|
|
تفضل بزيارة منتدى الموقع في حلته الجديد من هنا
|
موضوع الدراسة : إنجازات المملكة العربية السعودية في مجال تعليم الكبار في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز |
الكاتب أو الناشر: د. سامية يوسف صالح - أستاذ أصول التربية المساعد، كلية التربية وإعداد المعلمات بخميس مشيط |
إنجازات المملكة العربية السعودية في مجال تعليم الكبار في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز: دراسة مقارنة
ملخص البحث. تبوأت المملكة العربيــة السعوديــة في عهد خــادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز مكانة مرموقة بين دول العالم؛ لما حققته من إنجازات رائدة في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وبوجه خاص في مجال نشر التعليم وتحقيق مبدأ العدل وتكافؤ الفرص التعليمية بين المواطنين؛ لأن التعليم يحقق ما يعلقه عليه المجتمع من آمال وتطلعات إلى بناء الإنسان المسلم بناء سليما متسلحا بالعلم والمعرفة. امتدت مظلة التعليم في المملكة العربية السعودية لتشمل جميع المواطنين من الشباب والبنات، الأصحاء والمعوقين، حتى كبار السن والمتأخرون في التعليم أتيحت لهم الفرص السانحة ليلحقوا بقطار التعليم ويعوضوا ما فاتهم منه. وتولى ولاة الأمر من التربويين بتوجيه من راعي النهضة التعليمية في المملكة- حفظه الله- تصميم البرامج التعليمية التي تفتح أمام الكبار طاقات واسعة يدخل منها نور العلم إلى نفوسهم، ويضىء قلوبهم وعقولهم. وفي هذا تطبيق عملي لمبدأ المساواة في التعليم الذي نصت عليه وثيقة سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية الصادرة عام 1390هـ، والتي حثت على العناية بالمتخلفين دراسياً والعمل على إزالة ما يمكن إزالته من أسباب هذا التخلف، ووضع برامج خاصة دائمة ومؤقتة وفق حاجاتهم(1). مشكلة البحثفي ضوء ما سبق يبرز التساؤل التالي: إلى أي مدى أحرزت البلدان العربية- وتمثلها المملكة العربية السعودية- تقدما في مجال تعليم الكبار بالمقارنة بما تم تحقيقه في نفس المجال في البلدان الأجنبية وتمثلها الولايات المتحدة الأمريكية. ويتفرع عن التساؤل الرئيسي السابق التساؤلات الفرعية التالية: 1- ما واقع تعليم الكبار بالمملكة العربية السعودية في ضوء القوى والعوامل الثقافية المحيطة به؟ 2- ما واقع تعليم الكبار بالولايات المتحدة الأمريكية في ضوء القوى والعوامل الثقافية المحيطة به؟ 3- ما الذي دلت عليه نتائج المقارنة بين واقعي تعليم الكبار في كلا البلدين؟ أهمية البحثترجع أهمية هذا البحث إلى: 1- تمحوره حول تعليم الكبار باعتباره نسقاً من مكونات النظام التعليمي الشامل في المملكة العربية السعودية، وباعتباره أداة للتنمية الاجتماعية تهدف إلى إعداد الأفراد ليكونوا أعضاء فعالين في خدمة مجتمعهم ووطنهم. 2- توجهه إلى إبراز مدى الإنجاز الذي حققته المملكة العربية السعودية في مجال تعليم الكبار في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، باعتبار أن ما تم من إنجازات بتوجيه ورعاية جلالته يمثل التطبيق العملي والتنفيذ الفعلى لما رسمته ونصت عليه وثيقة "سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية" الصادرة قبل تولي جلالته الحكم ببضع سنين.
أهداف البحثيهدف هذا البحث إلى: الكشف عن واقع تعليم الكبار بالمملكة العربية السعودية ومقارنته بواقعه في الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها دولة متقدمة ذات سبق في هذا المجال والمجالات الأخرى؛ لإبراز الجهود المبذولة والتقدم الذي أحرزته المملكة العربية السعودية في مجال تعليم الكبار في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله.
منهج البحث وخطواته في ضوء موضوع البحث وأهدافه، وفي محاولة الإجابة على الأسئلة المطروحة في إطاره يستخدم هذا البحث المنهج المقارن ويسير وفق الخطوات التالية: 1- مرحلة الوصف حيث يعرض البحث واقع تعليم الكبار في كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. 2- شرح واقعي لتعليم الكبار في كلتا الدولتين وتفسيره في ضوء القوى والعوامل الثقافية المحيطة بهما، ومن خلال المحاور التالية: ( أ ) مفهوم تعليم الكبار. (ب) مجالات تعليم الكبار. (جـ) ما تم تنفيذه في مجال تعليم الكبار. 3- مرحلة المقارنة بين واقعي تعليم الكبار في كلتا الدولتين. 4- مرحلة التحليل واستخلاص النتائج والوقوف على مدى الجهود المبذولة في هذا المجال.
الملامح الأساسية لتعليم الكباربعد مرور سنوات تجاوزت المئات منذ بدأ الاهتمام بتعليم الكبار، وبذل الجهود في سبيل نشره، وحث الأفراد على الالتحاق به، أخذت ملامح هذا العلم تتحدد وبرزت أهميته بالنسبة للأفراد والمجتمعات، واتضحت علاقته بصفة خاصة بمشكلة محو الأمية التي مازالت تعاني منها بعض المجتمعات، كما اتسعت مساحة الأهداف التي يسعى تعليم الكبار إلى تحقيقها، وتنوعت الاستراتيجيات التي يسير وفقا لها في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة والتي اختلفت من مجتمع إلى آخر تبعا لظروفه وأحواله، إلا أنها اتفقت في النهاية على أنه تعليم يوجه للكبار لتعويضهم ما فاتهم من فرص التعليم والتدريب، لتحسين أوضاعهم ومساعدتهم على الارتفاع بمستوياتهم الشخصية وبمستوياتهم المعيشية وخدمة المجتمع.ولقد تعددت الدراسات التي تناولت تعليم الكبار من حيث تعدد تعريفاته واختلاف أهدافه ووسائله و العوامل المؤثرة في الإقبال عليه أو الإحجام عنه، وإضافة إلى ما سبق فإنه يمكن إلقاء المزيد من الضوء على تعليم الكبار من خلال مناقشة الملامح التالية:1- الأصول الفلسفية لتعليم الكبار.2- الإستراتيجيات المتنوعة لتعليم الكبار.3- العلاقة بين تعليم الكبار ومشكلة محو الأمية.
أولا: الأصول الفلسفية لتعليم الكبارمن منظور علم اجتماع التربية Sociology of education فإن تعليم الكبار يعتبر علما تربويا اجتماعيا، لارتباط أهدافه بتقديم المعرفة والتدريبات المهارية والنمو الروحي والوجداني لكبار السن من ناحية، ولارتباطه بالمجتمع فلسفته وثقافته وأهدافه من ناحية أخرى. قدم الكثيرون من المفكرين والفلاسفة تصنيفات عديدة لفلسفة تعليم الكبار طبقا للمدارس الفلسفية التقليدية التي سادت التربية العامة كالمثالية والواقعية والتقدمية، ولقد تضمنت دراسة كولبيرج وماير Kohlberg & Mayer هذه الفلسفة التقدمية، ضمن تصنيفها فلسفة تعليم الكبار في ثلاثة اتجاهات رئيسية هي: 1- الاتجاه الرومانسي الذي يؤكد ذاتية المتعلم الكبير من نمو وتربية وصحة وتغذية. 2- اتجاه النقل الثقافي Cultural transformation الذي يؤكد أن هدف تعليم الكبار هو نقل المعرفة والمهارات والقيم والاتجاهات.3- الاتجاه التقدمي الذي يؤكد ضرورة استخدام أسلوب حل المشكلة لتحسين حياة المتعلم الكبير في المجتمع الذي يعيش فيه[1].ويرى الحميدي أن الفلسفة البراجماتية تعد أكثر الفلسفات التطبيقية وضوحا في تحديد معالم تعليم الكبار، كما أنها تبين للمهتمين به مفاهيمه وأهدافه، فهذه الفلسفة ترى أن التغيير عملية مستمرة، فمن خلال عملية التغيير يستطيع الإنسان أن يجدد أفكاره، ويطوع مؤسساته الاجتماعية، بحيث تعمل هذه المؤسسات على تحقيق احتياجاته وإشباع رغباته المتجددة[2] وقد ركزت هذه الفلسفة على أهمية التربية في مجال التغيير الاجتماعي، ويذكر الحميدي رأي لندمان الذي يعكس آراء هذه الفلسفة حين يقول "إن تعليم الكبير يمكن أن يصبح عاملا في التغيير إذا أمكن تحقيق الانسجام بين أهدافه القصيرة الأجل مثل النمو الشخصي مع الأهداف الطويلة الأجل ألا وهي تغيير السلم الاجتماعي، إن عملية تغيير الفرد والتي تسير جنبا إلى جنب مع عملية تغيير المجتمع هي الهدف النهائي لتعليم الكبار[3]، ورأى آخرون أن النظرية التقدمية تعتبر فلسفة رئيسية في تعليم الكبار؛ لأنها تحدد أهداف تعليم الكبار من خلال علاقة المتعلم الكبير بالمجتمع الذي يعيش فيه".من جانب آخر رأى الشخيبي أن آراء هذه المدارس الفلسفية في تعليم الكبار قد تداخلت بشكل يصعب الفصل بينها، واتبع تصنيفا لفلسفة تعليم الكبار طبقا لاتجاهات تدور حول أهداف أساسية وهي:1- الاتجاه الأول: يرى أنصاره أن هدف تعليم الكبار هو اكتساب المعرفة لتكوين بنية العقل ونموه، وأن المعرفة ليست وسيلة لتحقيق أهداف وحل مشكلات مجتمعية، ولكنها تمثل هدفا في حد ذاتها، ولها قيمة جوهرية، ويطلق على هذا الاتجاه نمو العقل(The Cultivation of The Intellect) ويتزعمه كل من باترسون Paterson ولوسون Lawson.2- الاتجاه الثاني: ويدور حول ذاتية المتعلم الكبير، أي على شخصيته من جميع جوانبها على أساس أنها متكاملة، ويعتمد على فكرة أن الإنسان بطبيعته خير، وكلما نما هذا الخير في شخصية الكبير عن طريق التربية ساعده على أن يكون أكثر حرية ووعيا بشخصيته وتوجيها لذاتيته، ويطلق على هذا الاتجاه تحقيق ذات الكبير Adult Self Actualization ويتزعمه كل من ليندرمان Linderman وماكينزي Mckenzie وأنصار المذهب الوجودي.3- الاتجاه الثالث: ويرى أنصاره أن هدف تعليم الكبار هو التحول الاجتماعي Social transformation بمـعـــنى أن ينظر إلى تغيير المجتمع كمحور أساسي لتعليم الكبار ويتزعمه كل من إيفان إليس Illich رائد فكرة مجتمع بلا مدارس Deschooling society ورايمر Riemer وغيرهما، وهذا الاتجاه ثوري يدعو إلى أن تعليم الكبار يجب أن يحقق تغييرا في النظام الاجتماعي وإبداله بنظم أخرى جديدة.4- الاتجاه الرابع: وهذا الاتجاه توفيقي يدور حول فكرة أن المتعلم الكبير عضو في المجتمع وتوجد علاقات متبادلة بينهما، ومن ثم فإن هدف تعليم الكبار هو خدمة كل من الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه وأن النمو الشخصي الكبير لا يتحقق إلا في وسط اجتماعي، ويطلق على هذا الاتجاه التحسين الشخصي والاجتماعي Personal and social improvement ويتزعمه كل من براودي Broudy وأستاذه ديوي Dewey.5- الاتجاه الخامس: ويرى أنصاره أن هدف تعليم الكبار يجب أن يحقق خدمة المؤسسة الإنتاجية التي يعمل بها الشخص الكبير، على أساس أن هذا الشخص الكبير يمثل العنصر الرئيسي في عملية الإنتاج داخل المؤسسة أو المجتمع، وهدف هذا الاتجاه اقتصادي بحت؛ لأنه يركز أساسا على زيادة الإنتاج المادي للمؤسسة وتعليمه يزيد من إنتاجه، أي أنه ترس في آلة، ويطلق على هذا الاتجاه الفاعلية التنظيمية Organizational effectiveness، ويتزعمه كل من واطسن Watson ونادلر Nadler[4].ومما سبق يتضح أن الاتجاه الرابع الذي يعتبر اتجاها توفيقيا يجمع بين الاتجاه الثاني الذي يتعلق بذاتية المتعلم الكبير وتنمية شخصيته من جميع جوانبها، وبين الاتجاه الثالث الذي ينظر إلى تغيير المجتمع كمحور أساسي لتعليم الكبار. وعلى هذا فإن الاتجاه الرابع هذا هو الأكثر توافقا وملاءمة لطبيعة المجتمعات العربية ونظامها القيمي المستمد من الشريعة الإسلامية التي تدعو الفرد إلى طلب العلم طوال حياته من أجل منفعة الآخرين.
