الفصل السادس
أدوات البحث
* مقدمة :
يهتم
الباحث في المراحل المبكرة من البحث بتحديد طرق وأساليب جمعه للبيانات والمعلومات
الضرورية لحل مشكلة بحثه، فيفحص الأدوات المتوفرة ويختار تلك التي تناسب هدفه على أفضل
نحو، فإذا لم تناسب هذه الأدوات احتياجاته فإنه قد يكملها، أو يعدلها، أو يضع
أدوات أخرى جديدة.
ومن غير المنطقي أن
ينتقي الباحث أداة واحدة للحصول على البيانات كالاستفتاء مثلاً، ثم يستخدمها في
دراسة كل مشكلة تظهر من مشكلات البحث. وذلك لأن كل أداة تناسب بيانات معينة
ومشكلات بحثية خاصة، ولذلك ينبغي علينا أن نتعرف على الأدوات والأساليب المختلفة
لجمع البيانات، وأن يعرف مزايا كل أداة وعيوبها، وخطوات تصميمها
… الخ.
} الاستفتاء
{
الاستفتاء وسيلة
للحصول على إجابات عن عدد من الأسئلة المكتوبة في نموذج يُعد لذلك، ويقوم المجيب
بملئه بنفسه.
* خطوات تصميم الاستفتاء:
يمر الاستفتاء
بخطوات متعددة، وعلى سبيل المثال نلخص فيما يلي الخطوات التي اتُبعت في تصميم
استبيان " الإشراف التربوي بدولة الإمارات العربية المتحدة: واقعه ومقترحات
تطويره ":
* أولاً: تحديد
موضوعات الاستفتاء :
وقد حُددت بأهداف الإشراف التربوي، ومهام المشرف التربوي، ومدى اطلاع المشرف
التربوي المعلمين على التقارير التي يرفعها عنهم، ومضمون الدورات التدريبية التي
شارك فيها المشرف التربوي، والصعوبات التي تحد من فاعلية الإشراف، ومقترحات حلها.
* ثانياً: وضع
قائمة عبارات الاستفتاء (الأسئلة) : وضعت قائمة من العبارات تغطي الموضوعات التي تضمنها
الاستفتاء، وتم إعادة صياغة العبارات بحيث تكون سهلة ميسّرة واضحة، بحيث تصبح
مناسبة للمستجيبين عليه (المشرفين التربويين).
وقد روعي أن تكون
أسئلة الاستفتاء من النوع المغلق حتى يتجنب المستجيب الاستطراد الذي لا مبرر له،
وهذا يسهّل عملية رصد وتحليل الاستجابات إحصائياً.
* ثالثاً: الترتيب
المنطقي لعبارات الاستفتاء :
تم ترتيب عبارات الاستفتاء منطقياً بحيث تترابط مع بعضها دون افتعال، وبدأ
الاستفتاء بمقدمة تشرح للمستجيب الهدف من الاستفتاء، وطمأنته على سرية استجاباته،
ثم بعض البيانات الشخصية للمستجيب، مع جعل الاسم اختيارياً، وقد رُتبت أبعاد
الاستفتاء في صورته النهائية طبقاً لترتيب الموضوعات الوارد في البند " أولاً
".
* رابعاً: تقويم
عبارات الاستفتاء:
تم عرض الاستفتاء على متخصصين في مجالات مناهج البحث، والإشراف التربوي، ومديري
المدارس، والمعلمين، والإدارة التعليمية لكي يحكموا على مدى صلاحية الاستفتاء في
صورته الأولية، وتم تعديل عبارات الاستفتاء بما يحقق أهداف الاستفتاء ويلبي آراء
السادة المحكمين.
* خامساً: تطبيق
الاستفتاء في تجربة استطلاعية:
للتأكد من وضوح وشمول عبارات الاستفتاء، والتغلب على صعوبات تطبيق الاستفتاء
مستقبلاً، ثم تم حساب معامل صدق وثبات الاستفتاء.
