الإيدز المرض الذي يسببه فيروس ضئيل لا يري إلا بعد تكبيره مئات الآلاف من المرات بالمجهر الإلكتروني، إن فيروس الإيدز HIV من مجموعة الفيروسات المنعكسة Retroviruses والتي هي من أصغر الكائنات الدقيقة المعروفة لدينا ولها قدرة عجيبة في استعمار الخلايا الحية والتكاثر فيها بواسطة التحكم في أسرار الجينات الموجودة في الخلايا ، ويهاجم فيروس الإيدز الخلايا اللمفاوية المساعدة T4 التي تمثل العمود الفقري والعقل المدبر لجهاز المناعة عند الإنسان فيتكاثر فيها ويدمرها ، ومن ثم يدمر هذا الإنسان ويهلكه ، لذلك يسمي بـ مرض نقص المناعة المكتسبة. ولفهم هذا الأمر لابد من إلقاء الضوء سريعا على جهاز المناعة. فلقد حبى الله الجسم الإنساني بوسائل دفاعية نشطة لصد هجمات الغزاة المعتدين عليه ويقوم بهذه المهمة كرات الدم البيضاء ، وهي أنواع عديدة : النوع
الأول هو الخلايا اللمفاوية وتوجد في الدم
والغدد اللمفاوية والكبد والطحال ونخاع
العظام الحمراء ، وتنقسم هذه الخلايا إلي
قسمين الخلايا البائية B. CELLS
وهي خلايا مختصة في صنع القذائف المضادة
لأنواع الميكروبات المختلفة وهي ما تسمي
بمضادات الأجسام Antibodies والنوع الثاني من
الخلايا اللمفاوية هي الخلايا التائية T.
Cells وهي اثني عشر
صنفا علي الأقل لكل منها ميزة خاصة ووظيفة
محددة فمنها من تتحول عندما تعلم بوجود
العدو إلى خلايا مقاتلة تندفع في مجري الدم
إلى الخلايا المصابة حيث العدو فتقوم
بمهاجمته والالتحام معه في قتال ضار وشرس
حتي تتمكن من القضاء عليه ، ومنها الخلايا
المساعـدة Helper cells T4
ومنهـا الخـلايا المثبطـة Supresive
T.cells التي تمنع الخلايا المقاتلة وتثبطها
من استمرار نشاطها الانتحاري بعد انتهاء
المعركة والقضاء على الغازي ، كما تثبط
الخلايا البائية لتحد من انتاج الأجسام
المضادة ، والوظيفة الرئيسية للخلايا
البائية والتائية هي القضاء علي الفيروسات
والطفيليات والفطريات والجراثيم والخلايا
السرطانية ، ثم يقوم بعد ذلك النوع
الثاني من خلايا الدم البيضاء ببلع الأعداء
وكنس ميدان المعركة وتصفيته من الجثث
المختلفة . ماذا
يحدث في مرض فقدان المناعة المكتسبة الإيدز
؟ يتركز
هجوم فيروس الإيدز على الخلايا
المساعدة فيشل حركتها ويتكاثر فيها بعد فك
رموز أسرار جيناتها ثم يدمرها وتخرج منها
أعداد هائلة من الفيروسات تهاجم خلايا
جديدة ، كما تقوم أعداد هائلة من الخلايا
المساعدة السليمة بالانتحار حينما يأتيها
الخبر بأن هذا الفيروس دخل إلى واحدة منهن
ويتوالى تثبيط آليات الدفاع في جهاز
المناعة ، حتى تنهار وسائل الدفاع تماما،
وعندئذ تشن الكائنات الدقيقة من
الميكروبات المختلفة ، المتطفلة على
الإنسان والغازية له من الخارج ، القويّ
منها والضعيف هجوما كاسحا على الجسم فتقضي
عليه بعد أن يصاب بالتهابات رئوية طفيلية
وفطرية حادة مع إسهال شديد شبيه بالكوليرا
وفقدان وزنه وتحوله إلى هيكل عظمي مع تضخم
كبير في الطحال والغدد اللمفاوية وإصابته
بأورام سرطانية وأمراض جلدية عديدة ، ولا
يترك هذا الفيروس أي مكان في الجسد إلا
أصابه حتى الجهاز العصبي والمخ فيصاب
المريض بالتشتت العقلي والإحباط والكآبة
ثم الاختلال العقلي والجنون في المراحل
المتأخرة ، بالإضافة إلى التهابات الدماغ
والنخاع الشوكي والسحائي والذي يؤدي إلى
الشلل وأحيانا إلى العمى، ثم ينتهي المريض
إلي الموت والهلاك. وهذا
المرض كما هو معروف ينتشر بصورة أكبر بين
الشواذ اللوطيين والمساحقات والزناة
والمتعاطين للخمور والمخدرات وكل من وقع في
حمأة الرذيلة في بلاد القوم الذين ارتضوا
الفاحشة واستعلنوا بها. وقد وقف الأطباء
