حديث صلاة الخميس
السؤال :
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
فضيلة الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله، وجدت في أحد المنتديات هذا الحديث عن
عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما0
قال : قال ( رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من صلى يوم الخميس ما بين الظهر و
العصر ركعتين يقرأ في الركعة الأولى ..فاتحة الكتاب مرة وآيه الكرسي مائه مرة ، وفي
الثانية الفاتحة ومائة مرة قل هو الله أحد ، وبعد الفراغ يصلى علي مائة مرة ، اعطاه
الله تعالى ثواب من صام ....رجب و شعبان ورمضان ، وكان له من الثواب مثل حاج البيت
، وكتب له بعدد كل من آمن بالله تعالى ))
وحين سؤال ناقله عن مصدره وتخريجيه أجاب علي بالإجابات التالية( الغنيه لطالبي طريق
الحق) للاءمام عبد القادر بن موسى بن عبدالله الجيلاني( 470 - 561ه )
ان لم تجد هذه الروايه في غير كتاب الاٍمام / عبد القادر فهذا يدل على انه تفرد بها
واستحق مدح الاٍمام البخاري 0والروايه المذكورة نقلها لنا اِمام ومحدث موثوق به كما
اثبتنا لك سابقاً 0
أما الواجب عليك الان ان تذكر لنا من..... من الأئمة اعترض على هذه الرواية وعدها
من الروايات المختلقة فاٍن كان الجواب ... لا ... فهذا يعني أن الرواية مقبولة
لانها ذكرها محدث موثوق به 0
أما بالنسبة للكتب الثمانيه التي بحثت فيها فاعلم ان الأحاديث ليست محصوره في هذه
الكتب وانماهناك كتب كثيره غير هذه الكتب وتحتوي على اضعاف ما في الكتب الثمانيه 0
ولدي بعض اسماء هذه الكتب اذا اردت ذلك للأستفاده والمعرفه0
وارجو منك بعد هذا الجواب المقنع للعاقل ان لا تطيل النقاش في هذا الموضوع فانك لو
اعترضت ثانياً فاني لن أجيب على اعتراضك لان جوابي هذا والذي قبله يكفي......
العاقل......0
فأرجوا الإفادة عن صحة هذا الحديث
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
لما قرأت هذا الحديث قلت لأول وهلة لا يُمكن أن يصحّ هذا الحديث .أما لماذا ؟
فلاشتماله على التكلّف الواضح .
وسُنة النبي صلى الله عليه وسلم أبعد ما تكون عن التكلّف ، وقد أمَر الله تعالى
نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يقول : (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)
.والتكلّف في قراءة آية الكرسي مائة مرة ، وسورة الإخلاص مائة مرة ، وكل هذا تكلّف
ظاهر .
أما هذا الحديث بخصوصه فقد ذكره الإمام الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث
الموضوعة ، وحَكَم عليه بالوضع .
وهذا يعني أنه حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا تجوز روايته
ولا تناقله إلا على سبيل التحذير منه .
وأما رد الأخ الذي رد فهذا يدل على قلة دراية بهذا العلم الشريف ( علم السنة
النبوية ) وقديما قِيل : لو سَكت من لا يَعلم لَسَقَط الخِلاف .فليس صحيحاً أن كل
حديث ذَكَره إمام موثوق يُحكَم له بالصِّحَّـة . وفي المسالة تفصيل ، فكُتُب السنة
تنقسم إلى أقسام :
القسم الأول : ما اشترط أصحابها الصحّـة ، وهذا ينقسم إلى قسمين :
1 – قِسم وفّوا بشرطهم ، كالبخاري ومسلم .
2 – قسم لم يُوفّوا بشرطهم ، كابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الجارود وابن
السَّكَن وغيرهم ممن ألّف في الصحيح .
