معاني كلمة (الفتنة) في
القرآن الكريم
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحببت ُ أن اتأكد عن صحة ماورد في هذا الموضوع
(( الفتـــنة في القران ))
- جاءت كلمة (فتنة )ومشتقاتها في القران الكريم في ستين موردا" وهي متعددة المعاني
يرجع غالبها الى معنى واحد وهو الاختبار والامتحان 0 ومن تلك المعاني هي :
============
1- بمعنى الجنون : كما في قولة تعالى( فستبصرويبصرون بيأكم المفتون) قال الشيخ
الطبرسي(بيأكم المجنون)0
2- بمعنى الاحراق :كما في قولة تعالى( ان الذين فتنوا المؤمنين ثم لم يتوبوا فلهم
عذاب جنهم ولهم عذاب الحريق)0
3- بمعنى البلاء والامتحان :كما في قولة تعالى( انما أموالكم وأولادكم فتنة والله
عنده أجر عظيم)0
4- بمعنى الهلكة :كما في قولة تعالى (ينادونهم الم نكن معكم قالوابلى ولكنكم فتنتم
أنفسكم وتربصتم)0
5- بمعنى الاثم :كما في قولة تعالى (ومنهم من يقول أئذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة
سقطوا)0
6- بمعنى الكفر:كما في قولة تعالى (ثم لم تكن فتنتهم الا ان قالوا والله ربنا ما
كنا مشركين)0
7- بمعنى الشرك : كما في قولة تعالى (وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة)0
8- بمعنى الاخلاص :كما في قولة تعالى ( وقتلت نفسا"فنجيناك من الغم وفتناك فتونا)0
9- بمعنى الافساد او الاخلال :كما في قولة تعالى (ما انتم علية بفـــا
تـنـيـن)والفاتن الداعي الى الضلالة بتزينة له0
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا غير دقيق . ولعله مما أُخِذ مِن كُتب الروافض ! لأن الطبرسي مِن مُفسِّريهم .
وذلك لأن أصل الفتنة في اللغة راجع إلى أكثر من معنى .
قال الراغب في " المفرَدَات " : أصل الفَتْن إدخال الذهب النار لتظهر جودته من
رداءته ، واسْتُعْمِل في إدخال الإنسان النار . قال : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ
يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) ، أي : عذابكم ، وذلك نحو قوله : (كُلَّمَا
نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ) ،
وقوله : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا) الآية ، وتارة يُسَمُّون ما يحصل عنه
العذاب فيُسْتَعْمَل فيه ، نحو قوله : (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) ، وتارة في
الاختبار ، نحو : (وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا) ، وجُعلت الفتنة كالبلاء في أنهما
يستعملان فيما يُدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء ، وهما في الشِّدَّة أظهر معنى
وأكثر استعمالا ، وقد قال فيهما : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)
، وقال في الشِّدَّة : (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ) ، (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ
الْقَتْلِ) ، (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) ، وقال : (وَمِنْهُمْ
مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) ، أي :
يقول : لا تَبْلُنِي ولا تُعَذّبني ، وهُم بِقولهم ذلك وقعوا في البلية والعذاب ،
وقال : (فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ
فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ) ، أي : يبتليهم ويُعذّبهم ، وقال :
(وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ) ، (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) ، أي :
يُوقعونك في بَلية وشِدّة في صَرفهم إياك عمّا أُوحِي إليك ، وقوله : (فَتَنْتُمْ
أَنْفُسَكُمْ) ، أي : أوقعتموها في بَلية وعذاب ، وعلى هذا قوله : (وَاتَّقُوا
فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) ، وقوله :
(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) ، فقد سَمَّاهم ههنا
فتنة اعتبارا بِما يَنال الإنسان من الاختبار بِهم ، وَسَمَّاهم عَدُوًّا في قوله :
(إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) اعتبارا بما يتولّد
منهم ، وجعلهم زينة في قوله : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ
النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ) الآية ، اعتبارا بأحوال الناس في تزينهم بهم ، وقوله :
(الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا
يُفْتَنُونَ) ، أي : لا يُخْتَبَرون ، فَيُمَيَّز خبيثهم مِن طَيبهم ، كما قال :
(لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) ، وقوله : (أَوَلا يَرَوْنَ
أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا
يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) ، فإشارة إلى ما قال : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) الآية ، وعلى هذا قوله : (وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ
فِتْنَةٌ) .
والفتنة من الأفعال التي تكون من الله تعالى ومن العبد ، كالبلية والمصيبة والقتل
والعذاب ، وغير ذلك من الأفعال الكريهة ، ومتى كان مِن الله يكون على وَجْه الحكمة
، ومتى كان من الإنسان بغير أمْر الله يكون بِضِدّ ذلك ، ولهذا يَذِمّ الله الإنسان
بأنواع الفتنة في كل مكان ، نحو قوله : (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) ،
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ) ، (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ)
، أي : بِمُضِلِّين ، وقوله : (بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ) قال الأخفش : المفتون
الفتنة ، كقولك ليس له معقول ، وخُذ مَيسوره ودع مَعسوره ، فتقديره : بأيكم
الفُتُون ، وقال غيره : أيكم المفتون والباء زائدة ، كقوله : (وَكَفَى بِاللَّهِ
شَهِيدًا) ، وقوله : (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ إِلَيْكَ) ، فقد عُدِّي ذلك بِـ " عن " تَعْدِية خَدَعوك لِمَا أشار بمعناه
إليه .
وقال ابن الجوزي :
باب الفتنة :
تُذكر ويُراد بها الشرك (حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) .
ويُراد بها القتل (أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) .
ويُراد بها المعذرة (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ) .
ويُراد بها الضلال (وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ) .
ويُراد بها القضاء (إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ) .
ويُراد بها الإثم (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) .
ويُراد بها المرض (يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) .
ويُراد بها العِبرة (لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً) .
ويُراد بها العقوبة (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) .
ويُراد بها الاختبار (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) .
ويُراد بها العذاب (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ) .
ويُراد بها الإحراق (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) .
ويُراد بها الجنون (بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ) .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=3280
|