هَطَلَتْ مِن كُلِّ صَوْبٍ عَينُ باكٍ
|
وَهَوَتْ مِن كُلِّ فَجٍّ كَفُّ لاطِمْ
|
وَتَداعى كُلُّ أصحابِ المواويلِ
|
وَوافَى كُلُّ أربابِ التّراتيلِ
|
لِتَرديدِ التّواشيحِ وتَعليقِ التّمائِمْ
|
وأقاموا، فَجأةً، مِن حَوْلِنا
|
سُورَ مآتِمْ .
|
إنَّهم مِن مِخلَبِ النَّسْرِ يخافونَ عَلَيْنا ..
|
وَكأَنّا مُستريحونَ على ريشِ الحَمائِمْ !
|
ويخافُونَ اغتصابَ النَّسْرِ لِلدّارِ ..
|
كأنَّ النَّسْرَ لَمْ يَبسُطْ جَناحَيْهِ
|
على كُلِّ العَواصِمْ !
|
أيُّ دارٍ ؟!
|
أرضُنا مُحتلَّةٌ مُنذُ استقلَّتْ
|
كُلَّما زادَتْ بها البُلدانُ.. قَلَّتْ !
|
وَغِناها ظَلَّ في أيدي المُغيرينَ غَنائِمْ
|
والثّرى قُسِّمَ ما بينَ النّواطيرِ قَسائِمْ .
|
أيُّ نِفطٍ ؟!
|
صاحِبُ الآبارِ، طُولَ العُمْرِ،
|
عُريانٌ وَمَقرورٌ وصائِمْ
|
وَهْوَ فَوقَ النّفطِ عائِمْ !
|
أيُّ شَعْبٍ ؟!
|
شَعبُنا مُنذُ زَمانٍ
|
بَينَ أشداقِ الرَّدى والخوفِ هائِمْ
|
مُستنيرٌ بظلامٍ
|
مُستجيرٌ بِمظالِمْ !
|
هُوَ أجيالُ يَتامى
|
تَتَرامى
|
مُنذُ ما يَقرُبُ مِن خَمسينَ عاما
|
كالقَرابينِ فِداءَ المُستبدّينَ " النّشامى" .
|
كُلُّ جيلٍ يُنتَضى مِن أُمِّهِ قَسْراً
|
لِكَيْ يُهدى إلى (أُمِّ الهَزائِمْ)
|
وَهْيَ تَلقاهُ وُروداً
|
ثُمَّ تُلقيهِ جَماجِمْ
|
وَبُروحِ النَّصرِ تَطويهِ
|
ولا تَقَبلُ في مَصْرعِهِ لَوْمةَ لائِمْ .
|
فَهُوَ المقتولُ ظُلْماً بيدَيْها
|
وَهُوَ المَسؤولُ عن دَفْعِ المَغَارِمْ !
|
فَإذا فَرَّ
|
تَفرّى تَحتَ رِجْلَيْهِ الطّريقْ
|
فَهْوَ إمّا ظامِئٌ وَسْطَ الصّحارى
|
أو بأعماقِ المُحيطاتِ غَرِيقْ
|
أو رَقيقٌ.. بِدماءٍ يَشتري بِلَّةَ ريقٍ
|
مِن عَدُوٍّ يَرتدي وَجْهَ شَقيقٍ أو صَديقْ !
|
فَلماذا صَمَتُوا صَمْتَ أبي الهَوْلِ
|
لَدَى مَوْتِ الضّحايا..
|
واستعاروا سُنَّةَ الخَنساءِ
|
لَمّا زَحَفَتْ كَفُّ المَنايا
|
نَحْوَ أعناقِ الجَرائِمْ ؟!
|
* *
|
يا شُعوباً مِن سَرابٍ
|
في بلادٍ مِن خَرابْ..
|
أيُّ فَرْقِ في السَّجايا
|
بَينَ نَسْرٍ وَعُقابْ ؟!
|
كُلُّها نَفْسُ البهائِمْ
|
كُلُّها تَنزِلُ في نَفْسِ الرّزايا
|
كُلُّها تأكُلُ مِن نَفسِ الولائِم
|
إنّما لِلجُرْمِ رَحْمٌ واحِدٌ
|
في كُلِّ أرضٍ
|
وَذَوو الإجرامِ مَهْما اختلَفَتْ أوطانُهمْ
|
كُلٌّ توائِمْ !
|
* *
|
عَصَفَ العالَمُ بالصَفَّينِ
|
حَقْناً لِدِمانا
|
وانقَسَمْنا بِهَوانا
|
مِثْلَما اعتَدْنا.. إلى نِصفَينِ
|
ما بَينَ الخَطيئاتِ وما بينَ المآثِمْ
|
وَتقاسَمْنا الشّتائِمْ .
|
داؤنا مِنّا وَفينا
|
وَتَشافينا تَفاقُمْ !
|
لو صَفَقْنا البابَ
|
في وَجْهِ خَطايا العَرَبِ الأقحاحِ
|
لَمْ تَدخُلْ عَلَيْنا مِنْهُ
|
آثامُ الأعاجِمْ ! |