فأحاديث القسم الأول صحيحة بلا ريب ، فلَك أن تَنقل منها وتقول أخرجه البخاري أو
أخرجه مسلم ، ولا يَحتاج إلى تصحيح .وأحاديث القسم الثاني منها الصحيح والضعيف بل
والموضوع .
القسم الثاني : ما لم يشترط أصحابها الصحة ، وهو ينقسم إلى أقسام :
1 – قِسم يُورِدون الأحاديث مورِد الاحتجاج ، كأبي داود والنسائي ، فهذا تقوية
للحديث لا تصحيح ، إذ قد يوجد عندهم الضعيف .
2 – قِسم يُورِدون الأحاديث في الجوامع لا مورد الاحتجاج ، كجامع الترمذي ، وهو
يَتكلّم على الأحاديث ، وفيه الصحيح والضعيف وقد يوجد فيه الموضوع .
3 – قسم يَجمعون الأحاديث على مسانيد الصحابة ، كمسند الإمام أحمد ، وهو لا يشترط
الصحة ، وإن كان يتجنّب الموضوع .
فهذه الكُتُب لا يُمكن أن يؤخذ الحديث منها مأخذ الصِّحّة ، بل يُنظَر فيها ، فإذا
صحّ الحديث كان محل احتجاج .وعُذر الأئمة في إيراد الصحيح وغيره في أمرين :
الأول : أن من أبرز إسناده فقد بَرِئت عُهدته ، وبقي النظر في الإسناد .
الثاني : أنه قد يتقوّى بالمتابعات والشواهد ، فإذا وُجِدت طُرُق أخرى عند غيرهم
فقد يتقوّى بها الحديث .
القسم الثالث : ما يكون مظنة الحديث الضعيف ، وهذا كسُنن الدارقطني ومعاجم الطبراني
، فإنها مظنة الأحاديث الضعيفة والغرائب والمفاريد .
وهذا القسم يجب أن يتنبّـه من ينقل منه إلى طريقة المؤلفين فيها .فلا يَنقل حديثا
ويقول : رواه الطبراني أو رواه الدراقطني ويعتبر هذا رواية إمام موثوق ويُصحح
الحديث .
القسم الرابع : ما كان لبيان الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، فهذا لا يَجوز نقل
الحديث منها إلا مع بيان درجته ، كما لا يَكفي في نقل الحديث الموضوع المكذوب أن
يُقال فيه : موضوع . لأن كثيراً من الناس لا يعرف عنى ( موضوع ) فلا بد من بيان أنه
مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كما أن عِلم الجرح والتعديل والعناية بتوثيق الرواة قلّ بعد تدوين مُعظَم السُّنة
في القرن الثالث ، ولذا يَرى العلماء أن عِلم الجرح والتعديل انقطع في القرن الرابع
.
والطبراني المتوفَّى سنة 360 هـ لا تُوجَد تراجم لبعض شيوخه ، فكيف بمن بعدهم في
القرن الخامس أو ما بعده ، إذ حرص العلماء بعد ذلك على إبقاء الإسناد تشريفاً لهذه
الأمة ، ولكونه من خواص هذه الأمة ، فَقَلّت العناية بِعلم الجرح والتعديل ، ولم
تكن هناك عناية بأحوال الرواة بعد تدوين السنة .
ومن هنا فإن من يَنقل من كُتب متأخِّرة ينبغي أن يتفطّن إلى هذا الأمر .كما يجب على
من ينقل حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يتثبّت قبل أن ينقل حديثا ويُشهِره
بين الناس .
فإن الحديث إذا كان مكذوبا فإن ناقله يَدخل في زمرة الكذّابين ، بل والكذابين على
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد جاء الوعيد الشديد في الكذب على رسول الله صلى
الله عليه وسلم .
ولا يَعذر الإنسان أن يقول : وجدت الحديث في كتاب كذا ، ولا كونه رواه عالم موثوق ،
بل لا بد أن يُنصّ على صحّته ، أو يَدرس إسناده إذا كان متأهِّلاً لذلك .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=35531
|