العالم العربي دخل القرن الحادي والعشرين مثقل بسبعين مليون أمي معظمهم من
النساء
لقد ظل
التعليم دائما وليد المجتمع وتابعا لحركته العامة ولذلك فإن أي محاولة لتجديد
معالم التعليم المستقبلية لابد أن تقوم على أساس تحديد طبيعة وشكل مجتمع
المستقبل في سياقاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ومن أجل
التعرف إلى واقع التعليم العربي الراهن والتحديات التي تجابه المنظومة
التعليمية العربية والآفاق المستقبلية لتجويد التعليم في عالمنا العربي وتجويده
التقت <الوعي الإسلامي> الدكتور <المنجي بو سنينه> المدير العام للمنظمة
العربية للتربية والثقافة والعلوم التونسي الحاصل على الدكتوراه في الأدب
والعلوم الإنسانية في الجغرافيا الاقتصادية والبشرية والتخطيط التربوي، وله
الكثير من الإصدارات في التربية والثقافة·
بدءاً نود أن نستوضح من سعادتكم كيف هو واقع التعليم في العالم العربي؟
ـ لقد بذلت الدول العربية جهوداً كبيرة في سبيل نشر التعليم أثمرت في انتشار
التعليم بين النشء على حين صمدت الأمية أمام محاولات القضاء عليها فظل مستوى
التحصيل العلمي الإجمالي منخفضاً بصفة عامة بين السكان البالغين في البلدان
العربية ، وعلى الرغم مما حققته البلدان العربية من تقدم واضح في مكافحة الأمية
فقد انخفضت نسبة الأميين من 60 إلى 43 % إلا أنها ما زالت أعلى من متوسط
معدلاتها في البلدان النامية ناهيك عن البلدان المتقدمة وما فتئ عدد الأميين في
تزايد مستمر حتى إن البلدان العربية دخلت القرن الحادي والعشرين وهي مثقلة بنحو
سبعين مليون أمي معظمهم من النساء وعلى الرغم من تفوق نسب الاستعياب الإجمالية
في المستويين الثاني والذي يدور نحو 54 % والثالث حول 13 % عن البلدان النامية
إلا أنها تبقى دون المستوى في البلدان المتقدمة والتي تصل إلى 96% في المستوى
الثاني و60% في المستوى الثالث·
وما دلالة هذه الأرقام؟
ـ يعني ذلك ضرورة أن يستمر سعي البلدان العربية لتوسيع نطاق الالتحاق بمراحل
التعليم كلها مع التركيز على التعليم قبل المستوى الأول والمستويات العالية
ولهذا التصور تبعات مهمة بالنسبة لتمويل التعليم يجب عدم التنصل منها، فهناك
دعوات لإعادة توزيع الموارد المخصصة للتعليم لمصلحة التعليم الأساسي على حساب
المستويات الأعلى تحقيقاً للعدالة الاجتماعية بينما المطلوب هو توافر موارد
أكبر للتوسع في جميع مراحل التعليم في البلدان العربية وخصوصاً الأعلى منها،
ويضاف لأعباء التوسع الكمي في التعليم أعباء التجويد النوعي التي لا حد لها ما
أدى لتعاظم نفقات التربية وزاد من صعوبات تمويل النظام التربوي حتى في البلدان
النفطية الغنية نسبيا ، وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الدول العربية
بالتعاون مع المنظمات العربية والدولية من أجل تجويد التربية في شتى مقوماتها
وأبعادها فقد ظلت مطالب التوسع الكمي تطغى على مستلزمات التجويد النوعي وانصرف
الإنفاق على التربية إلى استعياب الكم على حساب النوع والجودة· الأمر الذي أدى
إلى انخفاض مستوى مخرجات التعليم وهبوط ملاءمتها لسوق العمل وحاجات التنمية·
الحرمان من التعليم قبل المدرسة والتسرب المرتفع من التعليم الإلزامي أهم مصاعب
التعليم في العالم العربي
وما أهم المصاعب التي تواجه التعليم في البلدان العربية؟
