الذي ينجي المرء من عذاب القبر بإذن الله هو أن يكون مستعدا للموت مشمرا له
، حتى
إذا فاجأه الموت لم يعض أصبع الندم ، ومن الاستعداد للموت الإسراع في التوبة ،
وقضاء الحقوق ، والإكثار من الأعمال الصالحة ، فبالإيمان والصلاة والصوم والزكاة
والحج والجهاد وبر الوالدين وصلة الأرحام ، وذكر الله عز وجل وغيرها من الأعمال
يحفظ الله عبده المؤمن ، وبها يجعل الله له من كل ضيق فرجا ، ومن كل هم مخرجا
وقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن الأعمال الصالحة تحرس الإنسان في قبره ،
يقول ابن تيمية ( في الحديث المشهور حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه أبو حاتم في صحيحه ، وقد رواه الأئمة قال : ( إن
الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه ، فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، وكان
الصيام عن يمينه ، وكانت الزكاة عن يساره ، وكان فعل الخيرات من الصدق والصلة
والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي
مدخل ، ثم يؤتى عن يمينه ، فيقول الصيام: ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يساره ، فتقول
الزكاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى من قبل رجليه ، فيقول فعل الخيرات من الصدقة
والصلة والإحسان إلى الناس : ما قبلي مدخل ، فيقال له : اجلس ، قد مثلت له
الشمس وقد دنت للغروب ، فيقال له : ما هذا الرجل الذي كان فيكم ، ما تقول فيه ؟
فيقول : دعوني ، حتى أصلي ، فيقولون : إنك ستفعل، أخبرنا عما نسألك عنه ، فقال : عم
تسألوني ؟ فيقولون : ما تقول في هذا لرجل الذي كان فيكم ، ما تشهد به ؟ فيقول :
أشهد أنه رسول الله وأنه جاء بالحق من عند الله ، فيقال: على ذلك حييت ، وعلى ذلك
مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله تعالى، ثم يفتح له بابا من أبواب الجنة ، فيقال له
: ذلك مقعدك منها، وما أعد الله لك فيها ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفتح له بابا من
أبواب النار ، فيقال : ذلك مقعدك منها ، وما أعد الله لك فيها [ لو عصيت الله ] ،
فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا ، وينور له فيه ، ويعاد جسده
كما بدئ ، وتجعل نسمته في نسم الطيب ، وهي طير تعلق في شجر الجنة )
الاستعاذة بالله من عذاب القبر : لما كانت فتنة
عذاب القبر من الأهوال الكبار ، والشدائد العظيمة ،
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من ذلك في صلاته وفي غير
الصلاة ، وكان يأمر أصحابه بذلك. فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يدعوا فيقول : ( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ، والجبن والبخل
والهرم ، وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ) رواه أحمد
وعن عائشة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( اللهم إني أعوذ
بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم ، ومن فتنة القبر ، وعذاب القبر .. ) ، عزاه
الألباني في صحيح الجامع إلى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وكان الرسول صلى الله
عليه وسلم يقول لأصحابه ( تعوذوا من عذاب القبر ) ، فيقولون : ( نعوذ بالله من عذاب
القبر ) رواه مسلم وكان يقول لهم: ( استجيروا بالله من عذاب القبر ، فإن عذاب القبر
حق ) رواه الطبراني وكان يأمرهم أن يستعيذوا من أربع فيقول ( استعيذوا بالله من
عذاب القبر، استعيذوا بالله من جهنم ، استعيذوا بالله من فتنة المسيح الدجال ،
استعيذوا بالله من فتنة المحيا والممات ) ، عزاه في صحيح الجامع إلى الترمذي
والنسائي وكان يأمرهم بالاستعاذة في الصلاة بعد التشهد من عذاب القبر ، فعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا تشهد أحدكم
فليستعذ بالله من أربع . يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ،
ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال) رواه مسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
|
|