ثانيا: الاستراتيجيات المتنوعة لتعليم الكبار تختلف فلسفة تعليم الكبار من مجتمع لآخر باختلاف العوامل والقوى الثقافية فيه من حيث الظروف الاقتصادية والأحوال الاجتماعية والأنماط السياسية السائدة فيه، وتنبثق استراتيجية المجتمعات في تعليم الكبار من الاستراتيجية الخاصة بكل مجتمع باختلاف فلسفته وأيديولوجيته وبما يميزه عن المجتمعات الأخرى. تبنت البلاد العربية الإستراتيجية العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار التي أقرها مؤتمر الإسكندرية الثالث المنعقد ببغداد في ديسمبر عام 1976م. وهذه الاستراتيجية المتبناة هي نمط من استراتيجيات المواجهة المكثفة في المدى القصير، مع الأخذ في الحسبان أن كل قطر عربي يتعين عليه أن يصوغ استراتيجية لمحو الأمية وتعليم الكبار به وفقا لظروفه المحلية وفي إطار الاستراتيجية العامة[5]. وهذه الاستراتيجية العامة التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثـقافة المنعقد بنيروبي في أكتوبر عام 1976م في دورته التاسعة والتي عرفت تعليم الكبار على أنه المجموع الكلي للعمليات التعليمية المنظمة أيا كان مضمونها ومستواها وأسلوبها، مدرسية كانت أو غير مدرسية، وسواء أكانت امتدادا أو بديلا للتعليم الأول المقدم في المدارس والكليات والجامعات أو في فترة التلمذة الصناعية والذي يتوصل به الأشخاص الذين يعدون من الكبار في نظر المجتمع الذي ينتمون إليه إلى تنمية قدراتهم وإثراء معارفهم وتحسين مؤهلاتهم الفنية أو المهنية أو توجيهها وجهة جديدة وتغيير مواقفهم أو مسلكهم، مستهدفين التنمية الكاملة لشخصيتهم والمشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتوازنة والمستقلة[6]. ويرتبط بتنوع استراتيجيات تعليم الكبار اختلاف مفهومه من بلد لآخر، ففي المجتمعات التي ترتفع بها نسبة الأمية يستخدم المصطلح كمرادف لمحو الأمية، على حين أن المجتمعات التي انتهت بالفعل من مشكلة الأمية، فتعليم الكبار فيها يعني إتاحة الفرصة للحصول على المزيد من التعليم[7]، وعلى الرغم من هذه الاختلافات فإن نقطة البداية الحقيقية لتحديد هذا المفهوم يمكن أن تبدأ بأن نعرف من هو الكبير، ومن هنا نجد البعض يتخذ السن تحديدا لمفهوم الكبار، والبعض الآخر يرى أن مفهوم النضج النفسي يمكن أن يصلح لتحديد من هو الكبير، بينما تؤكد فئة ثالثة على الدور الاجتماعي الذي يلعبه الفرد في المجتمع كأساس لتحديد مفهوم الكبير[8]. هذه الاستراتيجيات المتنوعة لتعليم الكبار جعلت منه ميدانا واسعا وعريضا يتعامل مع فئات عديدة من البشر في مجالات متنوعة ومختلفة ومتجددة دائما، لذلك تبتكر مصطلحات جديدة لتعليم الكبار لتتناسب مع الاستراتيجيات الخاصة به في كل من المجتمعات، ومن هذه المصطلحات: التربية الأساسيةBasic education ، وتربية المجتمعCommunity education ، والتربية الاجتماعيةSocial education ، والتربية المستديمةPermanent education ، والتربية مدى الحياة Life long education، وتربية الجماهير Mass education، والتربية خارج المدرسة Out of school education[9]، وغير ذلك من المصطلحات التي تدور في فلك تعليم الكبار، وكلها تسهم في توضيح معالمه وتجلية مفهومه. تنوعت أنشطة تعليم الكبار واختلفت باختلاف الاستراتيجيات من بلد لآخر، إذ يقدم كل بلد برنامجا مختلفا لتربية الكبار تبعا لحاجاته الخاصة، ففي البلدان المتقدمة ثقافيا وتكنولوجيا كبلدان أوروبا الشمالية والولايات المتحدة وكندا يرتبط مفهوم تربية الكبار بصفة رئيسية بقضية التوعية الفكرية والسياسية، وكذلك بأنشطة الأفراد الخاصة بتطوير الثقافة الوطنية في كل منها، وتعني تربية الكبار بالنسبة لهذه المجتمعات الاكتساب المستمر للمزيد من الخبرات الحضارية بقصد تحسين أسلوب الحياة الإنسانية وزيادة وعي الأفراد لما يجري حولهم من أمور وتغيرات. وعلى هذا فإن التعليم والتدريب المهني لا يدخلان بشكل كبير في إطار برامج تربية الكبار في تلك البلدان، بينما نرى على النقيض من ذلك بلدانا أخرى كدول أوروبا الشرقية تقدم لأفرادها الكبار مجموعة كبيرة متنوعة من برامج التدريب المهني والفني، وبين هذين النمطين نجد أن تربية الكبار في البلدان النامية التي ما تزال تواجه مشكلات التنمية الاجتماعية والاقتصادية أكثر التصاقا واهتماما ببرامج محو الأمية والتربية الأساسية والتعلم الوظيفي[10]. وتختلف طرق التدريس المستخدمة في تنفيذ برامج تعليم الكبار ما بين المحاضرات والمناقشات والحلقات الدراسية والدراسات المستقلة والدراسة بالمراسلة والدراسة عن بعد Distance education عبر الراديو أو عبر الشاشات التليفزيونية أو من خلال برامج الكومبيوتر وشبكة المعلومات- الإنترنت- أو بطريقة المشروع بما يتفق ونوعية الاستراتيجية المرسومة لكل بلد[11]. وباختلاف استراتيجيات تعليم الكبار اختلفت أهدافه وتنوعت توجهاته، ويدل على ذلك تلك الدراسة التي أجرتها ماري إلي M.Elyعام 1936م ونشرتها في كتابها Adult Education Action حيث وجهت سؤالا عن الحاجة لتعليم الكبار إلى ثمانية عشر فيلسوفا ومربيا وعالما اجتماعيا من مختلف البلدان، وكانت النتيجة أن تعددت أهداف تعليم الكبار الثمانية عشر ودارت حول أربعة محاور أساسية هي[12]: 1- المحور الأول: يدور حول ذاتية المتعلم الكبير وقدرته على التعلم أو نشاطه العقلي أو الابتكار والاختيار الحر وتحقيق الأمن الشخصي، وقد دارت حول هذا المحور ستة من الأهداف الثمانية عشر. 2- المحور الثاني: يدور حول تعليم الكبار وخدمة المجتمع وتركز على تحسين النظام الاجتماعي أو مواجهة التغير الاجتماعي أو تأكيد الثبات الاجتماعي، ودار حول هذا المحور أربعة أهداف. 3- المحور الثالث: دار حول خدمة المعرفة والاهتمام باكتشاف مجالات معرفية جديدة أو توسيع الآفاق والرؤى الفكرية أو مجاراة المعرفة الجديدة، ودار حول هذا المحور ستة أهداف . 4- المحور الرابع والأخير: يدور حول تعليم الكبار وخدمة المؤسسات الإنتاجية وتضمن هدفين اثنين. وتنوعت أيضا وظائف تعليم الكبار من مجتمعات إلى أخرى، ففي البلدان المتقدمة يقوم تعليم الكبار بثلاث وظائف أساسية وهي: 1- الوظيفة الأولى: توفير الفرص التعليمية للعدد القليل من الصغار الذين لم يستكملوا المرحلة الأولى أو الثانية من تعليمهم لإعدادهم لدخول امتحان نهاية المرحلة الأساسية، كما هو الحال في كل من إسبانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وبلغاريا والمجر والدنمارك وإنجلترا، ولكن هذا التعليم يأخذ صورا وأشكالا مختلفة من دولة لأخرى. 2- الوظيفة الثانية: تدريب أو إعادة التدريب للعمالة المختلفة، كما هو الحال في هولندا وإنجلترا وإسبانيا والبرتغال وفنلندا وألمانيا ورومانيا، وفي كل دولة من هذه الدول تؤدى هذه الوظائف بواسطة مؤسسات مختلفة عن الأخرى. 3- الوظيفة الثالثة: عمليات الاستنارة الفكرية لأفراد المجتمع وتقديم صور التربية الحرة للكبار، كما هو الحال في الدول الإسكندنافية وخاصة الدنمارك وفنلندا والنرويج. بينما أصبح تعليم الكبار في البلاد النامية مرادفا للتعليم غير النظامي للأطفال والكبار في دول كثيرة، كما هو الحال في غينيا والأرجنتين والمكسيك وفيتنام وتايلاند والهند، ويعتبر محو الأمية أو خفض نسبتها إحدى المهام الأساسية لتعليم الكبار في البلاد النامية[13].
ثالثا: العلاقة بين تعليم الكبار ومحو الأمية يعتبر محو الأمية ركنا مهما وأحد المشتملات الأساسية لبرامج تعليم الكبار في الوطن العربي خاصة، وفي الدول النامية بوجه عام، حيث تمثل الأمية تحديا خطيرا يواجه هذه الأمم في مسيرتها نحو التنمية والتقدم. لذلك وضعت البرامج الوطنية والدولية في مقدمة خططها وأهدافها- منذ النصف الثاني من القرن العشرين- ضرورة مواجهة مشكلة الأمية باعتبارها من أصعب العوائق التي تعترض طريق التنمية. ولقد أدرك العالم هذا الأمر بجلاء منذ أن قررت اليونسكو في المؤتمر العالمي لمحو الأمية المنعقد بطهران عام 1965م أن الأمية تشكل عائقا في طريق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي لا يمكن أن تتحقق إلا بمكافحتها والقضاء عليها قضاء تاما[14]. ومنذ ذلك الحين احتلت مشكلة الأمية مركز الاهتمام الأول على جميع المستويات المجتمعية، سواء لدى المجتمعات المتقدمة أو الآخذة في التقدم أو الساعية إليه، وتعرضت مشكلة الأمية في العالم لحملات مضادة تهدف إلى التخلص من هذا الخطر الذي يهدد كل الاتجاهات التنموية في البلاد؛ إذ توضح الإحصاءات الصادرة عن منظمة اليونسكو أن نسبة الأمية في العالم كانت عام 1970م حوالي 34,2 %، انخفضت في عام 1980م إلى نسبة أمية عالمية تبلغ 29%، بينما تمثل الأمية الأبجدية في أوروبا حوالي 3,6 %في الوقت الحالي وتكاد أن تنعدم تقريبا في الولايات المتحدة وكندا واليابان[15]. وتظهر مشكلة الأمية بحجم أكبر في البلاد النامية وفي الوطن العربي، فقد بلغت نسبة الأمية عام 1970م حوالي 73% من مجموع السكان الذين يبلغون من العمر 15 عاما وما فوق، وفي عام 1980م قدرت إحصاءات هيئة اليونسكو نسبة الأمية في الدول النامية بحوالي 59,9 %، وتراوحت نسبة الأمية بين 32,3% للذكور، و50,3% للإناث لفئات الأعمار خمس عشرة سنة فأكثر[16]. أخذت نسبة الأمية في الوطن العربي في الانخفاض حتى بلغت عام 1990م 48.7% واستمر انخفاض هذه النسبة إلى حوالي 40% عام 2000م، إلا أنه من أخطر التحديات التي تواجه الأقطار العربية هو دخولها القرن الحادي والعشرين بعدد من الأميين يتجاوز 69 مليونا، وذلك نتيجة للزيادة السكانية فقد كان عدد الأميين فيما مضى يبلغ 61 مليونا فقط[17]. لذلك اهتمت الدول النامية بمواجهة مشكلة الأمية من خلال برامج تعليم الكبار انطلاقا من وعيها بخطورة الأمية باعتبارها مشكلة معقدة ترتبط بمعظم المشكلات الاقتصادية والسكانية والصحية، مما يشكل عائقا معطلا لجهود التنمية الشاملة والتي لم تعد قاصرة على تنمية رأس المال البشري، ولعل أحد العوامل التي يرجع إليها بطء النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي في بعض البلاد العربية هو عدم استغلالها لمواردها البشرية رغم كثرتها- بل تزايدها زيادة سريعة- الاستغلال المناسب، إن هذه الموارد مازالت تعاني من الأمية، ومن نقص في المهارات الفنية الحديثة ومن التكيف مع الاتجاهات الجديدة التي يعيشها المجتمع. كما اهتمت الدول النامية بمواجهة مشكلة الأمية بوصفها حرمانا للإنسان من حقوقه الأصلية التي أكدتها المبادئ الواردة في المادتين 26، 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تحدد وتكفل حق الفرد في التعليم، وفي أن يشترك اشتراكا حرا في الحياة الثقافية والفنية والعلمية، و بالمبادئ الواردة بالمادتين 12، 15 من الميثاق الدولي الخاص بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية[18]. ومع مطلع القرن الحادي والعشرين أصبح تعليم الكبار يهتم بالفرد وتنمية جوانب شخصيته ويغطي كل فئات المجتمع على اتساعه، كما أصبح يشمل كل ما يستحق التعليم كمحو الأمية والتربية الأساسية والتعليم المهني والتدريب أثناء العمل لرفع الكفاية المهنية للفرد، وبذلك يكون لتعليم الكبار دور فعال في تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع.
تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكيةأولا: بعض العوامل الثقافية في الولايات المتحدة الأمريكية الولايات المتحدة الأمريكية من أوائل الدول الديموقراطية الحديثة، تعد أقوى دولة مهيمنة على العالم، منذ انفصالها عن المملكة البريطانية المتحدة في عام 1776م، أخذت ولاياتها في التزايد منذ القرن التاسع عشر، فبعد أن كان عدد الولايات 13 ولاية بلغ عددها 51 ولاية. تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية على مر تاريخها لعدة حروب، منها الحروب الأهلية التي استمرت من 1861م إلى 1865م والانهيار الكبير الذي أصابها في العقد الثالث من القرن العشرين، والحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي والتي انتهت بانهياره في عام 1991م. تبلغ مساحة الولايات المتحدة الأمريكية 9,629,091 كم2، وتتوزع هذه المساحة بين اليابسة والتي تبلغ مساحتها 9,158,960 كم2، والمياه التي تبلغ مساحتها 470,131 كم2. يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية عدد من السكان الذين ينتمون لأصول عديدة ومتنوعة حيث تبلغ نسبتهم 83,5% من البيض، و12,4% من السود، و3,3% من الآسيويين و0,8% هنود من إجمالي مجموع السكان البالغ في يوليو 2001م 278,058,881 نسمة. وزعت أعمارهم على ثلاث مراحل: 1- المرحلة العمرية الأولى: من صفر إلى 14 سنة، وبلغت نسبتها 21,12% من مجموع السكان. وبلغ عدد الذكور من هذه النسبة 30,034,674 نسمة، وعدد الإناث 28,681,253 نسمة. 2- المرحلة العمرية الثانية: من 15 إلى 64 سنة، وبلغت نسبتها 66,27% من مجموع السكان. وبلغ عدد الذكور من هذه النسبة 91,371,753 نسمة، وعدد الإناث 92,907,199 نسمة. 3- المرحلة العمرية الثالثة: من 65 سنة فما فوق، فقد بلغت نسبتها 12,61% من مجموع السكان وزعت بين الذكور الذين يبلغ عددهم 14,608,948 نسمة، والإناث وعددهم 20,455,054 نسمة. ويبلغ معدل الزيادة السكانية في الولايات المتحدة الأمريكية 0,9%. أما نسبة من هم تحت مستوى الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية فقد بلغت 12.7%، هذا بالرغم من أن الميزانية العامة للدولة بلغت 1,828 ترليون دولار Trillion $ في عام 2001م[19]. تتسم الإدارة التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية باللامركزية حيث تستبعد أي تدخل من الحكومة المركزية أو الفيدرالية عن أي تدخل في شئون التعليم، وتفوض أمره إلى السلطات المحلية كي تتاح لها الفرصة الكاملة في إدارة شئونها بما توفره إمكاناتها وتقتضيه حاجاتها. وتقتصر الوظيفة الوحيدة للحكومة الفيدرالية في مجال التعليم على تقديم المساعدات المالية والأراضي اللازمة لإنشاء المدارس والكليات للسلطات المحلية كما تقوم بالإشراف على الأكاديميات والكليات العسكرية وبرامج أبحاث الفضاء. بالإضافة إلى الإشراف ماليا على جامعة مخصصة للزنوج الأمريكيين في مدينة واشنطن، وهي جامعة هاوارد Howard[20]. ولقد ارتفعت نسبة المتعلمين فوق 15 سنة الذين يعرفون القراءة والكتابة فبلغت عام 2001م 97% من عدد السكان، ويبلغ الذكور منهم 97%، والإناث 97% أيضا. بينما يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت فيها في يوليو 2001م 400.000 شخص[21]. وهو عدد يدل على انتشار التكنولوجيا المتطورة بشكل كبير.
ثانيا: نشأة تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكيةمن الممكن تتبع نشأة تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مراحله التاريخية، التي تمثل كل مرحلة منها قرنا من القرون الميلادية كما يلي:المرحلة الأولى في القرن الثامن عشرتمثل هذه المرحلة الخطوات الأولى على طريق تعليم الكبار بما كانت الكنيسة تقدمه من دراسات دينية لزيادة تثقيف أفراد الشعب ووعيهم بأمور دينهم، وما كانت تقدمه من تدريبات غير منتظمة على الحرف لمساعدتهم على الاشتغال بالمهن البسيطة.وفي عام 1727م تم إنشاء ناد للمناقشة والحوار في الأمور الفلسفية والسياسية والتربوية سمي الجينتو The Junto على يد بنجامين فرانكلين Bengemin Franklin الذي قام بمساعدة الآخرين بتأسيس مكتبة عامة عام 1731م، لذلك اعتبر فرانكلين من أهم رواد الفكر في مجال تعليم الكبار.المرحلة الثانية في القرن التاسع عشروترتبط هذه المرحلة ببداية ظهور أنشطة تعليم الكبار، والتي كان من أبرزها ما يلي:1- ظهور مفهوم التعليم الممتد Extension class في جامعة يالYale عام 1808م وذلك بتقديم مساقات دراسية خارج الجامعة.2- بداية الحركة التي سميت Lyceum Movement عام 1826م والتي كان لها دور كبير في تشجيع الكبار على الاستزادة في الجانب الثقافي بما كانت تعقده من ندوات ومناقشات في قاعات المحاضرات التي قامت بإنشائها هي والمكتبات والمتاحف.3- تأسيس أول معهد علمي في مدينة بوستون عام 1836م، اهتم بتقديم محاضرات عامة في الفلسفة والتاريخ الطبيعي والعلوم والآداب. 4- صدور قانون موريل Morrill عام 1862م، والذي أكد الكونجرس الأمريكي فيه على ضرورة إنشاء معاهد تهتم بالفلاحين وتقدم لهم برامج دراسية في الزراعة، وهذه المعاهد تحولت إلى كليات للزراعة بعد ذلك. 5- ظهور حركة شوتكو Chatauqua Movement عام 1874م بنيويورك، وهي تعد من أهم الحركات بالنسبة لتعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان الكبار يقضون إجازتهم الصيفية على شاطئ بحيرة شوتكو في متابعة اهتماماتهم الدينية والأدبية والعلمية والفنية من خلال عقد الندوات والمحاضرات. وامتد نشاط هذه الحركة إلى مناطق أخرى، كما قامت بتنظيم برامج دراسية عن طريق المراسلة، وأهم ما تولد عن هذه الحركة إنشاء المدارس الصيفية التي عملت على اجتذاب كبار السن للالتحاق بها[22]. ولقد تميزت هذه المرحلة التاريخية ببداية ظهور الحركات المشجعة لتعليم الكبار وصدور القوانين المساندة لها. المرحلة الثالثة في القرن العشرين في هذه المرحلة بدأ تعليم الكبار يأخذ مسارا جديدا حيث ركزت برامج تعليم الكبار على العمل على تحقيق احتياجات وإشباع رغبات الدارسين الكبار، كما تبنت الكثير من الجامعات الأمريكية برامج التعليم المستمر على أنه جزء من الخدمات التربوية الجامعية المقدمة للجماهير؛ لمساعدتهم على مواجهة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. لذلك تميزت هذه المرحلة بما يلي: 1- إنشاء الرابطة القومية لامتداد الخدمات التربوية الجامعيةNational University Extension Association عام 1915م مما أكد الاهتمام بتعليم الكبار واعتباره عنصرا ثابتا في النظام الأمريكي للتعليم العالي. 2- صدور أول قانون لمحو أمية المها جرين عام 1917م والتحاقهم بمدارس تعليم الكبار. 3- انتشار المجموعات الوطنية الاستشاريةCitzen¢s Advisory Group منذ عام 1925م في أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية والتي كان لها دور كبير في تطوير تعليم الكبار. 4- إنشاء الجمعية الأمريكية لتعليم الكبار American Association for Adult Education عام 1926م، وانضمامها كجزء من الجمعية الوطنية للتعليم NEA، إلى أن استقلت عنها عام 1951م. 5- بداية الدراسات العليا في تعليم الكبار في جامعة كولومبيا عام 1935م، وإنشاء أول قسم لتعليم الكبار في جامعة كاليفورنيا، كما تم في هذه الفترة إنشاء كليات المجتمع Community colleges التي تهدف إلى تحقيق احتياجات المجتمع العلمية والثقافية والمهنية. 6- ظهور فكرة المجتمع العظيم Great society عام 1960م، وإعلان الحرب على الفقر، وانتشار التعليم الأساسي في جميع الولايات المتحدة الأمريكية، والتعليم المهني للفقراء، وذلك بمساعدة قانون تعليم الكبار الفيدرالي[23].
كما قدم القرن العشرون
توضيحا لأبعاد تعليم الكبار وبلورة لمعالمه كعلم اجتماعي يعتبر أحد العلوم
الإنسانية إذ تكونت فلسفته وتحددت أهدافه واتجاهاته، وفتحت الجامعات أقساما
خاصة به، وتخصص في دراساته علماء ومفكرون، استخدموا المنهج العلمي في
التعامل مع ظواهره ومشكلاته، ومما يؤكد ذلك ما 1- طبقا لقانون 1966م في الولايات المتحدة الأمريكية افتتحت 60 جامعة أمريكية أقساما للدراسات العليا في تعليم الكبار، بالإضافة إلى زيادة حجم الأقسام الموجودة في الجامعات الأخرى. 2- ارتفع عدد أساتذة الجامعات الأمريكية المتخصصين في تعليم الكبار من 24 عام 1964م إلى أكثر من 150 عام 1970م، كما أشارت بذلك دراسة كل من ديكنسون Dickinson وروسنيل Rousnell عام 1971م. ثم تضاعف هذا العدد وارتفع أضعافا مع قدوم القرن الحادي والعشرين. 3- ظهرت خلال القرن العشرين دوريات علمية كثيرة متخصصة في تعليم الكبار، أشهرها دورية تعليم الكبار Adult education التي بدأت في الصدور عام 1950م، ودورية تعليم الكبار الربع سنوية Adult education quarterly التي بدأت في الصدور عام 1949م، هذا بالإضافة إلى الدوريات التي تصدرها منظمة اليونسكو باللغات الأجنبية واللغة العربية. 4- منذ بداية الثلاثينيات من القرن العشرين وحتى الستينيات كانت الجامعات الأمريكية قد منحت ما يقرب من 2300درجة دكتوراه في تعليم الكبار[24]، وقد تزايد هذا العدد في القرن الحادي والعشرين، لما لتعليم الكبار من أهمية تضاعفت على جميع المستويات العالمية في الدول المتقدمة والدول النامية.
ثالثا: مفهوم تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية وأهدافه عندما بدأ تعليم الكبار في الانتشار في الولايات المتحدة الأمريكية كان واقعا آنذاك تحت تأثير علم تعليم الصغار Pedagogy حيث تركز حول نقل المعلومات عن طريق معلمي الفصل، ولكن لم يمض وقت طويل حتى شعر المعلمون بتسرب التلاميذ الكبار وانصرافهم عن الاستمرار في هذا التعلم، مما دفعهم إلى القيام بتجربة استراتيجيات جديدة وطرق مستحدثة في تعليم الكبار، وأخذت هذه المستحدثات في التبلور حتى كونت نظريات مستقلة بذاتها، أمكن اختبارها وتمحيصها عن طريق البحث العلمي، ومن ثم أطلق على حالة العلم في هذا المجال اسم علم تعليم الكبارAndragogy الذي يؤكد على أهمية اكتساب الكبار مهارة تعليم أنفسهم بأنفسهم؛ لأن اكتساب هذه المهارة يشبع عند الكبار حاجة نفسية للاستقلال، ويتمشى مع طبيعة خبرات الحياة اليومية المتغيرة في المجتمعات الحديثة التي تستدعي منهم أن يتعلموا باستمرار أثناء مرورهم فيها[25]. ويظهر الفرق واضحا بين تعليم الكبار وتعليم الصغار إذ تشير الممارسة إلى عدة مفاهيم على أنها تخص تعليم الصغار- دون الكبار- والاعتقاد السائد هو أن مفاهيم تعليم الكبار قابلة للتطبيق على الأطفال والشباب عندما ينضجون، وأنه بتقدمهم في العمر فإنهم يتعلمون أكثر وأكثر وفق مفاهيم علم تعليم الكبار[26]. لذلك كانت النظرة إلى تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية باعتباره المستوى التعليمي الرابع الذي يتميز عن المستوى التعليمي الأول (الابتدائي) والثاني (الثانوي) والثالث (العالي أو الجامعي)، فهو يهدف إلى مساعدة الكبار على اكتساب المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب بالإضافة إلى رفع مستوى تعليمهم بما يمكنهم من توظيف هذه المهارات في الحياة العملية وإتاحة الفرص لهؤلاء الكبار لمواصلة تعليمهم والاستمرار فيه[27]، وهو كل الأنشطة التعليمية التي يباشرها الكبار بعد السنوات الاثنتي عشرة التي يقدمها التعليم العام، وتقوم بتقديم هذه الأنشطة الكليات والجمعيات والروابط المهنية والجيش وغير ذلك من المؤسسات[28]. وهكذا يعرف تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية بعدة طرق حيث ينظر إليه البعض باعتباره أنشطة تعليمية تطوعية غير إجبارية تكون عملية تعليمية مستمرة خلال الحياة، وآخرون يشملون الأنشطة التعليمية المطلوبة في تعريفاتهم بسبب أن كمًّا كبيرا من الملتحقين يطلبون نوعا من تعليم الكبار لا يقتصر فقط على دورات العمل الرسمية، ولكنها تشتمل أيضا على الأنشطة التعليمية غير الرسمية، والمقصود بالأنشطة التعليمية غير الرسمية في هذه التعريفات هو الأنشطة التعليمية التي لا تعتمد على وجود مدرس كالتعليم بالمراسلة والتعليم عن بعد وغيره[29]. وفي ضوء ذلك فقد ظلت فلسفة تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية وحتى الآن براجماتية (عملية) وغير مترابطة، كما أن أهدافه تصطبغ بالذاتية وتدور في حدودها الضيقة، حيث يقول رئيس اتحاد تعليم الكبار بالولايات المتحدة في مقدمة كتاب دليل تعليم الكبار: من الغريب أن نتناسى الغاية الاجتماعية لتعليم الكبار أو الحط منه إلى درجة اعتباره فرصا للتحسين الذاتي لأحوال الفرد. حيث توصف أهداف تعليم الكبار في الولايات المتحدة بأنها لمساعدة الدارس على فهم نفسه واكتشاف مواهبه وإدراك حدود علاقاته بالآخرين ولمساعدة الدارسين على تحقيق درجة من السعادة وفهم مغزى الحياة بتوفير الظروف والفرص التي تساعدهم على إحراز التقدم من خلال وصولهم إلى النضج روحيا وثقافيا وجسديا ومهنيا، ولمساعدة الكبار على إدراك وفهم الحاجة إلى التعليم مدى الحياة وتوفير التعليم من أجل البقاء بتعليم مهارات القراءة والكتابة والمهارات المهنية. كما أن هناك تأكيدا للتدريب المهني وإعادة التدريب، وتعليم الناس كيفية البحث عن الوظيفة المناسبة والحفاظ عليها، وكيف يصبحون أكثر إنتاجا، كما يدرس الكبار كيفية حل المشكلات والاعتماد على النفس، كذلك علاج المتضررين وحماية المعرضين للخطر ومساعدة الفئات المحرومة التي أصبحت أيضا جزءا من الفلسفة، كما ينظر إلى تعليم الكبار على أنه عمل لصالح الزوجة المهملة والطفل المستغل استغلالا سيئا وكذلك المعوقين، وآخر القضايا التي أصبحت جزءا من تعليم الكبار هي موجة متطرفة من العمل التحريضي Activism وتهتم بإعداد الناس لمساعدة أنفسهم وتعليمهم كيفية الاستفادة من قوتهم[30].
رابعا: برامج تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية والملتحقون بها تنوعت الأنشطة التي اشتملت عليها هذه البرامج لتلبية حاجات الكبار والوفاء بمتطلباتهم المختلفة، ففي عام 1999م قدم المسح التربوي للمنازل الوطنيةNational Household Education Survey (NHES) مدخلا واسعا لمدى الأنشطة التي تعتبر تعليم الكبار، اشتملت على الأنشطة التعليمية التطوعية المطلوبة، والأنشطة الرسمية التي تعتمد على وجود مدرس. واستغرق المسح الفترة الزمنية من عام 1995م إلى عام 1999م حيث بينت نتائجه أن الطلب كان على ستة أنواع من تعليم الكبار بالترتيب التالي: 1- اللغة الإنجليزية كلغة ثانية (ESL) English as a Second Language وهي لفصول الكبار الذين ليست الإنجليزية لغتهم الأساسية، وذلك لتطوير مهارتهم في اللغة الإنجليزية للدخول أو التقدم في سوق العمل من أجل رفع مستوى حياتهم الشخصية أو العائلية أو لتحقيق تكيف أفضل مع المجتمع الأمريكي. 2- التربية الأساسية للكبار:(ABE) Adult Basic Education والتنمية التعليمية العامة (GED) General Education Development وهي برامج تساعد الكبار على تحسين المهارات الأساسية في القراءة والحساب، وتعدهم لدبلوم المدارس العالية أو ما يعادلها. 3- برامج اعتمادية Credential Programs وهي برامج رسمية بعد المرحلة الثانوية Post secondary تؤهل إلى كلية أو درجة جامعية أو دبلوم فني أو مهني أو ومؤهلات علمية أخرى للحصول على الوظائف. 4- برامج التدريب على حرفة Apprentice Ship Programs وهي برامج رسمية في التدريبات المهنية تؤدى لاكتساب البراعة والمهارة في الحرفة. 5- دورات مرتبطة بالعمل ork-related Courses وهذه ترتبط بالوظيفة أو المهنة وهي تختلف عن برامج الاعتمادية بعد الثانوية وعن برامج التدريب على حرفة، سواء أكان الملتحقون بهذه الدورات معينين في وظائف أثناء هذه الدورات أو ليسوا كذلك، كالدورات التي تؤخذ في نفس مكان العمل أو الدورات المؤهلة للوظائف. 6- دورات تنمية شخصية Personal Development Courses وتلك تحوي أنواعا عديدة من الأنشطة التعليمية التي تعتمد على وجود المدرس ولا تستبعد من التصنيف السابق، ومن أمثلتها: الدورات المرتبطة بالصحة أو الهوايات أو الدروس الرياضية أو لغات أجنبية أو دراسات دينية مسيحية Bible Studies. المستجيبون للمسح التربوي للمنازل الوطنية (NHES) عام 1999م ذكروا أن مشاركتهم في هذه الدراسات مرتكزة على فهمهم للأنشطة المشمولة في هذه البرامج وفي حالة المشاركة لأغراض الدراسة يتحدد إذا كان المشترك سيلتحق بواحد أو أكثر من هذه البرامج الست لتعليم الكبار، واستبعد من الإحصاء الكبار الذين ذكروا المشاركة في برامج اعتماد بعد الثانوي على أساس كل الوقت وليس في أي نشاط تعليمي آخر وذلك لأن برامج اعتماد بعد الثانوي لا تعتبر عادة تعليم كبار. وأظهرت نتائج المسح النسب المئوية للكبار الذين يشاركون في برامج تعليم الكبار كلية وبالمستوى الأعلى للإنجاز التعليمي، فكانت 46% من عدد السكان، أما النسب المئوية لتوزيع الأنشطة على الأنواع الستة سابقة الذكر فكانت كما يلي: - 23% لكبار يشتركون في دورات مرتبطة بالعمل. - 23% لكبار يشتركون في دورات التنمية الشخصية. - 9 % من الكبار يشتركون في برامج اعتمادية (مع برامج أخرى). - 2 % في برامج التدريب على مهنة. - 2 % في فصول التربية الأساسية للكبار (ABE) والتنمية التعليمية العامة (GED). وحوالي1 % في فصول اللغة الإنجليزية كلغة ثانية (ESL). وهكذا بلغ مجموع هذه النسب المئوية لبرامج تعليم الكبار (60%). ومن الملاحظ أن هذا المجموع أكبر من معدل المشاركة الكلي الذي بلغ 46% وذلك بسبب أن بعض الكبار يشاركون في أكثر من نوع، فبينما كان بعض الكبار يشاركون في نوع واحد من أنشطة تعليم الكبار كان هناك آخرون يشاركون في نوعين أو أكثر[31]. وهكذا تتضح الزيادة الكبيرة في أعداد الملتحقين بتعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية والتي بلغت نسبتها 46% في عام 1999م، وقد شارك هؤلاء في بعض أشكال النشاط العلمي؛ لاكتساب المعرفة والمعلومات والمهارات اللازمة لتحقيق النجاح في العمل، والارتفاع بمستوى المعيشة. تعليم الكبار في المملكة العربية السعوديةأولا: بعض العوامل الثقافية في المملكة العربية السعودية المملكة العربية السعودية رائدة الدول الإسلامية، تبذل جهدا كبيرا لبناء مجتمع إسلامي متقدم يسير وفقا للبرامج العصرية المتطورة في إطار حدود الشريعة الإسلامية، ولها دور بارز في دعم مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ولها حضور مشهود في المؤتمرات والمعاهدات العربية الثقافية والداعية إلى السلام. تبلغ مساحة المملكة العربية السعودية 1,960,582كم2، وكل هذه المساحة من اليابسة تتنوع طبيعتها ما بين السهول المنبسطة، والهضاب الواسعة إلى جانب السواحل الممتدة. يعيش بالمملكة العربية السعودية عدد كبير من المواطنين السعوديين إلى جانب العمالة الأجنبية التي تحرص المملكة على بذل الجهود لإحلال المواطنين السعوديين محلها، وقد بلغت نسبة المواطنين السعوديين من مجموع السكان 72,7% في 4/1413هـ (9/1992م) ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 76,44% عام1422هـ حيث بلغ إجمإلى عدد السكان في عام 1422هـ (7/2001م) 22,757,092 نسمة، منهم 17,396,503 نسمة من المواطنين السعوديين، وبلغ عدد غير السعوديين 5,360,526 نسمة، ووزع عدد السكان البالغ 22,757,092 نسمة على المراحل العمرية الثلاثة كما يلي: 1- المرحلة العمرية الأولي من صفر إلى 14 سنة: وبلغت نسبتها 42,52% من إجمإلى السكان تساوت أعدادهم تقريبا بين الذكور والإناث، إذ بلغ عدد الذكور 4,932,465 نسمة، وعدد الإناث 4,743,908 نسمة. 2- المرحلة العمرية الثانية من 15 إلى 64 سنة: بلغت نسبتها 54,08%، من الذكور 7,290,840 نسمة،ومن الإناث 5,179,393 نسمة. 3- المرحلة العمرية الثالثة من 65 فما فوق: بلغت نسبتها 2,68%، من الذكور 334,981 نسمة، ومن الإناث 275,505 نسمة. بلغت الميزانية العامة للمملكة العربية السعودية عام 1422هـ 66 بليون دولار Billion $. تتسم الإدارة التربوية في المملكة العربية السعودية بالمركزية، فالمركزية سمة واضحة في التنظيم الإداري في المملكة عامة، لذلك جاءت الأنظمة العامة مركزية في اتجاهاتها ونصوصها[32] ومع ذلك فإنه بنظرة فاحصة إلى الصلاحيات المخولة لمديري التعليم في المناطق المختلفة وما منحوه من صلاحيات كبيرة إداريا وماليا وتعليميا كالقيام بتوفير المباني المدرسية الجديدة وتوفير الخدمات العامة والمرافق والتجهيزات اللازمة لها، وسد احتياجاتها من المعلمات والإداريات والعاملات والمعاونة بإبداء الرأي والمقترحات حول تطوير المناهج والبرامج التعليمية بما يتمشى مع التطورات الحديثة، والإشراف الإداري على المندوبيات والمدارس وتنمية الكفاءة الوظيفية لمنسوبيها، وغير ذلك الكثير، يدل على الأخذ بمبدأ التوسع في لامركزية الإدارة التعليمية. أو مما يمكن القول معه بأن نظام الإدارة في المملكة العربية السعودية يمثل نموذجا يجمع بين المركزية واللامركزية. حيث تتمثل المركزية في رسم السياسات والتخطيط والتمويل وصنع القرارات ووضع اللوائح المنظمة، واللامركزية في الجانب التنفيذي واتخاذ بعض القرارات التي تفرضها الظروف الخاصة بمنطقة دون أخرى كتجديد مواعيد الامتحانات أو مثل ذلك. ولقد ارتفعت نسبة عدد المتعلمين الكبار فوق 15 سنة الذين يعرفون القراءة والكتابة في عام 1422هـ بلغت 62,8%، ويبلغ هؤلاء من الذكور 71,5% في عام 1422هـ، ومن الإناث 50,2% (وفق إحصائية عام 1995م)[33].
ثانيا: نشأة تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية إن المتتبع لنشأة تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية ليلحظ بوضوح تطوراته السريعة والمتلاحقة على مر الأعوام، مما يفرض تتبعه تاريخيا لإبراز هذه التطورات السريعة. فقد بدأ تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية بالجهود الفردية والأعمال الخيرية المرتبطة بتعليم القراءة والكتابة وخاصة قراءة القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره وذلك من خلال انضمام الأفراد إلى الحلقات التي نظمت في بعض المساجد بالمدينة المنورة ومكة المكرمة والتي كان بعض المقتدرين يتبرعون لتمويلها، ومن خلال بعض المدارس الأهلية التي كانت توفر سبل العلم للدارسين كبارا وصغارا، لا سيما قراءة القرآن الكريم والعلوم الدينية واللغة العربية، وكانت الدولة تمد تلك المدارس بالعون المادي والأدبي اللازمين لها، كمدارس القرعاوي وغيرها[34]، وفي عام 1369هـ تحولت هذه الجهود الفردية إلى مرحلة شعبة رسمية تمثلت في استجابة الدولة لرغبات المواطنين في تسهيل انتسابهم إلى المدارس الابتدائية الليلية، وفي عام 1374هـ أنشأت وزارة المعارف بالمملكة العربية السعودية إدارة الثقافة الشعبية كإدارة خاصة ببرامج محو الأمية ضمن إدارة التعليم الابتدائي[35]. وفي 9/3/1376هـ بدأت المسيرة الرسمية لمحو الأمية بصدور أول تنظيم لتعليم الكبار ومحو الأمية باسم مشروع نظام تعليم الكبار ومكافحة الأمية والذي يطبق على جميع سكان المملكة العربية السعودية دون إجبار إذا بلغ المواطن الثانية عشرة من عمره من غير الملمين بالقراءة والكتابة وحددت مدة الدراسة بثلاث سنوات، وحدد فتح الفصل بعشرين دارسا، وكل سنة دراسية بتسعة أشهر يدرس فيها الطالب ما يقارب اثنتي عشرة حصة[36]. في عام 1378هـ انفصلت إدارة الثقافة الشعبية عن إدارة التعليم الابتدائي كإدارة خاصة ببرامج محو الأمية، مستقلة بذاتها، وكوِّن فيها جهاز إداري وفني وأخذت تباشر واجبها نحو رسم الخطط وإعداد الإحصاءات ورسم المناهج وإعداد الكتب. وفي 9/6/1392هـ توجت جهود المملكة العربية السعودية في مجال تعليم الكبار ومحو الأمية بالمرسوم الملكي رقم م-22 بإقرار نظام تعليم الكبار ومحو الأمية الذي شهد نقلة نوعية وشمولية في مفهوم تعليم الكبار وسن تنظيمات وتشريعات تواكب ما تشهده المملكة من قفزات متسارعة في مجال التعليم، وجعل مسئولية القضاء على الأمية مسئولية وطنية شاملة وحشد الطاقات لمكافحتها بكل السبل ورصد المبالغ المالية اللازمة لذلك. وبدأ تعليم الكبار ومحو الأمية يأخذ مسارا وطنيا محدد الأطر من خلال خطط استراتيجية واضحة المعالم. في عام 1397هـ تقرر تغيير اسم "إدارة الثقافة الشعبية" التي كانت تشرف على محو الأمية إلى "إدارة تعليم الكبار ومحو الأمية" نظرا لشمول هذا الاسم لميادين ومناشط تعليم الكبار المختلفة[37]. في عام 1399هـ صدرت لائحة تنظيمية لنظام تعليم الكبار طورت لتتماشى مع تطور الحياة التعليمية في المملكة العربية السعودية، وألحق بها بعد ذلك لائحة ثانية أطلق عليها اللائحة التنفيذية. وفي عام 1401-1402هـ بدأت مرحلة التوسع في الخطة العشرينية الشاملة ويعتبر تنفيذ هذه المرحلة أهم وأخطر مرحلة في تلك الخطة التي تم وضعها منذ عام 1392هـ، استغرقت بعدها عامين حتى 1394هـ في فترة استعداد يتم خلالها التعبئة العامة عن طريق تجهيز المتطلبات المادية والبشرية اللازمة لتنفيذ الخطة، كما استغرقت خمس سنوات من 1395-1400هـ في مرحلة البدء في تنفيذ الخطة، أما مرحلة التوسع التي بدأت عام 1401-1402هـ فقد استمرت مدة 13 سنة حققت فيها إنجازات ملموسة وخطوات بارزة في ميدان محو الأمية وتعليم الكبار، واستمر العمل بعدها محققا إنجازات أكبر منتشرا في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية مدنها وريفها حضرها وباديتها[38]. وفي عام 1413هـ صدرت لائحة تنظيمية وتنفيذية أجرت تعديلات على اللائحتين السابقتين لتواكبا روح العصر ومتطلبات التنمية، وبعد دراستها من قبل الأسرة الوطنية لتعليم الكبار تم دمج هاتين اللائحتين في لائحة واحدة باسم اللائحة التنفيذية لنظام تعليم الكبار، وتم حذف المواد المكررة فيها أو التي لم تعد صالحة للتطبيق، وإضافة مواد جديدة تحتم الضرورة وجودها لتنظيم سير العمل في مدارس تعليم الكبار. أما العام الهجري 1416هـ فقد حمل معه جائزة المنظمة العربية للتربية والعلوم الثقافية التي استحقت المملكة العربية السعودية الحصول عليها لإنجازاتها المتميزة في مجال محو الأمية وتعليم الكبار، ونجاحها في خفض نسبة الأمية إلى نسبة 15% بين الرجال و35% بين النساء في ذلك العام. وفى 27/11/1420هـ صدر قرار وزير المعارف رقم 3936/34 بالموافقة على اللائحة التنظيمية الجديدة لتعليم الكبار والتي أحدثت نقلة نوعية في مجال تعليم الكبار تتوافق مع ما يشهده العالم من تطور وتقدم في هذا المجال[39].
ثالثا: مفهوم تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية وأهدافه توضح اللائحة التنفيذية لنظام تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية المقصود بالكبير بأنه: 1- من لديه مستوى تعليمي وثقافي لا يؤهله للحصول على وظيفته. 2- من تخرج من مراحل التعليم العام ويحتاج إلى الالتحاق ببرامج تعليمية أو تدريبية لتنمية ذاته في إطار حاجات المجتمع ومتطلبات التنمية، وعلى هذا فإن برامج تعليم الكبار هي البرامج التعليمية التي تصمم لتتناسب مع احتياجات المؤسسات الحكومية والأهلية، وتعمل على تحقيق احتياجات الدارسين الكبار على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. كما يقصد بالأمي- رجلا كان أو امرأة- كل من تجاوز عمره سن القبول بالمدارس الابتدائية ولم يلتحق بها ولا توجد لدية المهارات الأساسية للتعلم التي تمكنه من القراءة والكتابة. ولذا فإن المقصود بمحو الأمية الوصول بالمستهدفين إلى مستوى تعليمي وثقافي يمكنهم من إفادة أنفسهم ومجتمعهم عن طريق اكتساب المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، وتشتمل مدارس تعليم الكبار على مراحل ثلاث، وهي: مراكز محو الأمية ويقصد بها مدارس محو الأمية، والمدارس الليلية المتوسطة ثم مدارس الثانوية الليلية، وتتكامل أهداف هذه المراحل محققة التنمية الشاملة لجوانب شخصيات الدارسين الروحية والعقلية والاجتماعية حيث يهدف تعليم الكبار إلى تحقيق الأمور الأساسية التالية: 1- تعميق حب الله وتقواه في قلوب الدارسين وتزويدهم بما يحتاجون إليه في حياتهم من العلوم الدينية. 2- إتاحة الفرصة للذين أنهوا المرحلة الأساسية من محو الأمية لمواصلة التعليم في المراحل الأخرى. 3- توفير الفرص اللازمة لاستمرار الكبار في القراءة منعا لرجوعهم إلى الأمية وتوفير البيئة التعليمية الملائمة لذلك. 4- تنظيم برامج ثقافية للكبار تلبي احتياجاتهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. كما يهدف محو الأمية إلى تحقيق الأمور الأساسية التالية: 1- تنمية حب الله وتقواه في قلوب الدارسين وتزويدهم بالقدر الضروري من العلوم الدينية 2- إكساب الدارسين مهارات القراءة والكتابة والحساب. 3- تزويد الدارسين بالمعلومات والمهارات والاتجاهات التي تمكن الفرد من تطوير نفسه وأسرته، ومن المشاركة في النهوض بمجتمعه، ومن القيام بواجبات المواطن المستنير. وتهتم حكومة المملكة العربية السعودية باختيار أفضل العناصر للتدريس وتوفير المتميزين وذوي الخبرة للقيام بالتدريس في برامج تعليم الكبار، وتوضح اللائحة التنفيذية الشروط اللازم توافرها في معلم تعليم الكبار الذي يجب أن يكون من معلمي المرحلة الابتدائية، ويمارس التدريس فعليا، ومن غير معلمي التربية الفنية والتربية الرياضية ولا يقل تقديره في عمله النهاري عن جيد جدا، ويفضل من يكون لديه خبرة في مجال تعليم الكبار، كما يجب أن يكون المرشح للتدريس في المدارس الليلية المتوسطة والثانوية جامعيا ومتخصصا في المادة التي يرشح لتدريسها، كما تهتم الحكومة بتوفير الأخصائيين الثقافيين للعمل في مراكز التنمية والخدمة الاجتماعية، وتشترط أن يكون لديهم خبرة في مجال تعليم الكبار وأمضوا ثلاث سنوات في التعليم، وأن يكونوا جامعيين تربويين في أحد التخصصات التالية: دراسات إسلامية أو لغة عربية أو اجتماعيات. عهدت حكومة المملكة العربية السعودية إلى وزارة المعارف بمهمة التمثيل الرسمي للدولة فيما يخص محو الأمية وتعليم الكبار إذ يقع عليها العبء الأكبر في تشريع الأنظمة ومتابعتها، حيث توجد فيها اللجنة العليا لتعليم الكبار التي يرأسها وزير المعارف، ويتولى أمانتها الأمين العام لتعليم الكبار، ويشارك فيها أعضاء من القطاعات المعنية، وهي الحرس الوطني ووزارة الدفاع والرئاسة العامة لتعليم البنات ووزارة العمل والشئون الاجتماعية ووزارة الإعلام، وتتولى اللجنة العليا لتعليم الكبار بوزارة المعارف دراسة واقع الأمية في المملكة، ورسم الخطط والإستراتيجيات للنهوض بهذا المجال وتطويره ليواكب ما يشهده العالم من تطور[40]. لقد أدركت حكومة المملكة العربية السعودية ما أدركته جميع البلدان المتقدمة والنامية من أن نجاح برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية يرتبط ارتباطا وثيقا بنجاح برامج التنمية البشرية فيها، ويتوقف إلى حد كبير على مدى وعي المواطنين بضرورة مسايرة التطور والتغير المصاحب لبرامج التنمية عن طريق رفع مستوياتهم الثقافية والاجتماعية، والعمل على رفع مستوى الأداء الفني لديهم وإكسابهم المهارات المختلفة؛ لذلك اهتمت حكومة المملكة بالعمل على توعية المواطنين وحثهم على الإقبال على البرامج التعليمية المختلفة، ومنها برامج تعليم الكبار التي توفرها المملكة وتنشرها في أرجائها مصحوبة بكل أنواع الرعاية الصحية والاجتماعية والبيئية، وتهتم بصفة خاصة بحث المتأخرين عن التعليم على الإقبال على برامج محو الأمية حتى لا تمثل الأمية مشكلة تعوق التقدم الحضاري. وبالفعل تحقق للملكة ما كانت تصبو إليه وحققت إنجازات عظيمة في مجال محو الأمية بفضل رعاية وتوجيهات جلالة الملك خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبد العزيز وبفضل جهود رجاله المخلصين.
رابعا: برامج تعليم الكبار في المملكة والملتحقون بها تشعبت برامج تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية وتنوعت لتتناسب وطبيعة المجتمع السعودي وطموحاته وحاجات مواطنيه؛ حتى يتم تطوير وتنمية كل شريحة من شرائح المجتمع، ليتسنى للجميع المشاركة الفعالة في الارتفاع بمستوى معيشتهم، ودفع عجلة التنمية والتقدم في مجتمعهم. ولقد تعددت المراكز المنفذة لهذه البرامج بشكل يصعب معه حصرها، إلا أنه من الممكن تناول أبرزها فيما يلي: 1- مراكز محو الأميةيقصد بها مدارس محو الأمية، وهي مراكز ليلية مجانية ليلتحق بها كبار السن من النساء والرجال ومن المواطنين والوافدين؛ لكي يتزودوا بمهارات القراءة والكتابة والحساب والعلوم، ومدة الدراسة بهذه البرامج أربع سنوات مقسمة إلى مرحلتين، مدة كل مرحلة سنتان، وهما: مرحلة المكافحة ومرحلة المتابعة، وبعد اجتياز هاتين المرحلتين يمنح الطالب شهادة إتمام برامج محو الأمية التي تعادل شهادة المرحلة الابتدائية، ويمنح كل متخرج مكافأة مالية قدرها 500 ريال سعودي،وتتاح له الفرصة بعد ذلك لاستكمال تعليمه في المرحلتين المتوسطة والثانوية بالمدارس الليلية. وتشارك في إقامة هذه المراكز ومتابعتها جهات عديدة كوزارة المعارف ووزارة الدفاع والطيران والحرس الوطني ووزارة الداخلية والأمن العام وكذلك التعليم الأهلي وغيرها من المؤسسات[41].
2- برنامج الحملات الصيفية يعتمد هذا البرنامج على الجهود الجماعية لفرق عمل تتكون من ذوي الخبرة والكفاءة في المجالات التربوية والدينية والاجتماعية والصحية والهندسية حيث تنتقل هذه الحملات إلى مراكز تجمع البدو المنتشرة في أرجاء المملكة المترامية الأطراف؛ حتى يتيسر لكبار السن من قاطني المناطق الريفية والبدوية الاستفادة من برامج محو الأمية والحصول على قدر من التوعية والتثقيف في مختلف المجالات الدينية والتربوية والصحية، ورفع مستوى كفاءتهم الإنتاجية في الزراعة والرعي للارتفاع بمستوى معيشتهم والمساهمة في التنمية الاقتصادية للوطن، ولقد تم تنفيذ حوإلى 68حملة من هذا النوع حتى عام 1415هـ، ازداد عددها إلى ما يزيد عن80 حملة عام 1420هـ استفاد منها ما يزيد عن126500 نسمة. وتشارك في تنفيذ هذه الحملات الصيفية وزارة المعارف التي تقوم بإجراء الدراسات المسحية، واختيار المواقع والإعداد لها، ورصد المبالغ الكمالية اللازمة، وتكليف المعلمين والمشرفين الاجتماعين والأطباء البشريين والبيطريين والمهندسين الزراعيين ورجال الدين وغيرهم، ومتابعة سير عمل هذه الحملات ودراسة مشكلاتها والتغلب عليها، وذلك بالمشاركة مع وزارة الزراعة والمياه، ووزارة الصحة، ووزارة العمل والشئون الاجتماعية، ووزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة الإعلام، وجمعية الكشافة العربية السعودية[42]. 3- مراكز التنمية الاجتماعية وهي مراكز تعمل على تنمية المجتمعات المحلية وخاصة الريفية، ولقد صممت هذه المراكز بشكل يمكنها من خدمة 540.000 نسمة، مما جعل هذه المراكز تمتد بخدماتها إلى نسبة كبيرة من سكان المملكة، ويشتمل الجزء الأكبر من خدمات هذه المراكز على برامج تنموية تتمثل في برامج محو الأمية، وتدريب معلمي الكبار، وتدريب المزارعين، وبرامج التوعية الأسرية، وبرامج التثقيف الاجتماعي والاقتصادي، وتعليم اللغة الإنجليزية، والتدريب على الآلة الكاتبة. وتعتبر وزارة العمل والشئون الاجتماعية بهذا من المؤسسات الرئيسة المشاركة في جهود محو الأمية بالتنسيق مع كل من وزارة المعارف والصحة والزراعة[43]. 4- برامج التنمية الدينية والروحية تعددت المؤسسات المنفذة لبرامج التنمية الدينية والروحية بالمملكة العربية السعودية، فإلى جانب الدراسات الدينية التي تحتويها برامج تعليم الكبار والمدارس المتوسطة والثانوية الليلية توجد البرامج الدينية التي تبث عبر التلفاز ووسائل الإعلام المختلفة. إلا أن المساجد، وهي المؤسسة التربوية الأولى في الإسلام، لا تزال تؤدي دورها ووظيفتها التربوية والاجتماعية، إلى جانب دورها في تنمية الجانب الروحي والديني لدى الأفراد، وذلك من خلال ما تقوم به المساجد من تنفيذ برامج محو الأمية وتحفيظ القرآن الكريم وما يعقد فيها من الحلقات الدينية والندوات الفكرية ومناقشة القضايا الاجتماعية. وتلقى المساجد الدعم والمساندة من مؤسسات عديدة تتولى نشر وتوزيع الكتب الدينية، وإقامة المؤتمرات العامة وعقد الندوات وإلقاء المحاضرات. ومن أهم هذه المؤسسات دار الدعوة للإفتاء والإرشاد، ومؤسسة الملك فيصل الخيرية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وبعض المكتبات التجارية المتخصصة في الكتب الدينية[44].
