حســـد الأقــران
عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" دبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ , الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ ؛ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ , لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ , وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ "انظر صَحِيح الْجَامِع : 3361 / 1 ، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2695
القرين : النظير ، كأنهما يقترنان أي يجتمعان في الفضل أو العلم أو الجمال أو المنصب أو الغنى ... الخ ، يقال هو منقطع القَرين أي لا نظير له يقول الشاعر:
رأيت عَرَابَةَ الأَوْسِيِّ يَسْمُو ... إلى الخَيْرَاتِ مُنْقَطِعَ القَرِينِ
ان أكثر ما يوجد الحسد بين الأقران ، فالحسد تجده بين العالم والعالم ، والتاجر يحسد التاجر ، والطالب يحسد الطالب ، والنجار يحسد النجار والخباز يحسد الخباز ، والقصاب يحسد القصاب والضَّرة تحسد الأخرى والجارة تحسد جارتها...الخ ، وكان يقال: الحسد في الجيران، والعدواة في الأقارب . وروي عن ابن عباس أنه قال" لا تقبلوا كلام الفقهاء بعضهم في بعض فإنهم يتغايرون كما يتغاير التيوس في الزريبة".
وقال شعبة "احذروا غيرة أصحاب الحديث بعضهم على بعض، فلهم أشد غيرة من التيوس"، ويقول الحسن بن أبي جعفر سمعت مالك بن دينار يقول: أجيز شهادة القراء في كل شيء إلا بعضهم على بعض وجدتهم أشد تحاسدا من التيوس " أنظر كتاب العزلة للإمام الخطابي" .
ولذلك لما نظر أهل السنة إلى ذلك قرروا قاعدة مهمة في هذا الباب وهي قولهم : كلام الأقران يطوى ولا يروى فما أجملها من قاعدة والوصية في الحياة وبعد الممات لمن نقل له شيء من ذلك بالصبر واحتساب الأجر ولا يرد فإن مثل هذه الفتن تزداد بالرد، واصبر على حسد الحسود فإن صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله ، وازجر الناقل وذكره بالله فإن من نقل لك نقل عنك ، ومن نمّ لك نمّ عليك، ولتستغفر لإخوانك وادع لهم بالصلاح والهداية فإنه بذلك يزداد قدرك عند الله وعند الخلق ، فأما الأخذ والرد والقيل والقال فإنها تزيد الأمر سوءاً ولا فائدة تجنى منها ويعود الأمر في آخره إلى الانتصار للنفوس لا إلى الوصول للحق وهذا شيء مجرب . "هذه الفقرة من كتاب المناظرات وآداب الحوار "