تابع
ظهور الحواسيب المصغرة : ولادة التطبيقات البيداغوجية للحاسوب .
كان من شأن الحواسيب المصغرة أن أحدثت ثورة حقيقية في عالم المعلوميات ، بعد ظهور أول حاسوب مصغر في السوق سنة 1975 ، ويمكن القول بأنها في طريق إحداث ثورة أخرى في عالم التربية . و من نتائج هذا الجيل الجديد من الحواسيب أن ساعد على توسيع آفاق التطبيقات البيداغوجية للحاسوب ، بصفة فعلية .
لقد اقتصر عالم التدريس ، قبل هذا الجيل ، على تطبيقات بيداغوجية من صنف (( التمارين المترددة )) Exercices répétitifs و (( التدريس الوصائي )) Enseignement tutoriel حيث يتولى الحاسوب أمر المتعلم في عملية التدريس . و باستعمال الحواسيب المصغرة ، أصبح بإمكان التلميذ تولي أمر تعلمه بنفسه و ذلك لتوفره على نوع من التحكم في أداة قوية لمعالجة المعلومات .
فحوالي أواخر السبعينات بدأ استعمال الحواسيب المصغرة في المدارس لإدخال دروس ابتدائية حول الحاسوب ومنذ ذلك الحين بدأ العالم الدراسي التنبؤ بالتحولات ، التي يمكن أن تدفع غليها المعلوميات المصغرة ، في التربية على غرار التحولات التي طرأت ، من جراء استعمال الحواسيب ، على دور و مكانة العمل في المجتمع .
قد تحدث الحواسيب المصغرة تغيرات في التربية من جهة بتسهيل التعلم ووضع بنيات لعمل المتعلم و من جهة أخرى بالتمكن من إدخال ، عند الحاجة تغيرات ، بسرعة وسهولة ، على برامج التدريس . إلا أنه يجب أن لا يُضن أن المعلوميات المعلوميات المصغرة أو المعلوميات بصفة عامة قد تُحدث تحولات جذرية بالمدرسة على المدى القريب . فالجانب الاقتصادي ليس دائما في مستوى الطموحات و العقليات ليست مستعدة لتقبل كل شيء من المعلوميات . و قد يقاوم المدرسون هذه التحولات نظرا لعدم اطمئنانهم أو لظنهم بأن الآلة المعلوماتية قد تخلق روتينية تحطم الطاقات الإبداعية للمتعلمين ... إلا أنه ، و من بابا المفارقات ، باستعمال المعلوميات في ميدان التدريس ، أكثر فأكثر ، تتبدد هذه المخاوف .
يرى المربون بأن التجديدات التكنولوجية و الحلول التي تقترحها ، في ميدان التربية ، تخلق تحديات جديدة ، نذكر منها ما يلي :
الحاجة لتكوين مختصين ، مع المحافظة على المقومات العامة .
صعوبة مسايرة الركب ، نظرا لوفرة المعلومات المتجددة باستمرار و لتسارع التطور التكنولوجي .
استعمال المعلومات ووسائل معالجتها دون المس بحقوق المؤلفين .
خلق توازن بينما هو ممكن فعله تقنيا بواسطة المعلوميات و ما هو مرغوب فيه تربويا للتدريس أو التعلم .
و الواقع أنه نهما تكن تحديات عالم التربية ، يجب أن نضع نصب أعيننا أن قيمة الحواسيب في التدريس ترتبط بما نريده منها و كيفية استعمالنا لها . فمرونة الحواسيب الحديثة و تعدد الإمكانيات ، التي قد تتيح لنا ، هي رهينة بالبرامج التي نستطيع كتابتها لها .
تصنيف التطبيقات البيداغوجية للحاسوب .
هنالك تصنيفات عديدة للتطبيقات البيداغوجية للحاسوب ، إلا أنه و لحد الآن لا زالت لم يقبل أي منها عالميا . فقد نستطيع تصنيفها حسب ما يؤديه الحاسوب من خدمات في ميدان التدريس أو حسب المستعملين للحاسوب أو في علاقة مع (( صنافة )) Taxonomie أو حسب الاستعمالات التي يقوم بها المدرس و المتعلم .
و فيما يلي ندرج تصنيف للتطبيقات البيداغوجية للحاسوب ، يعتبر بيداغوجيا كل تطبيق للحاسوب مرتبط مباشرة بمسار التدريس ، التعلم و بذلك يفصل عنه كل عمل يخص التنظيم المدرسي أو التدبير أو إدارة الموظفين و القاعات و المعدات . يضم هذا التصنيف :
1 ــ الحاسوب كوسيلة للتدريس
في هذا الصنف يستعمل المدرس الحاسوب لتبليغ معلومات ما و ينظم كل أنشطة التعلم التي يقوم به الحاسوب إزاء المتعلم . يتكون هذا الصنف من أربع تطبيقات هي :
التمارين المترددة .
التدريس الوصائي .
الألعاب .
المحاكاة .
2 ــ الحاسوب كوسيلة للتعلم .
لحد الآن ، وجدنا التلميذ مجرد متلقي في عملية بيداغوجية موجهة من طرف المدرس فرغم استعماله للحاسوب نجد أنه لا تحكم له في الأداة ، لكون كل القرارات المتعلقة بتعلمه سبق أن برمجها المدرس . غير أن هناك تطبيقين بيداغوجيين يصبح فيهما الحاسوب رهن إشارة المتعلم و يخوله اتخاذ المبادرة لاستعماله . يتعلق الأمر بصياغة المشاريع Élaboration de projets و حل المسائل Résolution des problèmes .
3 ــ الحاسوب كأداة للتعلم / التعلم .
في هذا الصنف ، كل من المدرس و المتعلم يستعمل الحاسوب كأداة : فهو للتعلم و أداة للعد و الحساب و أداة للكتابة . لذا نجد في هذا الصدد ثلاثة تطبيقات هي : التعلم الآلي للحاسوب Initiation à l'ordinateur ، و الرقام الإلكتروني Chiffrier électronique ، و معالجة النصوص Traitement de texte .
4 ــ الحاسوب كأداة للتدبير البيداغوجي :
هنا يمكن للمدرس أن يبرمج الحاسوب قصد تقييم أداءات التلميذ و نوعية أساليبه و ذلك باستعمال أحد التطبيقين التاليين أو كليهما : تدبير المسار البيداغوجي و أبناك أدوات القياس .
ومنذ بضع سنوات ، أصبح اهتمام الباحثين منصبا على استغلال نتائج البحوث في (( الذكاء الاصطناعي )) لتوظيفها في إنتاج (( أنظمة خبيرة )) Systèmes experts و لصالح التعليم و التعلم . و الأمل معقود على هذا المجال لما قد يوفره من مرونة و قابلية للتفاعل في عملية التعليم و التعلم .
صفحة العناوين