مَا أبْعَدَ مَا فَاتَ ومَا أقْرَبَ
ما هُوَ آتٍ
عَنْ أَبِى
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « الْمُؤْمِنُ
الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ
خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ
أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ
قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ
عَمَلَ الشَّيْطَانِ ».صحيح مسلم
قيل أنّ
رجلاً من بني إسرائيل صاد قُنبَّرة " طير صغير "، فقالت: ما تُريد أن تَصنع
بي؟
قال: أذبحك
فآكلُك؟
قالت: واللّهِ
ما أشْفي من قَرَم ولا أغْنى من جُوع، ولكنِّي
أعلِّمك ثلاثَ خِصال هي خَيْر لك من أَكْلي: أما الواحدة فأعلِّمك إياها وأنا في يدك،
والثانيةُ إذا صرتُ على هذه الشجرة، والثالثة إذا صِرْت على هذا الجَبل.
فقال: هاتِ
" الأولى " . قالت: لا تَتَلَهَّفنَّ علٍى ما فاتك، فخلَّى عنها.
فلما صارتْ
فوْقَ الشجرة، قال: هاتِ الثانيةَ؟
قالت: لا تصِدِّقن
بما لا يكون أنه يكون، ثم طارت فصارت على الجبل؛ فقالت: يا شَقيّ،
لو ذَبحتني لأخْرجت من حَوْصلتي درَّة وَزْنها عشرون مثقالا.
قال: فَعَضّ
علىٍ شَفَتَيْه وتلهّف، ثم قال: هاتِ الثالثة؛
قالت له:
أنت قد نَسِيت الاثنتين، فكَيف أعلّمك الثالثة؟ ألم أقل لك: لا تتلهفنَّ
على ما فاتك؟ فقد تلهفت عَلَيّ إذ فُتُّك، وقلت لك:
لا تُصَدِّقن بما لا يكون أنه يكون، فصدّقت، أنا وعَظْمِي
وريشي لا أَزن عشرين مثقالا، فكيف يكون في حوْصلتي ما يزنها!
القَرَم: وهو شدة
شهوة اللحم حتى لا يُصبَر عنه يقال قَرِمت إِلى اللحم.