بهلـول المجنون
بهلول بن عمرو، أبو وهيب الصيرفي ، من أهل الكوفة
ولد في الكوفة وتوفي في بغداد نحو سنة 190هـ.
قال محمد بن إسماعيل بن
أبي فديك سمعت بهلولاً في بعض المقابر وقد دلى رجله في قبر وهو يلعب في التراب فقلت
له ما تصنع ها هنا ؟
فقال أجالس أقواماً لا
يؤذونني وإن غبت عنهم لا يغتابونني ، فقلت قد غلا السعر فهلا تدعو الله فيكشف، فقال
والله لا أبالي ولو حبة بدينار، إن الله تعالى أخذ علينا أن نعبده كما أمرنا وعليه
أن يرزقنا كما وعدنا، ثم صفق بيديه وأنشأ يقول:
يا من تمتع بالدنيـا وزينتهــا ... ولا تنام
عن اللذات عيناه
شغلت نفسك فيما لست تدركه ... تقول للّه ماذا
حين تلقاه
قال الحسن بن سهل بن منصور
سمعت بهلولاً وقد رماه الصبيان بالحصى وقد أدمته حصاة فقال:
حسبي اللّه توكلت عليه ... ونواصـي الخلق طـراً
بيديه
ليس للهــارب في مهربه ... أبداً من روحــة
إلا إليه
رب رام لي بأحجار الأذى ... لم أجد بداً من
العطف عليه
فقلت له تعطف عليهم وهم
يرمونك، قال اسكت لعل الله سبحانه وتعالى يطلع على غمي ووجعي وشدة
فرح هؤلاء فيهب بعضنا لبعض.
قال عمر بن جابر الكوفي
مر بهلول بصبيان كبار فجعلوا يضربونه فدنوت منه فقلت لم لا تشكوهم لآبائهم ؟ فقال لي اسكت فلعلي إذا
مت يذكرون هذا الفرح فيقولون رحم الله ذلك المجنون ! .
قال بعض أهل الكوفة ولد
لبعض أمراء الكوفة ابنة فساءه ذلك فاحتجب وامتنع من الطعام والشراب فأتى بهلول حاجبه
فقال إئذن لي على الأمير، هذا وقت دخولي عليه، فلما وقف بين يديه قال:
أيها الأمير ما هذا الحزن أجزعت - لها أنها بنت - أيسرك أن لك مكانها ابنا مثلي
؟
قال: ويحك فرجت عني فدعا بالطعام وأذن للناس.
قال علي السيرافي حمل الصبيان
يوماً على بهلول، فانهزم منهم فدخل دار بعض القرشيين ورد الباب، فخرج صاحب الدار فأحضر
له طبقاً فيه طعام فجعل يأكل ويقول: {فَضُرِبَ بَيْنَهُم
بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ
الْعَذَابُ}الحديد13
وعبث به الصبيان يوماً ففر
منهم والتجأ إلى دار بابها مفتوح فدخلها، وصاحب الدار قائم له ضفيرتان ، فصاح به: ما أدخلك داري ؟ فقال: {قَالُوا يَا ذَا
الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي }الكهف.
قال
محمد بن عبد الله بينا أنا في مسجد الكوفة يوم الجمعة والخطيب يخطب، إذ قام رجل به
لمم وجنون فقال: أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ً، فقام بهلول فقال { وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ
مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }طه114 .