وتركت رأسي فوق صدرك
|
ثم تاه العمر مني.. في الزحام
|
فرجعت كالطفل الصغير..
|
يكابد الآلام في زمن الفطام
|
و الليل يفلح بالصقيع رؤوسنا
|
ويبعثر الكلمات منا.. في الظلام
|
و تلعثمت شفتاك يا أمي.. وخاصمها.. الكلام
|
ورأيت صوتك يدخل الأعماق يسري.. في شجن
|
والدمع يجرح مقلتيك على بقايا.. من زمن
|
قد كان آخر ما سمعت مع الوداع:
|
الله يا ولدي يبارك خطوتك
|
الله يا ولدي معك
|
* * *
|
وتعانقت أصواتنا بين الدموع
|
والشمس تجمع في المغيب ضياءها بين الربوع..
|
والناس حولي يسألون جراحهم
|
فمتى يكون لنا اللقاء؟
|
وتردد الأنفاس شيئا من دعاء
|
ونداء صوتك بين الأعماق يهز الأرض.. يصعد للسماء:
|
الله يا ولدي معك..
|
ومضيت يا أمي غريبا في الحياة
|
كم ظل يجذبني الحنين إليك في وقت الصلاة..
|
كنا نصليها معا
|
* * *
|
أماه..
|
قد كان أول ما عرفت من الحياة
|
أن أمنح الناس السلام
|
لكنني أصبحت يا أمي هنا
|
وحدي غريبا.. في الزحام..
|
لا شيء يعرفني ككل الناس يقتلنا الظلام
|
فالناس لا تدري هنا معنى السلام
|
يمشون في صمت كأن الأرض ضاقت بالبشر..
|
والدرب يا أمي.. مليء بالحفر..
|
وكبرت يا أمي.. وعانقت المنى
|
وعرفت بعد كل ألوان الهوى..
|
وتحطمت نبضات قلبي ذات يوم عندما مات الهوى..
|
ورأيت أن الحب يقتل بعضه
|
فنظل نعشق.. ثم نحزن.. ثم ننسى ما مضى
|
و نعود نعشق مثلما كنا ليسحقنا.. الجوى
|
لكن حبك ظل في قلبي كيانا.. لا يرى
|
قد ظل في الأعماق يسري في دمي
|
وأحس نبض عروقه في أعظمي
|
أماه..
|
ما عدت أدري كيف ضاع الدرب مني
|
ما أثقل الأحزان في عمري و ما أشقى التمني..
|
فالحب يا أمي هنا كأس.. وغانية.. وقصر
|
الحب يا أمي هنا حفل.. وراقصة.. ومهر
|
من يا ترى في الدرب يدرك
|
أن في الحب العطاء
|
الحب أن تجد الطيور الدفء في حضن.. المساء
|
الحب أن تحد النجوم الأمن في قلب السماء
|
الحب أن نحيا و نعشق ما نشاء..
|
* * *
|
أماه.. يا أماه
|
ما أحوج القلب الحزين لدعوة
|
كم كانت الدعوات تمنحني الأمان
|
قد صرت يا أمي هنا
|
رجلا كبيرا ذا مكان
|
وعرفت يا أمي كبار القوم والسلطان..
|
لكنني.. ما عدت أشعر أنني إنسان!! |