الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما نسبتيه إلى
علي رضي الله عنه لم نقف عليه في
أي مرجع من المراجع المتوفرة لدينا، لكن ننبه إلى أن الحكمة من تكرار السجود في
الركعة الواحدة دون غيره ترجع إلى أن السجود أبلغ في التواضع من غيره، قال
البهوتي في كشاف القناع:
وإنما شرع تكرار السجود في كل ركعة دون
غيره لأن السجود أبلغ ما يكون في التواضع لأن المصلي لما ترقى في الخدمة بأن قام ثم
ركع ثم سجد فقد أتى بغاية الخدمة، ثم أذن له في الجلوس في خدمة المعبود فسجد ثانياً
شكراً على اختصاصه إياه بالخدمة وعلى استخلاصه من غواية الشيطان إلى عبادة الرحمن.
انتهى.
وكون
السجود على التراب فيه مزيد للتواضع والعبودية لله تعالى، قال
النووي
في شرحه لصحيح مسلم:
ولأن السجود غاية التواضع والعبودية لله
تعالى، وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها وهو وجهه من التراب الذي يداس ويمتهن.
انتهى.
وقال
البهوتي في شرح منتهى الإرادات:
والسجود غاية التواضع لما فيه من وضع
الجبهة وهي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام، ولهذا كان أفضل من الركوع.
انتهى.
والتقسيم
الذي ذكرتيه للمصلين لم نقف على من ذكره حسب علمنا، فلا شك أن من أتى بالصلاة كاملة
على طريقة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فهو قريب من رحمة الله تعالى، والحديث
الذي ذكرت رواه
البخاري وغيره من حديث
مالك بن الحويرث حيث أوصاه رسول
الله صلى الله عليه وسلم هو وقومه عند سفرهم قائلاً:
ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم
ومروهم وذكر أشياء أحفظها أولاً احفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي.
ومن اتصف بالخشوع في صلاته فهو من المفلحين الفائزين عند
الله تعالى، لقول الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ
{المؤمنون:1-2}، ومن يجاهد نفسه ليفوز
بالخشوع في صلاته فهو مأجور على ذلك إن شاء الله تعالى، فقد قال
القرطبي في تفسيره لقول الله تعالى:
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا:
وقال ابن عطية: فهي قبل الجهاد العرفي
وإنما هو جهاد عام في دين الله وطلب مرضاته.
انتهى.
ومن أدى
صلاته دون خشوع فقد سقط عنه وجوبها لأنه ليس شرطا في صحة الصلاة عند جمهور أهل
العلم، كما سبق في الفتوى رقم:
53232.
وبالتالي
فمن ليس في صلاته خشوع لا يوصف بأنه ليس له من صلاته إلا التعب، ومن يؤخر الصلاة عن
وقتها لغير عذر شرعي فهو عاص لله تعالى ومعاقب على فعله هذا لما ثبت من الوعيد
الشديد في حق من يضيع الصلاة أو يتهاون بها، قال الله تعالى:
فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، وقال تعالى:
فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ
عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}، وللفائدة راجعي الفتوى رقم:
25784.