شر من بطنه

"مَا ملأَ آدمِيٌّ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطنِه"

عن أبي كَريمَةَ المِقْدامِ بن معْدِ يكَرِب رضي اللَّه عنه قال: سمِعتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقَولُ: " مَا ملأَ آدمِيٌّ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطنِه، بِحسْبِ ابن آدمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبُهُ، فإِنْ كَانَ لا مَحالَةَ، فَثلُثٌ لطَعَامِهِ، وثُلُثٌ لِشرابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ" .رواه الترمذي وقال: حديث حسن ...   أُكُلاتٌ: أَيْ لُقمٌ.

 

المعنى العام للحديث:

هذا الحديث أصل جامع لأصول الطب كلها، فقد روي أن ابن ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الحديث في "كتاب" أبي خيثمة، قال: لو استعمل الناس هذه الكلمات، سلموا من الأمراض والأسقام، ولتعطلت المارستانات " المستشفيات " ودكاكين الصيادلة، وإنما قال هذا؛ لأن أصل كل داء التخم، كما قال بعضهم: أصل كل داء البردة .

وقال الحارث بن كلدة طبيب العرب: الحمية رأس الدواء، والبطنة رأس الداء .وقال أيضاً: الذي قتل البرية، وأهلك السباع في البرية، إدخال الطعام على الطعام قبل الانهضام

وندب صلى الله عليه وسلم مع التقلل من الأكل والاكتفاء ببعض الطعام إلى الإيثار الباقي منه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "طعامُ الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة، وطعام الثلاثة يكفي الأربعة". البخاري(5392)، ومسلم(2058) والترمذي(1820). وليس عندهم" طعام الواحد يكفي الاثنين".

 

 وكان السلف الصالح يندبون إلى التقليل من الأكل فقد جاء أن الحسن البصري قال:"يا ابن آدم كل في ثلث بطنك، واشرب في ثلث، ودع ثلث بطنك يتنفس لتتفكر.

 

قال محمد ابن واسع : "من قل طعامه، فهم، وأفهم، وصفا، ورق، وإن كثرة الطعام ليقل صاحبه عن كثير مما يريد".

 

وعن إبراهيم بن أدهم قال: من ضبط بطنه، ضبط دينه، ومن ملك جوعه، ملك الأخلاق الصالحة، وإن معصية الله بعيدة من الجائع، قريبة من الشبعان، والشبع يميت القلب، ومنه يكون الفرح والمرح والضحك. 

 

وقد روى المروذي عن أبي عبد الله قول ابن عمر هذا من وجوه، فروى بإسناده عن ابن سيرين، قال: قال رجل لابن عمر: ألا أجيئك بجوارش؟ قال: وأيُّ شيء هو؟ قال: شيءٌ يهضم الطعام إذا أكلته، قال: ما شبعتُ منذ أربعة أشهر، وليس ذاك أني لا أقدر عليه، ولكن أدركت أقواماً يجوعون أكثرَ مما يشبعون".

 

وعن الشافعي قال: ما شبعتُ منذ ستَّ عشرة سنة إلاشبعة اطرحتها؛ لأن الشبع يُثقِلُ البدن، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.

قال لقمان لابنه: "يا بني، لا تأكل شيئاً على شبع، فإنك إن تتركه للكلب، خير لك من أن تأكله"

وعن عمرو بن قيس أنه قال:"إياكم والبطنة فإنها تقسي القلب".

وعن قثم العابد قال: كان يقال: ما قلَّ طعامُ امرىءٍ قطُّ إلا رقَّ قلبه، ونديت عيناه"

قال الفضيل بن عياض رحمه الله : "ثنتان تقسيان القلب: كثرة الكلام، وكثرة الأكل" . 

منقول بإختصار ...،،،