الأساس الثاني: الخلق: أما الأساس الثاني لاختيار شريكة الحياة فهو أن تكون صاحبة خلق، والحقيقة أن هذا العنصر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأساس الأول الذي هو الدين، ذلك أن المتدينة لا بد من أن تكون صاحبة خلق، لأن دينها سيمنعها من فحش القول، وبذاءة اللسان، وسوء المنطق وثرثرة الكلام، وعلى كل فحسن الخلق أساس قويم، ومنهج حكيم في البحث عن المرأة، وصدق لقمان الحكيم عندما قال لولده يا بني اتق المرأة السوء فإنها تشيبك قبل المشيب، يا بني استعذ بالله من شرار النساء، واسأله خيارهن، فاجهد نفسك في الحصول على الصالحة الطيبة تلق السعادة أبد الحياة. الأساس الثالث - أن تكون بكراً: ثم إن الإسلام طالبك ورغبك بأن تكون امرأتك التي تريد الزواج بها بكراً، وما رغب في ذلك إلا لأن طبعك الإنساني يألف الجديد، وينفر من امرأة مسها واحد قبلك، ولهذا قال نبيك الكريم صلى الله عليه وسلم لصاحبه الجليل جابر بن عبدالله عندما علم أنه تزوج ثيباً: [هلا بكراً تلاعبك وتلاعبها] ، فعلل الصاحب الجليل زواجه بالثيب بأن أباه قد مات وترك له أخوات صغيرات يحتجن إلى الرعاية والعناية، وأن الثيب في هذه الحالة أقدر على رعاية البيت، ولولا هذا الذي قدره الله وقضاه لكانت بكراً، وفي المرأة البكر فوائد جليلة، ومحاسن وفيرة، حيث إنها تجعل كل حبها لهذا الذي اختارها من بين آلاف النساء، وما الحب إلا للحبيب الأول، ثم إنها لم تجرب الرجال من قبل فلا شك في أنها ستمنح من يتزوج بها جميع ما تملك من مودة وحنان، ولذلك قال حبيب الطائي: نقل فؤادك حيث شئت الهوى ما الحبُّ إلا للحبيب الأول كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منــزل الأساس الرابع : أن تكون ولوداً: ومن الأسس التي وضعها لك الإسلام، أن تختار المرأة الولود. والولود تعرف بشيئين: الأول: خلو جسدها من الأمراض التي تمنع الحمل، ويرجع في هذا إلى المتخصصين من الأطباء الذين هم أهل الذكر في هذا الشأن، وهو ما رأته بعض الدول من ضرورة العرض على الأطباء قبل الزواج. الثاني: أن ننظر في حال أمها وعشيرتها، وأخواتها المتزوجات، فإن كنَّ من الصنف الولود فهي ولود في الغالب - إذا أراد الله - ذلك أن للوراثة من الأدوار ما لا يخفى، ومن أجل ذلك أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بالبحث عن المرأة الولود. فعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهياً شديداً ويقول: [تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة]. رواه أبو داود والنسائي . الأساس الخامس : التقارب في السن والثقافة. ومن الأسس التي فصل الإسلام فيها القول عند اختيار شريكة الحياة هو أن يكون هناك تقارب في السن والثقافة، والنسب، وهذا هو ما يطلق عليه في فقهنا الإسلامي باسم (التكافؤ بين الزوجين)، وذلك لحفظ مستوى الحياة الزوجية، والإنسجام بين الزوج وزوجه، وقد اختلف العلماء في هذا العنصر، فمنهم من قال بضرورة هذا الأساس استناداً إلى بعض النصوص التي جاءت على لسان نبي الأمة صلى الله عليه وسلم ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: [زوجوا الأكفاء، وتزوجوا الأكفاء، واختاروا لنطفكم] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: [تَخَيَّروا لُنطفكم وانكحوا الأكفاء وأَنكحوا إليهم] . (رواه ابن ماجه). ولكن بعضاً من العلماء لم يأخذ بهذا بحجة أنه غير صالح للحجة. وذهبوا إلى أن المسلمين بعضهم لبعض أكفاء مطلقاً، وهناك أحاديث وردت في الكتب الصحيحة المعتبرة، تدعم ما ذهب إليه هؤلاء العلماء، من ذلك ما روى البخاري عن سهل قال: مرّ رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ما تقولون في هذا] ؟ قالوا: حريّ إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يستمع ثم سكن فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: [ما تقولون في هذا] ؟ قالوا: حري إن خطب ألا ينكح وإن شفع ألا يشفع، وإن قال ألا يُسمع، قال صلى الله عليه وسلم: [هذا خير من ملء الأرض مثل هذا] . وظاهر هذا النص أن الفقير كان أحسن ديناً وخلقاً من الأول. من كتاب (الزواج والعلاقات الجنسية في الإسلام) "بتصرف وتعديل" |
|