5- برامج خدمة المجتمع والتعليم المستمر في جامعات المملكة بلغ عدد الجامعات التي تم إنشاؤها في المملكة ثماني جامعات هي: جامعة أم القرى، الجامعة الإسلامية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبد العزيز، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، جامعة الملك فيصل، جامعة الملك خالد. ولقد تبنت معظم جامعات المملكة هذا الاتجاه التربوي الحضاري، شأنها في ذلك شأن الجامعات في الوطن العربي وفي الدول المتقدمة، إذ تحظى برامج خدمة المجتمع والتعليم المستمر بعناية كبيرة من قبل الجامعات ومؤسسات التعليم العالي حيث تقوم بإنشاء مراكز لهذا الغرض. وتعتبر جامعة الملك سعود أول جامعة تقوم بإنشاء مركز من هذا النوع في عام 1402هـ إيمانا منها ومن جامعات المملكة التي حذت حذوها بضرورة توثيق العلاقات بين الجامعة والمجتمع بتهيئة الظروف العلمية التي تساعد المواطن على مواكبة التطور العلمي دون أن يحول بينه وبين ذلك عامل السن، وبوضع سياسة علمية لتلبية احتياجات المجتمع وبث الوعي العلمي والثقافي والاجتماعي بين المواطنين. ومن أمثلة هذه البرامج المتقدمة البرنامج الذي يقدمه مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والذي يوضحه الجدول التالي[45]:
6- معهد الإدارة العامة تهدف البرامج الدراسية في هذا المعهد إلى تنمية القوي البشرية العاملة في الميادين الإدارية عن طريق التدريب بشقيه قبل الخدمة وأثناء الخدمة، من خلال تنفيذ مجموعة كبيرة من البرامج والدورات التدريبية التي تعمل على رفع كفاية موظفي الدولة، وإعدادهم علميا وعمليا لتحمل مسؤولياتهم وممارسة صلاحياتهم، على نحو يكفل الارتفاع بمستوى الإدارة، ويدعم قواعد تنمية الاقتصاد الوطني. ومن أهم البرامج والدورات التدريبية التي يقدمها هذا المعهد برامج الإدارة العامة (المتقدمة والمتوسطة والأساسية والمحلية)، والبرامج المالية والمحاسبية، وبرامج الحاسب الآلي والأعمال المكتبية وشئون الموظفين، وبرامج العلاقات العامة، وبرامج الإدارة الهندسية والمشاريع وبرامج الإحصاء وغير ذلك. ويحق لكل القطاعات الحكومية أن ترشح موظفيها للمشاركة في أي برنامج يتناسب مع طبيعة عملها. وقد تقدم للالتحاق بهذا المعهد أعداد كبيرة منذ إنشائه عام 1380هـ الموافق 1960م، حتى بلغ جملة من قام المعهد بتدريبهم خلال عام 1415هـ نحو 11.094 متدرب[46].
تعليم الكبار بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية تم تناول تعليم الكبار من جوانب عديدة: نشأته، ومفهومه، وأهدافه، وبرامجه والملتحقون به في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية خلال الفصلين السابقين، كما تم استعراض بعض العوامل الثقافية ذات العلاقة بتعليم الكبار في الدولتين كلتيهما، ومن خلال مقارنة تلك الجوانب السابق برزت نقاط مهمة يمكن توضيحها فيما يلي:
أولا: من حيث القوى الثقافية من الممكن إبراز مواطن المقارنة بين الدولتين من حيث القوى الثقافية بشكل واضح من خلال الجدول التالي الذي يعتمد على أحدث الإحصاءات عام 1422هـ الموافق 2001م:
ومن خلال الجدول المقارن السابق يتضح ما يلي: 1- تمثل مساحة الدولة في المملكة العربية السعودية ما يقرب من خمس مساحة الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية. 2- يمثل عدد السكان بالمملكة العربية السعودية ما يقرب من 12/1من عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية. 3- يرتفع معدل زيادة السكان في المملكة العربية السعودية عنه في الولايات المتحدة الأمريكية بما يزيد عن ثلاثة أضعافه ونصف. 4- ترتفع نسبة عدد السكان من فئة المرحلــة العمريــة الأولى من صفر: 14 سنة في المملكة العربية السعودية بما يزيد عن ضعف نسبته في الولايات المتحدة الأمريكية. 5- تقل نسبة عدد السكان من فئة المرحلة العمرية الثانية من 15: 64 سنة في المملكة العربية السعودية عنها في الولايات المتحدة الأمريكية بحوالي 12%. 6- كما تقل نسبـــة عدد الســكان من فئة المرحلة العمريــة الثالثة من 65 سنة فما فوق في المملكة العربية السعودية عنها في الولايات المتحــدة الأمريكية بحـــوالي 10%. 7- ومن الملاحظ أيضا أن نسبة المتعلمين فوق 15 سنة من إجمالي السكان في المملكة العربية السعودية تقل بدرجة واضحة فتصل إلى 35% عن نسبتها في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المتوقع أن ترتفع نسبة عدد المتعلمين فوق 15 سنة في المملكة العربية السعودية إذا استمرت سرعة الإنجاز بنفس المستوى الذي بلغته، ومن المؤكد أنها سوف تتزايد عن ذلك بفضل الله وبفضل توجيهات ورعاية جلالة الملك فهد عبد العزيز وجهود رجاله المخلصين.
ثانيا: من حيث نشأة تعليم الكبار بدأت الولايات المتحدة الأمريكية الاهتمام بتعليم الكبار مبكرا، إذ بدأت خطواتها الأولى في هذا المجال في النصف الأول من القرن الثامن عشر، بما كانت الكنيسة تقدمه من دراسات دينية وبعض التدريبات المهنية البسيطة. بينما كانت بداية ظهور تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية في صورة الجهود الفردية والأعمال الخيرية المرتبطة بتعليم القراءة والكتابة فيما قبل العام الهجري 1369هـ، أي ما يوافق النصف الأول من القرن العشرين الميلادي. وبالرغم من هذا الفارق الزمني الكبير بين البدايتين فإن المملكة العربية السعودية قد خطت في مجال تعليم الكبار خطوات سريعة حتى أنها مع نهاية القرن الحادي والعشرين كانت تقف بمحاذاة الولايات المتحدة الأمريكية من حيث مستوى الإنجاز والبرامج المقدمة في هذا المجال. إذ توضح الإحصاءات[47] أن عدد مراكز محو الأمية في المملكة كان عام 1411هـ 1,210 مركز يدرس فيها 47,945 دارسا، وبمرور الوقت أخذ عدد الدارسين في هذه المراكز في التناقص التدريجي، وتراجعت معه أعداد المراكز نفسها حتى بلغت نسبة هذا التناقص عام 1420هـ 51,76% من أعداد الدارسين و11,62% من أعداد المراكز، إذ بلغ عدد المراكز عام 1420هـ 1,075 مركزا فقط يدرس بها 31,591 دارسا. ويظهر هذا التناقص واضحا في الرسم البياني رقم (1)، و(2).
رسم بياني رقم (1). أعداد الدارسين بمراكز تعليم الكبار.
رسم بياني رقم (2). أعداد مراكز تعليم الكبار.
ويدل تناقص أعداد هذه المراكز والدارسين فيها على نجاحها في تنفيذ الخطط المرسومــة لها وتحقيق الأهــداف المرجـــوة منها، إذ نتج عن هذه الجهود المبذولة انخفاض معدلات الأميين بالمملكــة وتناقص أعدادهم بشكل كبير، فبعد أن كانت نسبة الأميين عام 1392هـ 75% من إجمالي السكان، وكانت هذه النسبة بين الذكور 60% وبين الإناث 90%، أخذ هذا المعدل في الانخفاض حتى بلغت نسبة الأميين 18,65% وكانت هذه النسبة بين الذكور 8,77% وبين الإناث 58,53%. والرسم البياني رقم (3) يوضح معدلات هذا الانخفاض في نسبة الأميين بالمملكة العربية السعودية.
رسم بياني رقم (3). معدلات الانخفاض في نسبة الأميين.
من الملاحظ أن انخفاض نسبة الأمية بين الرجال ظهر بدرجة أكبر بكثير منه بين الإناث، وربما يرجع هذا إلى ما تفرضه العادات والتقاليد على النساء خاصة كبيرات السن من قيود وعدم عقدهن العزم على خوض هذا المجال. أما نسبة الأمية الباقية بين الرجال فهي تعد نسبــة ضئيلة جدا، إذا ما عللت بما تتصــف به المملكة العربية السعودية من طبيعة خاصة تتسم باتساع أرجائها وتنوع تضاريسها تبعا لذلك وصعوبة اللحاق بالبدو الرحل المتنقلين عبر الوديان في دولة بلغت مساحتها 2 مليون متر مربع تقريبا. من جانب آخر فقد ازدادت أعداد الملتحقين من الذكور بالمدارس الليلية المتوسطة التابعة لوزارة المعارف، فبعد أن كان عدد هذه المدارس عام 1411هـ 126 مدرسة تضم 477 فصلا يدرس بها 16,314 دارسا، ازدادت أعداد الملتحقين بهذه المدارس بنسبة 74,22% حيث بلغوا 28,423 دارسا، وازدادت المدارس لاستيعاب هذه الزيادة في الدارسين بنسبة 37,3% حيث بلغت 173 مدرسة تضم 661 فصلا.كما ازدادت أعداد الملتحقين من الذكور بالمدارس الليلية الثانوية التابعة لوزارة المعارف، فبعد أن كان عدد هذه المدارس عام 1411هـ 69 مدرسة يدرس بها 8,280 دارسا، ازدادت أعداد الملتحقين بهذه المدارس بنسبة 205,4% حيث بلغوا 25,285 دارسا، وازدادت المدارس لاستيعاب هذه الزيادة في الدارسين بنسبة 60,86% حيث بلغت 111 مدرسة. وإلى جانب هذا التوسع الرأسي في أعداد المدارس كان هناك توسع أفقي تمثل في زيادة أعداد الفصول بالمدارس، نفسها وتدل الإحصائيات على أن الفصول المفتوحة بالمدارس كان عددها في 1411هـ 231 فصلا ازداد هذا العدد بنسبة 105% حيث بلغ عددها 474 فصلا عام 1420هـ[48]*. والرسم البياني رقم (4)، (5) يوضح ازدياد أعداد المدارس المتوسطة والثانوية الليلية، وازدياد أعداد الملتحقين بها.
رسم بياني رقم (4). أعداد المدارس الليلية
رسم بياني رقم (5). أعداد الدارسين بالمدارس الليلية * جميع الإحصاءات الواردة مصدرها شبكة الإنترنت. أما حساب النسب المئوية وتصميم التخطيطات البيانية فبمعرفة الباحثة.
ومما سبق يتضح تناقص أعداد مراكز محو الأمية وتعليم الكبار (كما بين الرسم البياني رقم "1") بناء على تناقص أعداد الدارسين بها (كما بين الرسم البياني رقم "2") وفي هذا دليل على تراجع نسبة الأمية في المملكة العربية السعودية (كما بين الرسم البياني رقم "3"). وفي المقابل ازدادت أعداد المدارس المتوسطة والثانوية الليلية (كما بين الرسم البياني رقم "4") بناء على ازدياد أعداد الدارسين بها (كما بين الرسم البياني رقم "5"). مما يدل على تخلص الدارسين من الأمية وانتقالهم من مراكز تعليم الكبار؛ لاستكمال تعليمهم في مدارس المرحلتين المتوسطة والثانوية الليلية. وعلى نفس الصعيد ظهرت الإنجازات العظيمة بصورة واضحة في مجال تعليم الكبيرات حيث ازدادت أعداد مدارس محو الأمية وتعليم الكبيرات التابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات حتى بلغت عام 1420هـ 2182 مدرسة تضم 7740 فصلا التحقت بها 52461 دارسة سعودية، و20434 دارسة غير سعودية وبلغ إجمالي الدارسات بمراكز تعليم الكبيرات 72895 دارسة، كما ازدادت أعداد المدارس المتوسطة الليلية التابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات حتى بلغت عام 1420 هـ 24 مدرسة تضم 43 فصلا التحقت بها 974 دارسة سعودية و104 دارسة غير سعودية وبلغ إجمالي عدد الدارسات بالمرحلة المتوسطة الليلية 1078 دارسة. هناك قطاعات أخرى بالإضافة إلى الرئاسة العامة لتعليم البنات تشارك في إنشاء مدارس لتعليم الكبيرات مثل: وزارة الدفاع والطيران التي بلغ عدد ما أنشأته من مدارس لتعليم الكبيرات عام 1420هـ 12 مدرسة تضم 52 فصلا التحقت بها 702 دارسة سعودية و6 غير سعوديات.ورئاسة الحرس الوطني التي بلغ عدد ما أنشأته من مدارس لتعليم الكبيرات عام 1420هـ10 مدارس تضم 44 فصلا التحقت بها 678 دارسة سعودية فقط[49]. إن ما تنطق به هذه الزيادات الواضحة في أعداد المدارس المتوسطة والثانوية ومراكز تعليم الكبار هو الدليل المؤكد لما اتصفت به السياسة الرشيدة لجلالة الملك فهد بن عبد العزيز من سرعة الإنجاز وقوة التصميم على التقدم وتعويض المملكة ما فاتها في السنوات الماضية، وهو في نفس الوقت التنفيذ الفعلي والتطبيق العملي لمبادئ العدل والمساواة التي دعت إليها الشريعة الإسلامية.
ثالثا: من حيث فلسفة تعليم الكبار وأهدافه جاء في أهداف محو الأمية في المملكة العربية السعودية "تزويد الدارسين بالمعلومات والاتجاهات التي تمكن الفرد من تطوير نفسه وأسرته، ومن المشاركة في النهوض بمجتمعه، ومن القيام بواجبات المواطن المستنير"[50]. كما جاء في أهداف تعليم الكبار بالمملكة "تنمية قدرات الكبار وخبراتهم بالقدر الذي يساعدهم على رفع مستواهم الاجتماعي والاقتصادي ويتيح لهم المشاركة الفعالة في تنمية مجتمعهم وتقدمه، وذلك في إطار فلسفة التعليم المستمر"[51]. مما يبرز إمكانية تحديد الكبير في ضوء الدور الاجتماعي الذي يقوم به في المجتمع، ودخوله مرحلة من الحياة يتحمل فيها مسئوليات متنوعة تجاه نفسه وغالبا تجاه الآخرين، ويصاحب ذلك قيامه بدور إنتاجي في المجتمع، ومشاركته في تنمية مجتمعه وتقدمه. من هذا المنظور يظهر الفرق بين أهداف تعليم الكبار والفلسفة التي تنبثق منها هذه الأهداف في كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، فعلى حين ترتكز أهداف تعليم الكبار في المملكة على قاعدتين أساسيتين هما الفرد والمجتمع فإن أهدافه في الولايات المتحدة الأمريكية تنطلق من المستوي الفردي فقط، فهي تؤكد أن الهدف من تعليم الكبار هو مساعدتهم على اكتساب المهارات الأساسية وتوظيفها في الحياة العملية، ومساعدة الدارس على فهم نفسه واكتشاف مواهبه، وتحقيق قدر من السعادة بتوفير الظروف والفرص التي تساعده على إحراز التقدم من خلال بلوغه النضج الثقافي والمهني، وبهذا تظهر فلسفة تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية برجماتية عملية تتناسى الغاية الاجتماعية منه، وتنظر إليه من منظور الفرص المتاحة للتحسين الفردي لأحوال الكبار، ووصولهم إلى مرحلة النضج ثقافيا ومهنيا، وبلوغهم بهذا درجة من السعادة. تنبثق فلسفة تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية- شأنها شأن فلسفة التعليم العام- من الشريعة الإسلامية التي تتجه نحو إصلاح الفرد وتخليصه من براثن الجهل، بالارتفاع بمستواه العلمي ليكون على الدرجة التي وعد الله بها في قوله تعالى: ]يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات[، (المجادلة، 11)، وفي قوله تعالى: ]قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون[، (الزمر، 9). كما تتجه من ناحية ثانية نحو صلاح المجتمع بتهيئة الأفراد وإعدادهم للعمل لنفع مجتمعهم وتحض على العمل واحترامه وإتقانه، قال تعالى: ]ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون[، (الأحقاف، 19)، فالمسلم إلى جانب عمله في الدنيا من أجل الآخرة مطالب أيضا بالعمل في الدنيا من أجل الآخرين، فعن مسلم بن يسار أن رفقة من الأشعريين كانوا في سفر، فلما قدموا قالوا: "يا رسول الله، ليس أحد- بعد رسول الله- أفضل من فلان…، يصوم النهار فإذا نزلنا قام يصلي حتى نرتحل، قال- صلى الله عليه وسلم: من كان يمن له أو يكفيه أو يعمل له؟ قالوا: نحن، فقال صلى الله عليه وسلم: كلكم أفضل منه". حديث صحيح. كما يمكن القول بأن اتجاه تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية هو الاتجاه التوفيقي إذ من خلاله يمكن لتعليم الكبار أن يحقق التنمية لشخصية الفرد ورفع قدراته وإمكاناته إلى أقصى حد ممكن، ثم يصبح هذا الفرد بصورته الجديدة قادرا على المساهمة الفعالة في تنمية المجتمع، سواء أكانت تنمية اجتماعية من خلال اكتساب قيم واتجاهات وعادات وسلوكيات صحيحة، أو كانت تنمية اقتصادية من خلال زيادة مهارته وكفاءته فيزيد إنتاجه ومن ثم إنتاجية المجتمع.
رابعا: من حيث برامج تعليم الكبار والملتحقون بها أظهرت نتائج الإحصاءات أعداد الملتحقين بتعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية لتصل نسبتها في عام 1999م إلى 46% من مجموع السكان، ورأى المركز الوطني للإحصاء التعليمي (NHES) أنه لتوضيح أبعاد هذه الظاهرة كان من المفيد عقد مقارنة بين أعداد المشاركين في تعليم الكبار خلال الأعوام 1991م، و1995م، و1999م وبين أعداد الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي في نفس الفترة الزمنية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية قدر أن 58 مليون فرد من الكبار انضموا عام 1991م إلى برامج تعليم الكبار، واستمر هذا العدد في الزيادة فبلغ عام 1995م عدد 78 مليون فرد بالغ، ووصل عام 1999م إلى 90 مليون بالغ. على حين بلغ عدد الملتحقين عام 1991م بمؤسسات التعليم العالي 14 مليونا، وظل هذا العدد ثابتا عام 1995م، ثم ازداد ليصل إلى 15 مليون فرد في عام 1999م. وبالمقارنة بين هذه الأعداد اتضح ما يلي: 1- أن عدد المشتركين في تعليم الكبار عام 1991م (58 مليونا) زاد عن عدد الملتحقين بالتعليم العالي في نفس العام (14 مليونا) بـ 4 مرات. 2- أن عدد المشتركين في تعليم الكبار عام 1995م(78 مليونا) زاد عن عدد الملتحقين بالتعليم العالي في نفس العام (14 مليون) بـ 5 مرات. 3- أن عدد المشتركين في تعليم الكبار عام 1999م (90 مليونا) زاد عن عدد الملتحقين بالتعليم العالي في نفس العام (15 مليون) بـ 6 مرات. 4- الأكثر من هذا أن الزيادة في عدد المشاركين في تعليم الكبار خلال هذه الفترة الزمنية 1991-1999م (32 مليونا) تزيد عن ضعف عدد كل الملتحقين بالتعليم العالي (15 مليونا) في نفس الفترة الزمنية. والرسم البياني رقم (6) يبرز هذا التفاوت بين أعداد كل من الملتحقين بتعليم الكبار والملتحقين بالتعليم العالي.
رسم بياني رقم (6). أعداد الملتحقين بالتعليم العالي وتعليم الكبار
وبهذا يتضح أن الزيادة في أعداد الملتحقين بتعليم الكبار قد ارتفعت بنسبة 46% عام 1999م، وكانت في عام 1995م بنسبة 40% وفي عام 1991م بنسبة 32%، على الجانب الآخر فإن زيادة أعداد الملتحقين بالتعليم العالي بقيت ثابتة نسبيا من 7,6% إلى 9,7%[52]. وبعقد نفس هذه المقارنة بين أعداد الملتحقين بكل من التعليم العالي وتعليم الكبار في المملكة العربية السعودية فقد أظهرت نتائج الإحصاءات الزيادة المستمرة في أعداد الملتحقين والملتحقات بتعليم الكبار والمدارس المتوسطة والثانوية الليلية حتى بلغت عام 1420هـ الموافق 1999م 190,397 دارسا منهم 115,038 من الذكور و75,359 من الإناث. وهذا التزايد في الأعداد يبرزه الجدولان التاليان.
جدول يوضح أعداد الملتحقين من الذكور بالتعليم الليلي عام 1420هـ[53].
جدول يوضح أعداد الملتحقات من الإناث بالتعليم الليلي عام 1420هـ [54].
كما أظهرت نتائج الإحصاءات أعداد الملتحقين من الذكور والإناث بالتعليم العالي والتي بلغت 347,899 دارس كما يوضح الجدول التالي: جدول بأعداد المقيدين بالتعليم العالي عام 1420هـ [55].
وبمقارنة هذه الأعداد ببعضها يتضح لنا تزايد أعداد الملتحقين بالتعليم العالي في المملكة العربية السعودية عن أعداد الملتحقين بتعليم الكبار بنسبة 82,7%، ويمكننا أن نستخلص ما يلي: أولا: في عام 1999م بلغ عدد المشتركين في تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية 90 مليون نسمة بزيادة نسبتها 500% عن عدد الملتحقين بالتعليم العالي في نفس العام وهو 15 مليون نسمة. وفي عام 1420هـ (وهو الموافق للعام 1999م الميلادي) بلغ عدد الملتحقين بالتعليم العالي بالمملكة العربية السعودية ما يقرب من 347899 دارس بزيادة نسبتها 82,7% عن عدد الملتحقين بتعليم الكبار في نفس العام وهو ما يقرب من 190397 دارسا. ثانيا: أبرز هذا الجدول حقيقة ظاهرة، وهي زيادة أعداد الإناث الملتحقات بالتعليم العالي عن أعداد الذكور بهذه المرحلة، مما يعتبر مؤشرا على ما تتمتع به المرأة المسلمة في المملكة العربية السعودية من التكريم، وإعطائها الحق في التعليم حتى أعلى مستوياته، فقد بلغت مراحل الدراسات العليا في الدبلوم والماجستير والدكتوراه، مما يدعو إلى الفخر والاعتزاز. وفي محاولة لتحليل نتائج تلك المقارنة يتضح ما يلي: 1- أن زيادة أعداد الملتحقين بتعليم الكبار عن أعداد الملتحقين بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأمريكية بهذه النسبة الضخمة إنما يدل على ضعف الإقبال على التعليم العالي والاكتفاء بالالتحاق ببرامج تعليم الكبار، وربما يرجع ذلك إلى ارتفاع رسوم الالتحاق بالجامعات ومعاهد التعليم العالي وصعوبة التسجيل فيها. 2- أن زيادة أعداد الملتحقين بالتعليم العالي عن أعداد الملتحقين بتعليم الكبار في المملكة العربية السعودية بهذه النسبة المعتدلة يمثل ظاهرة طبيعية، وهي نتيجة حتمية لما تبذله حكومة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد بن عبد العزيز من جهود لتشجيع أبنائها على الارتفاع بمستواهم العلمي والالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا العديدة التي أنشأتها المملكة وفتحت أبوابها أمام الجميع، وخاصة أن حكومة المملكة قد وفرت فرصة التعليم المجاني بها، ولم تكتف بهذا بل انفردت بميزة صرف مكافآت تشجيعية مالية لجميع أبنائها من الدارسين والدارسات بجميع المراحل التعليمية لتعينهم على المصروفات الدراسية، وتحمل عن أولياء أمورهم هذا العبء المادي. 3- أن أعداد الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية كما بينتها أحدث الإحصاءات قد بلغت نسبة 79% من إجمالي عدد السكان بها، بينما الصغار من صفر: 14 سنة يمثلون نسبة 21% فقط من إجمالي السكان، ويرجع ذلك إلى ما تدعو إليه سياسة تحديد النسل التي تنتهجها بعض الدول. 4- على حين تضع حكومة المملكة آمالا عريضة في خلق أجيال قادمة مستنيرة قادرة على تحقيق التقدم المستمر لوطنها مقبلة على العلوم الحديثة ومتدربة على التكنولوجيا المتطورة إذ تمثل أعداد الصغار من 14:1 سنة نسبة 43% من إجمالي السكان بينما يمثل الكبار من 15 فما فوق نسبة 57%. ويرجع هذا إلى تمسك حكومة المملكة العربية السعودية بالشريعة الإسلامية التي تحرم منع النسل، بل هي ماضية في حث أبنائها على زيادة النسل عملا بقوله- صلى الله عليه وسلم- "… إني مكاثر بكم الأمم"، رواه أبو داود والنسائي والحاكم. أما من حيث البرامج المقدمة فإن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم للكبار ستة أنواع من البرامج سبق توضيح محتواها، وهي: 1- اللغة الإنجليزية كلغة ثانية (ESL). 2- التربية الأساسية للكبار (ABE). 3- برامج اعتمادية Credential Programs. 4- برامج التدريب على حرفة Apprenticeship. 5- دورات مرتبطة بالعمل Work-related Courses. 6- دورات تنمية شخصية Personal Development Courses. ومن حيث البرامج المقدمة في المملكة للكبار فهي ستة أنواع أيضا سبق تناول محتواها، وهي: 1- مراكز محو الأمية. 2- برنامج الحملات الصيفية. 3- مراكز التنمية الاجتماعية. 4- برامج التنمية الدينية والروحية. 5- برامج خدمة المجتمع والتعليم المستمر في جامعات المملكة. 6- برامج الإدارة العامة. والمتأمل لهذه الأنواع لا يجد فرقا بينها من حيث العدد ولا من حيث محتوى البرامج إلا فيما اختلف ليتناسب وطبيعة المجتمع كما في برامج التنمية الدينية والروحية فهذه اختصت بها المملكة العربية السعودية وهي الدولة الحريصة على تأصيل وتطبيق الشريعة الإسلامية وأصول الدين الإسلامي، كما تميزت البرامج في المملكة العربية السعودية بالتوفيق بين الوفاء بالمتطلبات الذاتية للأفراد ومتطلبات التنمية في المجتمع، وهي في هذا تنطلق من منظور إسلامي صحيح.