الباحثون عاجزين أمام هذا المرض المدمر لا
يجدون له دواءا أو علاجا ، لأنه يغير من
خواصه باستمرار ، وهو كل يوم في ازدياد
وانتشار ، وقد صنف الفيروس الموجود حاليا
وفق ثماني أو تسع مجموعات كبيرة نتيجة
للتحول الوراثي ، وقد بدأ بعدة حالات في
أمريكا وأوربا ووسط أفريقيا وشرق آسيا حيث
تنتشر الإباحية . هذا
، ومن المتوقع أن تصل حالات الإصابة بفيروس المرض إلى
أربعين مليونا في نهاية هذا القرن العشرين ،
وقد قدرت منظمة الصحة العالمية عدد الذين
لاقوا حتفهم بسبب فيروس الإيدز في
الأعوام الأولى لظهوره مليون وسبعمائة ألف
إنسان ... أليس هذا هو الطاعون المدمر
والوباء الكاسح ؟ ، والذي يعاني المريض
فيه من الآلام والأوجاع لمدة سنوات قبل أن
يقضي نحبه ، هذا علاوة على الآلام النفسية
المدمرة للمريض بعد نبذه من أقرب الناس
إليه بل والهروب منه والهلع حتى من جثته بعد
موته. إن هذا المرض لم يسمع به أحد من قبل
فلم يسبق أن اكتشف فيروس هذا المرض ولا عرفت
أعراضه ولا الفيروس المسبب له قبل
زمننا هذا ، أليس هذا المرض وأمثاله هو
عقوبة إلهية لمن انتكست فطرهم من الخلق
فاستبدلوا بالعفة والطهارة الفواحش
المحرمة من الزنا واللواط والسحاق. وأعلنوا
بتلك الفواحش إباحة ورضى وتفاخرا ؟ أليس
ذلك هو عين ما أخبر عنه نبي الإسلام - صلى
الله عليه وسلم - منذ أربعة عشر قرنا من
الزمان: "لم
تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا
فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت
في أسلافهم الذين مضوا " وفي
الحديث الآخر "
ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت
" دلالة
صدق الإسلام لقد
أشارت هذه الأحاديث إلى حقيقة هامة وهي أن
هذا الأمر سنة جارية ونظام لا يتخلف في أي
قوم قط من أي دين أو جنس أو بلد ، طالما ظهرت
وكثرت فيهم الفاحشة واستعلنوا بها
واستمرءوها ، ظهرت فيهم الأوبئة والأوجاع
الجديدة التي لم تبتلى بها الأجيال قبلهم ،
والذي يؤكد هذه الحقيقة طبيعة الأمراض التي
تنتقل عن طريق الزنا والشذوذ فهي أمراض
تسببها جراثيم ذات طبيعة خاصة فهي لا تصيب
إلا الإنسان ولا تنتقل إليه إلا عن طريق
الجنس ، ولهذه الجراثيم مقدرة عجيبة في
اختراق جلد الأعضاء التناسلية والشفاه ،
وتصل الإصابة بها إلى عمق الأجهزة
التناسلية بل وإلى عموم الجسم ولا يوجد
لهذه الجراثيم أمصال تقي الجسم من أخطارها
، ولا يكوّن الجسم منها مناعة طبيعية ، لأن
هذه الجراثيم تغير خواصها باستمرار مما
يجعلها مستعصية العلاج ، والجسم غير قادر
على مقاومتها ، ومن الممكن أن تظهر بصور
وصفات جديدة في المستقبل. وهذا يؤكد أن
المزيد من هذه الأوبئة الكاسحة والأوجاع
المميتة ما زالت تنتظر الشاردين عن نداءات
الفطرة وتعاليم السماء. أليس
هذا دليلا إضافيا علي أن محمدا - صلى الله
عليه وسلم - رسول الله حقا لا ينطق إلا صدقا
، ولا يتكلم إلا بنور الله ووحيه ، قال
تعالى "
وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحى علمه
شديد القوي " فالحمد
لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي
لولا أن هدانا الله والحمد لله الذي منّ
علينا برسول من أنفسنا ليعلمنا الكتاب
والحكمة ويزكي نفوسنا بمنهج خالقنا طهرا
وعفافا ، قال تعالى: ( لقد من الله
على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم
يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب
والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) إن
البشرية كلها ستظل في تيه وضلال واضح بين ،
ما لم تجلس إلى هذا النبي - صلى الله عليه
وسلم - لتتعلم منه آيات الكتاب والحكمة ،
