ومحض التقول عليهم نسأل الله العافية.
ثم كيف تزعم أن محمد رشيد رضا
يقرر الإجماع ويرد قول أبي السعود رحمه الله وغيره وهو رحمه الله يوافقه على
ما ذهب اليه نصا !!!
قال رحمه الله :
( والمراد أن عدم الحكم بما أنزل
الله أو تركه إلى غيره – وهو المراد – لا يعد كفرا بمعنى الخروج من الدين بل
بمعنى أكبر المعاصي ) ا.هـ المنار ج 6 / صـ 334
فتأمل قوله رحمه الله (
عدم الحكم بما أنزل الله أو تركه إلى غيره وهو المراد ) تجد أنه موافق لما
نقلته من قول أبي السعود وغيره رحمهم الله ولقد أكد هذا المعنى بعد هذا
الكلام بأسطر قليلة …
فقال رحمه الله :
( ففي الآية الأولى - ( وهي
قوله تعالى ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون ) - كان الكلام في
التشريع وإنزال الكتاب مشتملا على الهدى والنور والتزام الأنبياء وحكماء
العلماء العمل والحكم به والوصية بحفظه وختم الكلام ن. وهذا واضح لا يدخل فيه
من لم يتفق له الحكم به أو من ترك الحكم به عن جهالة ثم تاب إلى الله وهذا هو
العاصي الذي يتحامى أهل السنة القول بتكفيره ، والسياق يدل علي ما ذكرنا من
التعليل …) ا .هـ المنار ج 6 / صـ 335
فتأمل قوله رحمه الله : " كل معرض
عن الحكم به لعدم الإذعان له رغبة عن هدايته ونوره مؤثرا لغيره عليه فهو
الكافر به "
ثم تأمل قوله رحمه الله " لا يدخل فيه من لم يتفق له الحكم
به أو من ترك الحكم به عن جهالة ثم تاب إلى الله وهذا هو العاصي الذي يتحامى
أهل السنة القول بتكفيره "
ليتبين لك زيف إدعاء هذا الرجل وتلبيسه
.
ثم قال الشيح محمد رشيد بعد هذا مكملا :
وأما الآية الثانية ( أي
قوله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون " ) - فلم يكن
الكلام فيها في أصل الكتاب الذي هو ركن الإيمان وترجمان الدين ( تنبه ) بل في
عقاب المعتدين على الأنفس أو الأعضاء بالعدل والمساواة فمن لم يحكم بذلك فهو
الظالم في حكمه كما هو ظاهر …)
فتأمل تقسيمه رحمه الله وتأمل قوله ( فلم
يكن الكلام فيها في أصل الكتاب الذي هو ركن الإيمان)
تجد أنه ولله الحمد
لم يخرج عما قرره أهل العلم ممن سبقوه والله أعلم
أما عن فتواه رحمه الله
في القوانين الإنجليزية فكثير ممن اطلع عليها لم يفهم قوله فيها ولم يحلله
ولعل الله ييسر ببحثها وتحليلها إن شاء الله .
ومع هذا كله فأنا في
انتظار نقل هذا الدعي عن الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله يقرر فيه ما زعمه
!
-وأحب أن أشير إلى أنه كان كثير من هؤلاء الأدعياء يزعم ما زعمه هذا
الدعي " أبو رائد " ولكن البعض منهم قد تراجع وأقر بالخلاف لما رأى من قوة
الأدلة وتظاهر الحجج الشرعية على ما نقول ولله الحمد ولكن التقليد والهوى
ينأى بهم أن يتبعوا الحق الذي ظهرت دلائله وارتفعت في السماء أنواره ، فنسأل
الله العلي القدير أن يوفقنا وإخواننا إلى قول الحق والعمل به وأن يرزقنا
وإياهم الإخلاص والصدق في القول والعمل إنه ولى ذلك والقادر عليه.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم