« من رضي بشيء كفاه »
يقول إبراهيم بن بشار الصوفي خرجت أنا وإبراهيم بن أدهم ، وأبو يوسف الغسولي ، وأبو عبد الله السنجاوي نريد الإسكندرية ، فمررنا بنهر يقال له نهر الأردن فقعدنا نستريح ، وكان مع أبي يوسف كسيرات يابسات ، فألقاهن بين أيدينا فأكلنا وحمدنا الله ، فقمت أسعى أتناول ماء لإبراهيم ، فبادر إبراهيم فدخل النهر حتى بلغ الماء ركبتيه ، فقال بكفيه في الماء فملأهما ثم قال : بسم الله وشرب ، فقال : الحمد لله ، ثم إنه خرج من النهر فمد رجليه ، قال : يا أبا يوسف لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش وقلة التعب ، فقلت له : يا أبا إسحاق ، طلب القوم الراحة والنعيم فأخطئوا الطريق المستقيم فتبسم ثم قال : من أين لك هذا الكلام. " من كتاب الزهد للبيهقي "
وهذه مشاركة من بريد المجموعة
من التقاليد في الجامعات والمدارس الثانوية الأمريكية أن خريجيها يعودون اليها بين الحين والآخر ، وفي لقاءات لم شمل ويتعرفون على أحوال بعضهم البعض من نجح وظيفيا ومن تزوج ومن أنجب..... الخ.
وفي إحدى تلك الجامعات التقى بعض خريجيها في منزل أستاذهم العجوز بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدراسة وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية ونالوا أرفع المناصب وحققوا الاستقرار المادي والاجتماعي وبعد عبارات التحية والمجاملة طفق كل منهم يتأفف من ضغوط العمل والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر
وغاب الأستاذ عنهم قليلا ثم عاد يحمل أبريقا كبيرا من القهوة، ومعه أكواب من كل شكل ولون أكواب صينية فاخرة ، أكواب ميلامين ، أكواب زجاج عادي ، أكواب بلاستيك ، وأكواب كريستال ، فبعض الأكواب كانت في منتهى الجمال ، تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن ، بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي ، تجده في أفقر البيوت
قال الأستاذ لطلابه :تفضلوا ، و ليصب كل واحد منكم لنفسه القهوة ، وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكا بكوب تكلم الأستاذ مجددا هل لاحظتم ان الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم وأنكم تجنبتم الأكواب العادية ؟؟؟
ومن الطبيعي ان يتطلع الواحد منكم الى ما هو أفضل وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر ما كنتم بحاجة اليه فعلا هو القهوة وليس الكوب ولكنكم تهافتم على الأكواب الجميلة الثمينة و بعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين .
فلو كانت الحياة هي القهوة فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي الأكواب وهي بالتالي مجرد أدوات ومواعين تحوي الحياة ونوعية الحياة (القهوة) تبقى نفسها لا تتغير و عندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة وبالتالي أنصحكم بعدم الاهتمام بالأكواب والفناجين وبدل ذلك أنصحكم بالاستمتاع بالقهوة
في الحقيقة هذه آفة يعاني منها الكثيرون فهناك نوع من الناس لا يحمد الله على ما هو فيه مهما بلغ من نجاح لأنه يراقب دائما ما عند الآخرين ينظر الى البيت الذي يقطنه ويحدث نفسه ان غيره يسكن في بيت افخم و ارقى وبدلا من الاستمتاع بحياته مع اهله و ذويه يظل يفكر بما لدى غيره ويقول : ليت لدي ما لديهم .