ـ يمكن تلخيص أهم مصاعب التعليم في البلدان العربية في الوقت الحاضر في حرمان
الأطفال من التعليم قبل المدرسي، وتدني نسب الالتحاق الخام والصافية وبخاصة في
المرحلة الأولى الإلزامية مقرناً بذلك ارتفاع في معدلات التسرب في بداياتها
والذي يزيد على 20 %· الأمر الذي يضيف إلى الرصيد المرتفع أصلاً للأمية بين
الكبار والذي يدور حول 50 % ويرتفع إلى 65 % عند الإناث يضاف إلى هذا أمية
ثقافية تصيب نحو 80 % من مجمل السكان كما يعاني نحو 8 % من الذين تزيد أعمارهم
عن 15 عاماً من الأمية التكنولوجية، كما تتعدد أبعاد المآخذ على محتويات
المناهج وعلى أسلوب التعليم، وهناك مثالب كثيرة رصدتها الدراسات في عملية إعداد
المعلمين وفي ضعف الإنتاج البحثي للأساتذة التربوين وأستاذة الجامعات وضعف نسبة
الإنفاق على التعليم ومعالجته بأساليب تضعف من كفاءته وضعف القدرات الإدارية
بما في ذلك إدارة التعليم وغياب المسؤولية الإدارية·
وما أبرز التحديات الدولية والإقليمية الراهنة التي تؤثر على منظومة التعليم في
العالم العربي؟
ـ تتمثل هذه التحديات في ثورة العلم والمعلومات والنمو والتركيب السكاني
والعلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية والقيم الجمالية
والفنية والقيم الأخلاقية فلعل مما ينبغي الالتفات إليه أنه في كل تخصص علمي
يزداد كم المعلومات والحقائق والنظريات والاكتشافات بصورة مذهلة الأمر الذي أدى
ليس إلى عدم قدرة المتخصصين على الالتزام بها وملاحقتها فقط بل أدى كذلك إلى
زيادة فروع المعرفة ففي كل يوم نشهد قيام فرع أو تخصص معرفي جديد ومن جانب آخر
أدى التفجر المعرفي إلى التنبه إلى أهمية بناء قنوات بين الفروع والتخصصات
العلمية القديمة والجديدة وأصبح كل متخصص يحتاج إلى معرفة بفروع وتخصصات لم يكن
في السابق يحتاج إلى معرفتها أو التعامل معها·
وما تأثير الانفجار المعرفي على حياة الناس وخصوصاً فيما يتعلق بمجالات التربية
والتعليم؟
ـ الثورة في مجال العلم والمعرفة والمعلومات والاتصالات جعلت العالم أكثر
اندماجا كما سهلت وسرَّعت حركة الأفراد ورأس المال والسلع والمعلومات والخدمات،
ومن جانب آخر سهلت انتقال المفاهيم والأذاوق والمفردات فيما بين الثقافات
والحضارات، وفي تقدير كثير من المتخصصين فإن الثورة العلمية وتقانة المعلومات
والاتصالات ستكون الطاقة المولدة والمحركة للقرن الحادي والعشرين في كل سياقاته،
وقد أحدثت هذه الثورة منذ بداية التسعينيات تغيرات أساسية في الطريقة التي ينظر
بها الناس إلى أدوارهم وإلى أسلوب التعامل مع بعضهم بعضاً ومن ثمَّ إلى التعامل
مع الأحداث القريبة والبعيدة فالتفكير العلمي سيكون أسلوباً للحياة والتعامل
لتسيير الأمور العامة والخاصة والعلم المعرفي والمعلومات ستصبح وبشكل متزايد
أساس القوة والغنى والتقدم على المستويين الفردي والدولي وآثار ذلك على التربية
والتعليم متعددة وهائلة، فالانفجار المعرفي يحتم على المؤسسات التعليمية أن
تعيد النظر في أسس اختيار وتخطيط بناء المناهج والمحتوى الدراسي وأساليب
التعامل مع المعرفة من حيث طرق تدريسها وأسلوب تعامل التلاميذ والمعلمين معها
ويرى بعضهم أن التوجه القديم القائم على نقل وتلقين المعرفة والحقائق لن يكون
مناسباً وعلينا أن نتجه إلى تعليم الأطفال أساليب الوصول إلى المعرفة المناسبة
والمطلوبة والقدرة على الاختيار منها والتعامل معها مما يتطلب توجيه التلاميذ
إلى تعليمهم أنماط التفكير وأساليب الوصول إلى المعرفة والتعامل معها بدلا من
حفظها وتذكرها·
وما مبررات الإسراع بالأخذ بالتقانات الحديثة في التعليم؟
ـ تعود مبررات استخدام تقانة المعلومات إلى مشكلات حالية وتوجهات مستقبلية
للتعليم من بينها عجز الأنظمة التعليمية الحالية عن تقديم خدمة التعليم للأعداد
الضخمة المتزايدة الراغبة في التعليم في مراحله الأساسية فضلا عن الأعداد
الغفيرة الأخرى الراغبة في مواصلة التعليم من أجل تطوير المهنة والتدريب وعدم
التوازن في التوزيع الجغرافي للمؤسسات التعليمية نتيجة للتركيز على المناطق
المكتظة بالسكان والمناطق الحضرية على حين يتعذر الحصول على الخدمات التعليمية
في المناطق النائية والريفية والصحراوية يضاف إلى ذلك انخفاض مستوى التعليم
وعدم قدرة المؤسسات التعليمية على الوفاء باحتياجات المجتمع في التنمية وكذلك
تدفق المعلومات بصورة غزيرة وتعدد مصادرها وصعوبة متابعتها من قبل المعلمين
والمتعلمين واعتماد أسلوب التعليم الذاتي في التعليم المستمر وحق المتعلم في
تعليم نفسه بنفسه واختيار نوع التعليم والأساليب والوقت والمكان الذي يريده
للتعلم·
التكنولوجيا لن تغني عن المدرِّس ولكنها ستغير دوره ومهامه
هناك تخوف يتردد على ألسنة الكثيرين من أن التقانة سوف تحل محل المدرسين، فهل
لهذا التخوف ما يدعمه وما تأثير التقانة على دور المدرس ومهامه في العملية
التعليمية؟·
ليس هناك أي مبرر للتخوف فطريق المعلومات السريع لن يحل محل المدرِّس وإنما
سيتحول دور المعلم من المنفذ إلى المخطط ومن المسيطر إلى الموجه والمرشد، ومن
الملقن إلى المناقش والمحاور، فلم يعد المعلم المصدر الوحيد للتعلم والمعلومات
فظهور مصادر التعليم والمعلومات الحديثة مثل الشبكة العالمية للمعلومات وشبكات
الحاسوب المحلية وقواعد المعلومات وبنوكها أثَّر بشكل كبير على دور المعلم في
العملية التعليمية فأصبح المعلم موجها ومرشدا للمتعلمين للاستفادة من مصادر
المعلومات وكيفية توظيفها في التعلم ويقتضي تحديث النظم التربوية على هذا النحو
ضرورة المشاركة الاجتماعية في توافر حاجات التعليم وهي مشاركة لابد منها من أجل
تحمل بعض أعباء التعليم ونفقاته وأيضا من أجل أن يصبح التعليم شأنا اجتماعيا
يعنى المجتمع بأسره ما دامت نتائجه الحسنة أو السيئة ترتد على المجتمع بأسره·
وما المزايا التي تقدمها التقانات الجديدة للعملية التعليمية·
ـ الوسائل متعددة الوسائط ستمكن المدرسين من إنتاج المنهج الدراسي الجماعي وفقا
للمواصفات الفردية داخل مجموعات طلابهم أي أن التعليم الجماعي وفقا للخصائص
الفردية سيصبح ممكنا ومن جانب آخر فإن تقانة المعلومات سوف تسرع وتمكن من أن
يصبح التعليم متاحا أمام الطلاب غير المنتظمين في مختلف أنحاء العالم، وسيكون
بإمكان الناس في أي مكان الحصول على أفضل الدورات الدراسية التي يدرِّسها
مدرِّسون أكفاء وسيجعل طريق المعلومات السريع تعليم الكبار بما في ذلك التدريب
المهني ودورات التطوير المهني متاحاً بصورة أكثر فاعلية وسهولة·
هل يعني ذلك أن الأخذ بالتقانات الجديدة سيؤدي إلى إيجاد حلول لجميع المشكلات
التقليدية التي تعتري العملية التعليمية·
ـ ينبغي التأكيد على أن ثقافة المعلومات لن تحل الكثير من المشكلات الخطيرة
التي تواجه التعليم من حيث تخفيضات الميزانية والعنف والمخدرات ومعدلات الغياب
العالية أو المشكلات الاجتماعية كما أنها لن تحل مشكلات المدرِّسين المشغولين
بتدبير أسباب العيش أكثر من انشغالهم بقضايا التعليم وبشكل عام فإن أشكال
التغيرات الاجتماعية المتوقع حدوثها في القرن الحادي والعشرين ستؤثر في شكل
ومعالم المؤسسة المدرسية وما تقوم به من وظائف وأدوار وفي صلتها وتعاملها مع
المؤسسات الاجتماعية الأساسية وبخاصة الأسرة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية الأخرى
وعلى كل الأحوال فإن المدرسة في المستقبل يجب أن تهدف إلى أن تكون غايتها
القصوى تمكين كل المتعلمين من تطوير مواهبهم الفكرية واستعداداتهم الطبيعية
للسعي لحل مشكلات الحياة المعقدة والشاملة ومتعددة الأبعاد وتمكين المتعلمين
أيضا من تعليم أفضل وأسرع وأكثر مدى الحياة مع تطوير صفات التفتح الفكري وحب
الإطلاع وتطوير الخيال للتعلم بصفة أحسن وللإدراك بصفة أفضل فضلاً عن تطوير
المعارف والكفايات والمهارات والسلوكيات لاكتساب القدرة على التكيف في محيط
متغير وغير محقق وفي مثل هذه المدرسة تكون مقاربة المعرفة مغايرة لمقاربة
التعلم ففي المقاربة الأولى يقوم المعلم بدور الوسيط للمعارف عوضا عن الملقن
لها·
التكامل العربي ضرورة للنهوض بالتعليم
وهل يتطلب الأخذ بالتقانات الجديدة ضرورة التعاون والتكامل العربي في هذا
المجال؟
ـ لقد بات تطوير التعليم في العالم العربي، يتطلب قيام مؤسسة تعليمية وفوق
قطرية وفعالة على الصعيد العربي وبقدر ما تقترب الدول العربية من بناء هذه
المؤسسة بقدر ما سيكتب لها أن تقيل مجتمعاتها من أزمتها التنموية الحالية وأن
تشارك من وضع قدرة في صنع العالم الجديد وليس بكثير على سبيل المثال أن يصبح
تطوير التعليم في الوطن العربي بندا جوهرياً ودائماً على جدول أعمال مؤتمرات
القمة العربية فالتعاون العربي شرط ضروري لتطوير التعليم كما أنه شرط جوهري
للتنمية الجادة حيث يصعب على أي قطر عربي منفرد تحقيق تقدم ملموس في نشر
التعليم وترقية نوعيته، كما أن التعاون يحقق تضافراً وثيقاً في الجهود العربية
لبناء القدرات البشرية والتقانية يمكن أن يكون عامل صهر اجتماعي يساعد على قيام
أشكال أكثر رقياً من التعاون العربي في المستقبل·
من الصعب الحديث في أمور مهمة كالتربية والتعليم دون التطرق للتأثيرات المحتملة
للعولمة بجميع جوانبها عليها· فما أبرز تلك التأثيرات الإيجابية والسلبية
للعولمة على التربية والتعليم والمؤسسة التعليمية؟·
انحسار دور الدولة الاقتصادي والتوجه نحو الخصصة سيؤثر على تمويل التعليم
وسيزداد دور القطاع الخاص في هذا المجاله كما أن الدولة أصبحت تنظر إلى التعليم
نظرة اقتصادية بحتة من حيث تكلفته وتحمل نفقاته وقد شرعت كثير من الدول في
تحميل الأفراد جزءاً من تكلفة التعليم وبدأ كذلك يعتمد على القطاع الخاص في
إقامة وإنشاء المؤسسات التعليمية وهناك جانب آخر لتأثير العولمة على التعليم
يتصل بالاتجاه نحو وضع نظام عالمي لتقويم المؤهلات ووضع نظم لتحديد المستويات
التعليمية تمكن من أن يتوافق النظام التعليمي من حيث مخرجاته مع مبدأ حرية
العمل وانتقال الأفراد بين الدول كذلك أدت عولمة الاقتصاد إلى ظهور بعض
التوجهات لإدخال تغييرات في مناهج التعليم حتى تصبح مساندة للعولمة الاقتصادية
