حديثنا
هو عن شيء أيد الله به رسوله ( صلى الله عليه
وسلم ) وكان من أهم أسباب إسلام الصحابة (
رضوان الله عليهم ) الذين شاهدوا تلك البينات
وتلك المعجزات, وهو ما نسميه خوارق العادات,
فنحن نعتاد ان لكل شيء سبب وسنن يجريه الله
علي تلك السنن والأسباب, ولكن للإقامة حجة
وأظهر معجزة للرسول يخرق الله تلك العادة,
فمثلاً النار التي من اصلها وجعلها الله (
سبحانه وتعالى ) تحرق , قال
الله لها كوني برد وسلام علي إبراهيم, فمع أن
النار تُحرق ولكنها مع سيدنا إبراهيم لم
تحرقه فتكون معجزة , وكذلك العصي فالأصل أنها
قطعة من الجماد ولكن جعلها الله علي يد سيدنا
موسى حية تسعى .
وسيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) أيده الله
بمعجزات كثيرة, ولكن قد يقول قائل أن هذه
الخوارق تلزم من كان مشاهداً لها ورأوها, أما
نحن ألان فبيننا وبينها أمد بعيد, فكيف نطمئن
إلى أنها قد وقعت مع إنها وقعت منذ 1400 عام ,
نقول أن هناك فارق بين ما يكتبه الناس في
التاريخ وبين ما يسجل في هذا القرآن عما حدث
علي يد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في زمن
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فهذا القرآن هو
اعظم سجل للحوادث التي جرت علي عهد النبي ( صلى
الله عليه وسلم ) وتلك الخوارق التي وقعت له
والمعجزات التي حدثت له, قد يقول قائل هذا
يلزم المؤمنين ؟! اقول لا, بل هو يلزم الكفرين
إذا ما استعملوا عقولهم .
ولقد جرت بيني وبين أحد المستشرقين الروس
مناقشة حول هذه القضية, قال لي كيف تثبت لي أن
هذه الخوارق قد وقعت وكانت الناقش حول انشقاق
القمر في زمن النبي ( صلى الله عليه وسلم ),
فإنه قد انشق القمر نصفين علي عهده, وذلك لأن
قريش كانت تطالب من النبي ( صلى الله عليه وسلم
) أن يريهم آية , فالله ( سبحانه وتعالى ) شق له
القمر نصفين, ورأي الناس القمر وقد انشق نصفين,
فعجب كفار قريش من ذلك, وقال البعض لقد سحرنا
وقال البعض الآخر لقد سحر القمر , ثم قالوا إذا
كان قد سحرنا نحن فانه لا يستطيع أن يسحر
المسافرين, فانتظروا حتى يأتوا المسافرون ,
فلما جاء المسافرون من كل اتجاه سألتهم قريش
هل رأيتم انشقاق القمر ؟
فقالوا نعم رأيناه , فقالت قريش لقد جاء بسحر
عظيم, وطبعاً ليس الجميع هكذا, بل هناك من اثر
فيه هذا, فزاد المؤمنون إيماناً وهناك من اثر
فيه ذلك فكان سبب في إسلامه .
قال لي المستشرق أنا لم أشاهد القمر وهو ينشق
نصفين, ولو شاهدته لعلمت أن محمد رسول الله,
فقلت له استعمل عقلك وسأجعلك كمن كان حاضر في
ذلك الوقت يشاهد الآية والمعجزة , فقال كيف
ذلك ؟ قلت له لقد وقع الانشقاق في عهد النبي (
صلى الله عليه وسلم ) وكان هناك فريقان
متصارعان متنافسان متعاديان متباغضان وكل
منهم يكيد للأخر, المؤمنون يريدون لهؤلاء
الكفار أن يهتدوا ويريدون أن يدلوهم علي طريق
الخير, والكفار يريدون الفتك بهم والقضاء
عليهم وتكذيبهم والنيل منهم ,فلما وقعت حادثت
انشقاق القمر , كانت قريش تحرص اشد الحرص علي
أن تجد شيء بسيطاً تكذب به رسول الله ( صلى
الله عليه وسلم ), فبعد أن وقعت الحادثة نزل
القرآن يقرا عليهم ما حدث بالفعل , ويسجل
مواقفهم من الحادثة قال تعالى ((اقتربت الساعة
وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا
سحر مستمر *
وكذبوا واتبعوا أهوآءهم وكل أمر مستقر )) فسجل
عليهم القرآن انهم قالوا انه سحر وانهم
اتبعوا أهواءهم بعد أن رأوا وشاهدوا هذه
المعجزة, ولو أن القران سجل شيء لم يحدث ولو أن
القمر لم ينشق, لكانت الفرصة الذهبية لكفار
قريش ليقولوا محمد يزعم أن القمر انشق وإننا
قد رأيناه وإننا قلنا أن هذا سحر وما وقع شيء
من ذلك, لا انشق القمر ولا رأيناه ولا قلنا سحر
فهذا محمد يكذب علينا, وتكون فرصة
ذهبية لتكذيب النبي ( صلى الله عليه وسلم ), أما
المسلمون فكانوا سيمتحنون امتحاناً كبيرا
بهذا, بل كانوا سيرتدون عن الإسلام, كيف يكذب
علينا ويقول وقع الانشقاق وهو لم يقع ويدعي أن
الكفار قالوا وهم لم يقولوا ؟ فسيكون ذلك سببا
في كفرهم وتركهم للدين, ولكن ما الذي حدث ؟؟
الذي حدث هو أن ثبت المسلمين علي إسلامهم
وازدادوا إيمانا وتحول الكفار من الكفر إلي
الإسلام, واصبحوا بعد ذلك من جند الإسلام .
