ويسألني الليل أين الرفاق
|
وأين رحيق المنى والسنين؟
|
وأين النجوم تناجيك عشقا
|
وتسكب في راحتيك الحنين؟
|
وأين النسيم وقد هام شوقا
|
بعطر من الهمس لا يستكين؟
|
وأين هواك بدرب الحيارى
|
يتيه اختيالا على العاشقين؟
|
فقلت: أتسألني عن زمان
|
يمزق حبا أبى أن يلين؟
|
وساءلت دهري: أين الأماني؟
|
فقال: توارت مع الراحلين
|
ولم يبق شيء سوى أغنيات
|
وأطياف لحن شجي الرنين
|
وحدقت في الكأس: أين الرفاق؟
|
فقالت: تعبت من السائلين
|
ففي كل يوم طيور تغني
|
وزهر يناجي ونجم حزين
|
ودار تسائلني مقلتاها:
|
متى سيعود صفاء السنين؟
|
وفوق النوافذ أشلاء عطر
|
ينام حزينا على الياسمين
|
ثيابك في البيت تبكي عليك
|
ترى في الثياب يعيش الحنين؟!
|
وعطرك في كل ركن ودرب
|
وقد عاش بعدك مثل السجين
|
* * *
|
ويسألني الشعر: هل صرت كهلا؟
|
فقلت: توارى عبير الشباب
|
فقال بحزن: أريدك حبا
|
وشوقا يطير بنا للسحاب
|
أريدك طير على كل روض
|
أريدك زهرا على كل باب
|
أريدك خمرا بكأس الزمان
|
فقد يسكر الدهر فينا العذاب
|
أريدك لحنا شجي المعاني
|
ولو عشت تجري وراء السراب
|
أريدك لليوم دع ما تولى
|
ودعك من النبش بين التراب
|
ففي الروض زهر وعطر.. وطير
|
وفي الأفق تعلو الأغاني العذاب
|
قضيت حياتك تنعي الشباب
|
وترثي العهود وتبكي الصحاب
|
نظرت إلى الشعر: ماذا تريد؟
|
فقال: نعيد ليالي الشباب
|
فقلت: ترى هل تفيد الأماني
|
إذا ما ارتمت فوق صدر السراب؟
|
وساعة صفو سترحل عنا
|
ونرجع يوما لدار العذاب
|
وفي كل يوم سنبني قصورا
|
غدا سوف نتركها للتراب.. |