حديث شريف |
معاوية بن أبي سفيان القرشيّ الأموي ، ولد قبل البعثة بخمس سنين
أسلم بعد الحديبيـة وكتَمَ إسلامه حتى أظهره عام الفتـح ، وكان في
عمرة القضاء مسلماً ، كان من الكَتَبة الحَسبَة الفصحاء حليماً وقوراً
عاش عشرين سنة أميراً وعشرين سنة خليفة000
أسلم معاوية بن أبي سفيان قبل عُمرة القضية ، ولكنه كان يخاف أن يخرج الى المدينة لأن أمه كانت تقول له :( إن خرجت قطعنا عنك القوت )000
أخته أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان ، دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أم حبيبة ومعاوية عندها نائم على السرير ، فقال :( من هذا يا أم حبيبة ؟)000فقالت :( أخي معاوية يا رسول الله )000قال :( فتُحِبِّيه ؟)000فقالت :( إيْ والله إنّي لأحبُّه )000فقال :( يا أم حبيبة ! فإني أحب معاوية ، وأحب من يحب معاوية ، وجبريل وميكائيل يُحبّان معاوية ، والله أشدُّ حُبّاً لمعاوية من جبريل وميكائيل )000
كان طويلاً أبيض أجلح وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-000
قال عكـرمة لابن عباس :( إن معاوية أوتر بركعة )000فقال :( إنه فقيه )000
قال المدائنـي :( كان زيـد بن ثابت يكتب الوحـي ، وكان معاوية يكتب للنبي -صلى الله عليه
وسلم- فيما بينه وبين العرب000
دخل معاوية بن أبي سفيان على عمر -رضي الله عنه- وعليه حُلّة خضراء فنظر إليه الصحابة ، فلما رأى ذلك عمر قام ومعه الدَّرّة فجعل ضرباً بمعاوية ، ومعاوية يقول :( الله الله يا أمير
المؤمنين ، فيمَ ؟ فيمَ ؟)000فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه فقالوا له :( لِمَ ضربت الفتى وما في قومك مثله ؟)000فقال :( ما رأيت إلا خيراً ، وما بلغني إلا خير ، ولكني رأيته -وأشار بيده الى
فوق- فأردت أن أضعَ منه )000
كان معاوية لا يُتَّهم في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكان معاوية قليل الحديث عن رسول الله الكريم000
ولاه عمر بن الخطاب الشام بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان وأقره عثمان000
لم يبايع معاوية علي بن أبي طالب ، وحاربه واستقل بالشام ، ثم أضاف إليها مصر ، ثم تسمّى بالخلافة بعد الحكمين000
ولمّا قُتِلَ علي -رضي الله عنه- سار معاوية من الشام الى العراق ، فنزل بمسكن ناحية
حربي ( بين بغداد وتكريت )إلى أن وجّه إليه الحسن بن علي فصالحه ، وقدم معاوية الكوفة ، فبايع له الحسن بالخلافة واجتمع عليه الناس ، فسمّي ذلك العام عام الجماعة000
وقد سُئِلَ الحارث الأعور -وكان من أصحاب علي- :( ما حمل الحسن بن عليّ على أن يُبايع لمعاوية وله الأمر ؟)000قال :( إنه سمع علياً يقول : لا تكرهوا إمْرَة معاوية )000
قال معاوية :( اتبعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوضوء فلما توضأ نظر إليّ فقال :( يا معاوية إنْ وُلِّيتَ أمراً فاتّقِ الله واعْدِلْ )000فما زلتُ أظنُّ أنّي مُبتلِ بعمل000
قال ابن عباس :( ما رأيت أحداً أحلى للملك من معاوية )000فملك الناس عشرين سنة ، يسوسهم بالملك ، يفتح الله به الفتوح ، ويغزو الروم ، ويقسم الفيء والغنيمة ، ويقيم الحدود000
قال أبو الدرداء :( لا مدينة بعد عثمان ، ولا رخاء بعد معاوية )000
لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة :( أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟)000قال
معاوية :( صدقتِ )000فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه ، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق ، والذي سنّ الخلفاء بعده ، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم ، فقالت في ذلك ،
فلم تترِك000
فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية :( أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصحة المشفقة ، البليغة الموعظة ، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به ، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا ، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي )000فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً ، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان ، قال :( والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من عائشة )000
خطب معاوية بالناس وقد حَبَس العطاء شهرين أو ثلاثة ، فقال أبو مسلم:( يا معاوية ، إنّ هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك )000فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا ، فنزل ثم رجع فقال :( أيُّها الناس ! إنّ أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا مال أبي ولا مال أمي ، و صدق أبو مسلم ، إني سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول :( الغضبُ من الشيطان ، والشيطان من النار ، والماء يطفيء النار ، فإذا غضب أحدكم فلْيَغتسل )000اغْدُوا على عطائكم على بركة الله عزّ وجلّ )000
وخطب يوماً معاوية فقال :( إنّ في بيت مالكم فَضْلاً عن عطائكم ، وإني قاسمٌ بينكم ذلك ، فإن كان فيه قابلاً فضلٌ قسمته عليكم ، وإلا فلا عَتِيبَة عليّ ، فإنه ليس مالي وإنّما هو فَيء الله الذي أفاءَ عليكم )000
قال معاوية :( لا أضع لساني حيث يكفيني مالي ، ولا أضع سَوْطي حيث يكفيني لساني ، ولا أضع سيفي حيث يكفيني سَوْطي ، فإذا لم أجد من السيف بُدّاً ركبتُهُ )000
قال معاوية :( أفضلُ ما أعطي الرجلُ العقل والحِلْمَ ، وإذا ذُكّرَ ذَكَرَ ، وإذا أعطيَ شكر ، وإذا ابتُليَ صَبَر ، وإذا غضِبَ كظم ، وإذا قَدَرَ غَفَرَ ، وإذا أساء اسْتَغْفر ، وإذا وَعَدَ أنْجَزَ )000
قال معاوية :( لا يبلغ الرجل مبلغَ الرأي حتى يَغلِبَ حِلْمُهُ جهلَهُ ، وصبره شهوته ، ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحِلْم )000
لمّا حضرت معاوية الوفاة أوصى أن يُكفّن في قميص كساه إيّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن يجعل ممّا يلي جسده ، وكان عنده قُلامة أظفار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأوصى أن تسحق وتجعل في عينيه وفمه ، وقال :( افعلوا بي ، وخلّوا بيني وبين أرحم الراحمين )000ومات معاوية في رجب سنة ستين على الصحيح000
سَألَ الزهري سعيد بن المسيّب عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له :( اسمعْ يا زهري ، من مات محبّاً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وشهد للعشرة بالجنة ، وترحّم على معاوية ، كان حقيقاً على الله عز وجل أن لا يناقشه الحساب )000
وسُئِلَ ابن مبارك عما يقوله في معاوية فأجاب :( ما أقول في رجل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( سمع الله لمن حمده )000فقال معاوية من خلفه :( ربَّنا ولك الحمد )000فقيل له :( ما تقول في معاوية ، هل هو عندك أفضل أم عمر بن عبد العزيز ؟)000فقال :( لتُرابٌ في مِنْخَريّ معاوية مع رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- خير من عمر بن عبد العزيز )000
وسأل رجل المعافى بن عمران فقال :( يا أبا مسعود ، أين عمر بن عبد العزيز من
معاوية ؟)000فغضب من ذلك غضباً شديداً وقال :( لا يُقاس بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد ، معاوية صاحبه وصهره ، وكاتبه وأمينه على وحي الله عزّ وجلّ ، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- :( دَعوا لي أصحابي وأصهاري ، فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين )000