مواعظ وحكم
قصيدة طويلة طنانة تشتمل على مواعظ وحكم فلنأت بها بتمامها للفائدة،
وهي لأبو الفتح علي بن محمد البستي، صاحب النظم والنثر ويقال: انها لأمير المؤمنين الراضي بالله
مواعظ وحكم |
زيادة المرء في دنياه نقصان وربحه غير محض الخير خسران وكل وجدان حظ لا ثبات له فإن معناه في التحقيق فقدان يا عامرا لخراب الدهر مجتهداً بالله هل لخراب العمر عمران ويا حريصاً على الأموال يجمعها أنسيت أن سرور المال أحزان زع الفؤاد عن الدنيا وزخرفها فصفوها كدر والوصل هجران وأوع سمعك أمثالاً أفصلها كما يفصل ياقوت ومرجان أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان، إحسان وكن على الدهر معواناً لذي أمل يرجو نداك فإن الحر معوان من جاد بالمال مال الناس قاطبة إليه والمال للإنسان فتان من كان للخير مناعاً فليس له عند الحقيقة إخوان وأخدان لاتخدشن بمطل وجه عارفة فالبر يخدشه مطل وليان يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته أتطلب الربح مما فيه خسران أقبل على النفس فاستكمل فضائلها فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان من يتق الله يحمد في عواقبه ويكفه شر من عزوا ومن هانوا حسب الفتى عقله خلا يعاشره إذا تحاماه إخوان وخلان لا تستشر غير ندب حازم فطن قد استوى منه إسرار وإعلان فللتدابير فرسان إذا ركضوا أبروا كما للحرب فرسان وللأمور مواقيتت مقدرة وكل أمر له حد وميزان من رافق الرفق في كل الأمور فلم يندم عليه ولم يذممه إنسان ولا تكن عجلاً في الأمر تطلبه فليس يحمد قبل النضج بحران وذو القناعة راض في معيشته وصاحب الحرص ان أثرى فغضبان كفى من العيش مما قد سد من رمق ففيه للحران حققت غنيان هما رضيعا لبان حكمة وتقى وساكناً وطن مال وطغيان من مد طرفاً بفرط الجهل نحو هوى أغضى عن الحق يوماً وهو خزيان من استشار صروف الدهر قام له على حقيقة طبع الدهر برهان من عاشر الناس لاقى منهم نصباً لأن طبعهم بغي وعدوان ومن يفتش على الإخوان مجتهداً فجل إخوان هذا الدهر خوان من يزرع الشر يحصد في عواقبه ندامة ولحصد الزرع إبان من استنام إلى الأشرار نام وفي قميصه منهم صل وثعبان من سالم الناس يسلم من غوائلهم وعاش وهو قرير العين جذلان من كان للعقل سلطان عليه غدا وما على نفسه للحرص سلطان وإن أساء مسيء فليكن لك في عروض زلته صفح وغفران إذا نبا بكريم موطن فله رواءه في بسيط الأرض أوطان لا تحسبن سروراً دائماً أبداً من سره زمن ساءته أزمان يا ظالماً فرحاً بالعز ساعده إن كنت في سنة فالدهر يقظان يا أيها العالم المرضي سيرته أبشر فأنت بغير الماء ريان ويا أخا الجهل لو أصبحت في لجج فأنت ما بينها لا شك ظمآن دع التكاسل في الخيرات تطلبها فليس يسعد بالخيرات كسلان صن حر وجهك لا تهتك غلالته شكل حر لحر الوجه صوان لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم غرائز لست تحصيها وألوان ما كل ماء كصداء لوارده نعم ولا كل نبت فهو سعدان من استعان بغير الله في طلب فإن ناصره عجز وخذلان واشدد يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان لا ظل للمرء يغني عن تقى ورضا وإن أظلته أوراق وأفنان سحبان من غير مال باقل حصر وباقل في ثراء المال سحبان والناس إخوان من والته دولته وهم عليه إذا عادته أعوان يا رافلاً في الشباب الرحب منتشياً من كأسه هل أصاب الرشد نشوان لا تغترر بشباب ناعم خضل فكم تقدم قبل الشيب شبان ويا أخا الشيب لو ناصحت نفسك لم يكن لمثلك في الإسراف إمعان هب الشبيبة تبدي عذر صاحبها ما بال شيبك يستهويه شيطان كل الذنوب فإن الله يغفرها إن شيع المرء إخلاص وإيمان وكل كسر فإن الله يجبره وما لكسر قناة الدين جبران أحسن إذا كان إمكان ومقدرة فلا يدوم على الإنسان إمكان فالروض يزدان بالأنوار فاغمة والحر بالعدل والإحسان يزدان خذها سرائر أمثال مهذبة فيها لمن يبتغي التبيان تبيان ما ضر حسابها والطبع صائغها إن لم يصغها قريع الشعر حسان |
نقلا عن حياة الحيوان الكبرى