بذل النصيحة وقبولها
قال تعالى :{وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ
أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ
لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ }القصص20
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ
أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » قُلْنَا لِمَنْ قَالَ «
لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ». صحيح مسلم
ينبغي على الناصح عند بذل النصيحة اللين وإختيار
المكان و الزمان فقد قيل: لكل مقام مقال وخير القول ما وافق الحال ، وكلما كانت النصيحة في السر كانت أدعى للقبول
، يقول
مسعر بن كدام: رحم الله من أهدى إلىّ عيوبي في ستر بيني وبينه،
فإن النصيحة في الملأ تقريع. وقال ابن رجب رحمه الله: كان السلف إذا أرادوا نصيحة
أحد وعظوه سرًا حتى قال بعضهم: من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على
رؤوس الناس فإنما وبخه. {جامع العلوم والحكم}، يقول الشافعي يرحمه الله تعالى :
تعمَّدني بنصحك في انفرادي ... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ... من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي
... فلا تجـزع إذا لم تعط طاعة
ومما يَجب للصدًيق على الصَّديق النصيحةُ جَهْده،
فقد قالوا: صدِيق
الرجل مِرْآته تُريه حَسناتِه وسيّآته.
يقول الشيخ صالح المغامسي : ينبغي
على من يتلقى النصيحة أن يتقبلها بقبولٍ حسن ويعلم أن الباعث من أخيهِ أو من أُختهِ
على النُصح هو أرادة الخير لهم ولا يكُن فينا سوء ظنٍ ببعضنا البعض ، لأنهُ لا يأنف
من النُصح أحد ، كُلنا ننصح وكُلنا يُنصح كلٌ بحسب ما أفاء الله جل وعلا عليهِ من العلم
، وقد وقف هدهد بين يدي سُليمان وقال { أَحَطتُ
بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ }النمل22 فليس معنى أنني أنصحُك أنني خيرٌ منك. إنتهى كلامه
قال بعض الحكماء: رجلان ظالمان يأخذان غير
حقّهما، رجلٌ وسّع له في مجلس ضيّق فتربّع وتفتح، ورجلٌ أهديت إليه نصيحةٌ فجعلها ذنباً.
وإياك وقبول نصيحة العدو والحاسد والنمام
والجاهل ولك عبرة في ابليس نصح آدم عليه السلام فأخرجه من الجنة {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ }الأعراف21