كراهية الشهرة من الثياب
قال الله تعالى : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) الأعراف/ 32 .
قال القرطبي رحمه الله : دلت الآية على لباس الرفيع من الثياب ، والتجمل بها في الجمع ، والأعياد ، وعند لقاء الناس ، ومزاورة الإخوان ... قال أبو العالية : كان المسلمون إذا تزاوروا تجمَّلوا . " تفسير القرطبي 7 / 196. "
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ : ( مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِهِ ) . رواه ابن ماجه ( 1095 ) وصححه البوصيري ، والألباني في " صحيح ابن ماجه " .
وعن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ ثَوْباً مِثْلَه ) . وفي رواية بزيادة ( ثُمَّ تَلهبُ فِيهِ النَّار ) ، وفي رواية أخرى ( ثَوْبَ مَذَلَّة ) . رواه أبو داود ( 4029 ) وابن ماجه ( 3606 ) و ( 3607 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب " 2089 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وتكره الشهرة من الثياب ، وهو المترفع الخارج عن العادة ، والمتخفض الخارج عن العادة ؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين : المترفع والمتخفض ، وفى الحديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة " ، وخيار الأمور أوساطها . " مجموع الفتاوى " 22 / 138.
وقال رحمه الله : والثوب الذي هو للشهرة : هو الثوب الذي يُقصد به الارتفاع عند الناس ، وإظهار الترفع ، أو التواضع والزهد ." مختصر الفتاوى المصرية " 2 / 50 .
وقال ابن تيمية رحمه الله: ومَن لبس جميل الثياب إظهاراً لنعمة الله واستعانة على طاعة الله : كان مأجوراً ، ومَن لبسه فخراً وخيلاء : كان آثماً ؛ فإن الله لا يحب كل مختال فخور ." مجموع الفتاوى " 22 / 139
قال أبو الفرج ابن الجوزي : كان السّلف يلبسون الثّياب المتوسّطة ، لا المترفّعة ، ولا الدّون ، ويتخيّرون أجودها للجمعة والعيدين وللقاء الإخوان ، ولم يكن تخيّر الأجود عندهم قبيحاً . انظر " تفسير القرطبي " ( 7 / 197 ) و " الموسوعة الفقهية " 6 / 139
قال القرطبي رحمه الله : وقد اشترى تميم الداري حلة بألف درهم كان يصلي فيها ، وكان مالك بن دينار يلبس الثياب العدنية الجياد ، وكان ثوب أحمد بن حنبل يُشترى بنحو الدينار ... أين هذا ممن يرغَب عنه ، ويؤثر لباس الخشن من الكتان والصوف من الثياب ! ، ويقول : " ولباس التقوى ذلك خير " هيهات ! أتَرى مَن ذكرنا تركوا لباس التقوى ، لا والله ! بل هم أهل التقوى ، وأولو المعرفة والنُّهى ، وغيرهم أهل دعوى ، وقلوبهم خالية من التقوى ." تفسير القرطبي "7 / 196" .
وقد ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول :
أَجِدِ الثيابَ إذا اكتسيتَ فإنَّها *** زين الرجال بها تُعزُّ وتُكرم
ودع التواضع في الثياب تخشعا *** فالله يعلم ما تَجنُّ وتَكتُم
فرثاث ثوبك لا يزيدك زلفة *** عند الإله وأنت عبد مجرم
وبهاء ثوبك لا يضرك بعد أن *** تخشى الإله وتتقي ما يحرم
وعلَّق عليها ابن كثير بقوله : وهذا كما جاء في الحديث : « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ». رواه مسلم - البداية والنهاية
وفي صحيح البخاري بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ "صحيح البخاري
منقول باختصار وتصرف يسير من الإسلام سؤال وجواب