وستكون لهذه التغيرات آثار عظيمة على نظم التربية والتعليم وبخاصة في مجالي
تحديد السياسات، واتخاذ القرارات التعليمية وربما تفقد الدولة جزءاً كبيراً من
قدرتها على اتخاذ وإقرار السياسات والبرامج التعليمية كما أن مؤسسات المجتمع
المدني المحلية والعالمية سيزداد تأثيرها في مجالي وضع السياسات، واتخاذ
القرارات التعليمية فقد أدت ثورة الاتصالات والمعومات وعولمة الاقتصاد والسياسة
إلى تغيرات ثقافية وقيميه تزداد وتيرة تأثيراتها على كل مجتمعات العالم ومن ثم
على توجهات المؤسسات لتعليمية وهذا تحدٍ للأمة يستوجب التعاون والتنسيق فيما
بينها إن أرادت الحفاظ على عناصر هويتها وتوجهاتها الوطنية والقومية والدينية·
مرونة النظم التعليمية
وما المطلوب لمجابهة تلك التحديات والحد من التأثيرات السلبية للعولمة وتعظيم
التأثيرات الإيجابية لها على العملية التعليمية؟
ـ يتطلب ذلك كله اعتماد مرونة في النظم التربوية بنية ومناهج وطرائق في غمار
عالمنا المتغير، وتكون المرونة هنا شرط لابد منه لمواجهة تغيرات المستقبل
ومفاجآته، كما أنها شرط لابد منه لمحافظة النظام التربوي على معناه وقدرته على
البقاء في عالم متجدد، فالنظم التعليمية في مثل هذا العالم دائب التغير ينغي أن
تتصف بالمرونة أولا وقبل كل شيء·
ماذا تقصد بالمرونة؟
ـ المرونة في بنية النظام التعليمي وفي مساراته والانتقال بين فروعه وفي مناهجه
وتخصصاته وفي طلابه وأعمار المنتسبين إليه وفي سنوات الدراسة فيه وفي وسائل
تقويمه وغيرها، مطلب ضروري لمواجهة الحاجات المتجددة لسوق العمل ولمشكلات
الاقتصاد ومطالب الحياة الاجتماعية والثقافية، والنظام لتعليمي الثابت الجامد
نظام لابد أن يأخذ طريقه إلى الزوال إن لم يمت فعلا في كثير من بلدان العالم ،
فيجب أن يكون هناك مرونة في عدد سنوات الدراسة وفي محتوى الدراسة بحيث تستجيب
لحاجات المتعلمين المختلفة والمتجددة، ويجب أن يكون هناك انفتاح للمدرسة دوماً
على عالم العمل وحاجاته، وعلى الدولة أن تطور بنيتها ومناهجها وأساليبها تبعا
لذلك كما تشمل المرونة أيضا التعليم وتشعيبه ولا سيما في المرحلة الثانوية وفي
التعليم العالي وتيسير الانتقال بين التخصصات والفروع المختلفة وكذلك تعني
القضاء على الحواجز بين التعليم النظامي وغير النظامي وتحقيق التكامل بينهما
وتحقيق التكامل والتناوب بين الدراسة والعمل وكذلك بين النظام التربوي وبين
مؤسسات الإنتاج المختلفة بالإضافة إلى انفتاح المدرسة النظامية على الطلاب من
مختلف الأعمار وتنويع الدراسة في شتى مراحل التعليم تبعا لحاجات المتعلمين·
وكيف يمكن تحقيق المرونة المطلوبة؟
ـ تتحقق المرونة بتوظيف تقانة المعلومات لتطوير العمل التربوي إذ يتفق
المتخصصون بالتعليم والمهتمون بشؤونه على ضرورة استخدامها في نشر التعليم
وتجويده في البلدن العربية مما يقتضي وضع استراتيجيات واضحة لانتظام الوسائل في
ثلاثة محاور أحدها بحثي وتقويمي، والثاني تخطيطي والثالث ترويجي وتمويلي
وتتضافر المحاور لضمان تحقق الغاية من البرنامج من خلال تعظيم التعاون العربي
والاستفادة من إمكانات التعاون الدولي·
أبرز إنجازات المنظمة
وما أبرز إنجازات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في هذا المجال؟
ـ من أبرز ما حققته المنظمة العربية في هذا المجال وضع الاستراتيجيات لجوانب