متبعة شريعته ومقومة سلوكها ومزكية نفوسها
بتعليماته وتوجيهاته. إن الإسلام العظيم
وهو الدين الخاتم للبشرية جميعا قد شرع
نهجا واضحا لحماية الإنسان وصحته من أخطار
الأمراض الجنسية المدمرة والذي يتمثل في
كلمتين العفة والإحصان وتتمثل العفة
في طهارة القلب من وساوس الشهوات وذلك
بتعميق الإيمان وتقوى الله ومراقبته
والبعد عن المثيرات بغض البصر عن المحرمات
وبمنع الاختلاط بالنساء وبحفظ النساء
لأنفسهن من التبرج ومن الاختلاط بالرجال
وتجنب الخضوع بالقول والبعد عن أماكن اللهو
والعبث قال تعالى: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير
بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن
ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا
لبعولتهن.. الآية ) سورة النور ويتمثل
الإحصان بالزواج وذلك بتيسيره للناس
انظروا إلى نور الوحي في توجيهات النبي -
صلى الله عليه وسلم - " النكاح سنتي
فمن رغب عن سنتي فليس مني " ، " يا
معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج
فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع
فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ، " إذا
أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا
تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " الحل
الإسلامي إن
علاج مشكلة الأمراض الجنسية وأوبئتها
الفتاكة بالبشر لن يتغلب عليها إلا بالتزام
تعاليم الإسلام الذي : - حرم
الزنا والبغاء العلني والسري وأمر بتطبيق
حدود الله على الزناة والقوادين والشاذين
جنسيا. -
وحرم الخمور والمخدرات ومنع بيعها
وصناعتها وأمر بتنفيذ أحكام الشريعة
الإسلامية على المفسدين. -
وأمر بنشر الوعي الديني والصحي وتعميق
الإيمان في نفوس الناس وأمر بوضع برامج
إعلامية هادفة وحارب وسائل الإعلام التي
تشيع الفاحشة في المجتمعات. -
ونظم عمل المرأة ومنع اختلاطها بالرجال في
المكاتب والمصانع وحث المرأة للعودة إلى
بيتها ووفر لها الحياة الكريمة أما وأختا
وبنتا وزوجة. -
ونظم سفر العاملين خارج أوطانهم وحل مشكلة
اصطحاب أسرهم معهم. -
ومنع التعليم المختلط والتبرج والسفور. وهذه
كلها هي أسباب الإباحية وشيوع الفاحشة
وبغير القضاء عليها ستظل الأوبئة والأمراض
الموجعة والمهلكة تفتك بالبشر في كل مكان
تتحقق فيه هذه السنن. واليوم
يظهر الإيدز الكابوس القاتل
والجاثم على صدور المنحرفين وغدا يظهر ما
هو أشد منه طالما ظل الناس سادرون في غيهم
مستثمرين العلم الحديث وإمكاناته الهائلة
في نشر هذا الفساد وتزيينه للناس بل
ومحاولة قهر الآخرين عليه في المستقبل
القريب كما هو ظاهر في مؤتمراتهم الأخيرة
عن السكان والمرأة ، ولكن: ( يريدون ليطفئوا نور الله
بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو
كره الكافرون ) ، وستدور
الدائرة عليهم: (
وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون ) وكلمة
أخيرة للمسلمين في شتي بقاع الأرض اسمعوا
كلام نبيكم - صلى الله عليه وسلم - واتبعوا
هديه: " تركت
فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ،
كتاب الله وسنتي عَضوا عليها بالنواجذ "
.. دينَكم
دينَكم فإنه طوق النجاة لكم في الدنيا
والآخرة. قال
تعالى: ( فاتقوا الله يا أولي الألباب
الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا
يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين
آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى
النور ) وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ـــ بقلم / د. عبد الجواد الصاوي ـــ
|