سيدة نساء العالمين في زمانها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشية
الأسدية الملقبة بالطاهرة، وهي أول نساء النبي
r
، وأول من آمن به وهي التي آزرته وصدّقته عندما كذبته قريش وعادته.
مواقفها العظيمة إلى جانب الرسول
r
لنصر دين الله أكثر من أن تُعد أو تحتويها نبذة كهذه وأكتفي هنا بذكر موقفها
عندما أخبرها الرسول
r
بما حدث له في الغار عندما أوحي إليه أول مرة.
روى الإمام البخاري في صحيحه وغيره عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه
عندما رجع رسول الله
r
أول ما أوحي إليه من غار حراء (فدخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها-
فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر:
لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم
وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به
خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد - ابن عم خديجة- وكان امرأ تنصّرَ في
الجاهلية فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك. فقال له: يا ابن أخي
ماذا ترى؟ فأخبر الرسول
r
خبر ما رأى (أي في الغار). فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزلَ اللهُ على
موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومُك، فقال الرسول
r
: أو مخرجيّ هُمْ؟ قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودِيَ، وإن
يدركني يومُك أنصرك نصرا مؤزرا) .
ولنسمع من المصطفى
r
كيف كانت زوجته خديجة في نصرته ونصرة دين الله قال
r
: (آمنتْ إذ كفرَ الناسُ وصدقتني إذ كذبني الناسُ وواستني بمالها إذ حرمني
الناسُ).
(فكانت أول من آمن بالله ورسوله، وصدَّقَ بما جاء به فخفَّفَ اللهُ بذلك عن
الرسول
r
فكان لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه فيرجع إليها إلا تثبّته وتهوّن عليه
أمرَ الناسِ).
تزوجها رسول الله
r
في أول شبابه وكان عمره خمسا وعشرين سنة وعمرها أربعين وعاشت مع الرسول
r
خمسا وعشرين سنة ورُزِقتْ منه ابنين وأربع بنات هم : القاسم، عبد الله،
زينب، رقية، أم كلثوم، فاطمة. وأتى جبريل عليه السلام رسول الله فقال: هذه
خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها
السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب.
فلما جاءت خديجة قال رسول الله
r
لها:إن الله يقرأ على خديجة السلام. قالت: خديجة بنت خويلد إن الله هو
السلام وعلى جبريل السلام.
وقفت إلى جانب رسول الله
r
تنصره وتعينه على احتمال الشدائد وأقسى ضروب الأذى.
ولما ماتت خديجة وعمه أبو طالب تتابعت على رسول الله
r
المصائب فقد كانت خديجة له وزير صدق على الإسلام. توفيت بمكة المكرمة قبل
الهجرة بثلاث سنين بعد أن بلغت من العمر خمسة وستين عاما. فقد كانت- رضي الله
عنها- مثالا عظيما للزوجة الصالحة المؤمنة.