وبعد التأكد من صدق
وثبات الاستفتاء بدرجة مقبولة، أصبح للاستفتاء درجة من الثقة في دقته وإمكانية
الاعتماد على النتائج التي يسفر عنها عند التطبيق الميداني له.
* أنواع الاستفتاء:
يمكن تقسيم
الاستفتاءات إلى ثلاثة أنواع على أساس تحديد الإجابة وعدم تحديدها وهي:
1 ـ الاستفتاء المقيد (المغلق):
في هذا النوع يختار المستجيب
إجابة من إجابتين أو عدة إجابات مثل :
هل تطلع المعلم
على التقرير الخاص به؟
نعم / لا .
2 ـ الاستفتاء المفتوح:
في هذا النوع يجيب
المستجيب بحسب آرائه وما يعتقد في صوابه، وقد يسوق أسباباً لرأيه، وتأتي الإجابات
في هذا النوع متنوعة تنوعا كبيراً من مستجيب لآخر، وهذا يزيد من صعوبة رصد وتفسير
هذه الاستجابات.
3 ـ الاستفتاء المغلق / المفتوح:
يحتوي هذا النوع على
أسئلة يعقبها إجابات متعددة يختار المستجيب واحدة منها، ثم يكتب بحرية لأسباب
اختياره هذا في فراغات تُركت خصيصاً لهذا الغرض.
* قواعد وضع عناصر الاستفتاء:
فيما يلي بعض القواعد
التي تفيد في وضع أسئلة الاستفتاء:
1
ـ ينبغي صياغة أسئلة وعبارات الاستفتاء بما يجعلها واضحة سلسة، مع تجنب الكلمات
التي لا فائدة منها في العبارة.
2
ـ ينبغي تجنب وضع أسئلة تافهة.
3
ـ يجب جعل الإجابات المقترحة بسيطة بقدر الإمكان.
4
ـ ينبغي تجنب أسئلة إبداء الرأي ما لم تكن ضرورية لتحقيق أهداف الاستفتاء والبحث.
5
ـ يفضل تجنب العناصر الموحية بالإجابة، أو غير المشجعة عليها.
6
ـ يفضل تجنب الأسئلة التي قد يُجاب عنها بوضع أكثر من علامة على عدة استجابات إذا
كان المطلوب والمرغوب فيها استجابة واحدة.
7
ـ ينبغي وضع الأسئلة على قد الإمكان بحيث يمكن الإجابة عنها بوضع علامة.
8
ـ يفضل وضع الأسئلة بأسلوب يعفي المستجيب من التفكير المعقد بقدر الإمكان، ومن الأساليب
الشائعة لتحقيق ذلك، تجزئة السؤال المركب إلى مجموعة من الأسئلة تكون الإجابة عنها
أسهل.
} المقابلة الشخصية{
هي وسيلة للحصول على
إجابات على عدد من الأسئلة يلقيها الباحث على المجيب المقابل له وجهاً لوجه، ويقوم
الباحث بتسجيل الإجابات التي يحصل عليها في النموذج المُعد لذلك.
وتُصنف المقابلة على أساس الهدف الذي
تسعى لتحقيقه إلى أربعة أنواع:
مسحية، وتشخيصية، وعلاجية، وإرشادية.
وتستخدم المقابلات المسحية للحصول على معلومات وبيانات من
المتخصصين في ميادين تخصصهم وعملهم، مثل استخدامها في مسح الاتجاهات نحو البرامج
التربوية، أو رؤى تطوير التعليم في الدولة، أو تحديد آراء المعلمين نحو السياسة
التعليمية.
وتهدف المقابلة التشخيصية إلى فهم مشكلة معينة وتقصي
الأسباب التي أدت إلى تفاقمها بحالتها الراهنة وخطورتها، مثل تشخيص أسباب انخفاض
الدافعية نحو التعليم لدى بعض الذكور في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتهدف المقابلة العلاجية إلى مساعدة العميل على فهم
نفسه على نحو أفضل، ووضع خطة لعلاجه، وهذا النوع من المقابلة يهدف إلى علاج
العوامل المسببة للمشكلة، أو تخفيفها.
