أبو دلامة

( 000 - 161 هـ = 000 - 778 م)

أبو دلامة: زند بن الجون الاسدي بالولاء، شاعر مطبوع، كان صاحب نوادر وحكايات وأدب ونظم، وكان شاعراً فصيحاً، وماجناً مليحاً ، أسود اللون جسيم ،كان أبوه عبدا لرجل من بني أسد وأعتقه. نشأ في الكوفة واتصل بالخلفاء من بني العباس، فكانوا يستلطفونه ويغدقون عليه صلاتهم، وله في بعضهم مدائح.وكان يتهم بالزندقة لتهتكه، وأخباره كثيرة متفرقة.

 

وخاصم أبو دلامة رجلا فارتفعا إلى عافية القاضي فلما رآه أبو دلامة أنشد يقول

لقد خاصمتني دهــاة الرجال ...  وخاصمتها سنة وافيه

فمـا أدحض الله لي حـجة     ... ولا خيب الله لي قافيه

ومن خفت من جوره في القضاء ... فلست أخافك يا عافيه

 فقال عافية لأشكونك إلى أمير المؤمنين ولأعلمنه أنك هجوتني قال له أبو دلامة إذا والله يعزلك ، قال ولم قال لأنك لا تعرف الهجاء من المدح قال فبلغ ذلك المنصور فضحك وأمر له بجائزة.

 

خرج مع المهدي إلى الصيد فرمى المهدي وعلي بن سليمان ظبيا سنح لهما وقد أرسلت عليه الكلاب بسهمين فأصاب المهدي الظبي وأصاب علي بن سليمان الكلب فقتلاهما ، فضحك المهدي وقال لأبي دلامة: قل. فقال:

قد رمى المهدي ظبياً ... شك بالسهم فؤاده

وعلي بن سليمــا ... ن رمى كلباً فصاده

فهنيئاً لهمـــا ك ... ل امرئ يأكل زاده

 

وكتب أبو دلامة إلى عيسى موسى، وهو والي الكوفة رقعة فيها هذه الأبيات:

إذا جئــت الأمير فقل سلام ... عليك ورحمة الله الرحيم

فأما بعد ذاك فلي غـــريم ... من الأنصار قبح من غريم

لزوم ما علمت لباب داري ... لزوم الكلب أصحاب الرقيم

له مائة علي ونصف أخرى ... ونصف النصف في صك قديم

دراهم ما انتفعت بها ولكن ... وصـلت بها شيوخ بني تميم

أتوني بالعشيرة يســألوني ... ولـم أك في العشيرة باللئيم

قال: فبعث إليه بمائة ألف درهم.

 

ودخل أبو دلامة على المهدي، وعنده محمد بن الجهم وزيره، وكان المهدي يستثقله فقال له: أبا دلامة، والله لا تبرح مكانك حتى تهجو أحد الثلاثة. فهم أبو دلامة بهجاء ابن الجهم فخاف شره فازداد حيرة ، فرأى ان هجاء نفسه أقل ضرراً عليه فقال:

ألا أبلغ لديك أبا دلامة ... فلست من الكرام ولا كرامه

 جمعت دمامة وجمعت لؤما ... كذاك اللؤم تتبعه الدمامه

 إذا لبس العمامة قلت قردا ... وخنزيرا إذا نزع العمامه

 فضحك القوم ولم يبق منهم أحدا إلا أجازه

 

وعرض أبو دلامة ليزيد بن مزيد، وهو قادم من الري، فأخذ بعنان فرسه وأنشده:

إني حلفت لئن رأيتك سالماً ... بقرى العراق وأنت ذو وفر

لتصــلين على النبي محمد ... ولتملأن دراهمـاً حجري

فقال له: أما الصلاة على النبي فصلى الله عليه وسلم، وأما الدراهم فإلى أن أرجع إن شاء الله. فقال له: لا تفرق بينهما، لا فرق الله بينك وبين محمد في الجنة! فاستسلفها من أصحابه وصبها في حجره حتى أثقله.

 

ودخل أبو دلامة على المهدي فأسمعه مديحاً له فيه، فأعجبه وقال له: سل حاجتك. قال: كلب صيد أصطاد به. قال: قد أمران لك بكلب تصطاد به. قال: وغلام يقود الكلب. قال: وغلام يقود الكلب. قال: وخادم تطبخ لنا الصيد. قال: وخادم. قال: ودار نسكنها. قال: وداراً تسكنها. قال: وجارية آوي إليها. قال: وجارية. قال: بقي الآن المعاش. قال: قد أقطعناك ألف جريب عامر، وألف جريب غامرة. قال: وما الغامرة؟ قال: التي لا تعمر. قال: فأنا أقطع أمير المؤمنين خمسين ألفاً من فيافي بني أسد. قال: فإنا نجعلها عامرة كلها.