الدكتور
حسان
شمسي باشا
ليس
في العالم كله مكان بضاهي البيت السعيد
جمالا وراحة . فأينما سافرنا ، وأنى هللنا
، لا نجد أفضل من البيت الذي تخيم عليه
ظلال السعادة . والبيت
السعيد هو ذلك البيت الذي لا خصام فيه ولا
نزاع .. الذي لا يُسمع فيه الكلام اللاذع
القاسي ، ولا النقد المرير . هو البيت
الذي يأوي إليه أفراد الأسرة فيجدون فيه
الراحة والهدوء والطمأنينة . وتقع
المسؤولية في خلق السعادة البيئية على
الوالدين . ولكننا أردنا هذا المقال أن
نبين كيف تستطيع المرأة بذكائها وحكمتها
وحسن معاملتها أن تسعد زوجها و من ثم تسعد
بيتها .
1. تذكري
أنك أنت مسؤولة عن إسعاد زوجك وأولادك ،
وتذكري أن رضا زوجك عنك يدخلك الجنة . قال
رسول الله e
: " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض
دخلت الجنة " [1]
.
2. لا
تحمِّلي زوجك ما يفوق طاقته . فلا تحشري
رغباتك ولا تكدسي طلباتك مرة واحدة ، حتى
لا يرهق زوجك فيهرب منك . وإذا أصررت على
مطالبك الكثيرة ، فقد يرفضها جميعا
ويرفضك أنت رفضا تاما ، غير آسف ولا نادم .
وتذكري ما قاله عمر بن عبد العزيز لابنه :
" إنني أخشى أن أحمل الناس على الحق
جملةً ، فيرفضونه جملةً
" .
وعن علي رضي الله عنه عن النبي e
قال : " إن الله يحب المرأة المَلِقَةَ
البزْعة
( أي الظريفة ) مع زوجها ،الحصان ( أي
الممتنعة عن غيره ) " [2]
3.
لا
تكلفيه أن يتحلى مرة واحدة بكل الصفات
والفضائل والمكارم التي تشتهين أن
تجتمع فيه . فمن النادر جدا أن تجتمع
كل تلك الصفات في شخص واحد !
4.
حين
يتزوج رجل امرأة ، يتعلق بصورتها الحلوة
كما رآها في الواقع ، ويود أن يحفظ لها
هذه الصورة سليمة صافية ساحرة طوال حياته
، فلا تشوهي صورتك التي في ذهنه . حافظي
على جمالك وأناقتك ، ونضرة صحتك ، ورشاقة
حركاتك ، وحلاوة حديثك ، ولا تتحدثي بصوت
أجش ، ولا ترددي ألفاظا سوقية هابطة ،
وإذا تخليت عن هذه السمات النسوية
المطلوبة ، أو أهملت شيئا منها ، هبطت
صورتك في نظر زوجك ، وابتعدت أنت عن
الصورة النسوية الرائعة التي ينشدها كل
رجل في امرأته .
جاء في وصف رسول الله e
للمرأة الصالحة أنه قال : " … وإذا نظر
إليها (أي
زوجته) سرَّتـه " [3] 5.
حافظي
على تدينك . التزمي بالحجاب الإسلامي ،
ولا تتساهلي في أن يرى أحدٌ شيئا من جسدك
ولو للمحة عابرة ، فإن زوجك يغار عليك
ويحرص على ألا يراك إلا من تحل له رؤيتك . تزوج
رجل بنتا أُعجب بحجابها وتدينها ، حين
ردت على صاحبتها في مناقشة مسموعة ، إذ
قالت " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله
لنا " . وقال لها إنه سيظل دائما
يتصورها بهذه الصورة الطاهرة السامية :
مؤمنة بالله ، راضية بقدره ، متمسكة
بالمبادئ السامية والأفكار الطاهرة .
ولعل زوجك يرى فيك مثل ذلك ، فلا تحطمي
صورتك في قلبه وعقله تجملي لزوجك قبل أن
يأتي إلى البيت في المساء ، فيراك في أحسن
حال . البسي ثوبا نظيفا لائقا ، واستعملي
من العطور ما يحب ، ضعي على صدرك شيئا من
الحلي التي أهداها إليك ، فهو يحب أن يرى
أثر هداياه عليك ، وكوني كما لو كنت في
زيارة إحدى صديقاتك أو قريباتك .
6. لا
تنشغلي بأعمال البيت عن زوجك ، فتظهر كل
أعمال الطهي والتنظيف والترتيب عندما
يأتي الزوج إلى بيته متعبا مرهقا . فلا
يراك إلا في المطبخ ، أو في ثياب التنظيف
والعمل !! قومي بهذه الأعمال في غيابه .
7. رتبي
بيتك على أحسن حال . غيري من ترتيب غرفة
الجلوس من حين لآخر . ضعي لمساتك الفنية
في انتقاء مواضع اللوحات أو قطع التزيين
وغيرها .