وتهدف المقابلة التوجيهية أو الإرشادية إلى تمكين
العميل من أن يفهم مشكلاته الشخصية والتعليمية على نحو أفضل، وأن يعمل خططاً سليمة
لحل هذه المشكلات.
وأهم الأنواع السابقة
من المقابلات بالنسبة للباحث في المجال التربوي هو النوع الأول على الرغم من وجود
بعض مشكلات البحث التي تتطلب استخدام الأنواع الأخرى من المقابلات.
* مقارنة بين الاستفتاء والمقابلة الشخصية:
من الفروق الهامة بين
الاستفتاء والمقابلة أننا نحصل على معلومات مقصورة على الاستجابات المكتوبة
للأشخاص، وذلك عن أسئلة سبق ترتيبها. أما في المقابلة، فنظراً لأن القائم
بالمقابلة والشخص الذي تتم مقابلته متواجهان أثناء المقابلة، فإن لدى المقابل
الفرصة لملاحظة الفرد، والموقف الكلي الذي يستجيب له.
وبعض الفروق الأخرى
ستتضح لنا بدراسة مزايا كل من الاستفتاء والمقابلة على النحو التالي:
* مزايا الاستفتاء:
1
ـ الاستفتاء أقل تكلفة من المقابلة الشخصية: فتطبيق الاستفتاء يحتاج لمهارة أقل من
المقابلة، بل إنه يمكن إرسال الاستفتاء بالبريد، ويمكن تطبيقه على أعداد كبيرة في
وقت واحد.
أما المقابلة فإنها تتطلب
عادة سؤال كل فرد على حده، وهو الأمر المُجهد، والمكلف، والذي يستغرق وقتاً أطول
في تنفيذه.
2
ـ أن الطبيعة غير الشخصية للاستفتاء ـ من خلال صياغته المقننة ـ والترتيب الثابت
لأسئلته تضمن قدراً كبيراً من الاطراد من موقف لآخر، الأمر الذي تفتقد إليه
المقابلة الشخصية. لأن المقابلة قد تعتمد في كثير من الأحيان على استجابات
المستجيب، وهذا يزيد من صعوبة المقارنة بين نتائج المقابلات.
3
ـ أن المجيبين على الاستفتاء قد يجدون ثقة أكبر في أنفسهم من حيث أنهم غير معروفين
للباحث، ولذلك يشعرون بحرية أكبر في التعبير عن آرائهم التي قد يخشون عدم موافقة
الآخرين عليها، وعلى الرغم من أن القائم بالمقابلة يمكنه زيادة ثقة المستجيب
بتأكيد سرية استجاباته، إلا أن المستجيب قد يشك في حسن نية القائم بالمقابلة، خاصة
أن القائم بالمقابلة أصبح يعرف المستجيب شخصياً لا اسمه فقط.
* مزايا المقابلة
الشخصية:
1 ـ هي أنسب وسيلة لجمع البيانات ممن لم
يحصلوا على قسط من التعليم يمكنهم من الاستجابة على الاستفتاء.
2 ـ الدراسات المسحية التي تعتمد على
المقابلة الشخصية تُمكّن من الحصول على استجابات من عينة تمثل المجتمع الأصلي أفضل
من الاستفتاءات، فكثير من الناس على استعداد للتعاون مع الباحث إذا كان كل ما هو
مطلوب منهم أن يتكلموا.
3 ـ تتيح
المقابلة فرصة أفضل من الاستفتاء للكشف عن البيانات التي تتصل بموضوعات معقدة أو
مثيرة للانفعال، وهو الأمر الذي قد تفتقد الاستفتاءات إلى تحقيقه خاصة في
الموضوعات ذات الطبيعة الانفعالية التي قد تحتاج إلى ملاحظة المستجيب عن أسئلتها
أثناء استجابته.
|