إذاً ثبات المؤمنين علي إيمانهم وإسلام
الكفار هو بمثابة توقيع علي أن ما اخبر به
القرآن علي انشقاق القمر حقيقة, ولقد راءوها
وشاهدوها, فقال لي المستشرق هذا صحيح ولكن ما
الذي يضمن لي إن هذا القرآن الذي تقرؤونه ألان
هو نفس القرآن الذي
سجل تلك الحادثة وسمعها الفريقان في ذلك
الوقت, ربما حدث فيه تغيير ؟؟
فقلت له أسمع, إن هذا المصحف قد أخذناه
بالتواتر, وقد أجمع الصحابة ( رضوان الله
عليهم ) وأجمع الناس في زمن النبي ( صلى الله
عليه وسلم ) واتفقوا وقالوا نشهد أن هذا هو
القرآن الذي جاءنا به محمد ( صلى الله عليه
وسلم ), فقد كان يحفظ هذا القرآن وكان يكتب
وكان هناك كتُاب للوحي وكانت هناك نسخة كاملة
منه في بيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وكان
الصحابة يكتبون هذا المصحف ويقرؤونه
ويتلونه كل يوم وكانوا يختمونه كل سبعة أيام ,لأن
في قرأت حرف واحد فيها 10 حسنات, وكان هناك
الكفار أيضاً, إلي جانب تلك الكتابة وإلي جانب
أنه يقرا في كل يوماً وليلة , فقد أجمعوا
وقالوا نشهد بأن هذا هو المصحف الذي تلقيناه
من الرسول ( صلى الله عليه وسلم ), وفي زمن
سيدنا عثمان خاف المسلمون أن يطرأ علي القرآن
أي تبديل أو تحريف, فنسخوا نسخاً ووزعوها علي
الشعوب التي دخلت في
الإسلام وهي لا تعرف اللغة العربية, لأن بدأ
شيء من لكنة والقراءة الغير صحيحة, فوزعت هذه
المصاحف في زمن سيدنا عثمان, فما أجمع عليه
المسلمون والصحابة وزع وسلم علي الأمم
المختلفة إلي فرس وروم وإلي الصين وإلي
أفريقيا وبعد ذلك أوروبا
وغيرهم من الأمم, وهم بلغات كثيرة, فتلقت تلك
الشعوب هذا المصحف, فمن في الشرق ومن في الغرب
ومن في الشمال ومن في الجنوب كلهم تلقوا هذا
المصحف من الصحابة وعلموا أبنائهم وحافظوا
علي نطقه وحتى رسمه, فالقرآن يتلقى بالرسم
العثماني وبالنطق كما كان ينطقه الرسول ( صلى
الله عليه وسلم ), فأنت عندما تلتقي مجموعة من
أبناء المسلمين من هذه الشعوب الغير ناطقة
بالعربية وتقول لهم اقرؤوا القرآن, فيقرا
الهندي باللغة العربية وبالرسم العثماني
وكذلك التركي وكذلك الفارسي وكذلك الأوربي
وكذلك الروسي, فإذا سألتهم هل تعرفون هذا
الكتاب العربي أو معنى هذا الكلام قالوا لا,
ولكن هكذا علموا وحفظوا من آباءهم وأجدادهم
وأسلافهم كما سلموا هذا المصحف إلي أحفادهم
وإلي أحفاد أحفادهم كما تلقوه من الصحابة
الكرام, فإذا جمعت هذه المصاحف من كل مكان في
الأرض من أي بقعة
فيها فسوف تجد أنه المصحف واحداً يقرا عند
الجميع, كتاب واحداً وهو الذي موجود في مكتبة
الكونجرس في أمريكيا وفي مكتبة الكر ملن في
روسيا وهو الذي يذاع في كل الإذاعات في كل
البلاد .
إذاً إجماع الذين عاشوا مع محمد ( صلى الله
عليه وسلم ) قالوا نشهد انه المصحف, ثم إجماع
الأمم التي أحتك بها الصحابة ( رضوان الله
عليهم )وقالوا هم أيضاً نشهد أن هذا المصحف هو
الذي جاءنا به الصحابة, فهل يبقى بعد ذلك شك ؟؟
فقال لا,
إذا كان قد ذكره القرآن في حينه وسمعه
الكافرون في وقته وسمعه المسلمون وما كذب أحد
منهم بل أزداد المسلمين يقينا ودخل الكفار
إلي الإسلام وحفظ هذا الكتاب وأجمع العرب
عليه وثم أجمعت بقيت الأمم أن هذا هو المصحف,
فلا شك أن انشقاق القمر قد وقع .
