*
اســـــم البــاحث:
أ . د / علاء الدين كفافي
* عنــــوان البحث:
لماذا وكيف نعلم أبنائنا التفكير النقدي ؟
* بيــانات النشر:
المؤتمر
العلمي الثاني عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس، " مناهج التعليم وتنمية
التفكير " 25
– 26 يوليو 2000.
* مشكلة البحث:
إن الذكاء
يعرف بأنه القدرة العقلية الفطرية العامة أو هو القدرة على الاستنباط والاستدلال
أو القدرة على إدراك العلاقات بين الأشياء أو هو القدرة على التكيف أو المواءمة
ويعرف أيضا بأنه القدرة على التفكير ، فالذكاء هو الأساس في عملية التفكير خاصة
التفكير المجرد والذي يمكن أن نسميه أيضا التفكير الرمزي لأنه يعتمد على اللغة
كنظام متفق عليه من الرموز .
* أهمية التفكير:
لا يمكن تصور الحياة الإنسانية على
الأرض وتصور ما أنجزه الإنسان فيها بدون تفكير . فكل صور
الحضارة من نتائج التفكير ، ونظرة سريعة لحياة الحيوان وحياة الإنسان توضح لنا فضل
التفكير على الإنسان وكسف أنه بسبب التفكير استطاع
الإنسان أن يصنع هذه الحياة وأن يطور فيها فالطفل الإنساني يولد وهو عاجز بصورة
كبيرة فهو لا يستطيع إلا القيام بالعمليات البيولوجية الأولية اللازمة لحياته
كالكل والإخراج والتنفس وإصدار بعض الأصوات والحركات التي هي أقرب إلى الحركات
العشوائية وردود الأفعال . وإذا قارنا الوليد الإنساني بوليد بعض الحيوانات فنجد
أن أبناء بعض الحيوانات يستطيعون القيام ببعض المهارات لهم في حياتهم . وهذا العجز
الذي يسم الطفل الإنساني عند الولادة عجز ظاهري لأنه يخفي وراءه إمكانات هائلة
ولكنها كامنة لديه . فهو يولد غير قادر على الكلام والتعبير باللغة ولكن لديه
الاستعداد الكامل للكلام واستخدام الرموز اللغوية في التعبير عن نفسه وعن أفكاره .
وهو يولد ولا يستطيع التفكير وتمييز الصواب من الخطأ والخير من الشر ولكن لديه
الاستعداد للتفكير والتمييز ، وينقلب العجز إلى قدرة بفضل عملية التفكير والتي تتم
في إطار عملية التربية والتنشئة الاجتماعية للطفل في المنزل وفي المدرسة ووفي وسائط
التنشئة الأخرى .
* التفكير النقدي بين أساليب التفكير وأنماطه
على الرغم من أن التفكير وسيلة الإنسان
في استخدام قدراته العقلية ، وعلى الرغم من أن التفكير هو وسيلة الجماعة لصنع
حضارتها والحفاظ عليها وتطويرها ، نقول أنه على الرغم من ذلك
فإن التفكير ليس كله صحيحا ونتائجه كليها ليست مرغوبة بل إن عملية التفكير أحيانا
ما تتم على نحو غير صحيح وتنتهي إلى نتائج تضر الفرد أو المجتمع . ولكن أساليب
التفكير الخاطئة تكون جزء من النسيج الثقافي للفرد والمجتمع وبالتالي فهي مصدر
للسلوك والتفاعل بين الأفراد بدون التساؤل عن جدوى هذا السلوك وقيمته .
وفيما يلي نشير إشارة سريعة إلى كل من
أساليب التفكير وأنماطه حتى نتبين مواقع التفكير النقدي
من بين صور التفكير المختلفة مع ملاحظة أن أساليب التفكير قد تتداخل مع أنماطه :
1- أساليب التفكير
(أ)
التفكير
الإحيائي : وهو التفكير الذي ينسب الحياة إلى الجمادات والكائنات غير الحية . وهو
تفكير طبيعي وعادي بالنسبة لتطور تفكير الطفل في طفولته
المبكرة ولكنه كان نمطا شائعا في الثقافات البدائية .
