بقلم عادل عبدالمنعم أبو العباس
الأساس الأول الدين:
إن أول أساس وضعه لك الإسلام، لاختيار شريكة العمر، أن تكون صاحبة دين، ذلك أن الدين يعصم المرأة من الوقوع في المخالفات، ويبعدها عن المحرمات، فالمرأة المتدينة بعيدة عن كل ما يغضب الرب، ويدنس ساحة الزوج. أما المرأة الفاسدة المنحرفة البعيدة عن هدى دينها، وتعاليم إسلامها، فلا شك أنها تقع في حبائل الشيطان بأيسر الطرق، ولا يؤمن عليها أن تحفظ الفرج، أو تصون العرض، بل إن الخطر يشتد إذا كان مع الفساد جمال، ومع الجمال مال. من أجل ذلك بالغ الإسلام في حَثَّك على اختيار ذات الدين، وحضك على البحث عنها في كل بيت مسلم أمين فها هو ذا رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، يبين لك أصناف الناس في اختيار المرأة، ثم يدلك على الصواب فيقول: [تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك] ( رواه البخاري )، فإذا صرفت نظرتك عن الدين، ورحت تنشد الجمال وحده أو الحسب والنسب، والجاه والمال، فاعلم أنك مغبون، وهمتك قاصرة. وينصح صلى الله عليه وسلم آمراً ناهياً في قوله: [لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة سوداء خرماء، ذات دين أفضل] (رواه ا بن ماجه ). فلم يضع الإسلام مقياساً "لملكة جمال العالم" لأنه لا يوجد بعد من تتمتع بإجماع آراء الرجال وإنما اكتفى بأن يكون جمال منظرها نسبياً بالنسبة لك، وخلاصة القول أنه إذا لم يكن إلا الجمال، من غير دين... فلا. وإذا لم يكن إلا المال، من غير دين... فلا. وإذا لم يكن إلا الحسب، من غير دين... فلا. ذلك أن: أما إذا كان مع الدين، جمال، ومال وحسب فبالأولى، ولكن مع ذلك يستهدف الدين أولاً. (روى ابن زيد عن جد "أسلم" قال: بينما كنت مع عمر بن الخطاب - وهو يعّس بالمدينة - إذا هو قد أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل فإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه قومي إلى اللبن فامذقيه (أي اخلطيه) بالماء، فقالت لها ابنتها: يا أُمتاه، أما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم، ألا يُشاب اللبن بالماء، فقالت الأم: قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنك في موضع لا يراك فيه عمر ولا منادي عمر، فقالت البنت لأمها: والله ما كنت لأطيعه علانية وأعصيه سراً، وكان أمير المؤمنين - في استناده إلى الجدار - يسمع هذا الحوار فالتفت إليّ يقول: يا أسلم، ضع على هذا الباب علامة، ثم مضى أمير المؤمنين في عسه، فلما أصبح، ناداني: يا أسلم امض إلى البيت الذي وضعت عليه العلامة، فانظر من القائلة، ومن المقول لها؟ انظر هل لهما من رجل؟ يقول أسلم: فمضيت، فأتيت، الموضع فإذا ابنة لا زوج لها، وهي تقيم مع أمها وليس معهما رجل، فرجعت إلى أمير المؤمنين عمر فأخبرته الخبر، فدعا إليه أولاده، فجمعهم حوله ثم قال لهم: هل منكم من يحتاج إلى امرأة فأزوجه؟ لو كان بأبيكم حركة إلى النساء، ما سبقه أحد منكم إلى الزواج بهذه المرأة التي أُعرف نبأها، والتي أحب لأحدكم أن يتزوجها. فقال عاصم يا أبتاه تعلم أن ليس لي زوجة فأنا أحق بزواجها، فبعث أمير المؤمنين من يخطب بنت بائعة اللبن لابن أمير المؤمنين عاصم، فزوجه بها، فولدت له بنتاً تزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له خامس الخلفاء الراشدين الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز رضوان الله عليهم أجمعين. كان من يمن هذا التصرف الكريم أن جاءت ثمرة هذا الزواج، خليفة لا تعرف الإنسانية له نظيراً في عدالته، وزهادته، وسعادة رعاياه به، - رضي الله عنه - وتسألني الآن عن صفات ذات الدين من النساء؟ وأجيبك بما قاله صفوة البشر صلى الله عليه وسلم فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ألا أخبركم بخير ما يكنــز المرء؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر اليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته]. وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل، خيراً له، من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله] . (رواه ابن ماجه ). وإذا كان هذا هو وصف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للمرأة الصالحة المتدينة فإنه ولا شك أنها موجودة في البيئة الصالحة الطيبة، فإن كان رب البيت من الصالحين الأتقياء فلا بد من أن تكون بنياته من العفيفات المتدينات، ولهذا نصح الشاعر المسلم بقوله: وإن تزوجت فكن حاذقاً واسأل عن الغصن وعن منبته واسأل عن الصهر وأحواله من جيرة وذي قربتـــــه |
|