8. لا
تتحسري على العاطفة الملتهبة ، ومشاعر
الحب الفياضة وأحلام اليقظة التي كنت
تعيشين فيها قبل الزواج ، فهي تهدأ بعد
الزواج وتتحول إلى عاطفة هادئة متزنة
9. إذا
كان الرجل هو صاحب الكلمة الأولى في
العلاقة الزوجية ، فأنت المسؤولة عن
النجاح والتوافق والانسجام في الزواج .
ومهما بلغتِ من علم وثقافة ، ومنصب
وسلطان، ارضخي لزوجك والجئي إليه ، ولا
تصطدمي معه في الرأي . واهتمي في مناقشاتك
معه بأن تتبادلي الأفكار مع زوجك تبادلا
فعليا ، فتفاعل الآراء المثمر خير من
استقطابها استقطابا مدمرا . 10.
أشعري
زوجك دائما بمشاركتك له في مشاعره
وأفراحه ، وهمومه وأحاسيسه . أشعريه أنه
يحيا في جنة هادئة وادعة ، حتى يتفرغ
للعمل والإبداع والإنتاج مما يجعل حياته
حافلة مثمرة . 11.
جربي
الكلام الحلو المفيد ، والابتسامة
المشرقة المضيئة ، والفكاهة المنعشة ،
والبشاشة الممتعة ، وابتعدي عن الحزن
والغم ، والهذر واللغو ، والعبوس والتجهم
، والكآبة والاكتئاب . 12.
أظهري
لزوجك مهارتك وبراعتك وتفوقك على سائر
النساء ، وسيزداد تمسك زوجك بك ،
واعتزازه بصفاتك الشخصية ، حين تتقنين كل
شيء تعملينه . 13.
لا
تضيعي وقتك في ثرثرات هاتفية مع صاحباتك
، أو في قراءة مجلات تافهة تتحدث عن أخبار
الممثلين والممثلات ، والمغنين
والمغنيات ، وفي قراءة قصص الحب
والعلاقات الغرامية والأوهام . فما أكثر
تلك المجلات في أيامنا ، وما أكثر النساء
اللواتي يقضين معظم أوقاتهن في قراءة تلك
المجلات التافهة الهابطة .
اختاري من المجلات ما يفيد ذهنك
وعقلك وقلبك ، وما يزيدك ثقافة وتعينك
على حل
مشاكل البيت والأولاد . 15
.
اختاري من برامج التلفاز ما يفيدك ويزيدك
ثقافة وخبرة ، ولا تضيعي وقتك في
المسلسلات الهابطة والأفلام المائعة . 16
.
شجعي زوجك على النشاط الرياضي والبدني
خارج البيت . امش معه إن أمكن واستمتعا
بالهواء الطلق في عطلة نهاية الأسبوع
وكلما سنحت الفرصة لذلك . 17
تخيري
الأوقات المناسبة لعرض مشاكل الأسرة
ومناقشة حلها ، إذ يصعب حل المشاكل قبل
خروج زوجك للعمل في الصباح بسبب قلة
الوقت ، ولا تناقشي أي مشكلة عند عودته من
عمله في المساء مرهقا متعبا . ولعل المساء
هو أفضل فترة لمناقشة المشاكل ومحاولة
حلها ، ولا تناقشي مشاكل الأبناء في
حضورهم ، حتى لا يشعروا أنهم أعباء ثقيلة
عليك وعلى زوجك ، وأنهم سبب الخلاف بين
الوالدين . 18
لا
تسرعي بالشكوى إلى زوجك بمجرد دخوله
البيت من أمور تافهة مثل صراخ الأولاد .
ولا تطلبي من زوجك أن يلعب دور الشرطي
للأولاد ، يقبض على المتهم ويحاكمه أو
يضر به . 19
لا
تنتقدي سلوك زوجك أمام أطفاله ، ولا
تستعملي ألفاظا غير لائقة يرددها
الأبناء من بعدها مثل " جاء البعبع "
أو " وصل الهم " … فبعض
النساء ، إن تكاسل ولدها في المذاكرة
قالت له : لن تنجح أبدا في حياتك فأنت كسول
فاشل مثل أبيك ، وإذا مرض زوجها قللت من
أهمية مرضه ، وإن حدثها زوجها بقصة
قاطعته قائلة " لقد سمعتها من قبل .. "
وغير ذلك من الأمور التي قد تبدو تافهة
ولكنها تحمل في طياتها الكثير من الآلام
للزوج !! 20.حذار
حذار من الإفراط في الغيرة و العتاب ،
وتجنبي التصرفات التي تؤجج غيرة زوجك ،
وتبلبل أفكاره . أوصى عبد الله بن جعفر بن
أبي طالب ابنته فقال : " إياك والغيرة
فإنها مفتاح الطلاق ، وإياك وكثرة العتب
فإنه يورد البغضاء " 21.إياك
أن تغاري من حب زوجك لأمه وأبيه . فكيف
نقبل من زوجة مسلمة أن تبدأ حياتها
بالغيرة من حب زوجها لأهله ، وهو حب فطري
أوجبه الله على المسلمين لا يمس
حب زوجها لها من قريب أو بعيد ؟ وكيف
نقبل من زوجة مسلمة أن توحي لزوجها أن
يبدأ حياته معها بمعصية الله تعالى
ورسوله e
في أهله ، يعق والديه ويقطع رحمه من أجل
رضا زوجته ؟! وهو
ما أنبأ عنه الرسول e
عن تغيير حال المسلمين وأخلاقهم في
المستقبل ، فأخبر بأنه في ذلك الزمان :
" أطاع الرجل زوجته وعق أمه ، وبر صديقه
وجفا أباه " [4]
22.