(ب)
التفكير الراغب : وهو التفكير بالأماني ، بمعنى أن الذي يحدد هذا
التفكير ليس العوامل الموضوعية ولكنه أماني الفرد رغباته وتصوراته للأحداث ، وقد
شاب هذا التفكير تفكير الإنسان البدائي كما أنه يسم تفكير بعض الراشدين على الأقل
في بعض المواقف .
(ت)
تفكير
أحلام اليقظة : وأحلام اليقظة هي الحيلة اللاإرادية في معظم الحالات التي يلجأ إليها الإنسان لينعم بالراحة
والهدوء وكأنها واحة خضراء ظليلة يحتمي فيها المسافر في الصحراء القاحلة الملتهبة
، وتختلف أحلام اليقظة عن أحلام النوم في أن الأولى تتحدد مباشرة بالحاجات المحبطة
عند الفرد في حياته أما أحلام النوم فهي ترتبط أيضا برغبات الفرد وحاجاته ولكن على
نحو غير مباشر .
(ث)
التفكير الخيالي : وهو التفكير الذي لا يستند إلى عناصر في الواقع
ولكنه يستمد مادته من عناصر خيالية أو متصورة .
* أنماط التفكير :
وفي
هذا القسم سنشير إلى الأساليب التي شاعت في ثقافات معينة لفترات زمنية وأصبحت نمطا
لتفكير الناس في هذه الثقافات . ويمكن ن نشير إلى هذه
الأنماط ومقابلتها من حيث صحة التفكير أو عدم صحته كالآتي:
من
أنماط التفكير غير الصحيحة
|
من
أنماط التفكير الصحيحة
|
التفكير
العشوائي ( تفكير المحاولة والخطأ )
|
- تفكير حل
المشكلة
|
التفكير الخرافي
|
- التفكير
العلمي
|
التفكير
التقليدي ( الخضوع للعرف والتقاليد )
|
- التفكير
الإبداعي
|
التفكير
الاعتمادي ( التفكير بعقول الآخرين )
|
- التفكير
النقدي
|
* تعليم
التفكير النقدي:
ـ أزمة
تعليم التفكير النقدي:
هناك فهم خاطئ كثيرا ما يقع فيه حتى العاملين في حقل التعليم
وهو إن تقديم مناهج التفكير وتدريسها للطلاب وامتحانهم فيها كفيل بأن يجعلهم
يمارسون هذه المناهج في حياتهم اليومية فتدريس قواعد التفكير الصحيح وأماطه شيء
وممارسة هذا التفكير شيء آخر . وذلك لن هناك بعض الجوانب الدافعية والوجدانية
مرتبطة بتعليم التفكير وقد رأينا أن أساليب التفكير نشأت وترسخت
نتيجة أنها وجدت تدعيما وحققت بعض الوظائف عند الفرد أو الجماعة وهذا لا يعني أن
تدريس قواعد التفكير السليم وأساليبه لها أثر في تعليم الطلاب التفكير الذي يريد
ممارسته .
ـ تعليم التفكير النقدي من
خلال تنمية الاستراتيجيات الوجدانية:
تتضمن الإستراتيجيات الوجدانية الخصائص الذهنية
والالتزامات الخلقية ، والحقيقة أن البعد الوجداني والذي يتضمن الجوانب الدافعية
والوجدانية والخلقية هو الأساس الصلب في بناء التفكير بالمعنى القوي لأن تنمية
القدرات والاستراتيجيات المعرفية تتم في إطار الاستراتيجية
الوجدانية ومع هذا فإن الاستراتيجيات الأكثر عرضة للإهمال في تعليم التفكير بصفة
عامة هي الاستراتيجيات الوجدانية والتي سوف نتحدث عنها وكيف يمكن أن ننميها لأن في
ذلك ضمان لتنمية الاستراتيجيات المعرفية الصغرى منها والكبرى ، وذلك من خلال :
1) الاستقلال العقل:
هو أن يلتزم كل فرد أن يفكر في استقلال
والمشكلة أننا في الصغر تعودنا أو تعلمنا أن نفكر في الاتجاه الذي يرضي الكبار
طلبا لرضاهم أو خوفا من عقابهم . والتعود على التفكير
المستقل يحتاج إلى مجهود ووعي وصبر لكي نواجه عادات التفكير التي تربى عليها الأطفال .
