« رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ »

 

عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَاعِفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ. صحيح البخاري

عن محمد بن المنكدر قال قحط أهل المدينة سنة فخرجوا يستسقون فلم يسقوا ، فلما كان من الليل صليت عشاء الآخرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم جئت فتساندت إلى سارية في المسجد أجلس أصلي إليها بالليل ، فجاء رجل أسود تعلوه صفرة متزر بكساء وعلى رقبته كساء أصغر منه فتقدم إلى السارية التي بين يدي وكنت خلفه فقام فصلى ركعتين ثم جلس فقال أي رب خرج أهل حرم نبيك يستسقون فلم تسقهم فأنا أقسم عليك لما سقيتهم .

 قال ابن المنكدر: فقلت مجنون ! قال: فما وضع يده حتى سمعت الرعد ثم جاءت السماء بشيء من المطر أهمني الرجوع إلى أهلي ، فلما سمع المطر حمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها قط ، ثم قال: ومن أنا وما أنا حيث إستجبت لي ولكن عذت بحمدك وعذت بطولك ثم قام فتوشح بكسائه الذي كان متزرا به وألقى الكساء الآخر الذي كان على ظهره في رجليه ثم قام فلم يزل قائما يصلي حتى إذا أحسن الصبح سجد وأوتر وصلى ركعتي الصبح ثم أقيمت صلاة الصبح فدخل في الصلاة مع الناس ودخلت معه فلما سلم الإمام قام فخرج وخرجت خلفه حتى انتهى إلى باب المسجد فخرج يرفع ثوبه ويخوض الماء فخرجت خلفه رافعا ثوبي أخوض الماء فلم أدر أين ذهب ، فلما كانت الليلة الثانية صليت العشاء في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم جئت إلى ساريتي فتوسدت إليها وجاء فقام فتوشح بكسائه وألقى الكساء الآخر الذي كان على ظهره في رجليه وقام يصلي فلم يزل قائما حتى إذا خشي الصبح سجد ثم أوتر ثم صلى ركعتي الفجر وأقيمت الصلاة فدخل مع الناس فيالصلاة ودخلت معه فلما سلم الإمام خرج من المسجد وخرجت خلفه فجعل يمشي وأتبعه حتى دخل دارا قد عرفتها من دور المدينة ورجعت إلى المسجد

 فلما طلعت الشمس وصليت خرجت حتى أتيت الدار فإذا أنا به قاعد يخرز وإذا هو إسكافي فلما رآني عرفني وقال: أبا عبد الله مرحبا ألك حاجة تريد أن أعمل لك خفا ؟. فجلست فقلت ألست صاحبي بارحة الأولى فاسود وجهه وصاح بي وقال ابن المنكدر ما أنت وذاك قال وغضب ففرقت والله منه وقلت أخرج من عنده الآن.

 فلما كان في الليلة الثالثة صليت العشاء الآخرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم أتيت ساريتي فتساندت إليها فلم يجيء ، قلت إنا لله ما صنعت ؟ فلما أصبحت جلست في المسجد حتى طلعت الشمس ثم خرجت حتى أتيت الدار التي كان فيها فإذا باب البيت مفتوح وإذا ليس في البيت شيء فقال لي أهل الدار يا أبا عبد الله ما كان بينك وبين هذا أمس قلت ماله ؟. قالوا لما خرجت من عنده أمس بسط كساءه في وسط البيت ثم لم يدع في بيته جلدا ولاقالبا إلا وضعه في كسائه ثم حمله ثم خرج فلم ندر أين ذهب ، قال محمد بن المنكدر فما تركت بالمدينة دارا أعلمها إلا طلبته فيها فلم أجده رحمه الله " نقلا من كتاب صفة الصفوة "

{ ذِي الطَّوْلِ } أي: التفضل والإحسان الشامل.