"وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"

 

يقول ابن الجوزي: من لم يعتز بطاعة الله لم يزل ذليلا ، ومن لم يستشف بكتاب الله لم يزل عليلا ، ومن لم يستغن بالافتقار الى الله فهو الدهر فقيرا ، ومن لم يتحقق بالعبودية لله فهو لكل شيء عبد وفي قبضة الله كل اسير ، ومن لم يتترس التوكل على الله اصابه كل رام .

 

سَلِ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ وَاتَّقِـهِ ... فَإِنَّ التُّقَى خَيْرُ مَا يُكْتَسَبْ

وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَصْنَعْ لَـهُ ... وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبْ

 

التوكل والتفويض: التّفويض ألطف إشارة، وأوسع معنى من التّوكّل، والتّوكّل يكون بعد وقوع السّبب، أمّا التّفويض فإنّه يكون قبل وقوع السّبب وبعده، والتّفويض هو عين الاستسلام، أمّا التّوكّل فهو شعبة منه.

 

رَضِيتُ بِمَا قَسَمَ اللهُ لِـي ...وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَى خَالِقِي

فَقَدْ أَحْسَنَ اللهُ فِيمَا مَضَى ... وَيُحْسِنُ إِنْ شَاءَ فِيمَا بَقِي

 

وقال ابن القيّم: لو قال قائل: التّوكّل فوق التّفويض، وأجلّ منه وأرفع لكان مصيبا، ولهذا كان القرآن الكريم مملوءا به (أي بالتّوكّل) أمرا وإخبارا عن خاصّة اللّه وأوليائه، وصفوة المؤمنين، وأمر اللّه به رسوله في مواضع عديدة من كتابه .

 

أمّا التّفويض فلم يجىء في القرآن الكريم إلّا فيما حكاه المولى عزّ وجلّ عن مؤمن آل فرعون، وذلك قوله عزّ وجلّ: فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (44) فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (45) « غافر: 44- 45 » ، ثمّ خلص إلى القول: إنّ اتّخاذ المولى عزّ وجلّ وكيلا هو محض العبوديّة، وخالص التّوحيد، إذا قام به صاحبه حقيقة، وهو بذلك أوسع من التّفويض، وأعلى وأرفع.

 

يقول عزّ وجلّ في سورة ابراهيم : وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12).

 

مراجع :نظرة النعيم في مكار الاخلاق/ مدارج السالكين / التذكرة في الوعظ.

 

للإشتراك في مجموعة وبشر الصابرين  ارسل رسالة فيها " اشتراك "