2) الاستطلاع العقلي:
يفقد الكثير من الأطفال حب الاطلاع في
وقت مبكر وذلك أن أحدا لم يلفت نظرهم إلى الظواهر المحيطة بهم سواء الظواهر
الطبيعية أو الاجتماعية . وكذلك بسبب أن الكبار أحيانا
ما يجبون باقتضاب وربما بتبرم على أسئلة الأطفال وأحيانا لا يجد الطفل إجابة على
تساؤلاته مما يزهده في المعرفة وفي محاولة التقصي والفهم . والتفكير الذي يعتمد في
جزء كبير منه على حب الاطلاع ومحاولة فهم التناقضات في الظواهر وعدم الاقتناع بأية
تفسيرات أو تعليلات سطحية أو مباشرة خاصة للظواهر المعقدة وإنما الفكر النقدي دائم
البحث والاطلاع طلبا للإجابة المقنعة على التساؤلات الهامة .
3) الشجاعة الفكرية:
والشجاعة الفكرية مطلوبة أيضا في
التفكير النقدي لأننا في غمار مراجعة أفكارنا وما نعتقد في صحته وفي مراجعة آراء الآخرين ومعتقداتهم التي نرفضها نقول قد نكتشف
في غمار هذه المراجعة أن هناك بعض الضعف فيما نعتقد بصحته وقد نكتشف في المقابل
بعض جوانب الصحة والقوة والعقلانية في آراء الآخرين التي نرفضها . هذه المراجعة
وما تنتهي إليه وما ينبغي أن يكون عليه سلوكنا بعدها تتطلب قدرا غير قليل من
الشجاعة والأمانة لأننا إذا لم نتحل
بالشجاعة سنظل عند آرائنا فيما نعتقد بصحته أو بعدم صحته . وهو
موقف بلا شك فيه تناقض وعدم احترام العقل وقلة الأمانة وما يرفضه الإنسان العادي
لنفسه بله المتعلم والذي يفكر تفكيرا موضوعيا. وعلى المعلم في المدرسة أن يؤكد
دائما لطلابه على ضرورة الاعتراف بمحدودية معرفتنا وينبغي أن تكون لغة المناقشة
والتحرير متسمة بالتواضع والاحتمالية وليس بالجزم والقطعية .
4) التفهم الفكري:
والتفهم يعني أن نقدر دوافع وظروف
الآخرين والملابسات التي أحاطت بهم وهي ظروف وملابسات أثرت بلا شك على ما يتمسكون
به من آراء .
5) النزاهة العقلية:
وهي تعني ضرورة الإخلاص للمعايير
الفكرية والأخلاقية في أحكامنا على سلوك ووجهات نظر الآخرين وأن نكون متسقين في
اختيار المعايير الفكرية التي نطبقها .
6) المثابرة العقلية:
هي الوعي بالحاجة إلى متابعة الجهود في
سبيل البحث عن الحقائق رغم الصعوبات والعوائق والإحباطات
التي تعترض هذه السبل ، كذلك الالتزام الصارم بالمبادئ العقلية رغم المعارضة غير
العقلانية من قبل الآخرين .
7) الإيمان بالعقل:
ويعني هذا المبدأ إعطاء الحرية المطلقة
للعقل وتشجيع الناس أن يستخدموا قدراتهم العقلية وفق قواعد المنطق والتفكير الصحيح
ليخرجوا باستنتاجات ستكون مفيدة لهم ولمجتمعهم ، وهذا المبدأ يعتمد على مبدأ آخر
وهو القناعة بأن كل الناس يستطيعون تعلم أن يفكروا لنفسهم ويكونوا وجهات نظر
عقلانية وأن يفكروا بطريقة منطقية مناسبة .
8) العدالة الفكرية:
والعدالة الفكرية هي أن نكون واعين
بضرورة معاملة كل وجهات النظر من البداية معاملة متساوية دون التأثير بمشاعرنا
الشخصية وما قد يكون لدينا من أفكار مسبقة وبمصالحنا الخاصة أو مصالح المقربين لنا
أس أن نتعامل مع كل الأفكار والآراء بموضوعية وحيادية .
|