بسم الله الرحمن الرحيم

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)

 

( وَيْلٌ ) وَيْلٌ عذاب شديد وهلاك، ( لِكُلِّ هُمَزَةٍ ) : لكل مغتاب للناس، يغتابهم ويبغضهم، كما قال زياد الأعجم:

تُدلِي بوُدِّي إذا لاقَيْتَنِي كَذِبا... وَإنْ أُغَيَّبْ فأنتَ الهامِزُ اللُّمَزَهْ

ويعني باللمزة: الذي يعيب الناس، ويطعن فيهم. وقال بعض العلماء : الهمز يكون بالفعل كالغمز بالعين احتقاراً وازدراء ، واللمز باللسان ، وتدخل فيه الغيبة .وقد صرح الله تعالى بالنهي عن ذلك في قوله : { وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضا } [ الحجرات : 12 ] ونفر عنه غاية التنفير في قوله تعالى { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } [ الحجرات : 12 ] فيجب على المسلم أن يتباعد كل التباعد من الوقوع في عرض أخيه . ولهذا قال تعالى: { وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ } ، قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومقاتل بن حَيَّان : أي : لا يطعن بعضكم على بعض. وقوله : { وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ } أي : لا تتداعوا بالألقاب ، وهي التي يسوء الشخص سماعها.

قال ابن عباس: { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ }  هم المشّاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة. وقال سعيد بن جبير، وقتادة: "الهمزة" الذي يأكل لحوم الناس ويغتابهم، و "اللمزة": الطعان عليهم. وقال سفيان الثوري: ويهمز بلسانه ويلمز بعينه. ومثله قال ابن كيسان: "الهمزة" الذي يؤذي جليسه بسوء اللفظ و "اللمزة" الذي يومض بعينه ويشير برأسه، ويرمز بحاجبه وهما نعتان للفاعل، نحو سُخَرة وضُحَكة: للذي يسخر ويضحك من الناس.