تاهت خطاي عن الطريق
|
لا ضوء فيه.. ولا حياة.. ولا رفيق
|
والبيت.. أين البيت؟!
|
قد صار كالأمل الغريق
|
و عواصف الأيام تقتلع الجوانح
|
بالأسى الدامي.. العميق
|
وتلعثمت شفتاي قلت لعلني
|
أخطأت.. في الليل الطريق
|
وسمعت صوت الليل يسري.. في شجن:
|
قدماك خاصمتا الطريق
|
رحل الرفاق أيا صديقي من زمن
|
* * *
|
يا ليل..
|
يا من قد جمعت على جفونك شملنا
|
يا من نثرت رياض دفئك حولنا
|
وحملت أنسام الربيع رقيقة
|
سكرى لترقص.. بيننا
|
أتراك تذكر من أنا؟
|
أنا صاحب البيت القديم
|
يوما تركت لديك حبا عاش مفتون.. المنى
|
و سمعت صوت الليل يسري.. في شجن
|
رحل الرفاق أيا صديقي من زمن
|
* * *
|
ودخلت بيتي و السنين تشدني
|
وروائح الماضي القديم.. تضمني
|
البيت يعرف خطوتي
|
في مدخل البيت الحزين رأيت كل حكايتي
|
الأرض تبتلع الزهور
|
وأزهار النوار في تابوتها
|
أطلال عطر.. أو قشور
|
فوق القاعد كانت الحشرات تجري.. أو تدور
|
والهمس يسري بينها
|
جمع التراب رفاقه حولي و حدق.. في غرور:
|
أتراك جئت لكي تحطم بيتنا
|
وسألته في دهشة:
|
أتراك تعرف من أنا؟
|
أنا صاحب البيت القديم
|
نهض التراب وقال في غضب:
|
شيء عجيب ما أرى..
|
ماذا تريد؟
|
كل الذي في البيت يعرف أنني
|
أصبحت صاحبه الجديد
|
وعلى جدار الصمت نامت صورتي
|
تاهت ملامحها مع الأيام مثل.. حكايتي..
|
ودموعها تنساب كالماضي وتروي قصتي..
|
بجوار مقعدنا رأيت جريدة
|
فيها مواعيد السفر..
|
ومتى تعود الطائرة..
|
وشريط أغنية لعل رنينها
|
قد ظل يسرع.. ثم يسرع
|
خلف ذكرى.. حائرة
|
فتوقفت نبضاتها..
|
وسمعتها:
|
(أيها الساهر تغفو..
|
تذكر العهد.. و تصحو..
|
و إذا ما التأم جرح جد بالتذكار.. جرح
|
فتعلم كيف تنسى و تعلم.. كيف تمحو)
|
* * *
|
وعلى سريري ماتت الأحلام وانتهت.. المنى
|
يا حجرتي.. يا صورتي..
|
يا كل ما أحببت من هذا الوجود
|
يا وردتي يا أعذب الألحان في دنيا الورود
|
أنا صاحب البيت القديم!!
|
لا شيء ينطق في السكون
|
لا شيء يعرف.. من أكون؟!!
|
وسمعت صوتا يقتل الصمت الرهيب:
|
أنت الذي ترك الزهور..
|
لكي تموت من الصقيع..
|
كل الذي في البيت عاش و ظل يحلم بالربيع..
|
كل الذي في البيت مات
|
كل الذي في البيت مات
|
* * *
|
ومضيت نحو الصوت تنهرني الخطى..
|
فوجدته قلمي ينام على كتاب
|
ودماؤه الحيرى تئن على التراب
|
ومضى يحدثني بحزن.. و اكتئاب:
|
لم يا صديقي قد هجرتم بيتنا
|
وتركتم الحب الصغير يموت حزنا.. بيننا
|
في كل يوم كان يسأل: أين أمي؟؟ أين راح أبي؟!
|
تراني.. من أنا؟!
|
ما زلت أذكر يا رفيقي ساعة الأمس الحزين
|
أنا لا أصدق أن قلبك جرب الأشواق
|
أو ذاق الحنين
|
ما كنت أحسب أن مثلك قد يخون
|
أو أن طيف الحب في دنياك يوما.. قد يهون
|
* * *
|
أمسكت بالقلم الذي يبكي أمامي في جنون..
|
هيا إلي فربما نجد الطريق
|
هيا إلي فربما نجد الرفيق
|
ماذا أقول؟!
|
تاهت خطاي عن الطريق..! |