فقلت قال المفسرون وهم يشرحون هذه الآية كما
روي ذلك عن ابن كثير والشوكاني قالوا أنه ورد
ذلك الخبر ( أي انشقاق القمر ) في الأحاديث
المتواترة بالأسانيد الصحيحة, فقد ثبتت هذه
الحادثة بأعلى درجة الثبوت, ثبتت في كتاب الله
وثبتت كذلك في الأحاديث, وثبتت في الأحاديث
لأن الذين شاهدوا ذلك رووه فكل واحد منهم يقول
لقد رأيت انشقاق القمر, منهم من يقول رأيت
فلقة هنا وفلقة هناك ومنهم يقول
رأيت جبل بين الفلقتين ومنهم قال رأيت جزء من
القمر قبل الجبل والجزء الأخر وراء الجبل,
فتواترت بذلك أخبار الصحابة في كتب الأحاديث .
ولكن بعد أن شهد الرسول ( صلى الله عليه وسلم )
تلك الحادثة وقال للناس أشهدوا, نراها تتجدد
اليوم مرة ثانية, فقد أخبرني الدكتور زغلول
النجار أنه كان يحاضر في بريطانية بين جمع من
الناس عن الأعجاز العلمي في الإسلام فقال له
أحد الحاضرين أن القرآن تكلم كثيراً عن
الأعجاز العلمي, لكن القرآن ذكر أن القمر انشق
نصفين وألان وصل الإنسان إلى القمر وسار
الرواد علي القمر واخذوا صخور منه
فهل شاهدوا اثر ذلك الانشقاق ؟؟ فقال الدكتور
زغلول أنا لا اعلم فلم أقرا شيء من ذلك إلا ما
ذكره القرآن وما ذكر في الأحاديث ( ويكفي انه
من عند الله ) يقول وكان من بين الحاضرين شخص
ورفع يده يقول أتدرون من ذلك الشخص ؟! انه
داوسي موسى بيسكوك يقول بيسكوك كنا نتحاور مع
ثلاثة من كبار علماء أمريكيا من وكالة الفضاء
ناسا, فناقشناهم وقلنا لهم أن الناس تموت
جوعاً وانتم تنفقون مئات
المليارات من اجل الوصول إلي القمر ثم تعودون
لنا ببعض الصخور, فما قيمة تلك الصخور ؟؟
فقالوا لا, نحن لم نصل إلي القمر من اجل ما
أعلن, ولكن كان لنا هدف من الأهداف التي لم
نعلن عنها وهو أنه حيرتنا ظاهرة غريبة في
القمر, لقد رأينا القمر مشقوق نصفين, وعندما
انشق القمر وعاد لم يلتئم 100% وإنما حدثت شيء
من الزحزحة, وهذه الزحزحة وتكوين حزام من
الصخور المتحولة, وهذه الصخور المتحولة لا
تتكون إلا تحت ضغط شديد جداً وحرارة عالية,
فعندما عاد القمر وحدث هذا الضغط الشديد
والحرارة العالية التحم القمر .
ولقد تمكنوا من معرفة هذا الحزام بالقياسات
الزلزالية التي اجروها علي سطح القمر,
وتأكدوا أن القمر قد انشق نصفين في زمنً مضى
ثم التحم, ثم قال بيسكوك قال لما علمت ذلك علمت
أن محمد رسول من الله وتأكد من صدق ما اخبر به
هؤلاء المسلمون, وكان قبل شهر واحد من ألان
يذكر للطلاب في جامعة شفلد ويذكر لهم قصة
إسلامه وسبب إسلامه بسبب هذه الحادثة, ولقد
شكل بيسكوك حزباً سياسياً
كبيراً, وهو الحزب الإسلامي البريطاني وهو
رئيس هذا الحزب ألان .
فسبحان الله الذي ترك أثرا لتلك الخارقة فهو
سبحانه يعلم انه سيأتي يوم ويصل فيه الإنسان
إلي القمر, وها هم يرون ألان هذه المعجزة
وأثرها ويشهدون بها وتكون سبباً في إسلامهم,
وهذا دليل أخر علي أن محمد رسول من الله أيده
بهذه المعجزات, وليس هذه فقط التي أيد الله به
رسوله بل أن هذا الباب واسعاً جدا قد جمع منه
العلماء مئات وبعضهم وصل إلي الآلف لكثرة تلك
الخوارق التي كان يخرق بها
الله ( سبحانه وتعالى ) تلك السنن المعتادة
لتصديق النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
قال تعالى ((سنريهم آياتنا في الآفاق وفي
أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق )) صدق الله
العظيم
|