هل
يجوز هذه الأبيات(لاتلعن الفقر يالشاعر ولا تشره؟
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
افتونا في هذا بارك الله فيكم
هل يجوز هذا الشعر ؟؟؟؟
ائتي لكم بابيات من الشعر هل هي تجوز ام لا ؟؟؟؟
ملاحظه : الكلمات التي اقصدها اللونها باللون الاحمر .
البيت الاول :
لاتلعن الفقـر يالشاعـر ولاتشـره = رسول الامة فقير
ومنهجـه سامـي
وبيت اخر من قصيده ثانيه :
والثنى والحمد للـي كـل مسلـم يستجيـره = واللي مافيه غيره في
السماء والارض والـي
وابيات من قصيده اخرى :
من يقنع القبـار مـا يحفـر قبـر = قلوبنـا قبـرك ياليـت تشوفـهـا
الارض لو تملك احاسيـس ونظـر = كان
استحت ماتدفنك فـي جوفهـا
والشمس لو تكسف على موت البشر = في يوم موتك صار يـوم كسوفهـا
لكـن نؤمـن بالقضـاء وبالـقـدر = وماجابـت الدنيـا لنـا بصدوفهـا
هذا وجزاكم الله خيرا
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
وبارك الله فيك .
أما قول : (رسول الأمة فقير) ، فهذا وإن كان معناه صحيحا
، إلاّ أنه مُشعر بعدم التأدّب مع مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، إلاّ إذا قيل
على سبيل التسلية للفقير ، فيُقال له مثلا : رسول الله صلى الله عليه وسلم مع
كرامته على الله عزّ وَجَلّ عاش فقيرا ومات فقيرا ..
وأما قول : (واللي مافيه غيره في السماء والارض والـي)
فمعناه صحيح على الإجمال إذا قصد بذلك الولاية ، لقوله تعالى : (قُلْ أَغَيْرَ
اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) .
قال ابن كثير في تفسير الآية : والمعنى: لا أتَّخِذ وَلِـيًّا إلاَّ الله وحده لا
شريك له . اهـ .
ولقوله عزّ وَجَلّ : (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)
قال ابن جرير في تفسير الآية : يَعْنِي تَعالى ذِكْرُه بقوله : (اللَّهُ وَلِيُّ
الَّذِينَ آَمَنُوا) نَصيرهم وظهيرهم ، يَتولاّهم بِعَونه وتَوفيقه . اهـ .
وقال البغوي : قوله تعالى : (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا) ناصِرهم ومُعينهم
. وقيل : مُحِبّهم . وقيل : مُتَوَلّي أمورهم لا يَكِلُهم إلى غيره . وقال الحسن :
ولي هِدايتهم . اهـ .
ونَقَل القرطبي عن الخطابي قوله : الولي الناصر يَنصُر عباده المؤمنين .
ولقوله تبارك وتعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ
الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ) .
ولِمَّا قال أبو سُفيان يوم أُحُد : إن لنا العُزّى ولا عُزّى لكم ! قال النبي صلى
الله عليه وسلم لصحابه : ألا تجيبونه ؟ قالوا : يا رسول الله ما نقول ؟ قال : قولوا
: الله مولانا ولا مولى لكم .
وأما قول الشاعر :
(الارض لو تملك احاسيـس ونظـر = كان استحت ماتدفنك فـي جوفهـا
والشمس لو تكسف على موت البشر = في يوم موتك صار يـوم كسوفهـا )
هذا غلو غير مرضيّ ، وما أكثر ما يقع الشعراء في غلو الممدوحِين !
وهل هذا الممدوح أفضل من رُسُل الله وأنبيائه ؟!
وأحسن الشاعر في صدر البيت الأخير ، وأساء في عَجْزه !
حيث قال :
(لكـن نؤمـن بالقضـاء وبالـقـدر = وماجابـت الدنيـا لنـا
بصدوفهـا )
فأحسن إذ سلّم بالإيمان بالقضاء والقَدَر ، وأساء حينما نَسَب الحوادث والمصائب إلى
الدنيا !
ولذلك النهي عن سب الدّهر لِمَا يتضمّن من محاذير .
قال ابن القيم رحمه الله : في هذا ثلاث مفاسد عظيمة :
إحداها : سَـبّه مَن ليس بأهل أن يُسَبّ ، فإن الدهر خَلْق مُسَخّر مِن خَلْق الله
، مُنْقَاد لأمْرِه ، مُذَلّل لتسخيره ؛ فَسَابّـه أولى بالذم والسب منه .
الثانية : أن سَـبّه مُتَضَمّن للشرك ، فإنه إنما سبه لظنه أنه يَضُرّ وينفع ، وأنه
مع ذلك ظالم قد ضَرّ مَن لا يستحق الضرر ، وأعطى من لا يستحق العطاء ، ورفع من لا
يستحق الرفعة ، وحَرَم مَن لا يستحق الحرمان ، وهو عند شاتميه مِن أظلم الظَّلَمة .
وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سَـبّه كثيرة جدا ، وكثير مِن الْجُهّال يُصَرّح
بِلَعْنِه وتَقْبِيحِه .
الثالثة : أن السبّ منهم إنما يَقَع على مَن فَعل هذه الأفعال التي لو أتبع الحق
فيها أهواءهم لَفَسَدَتِ السماوات والأرض ، وفي حقيقة الأمر فَرَبّ الدهر تعالى هو
المعطي المانع ، الخافض الرافع ، الْمُعِزّ الْمُذِلّ ، والدهر ليس له من الأمر شيء
؛ فَمَسَبّتهم للدهر مَسَبّة لله عز وجل . اهـ .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?p=1918
|