الخلاصةلقد بذلت حكومة المملكة العربية السعودية في عهد جلالة الملك فهد بن عبد العزيز وبفضل رعايته العظيمة وتوجيهاته السديدة، وما زالت تبذل جهودا عظيمة للنهوض بتعليم الكبار، وتوفير فرصة التعليم والاستمرار فيه لكل من فاتتهم هذه الفرصة أو تأخروا عنها، ولا تألوا حكومة المملكة جهدا في نشر مراكز تعليم الكبار في كل أنحاء المملكة. ومما انفردت به المملكة في مجال تعليم الكبار في عهد خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد بن عبد العزيز ما يلي: 1- أصبح المواطن السعودي بفضل سياسة جلالته الحكيمة محط الأنظار وموطن الإشادة بارتفاع مستواه العلمي، واستيعابه لكل مستحدثات العصر من التكنولوجيا النافعة والتقنيات الحديثة المتوافرة بجميع مراحل التعليم الرسمية وغير الرسمية. 2- أثمرت توجيهات ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وجهود رجاله المخلصين تراجع نسبة الأمية في المملكة بدرجة كبيرة خلال الأعوام التي تولى جلالته مقاليد الحكم فيها، حيث كان، قبل تولي جلالته الحكم، 75% من عدد السكان من الأميين، أخذت هذه النسبة في الانخفاض السريع حتى بلغت بعد مرور عشرين عاما على تولي جلالته الحكم 18% من عدد السكان وبين الذكور 8% فقط. 3- تفضل جلالته بتخصيص جانب عظيم من ميزانية الدولة للإنفاق على افتتاح مراكز تعليم الكبار وتجهيزها بكل ما يلزم، وصرف المكافآت المالية والتشجيعية لكل الملتحقين بها لنشر العلم ورفع مستوى المواطنين ثقافيا واجتماعيا. 4- امتدت مظلة العطاء السخي والجود والكرم التي نشرها جلالته على أبناء المملكة جميعا لتفتح أمامهم أبواب العلم والمعرفة على مصراعيها لتتسع للجميع رجالا ونساء، شيوخا وأطفالا، حضرا وبدوا، مدنيين وعسكريين، دون تمييز لفئة دون أخرى ودون تقصير في حق فئة على حساب الأخرى. 5- تطبيق الشريعة الإسلامية في رسم الأهداف التعليمية لبرامج تعليم الكبار والتي تحث الإنسان على العمل من أجل صلاح أمره ونفع الآخرين. 6- تطبيق الشريعة الإسلامية في تحقيق المساواة في إتاحة الفرص للتعليم ومحو الأمية لجميع سكان المملكة، حتى البدو المنتشرون في الأرجاء الشاسعة بالمملكة تتعقبهم قوافل الحملات الصيفية حاملة معها العلم والوعي والتثقيف الشامل. 7- تطبيق الشريعة الإسلامية في إتاحة فرصة الالتحاق ببرامج تعليم الكبار لجميع سكان المملكة دون تمييز بين مواطنيها السعوديين وبين الوافدين من العرب والمسلمين، وتوضح الإحصاءات السابقة الأعداد الكبيرة من غير السعوديين الملتحقين ببرامج تعليم الكبار. 8- موافقة جلالته على قرار وزير المعارف بتقليص العدد الذي يفتح به مركز محو الأمية من عشرة أميين إلى خمسة أميين للوصول إلى الأميين المتفرقين في أماكن متباعدة على شكل جيوب صغيرة؛ تطلعا للقضاء التام على الأمية في كل أنحاء المملكة العربية السعودية.
المراجع [1] على الشخيبي. تعليم الكبار وتحقيق الذات-دراسة في فلسفة تعليم الكبار. دراسات تربوية، رابطة التربية الحديثة، المجلد السابع، الجزء (40)، القاهرة، 1993م. ص59. [2] عبد الرحمن بن سعد الحميدي. مدخل إلى علم تعليم الكبار. ط1، الرياض: مطابع الفرزدق التجارية، 1412هـ. ص5. [3] المرجع السابق، ص7. [4] على الشخيبي. تعليم الكبار وتحقيق الذات- دراسة في فلسفة تعليم الكبار. مرجع سابق، ص60-61. [5] المركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي. تنمية تعليم الكبار- آراء. سرس الليان، جمهورية مصر العربية، السنة السابعة، العددان الأول والثاني، مارس 1977م. ص 109. [6] المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار. مؤتمر الإسكندرية، تونس، 1984م. ص 10. [7] عبد الفتاح جلال وآخرون. استراتيجية مقترحة لمحو الأمية في الوطن العربي. سرس الليان، جمهورية مصر العربية، المركز الدولي للتعليم الوظيفي، 1976م. ص295. [8] إبراهيم محمد الخنكاوي. تعليم الكبار ومشكلات العصر- دراسات وقضايا. دار الأندلس للنشر والتوزيع، حائل، المملكة العربية السعودية، 1416هـ. ص 19. [9] رشدي محمد خاطر، عبد الفتاح جلال. تعليم الكبار: مجلة آراء في التعليم الوظيفي للكبار. سرس الليان، جمهورية مصر العربية، يناير 1972م. ص61. [10] محمود عبد الرازق شفشق وآخرون. التربية المعاصرة طبيعتها وأبعادها الأساسية. ط 5، دار القلم، الكويت، 1989م. ص164. [11] شوكت عليان. طرق تعليم الكبار. ط2، دار الرشيد للنشر والتوزيع، القاهرة، 1981م. ص9. [12] على الشخيبي. تعليم الكبار وتحقيق الذات- دراسة في فلسفة تعليم الكبار. مرجع سابق، ص56. [13] شكري عباس حلمي. اجتماعيات تعليم الكبار. دراسات في تعليم الكبار، مركز تدريب قيادات تعليم الكبار بالبحرين، العدد 17، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، البحرين، 1981م، ص36. [14] جون فيزي. التعليم في عالمنا الحديث. تعريب محمود الأكحل، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1967م.ص21. [15] تقرير اللجنة الدولية لليونسكو حول تطوير التربية في العالم. اليونسكو. مايو 1972م، ص13. [16] محمود أبو زيد. الثقافة العامة في تعليم الكبار. التربية والتنمية، السنة الثانية، العدد(5)، القاهرة، 1994م، ص92. [17] أمال العرباوي مهدي. المتطلبات التنموية من تعليم الكبار في مصر في ضوء بعض المتغيرات المحلية والعالمية- دراسة تحليلية. التربية والتنمية، السنة الثامنة، العدد (19)، القاهرة، 2000م، ص11. [18] المركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي. الحلقة الدراسية عن محو الأمية الوظيفية في خدمة التنمية والإنتاج في البلاد العربية. التقرير النهائي، بيروت، سبتمبر 1996م، ص14. [19] راجع الموقع التالي على شبكة الإنترنت: www.odci.gov\cia\publication\factbook\Geos\us.html [20] محمود عبد الرازق شفشق وآخرون. التربية المعاصرة طبيعتها وأبعادها الأساسية. مرجع سابق، ص154. [21] الموقع السابق على الإنترنت. [22] عبد الرحمن بن سعد الحميدي. مدخل إلى علم تعليم الكبار. مرجع سابق، ص76. [23] المرجع السابق. نقلا عن: Knowles, Malcolm. Historical Development of the Adult Education Movement in The United States. In Handbook of Adult Education Association of the USA, Chicago, 1965, p12 [24] على الشخيبي. تعليم الكبار وتحقيق الذات- دراسة في فلسفة تعليم الكبار. مرجــع ســابق، ص61. نقـــلا عن: Midzel, Harol. Encyclopedia of Education Research, Vol 1. New York , The Free Press, A Division of Macmillan Publishing Col. Inc., 1982, p 83-87 [25] عبد الرحمن بن سعد الحميدي. مدخل إلى علم تعليم الكبار. مرجع سابق، ص12. [26] رشدي طعيمة. تعليم الكبار تخطيط برامجه وتدريس مهاراته. ط1، دار الفكر العربي، القاهرة، 1999م، ص17. [27] محاسن رضا أحمد. برمجة المواد التعليمية لمحو الأمية وتعليم الكبار. الشركة المصرية للطباعة والنشر، القاهرة، 1976م، ص16. [28] محمد منير مرسي. الاتجاهات الحديثة في تعليم الكبار. ط1، عالم الكتب، القاهرة، 1997م، ص15. [29] شوكت عليان. طرق تعليم الكبار. مرجع سابق. ص13. [30] هـ.س.بولا. تعليم الكبار اتجاهات وقضايا عالمية. ترجمة عبد العزيز بن السنبل، وصالح عزب، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1998م، ص20. [31] National Center for Education Statistics(NHES): Participation in The United State ,1998-99, US, Department of Education, Office of Educational Research and Improvement, November 1999, Pp 3-5. [32] راجع الموقع التإلى على شبكة الإنترنت: www.odci.gov\cia\publication\factbook\Geos\sa.html [34] نفس الموقع السابق. [35] إبراهيم بيومي مرعي، ملاك أحمد الرشيدي. السياسة التعليمية للمملكة العربية السعودية دراسة عن جهود المملكة في مجال تعليم الكبار ومحو الأمية. سلسلة كتب الخدمة الاجتماعية(7)، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 1983م. صـ77. [36] محمد أمين فلاتة. تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية، أسسه وتطبيقاته. دار الطويل، القاهرة، 1979م، ص63. [37] سعد محمد حسين. تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية. تعليم الجماهير، العدد14 بغداد، العراق، ص172. [38] إبراهيم محمد الخنكاوي. تعليم الكبار ومشكلات العصر. مرجع سابق.ص33. [39] وزارة المعارف، الأمانة العامة لتعليم الكبار. محو الأمية وتعليم الكبار في المملكة العربية السعودية. راجع الموقع التالي على شبكة الإنترنت: [40] وزارة المعارف، الأمانة العامة لتعليم الكبار. اللائحة التنفيذية لنظام تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية، راجع الموقع التالي على شبكة الإنترنت: [41] نفس الموقع السابق [42] عبد العزيز بن عبد الله السنبل وآخرون. نظام التعليم في المملكة العربية السعودية. ط (6)، الرياض: دار الخريجي للنشر والتوزيع، 1998م،1419هـ، ص431. [43] وزارة المعارف، الأمانة العامة لتعليم الكبار. محو الأمية وتعليم الكبار في المملكة العربية السعودية. موقع سابق على شبكة الإنترنت [44] مسارع حسن الراوي. دراسات حول محو الأمية وتعليم الكبار في الوطن العربي. المكتبة العصرية، بيروت، صيدا، 1987م، ص51. [45] عبد العزيز بن عبد الله السنبل وآخرون. نظام التعليم في المملكة العربية السعودية. مرجع سابق، ص446. [46] راجع الموقع التالي على شبكة الإنترنت www.ksu.edu.sa [47] عبد العزيز بن عبد الله السنبل وآخرون. نظام التعليم في المملكة العربية السعودية. مرجع سابق، ص448. [48] وزارة المعارف، الأمانة العامة لتعليم الكبار. إحصائية عن التعليم الليلي في عشر سنوات. راجع الموقع التالي على شبكة الإنترنت: www.moe.gov.sa\ae\stats.htm إحصائية (ج). [49] نفس الموقع، إحصائية (أ)و(ب). [50] الرئاسة العامة لتعليم البنات بالمملكة العربية السعودية، الإدارة العامة للتخطيط، إدارة الإحصاء. البطاقة الإحصائية عن تعليم البنات للعام الدراسي 1420هـ، خلاصة شاملة. [51] وزارة المعارف، الأمانة العامة لتعليم الكبار. اللائحة التنفيذية لنظام تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية. راجع الموقع التالي على شبكة الإنترنت: [52] عبد الرحمن بن سعد الحميدي. مدخل إلى علم تعليم الكبار. مرجع سابق. ص29. [54] National Center for Education Statistics(NHES): Participation in The United State ,1998-99, US, Department of Education, Office of Educational Research and Improvement, November 1999, Pp 3-5. [55] وزارة المعارف، الأمانة العامة لتعليم الكبار. إحصائية عن التعليم الليلي في عشر سنوات. راجع الموقع التالي على شبكة الإنترنت: www.moe.gov.sa\ae\stats.htm خلاصة الإحصائية العامة عن تعليم البنين (التعليم الليلي) لعام 1419/1420هـ. [56] الرئاسة العامة لتعليم البنات بالمملكة العربية السعودية، الإدارة العامة للتخطيط، إدارة الإحصاء. البطاقة الإحصائية عن تعليم البنات للعام الدراسي 1420هـ، خلاصة شاملة. [57] راجع الموقع التالي على شبكة الإنترنت www.mohe.gov.sa |
جـمـيـع الحـقـوق محـفوظـة لـمـوقـع تكـنـولـوجيـا التـعلـيـم | إعداد وتصمـم الـموقـع والمـنـتدى : ربـيـع عبـد الفـتاح طبـنـجـه |