متعددة من العمل التربوي مثل استراتيجية تطوير التربية العربية واستراتيجية محو
الأمية في البلاد العربية والخطة العربية لتعلم الكبار والإساعلة في تطور
المعرفة والتقانة من منظور خصوصية مساره التنموي·
وكيف يتحقق هذا البرنامج؟
ـ يتحقق ذلك من خلال العمل على نشر التعليم الأساسي بالكامل بين أطفال العرب
جميعاً في أفق زمني محدد وقصير والتوسع المطرد في نطاق مراحل التعليم بعد
الأساسي أولا وعلى تحقيق حد أدنى مقبول لنوعية التعليم ثم ترقيتها باطراد في
جميع المراحل وفي عموم الوطن العربي ثانيا·
وما الوسائل الكفيلة بتحقيق أهداف ذلك المشروع؟
ـ يقترح أن يتكون البرنامج من مجموعة من الوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف
المنشودة في آفاق زمنية معينة، وأن تنتظم الوسائل كما ذكرت سابقاً في ثلاثة
محاور: أحدها بحثي وتقويمي والثاني تخطيطي، والثالث ترويجي وتمويلي، وتتضافر
المحاور لضمان تحقق الغاية من البرنامج من خلال تعظيم التعاون العربي
والاستفادة من إمكانات التعاون الدولي·
أبرز إنجازات المنظمة
وما أبرز إنجازات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في هذا المجال؟
ـ من أبرز ما حققته المنظمة العربية في هذا المجال وضع الاستراتيجيات لجوانب
متعددة من العمل التربوي مثل استراتيجية تطوير التربية العربية، واستراتيجية
محو الأمية في البلاد العربية والخطة العربية لتعلم الكبار والاستراتيجية
العربية للتربية السابقة على المدرسة الابتدائية واستكمالا لجهدها في هذا
المجال تقوم المنظمة بإعداد الاستراتيجية العربية لتطوير التعليم العالي،
والاستراتيجية العربية للتعليم عن بعد، كما تقوم المنظمة العربية للتربية
والثقافة والعلوم بعقد مجموعة من المؤتمرات الوزارية الدورية في مجال التربية
والتعليم بهدف التنسيق بين سياسات الدول الأعضاء والتخطيط للعمل العربي،
المشترك في هذه المجالات ، وفي إطار المساعدة على تأليف الكتاب المدرسي
والتقريب عربيا بين مضامين بعض المواد التعليمية أعدت المنظمة مجموعة من الكتب
المدرسية منها الكتاب المرجع في العلوم المتكاملة لمرحلة التعليم الأساسي
بالوطن العربي، ومرجع التعليم البيئ لمراحل التعليم العام في الوطن العربي،
والكتاب المرجع في الكيمياء للمرحلة الثانوية بالوطن العربي والكتاب المرجع في
قواعد اللغة العربية لمراحل التعليم العام ، وفي مجال التدريب وإعداد الموارد
البشرية قامت المنظمة بتنظيم الكثير من الدورات التدريبية وورش العمل في مجلات
تربوية متعددة منها إعداد معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها، وتدريب معلمي
اللغة العربية في عدد من الدول العربية وتدريب العاملين والمدربين في مجالات
رياض الأطفال والتعليم المهني وتربية المعاقين والعناية بالموهوبين، كذلك أعدت
المنظمة عدداً من الأدلة والحقائب التعليمية والتدريبية في مختلف المجالات
وأيضا تقوم المنظمة بدور فعَّال من خلال مجلات نشاطاتها المختلفة في تأسيس
ثقافة الحوار مع الآخر والاعتراف به في إطار من الندية التي لا تمس ثوابت الحق
أو مكونات الهوية وتحاول أن تدخل هذا التوجه في المنظومة التعليمية من أجل
تنشئة جيل متمسك بهويته قادر على التفاعل في عالم لم تعد تفصله حواجز ومن ثم
قادر على مواصلة دوره الحضاري· |