لا تنقلي مشاكل بيتك إلى أهلك ، فتوغري
صدور أهلك ضد زوجك . بل حلي تلك المشاكل
بالتعاون مع زوجك . لا
تستعل على زوجك إذا ما كنت أغنى منه أو
أعلى حسبا ونسبا أو أكثر ثقافة وعلما ،
فلا يجوز استصغار الزوج وانتقاص قدره
والتعالي عليه . يقول رسول الله e
: "
لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا
تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه " [5]
. 24.لا
تمتنعي على زوجك في المعاشرة الزوجية .
قال الرسول e
: " إذا دعا الرجل
امرأته
إلى فراشه ، فلم تأته ، فبات غضبان عليها
، لعنتها الملائكة حتى تصبح " [6]
. وتذكري
أن أول حقوق للزوج على زوجه طاعتها له .
فقد قال رسول الله e
: "
لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت
المرأة أن تسجد لزوجها " [7]
. ولا
تصومي نفلا إلا بإذن زوجك . قال رسول الله e
: " لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد
إلا بإذنه ( أي في غير رمضان ) ولا تأذن في
بيته إلا بإذنه " [8] 25.
لا تنسِ فضل زوجك عليكِ ، فقد جعل النبي e
تناسي فضل الزوج سببا لدخول المرأة النار
، وسمَّاه كفراً . فعن ابن عباس – رضي
الله عنهما – قال : قال النبي e
: "
أُريتُ النار ، فإذا أكثر أهلها النساء
يكفرن " . قيل : أيكفرن بالله ؟ قال :
يكفرن العشير ( أي الزوج ) ويكفرن الإحسان
، لو أحسنت إلى إحداهن الدهرَ ، ثم رأتْ
منك شيئا قالت : ما رأيت منك خيرا قط " [9]
. 26.
حافظي على أموال زوجك ، ولا تنفقي شيئا من
ماله إلا بإذنه ، وبعد أن تستوثق من رضاه .
قال رسول الله e
: " لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا
بإذنه . قيل يا رسول الله ولا الطعام ؟ قال
: ذلك أفضل أموالنا " [10]
. وإذا
أعسر زوجك فتصدقي عليه من مالك ، وإن لم
يكن لك مال ، فاصبري على شظف العيش معه
لعل الله تعالى يفرج عليكما . 27.
إذا كنت من الأمهات العاملات ، فلا
تتصوري أن ما يحتاج إليه زوجك وأولادك هو
المال وحده ، فتغدق الأم عليهم المال
تعويضا عن تقصيرها في أداء مهامها
الإنسانية . وهيهات هيهات أن يتساوى
اللبن الصناعي مع لبن الأم الرباني
الطبيعي . أو يتساوى حنان الخادمة مع حنان
الأم .. وطعام الخادمة الكافرة مع طعام
الزوجة النظيفة ، وتربية المربية
الجاهلة مع تربية الأم الواعية . 28.
لا تضجري من عمل زوجك ، فإن أسوأ ما تصنع
بعض النساء هو إعلان الضجر من عمل الزوج .
والإعلان يكون عادة في
خلق النكد ، والدأب على الشكوى ،
واتهام الزوج بإهمالها .. واللجوء إلى بيت
أمها غضبى . 29.
تذكري أن الزوج الذي اعتاد أن يرى أمه هي
أول من تستيقظ من نومها ، ثم توقظ كل من في
البيت بعد ذلك ، وتجهز لهم الفطور ،
وتعاون الصغار في ارتداء ملابسهم ، لن
يرضى بامرأة اعتادت أن تنام حتى منتصف
الشمس في كبد السماء . !! 30.
تذكري أن البيت المملوء بالحب والسلام ،
والتقدير المتبادل والاحترام، مع
طعام مكون من كسرة خبز وماء ، خير من بيت
مليء بالذبائح واللحوم وأشهى الطعام ،
وهو مليء بالنكد والخصام !! |
|