صاحب الهم

أعوذ بالله من الشيطان الرجيـم

{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) } [سورة الحديد].

 

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أن كل ما أصاب من المصائب في الأرض كالقحط والجدب والجوائح في الزراعة والثمار وفي الأنفس من الأمراض والموت كله مكتوب في كتاب قبل خلق الناس . أوضحه الله تعالى في غير هذا الموضع ، كقوله تعالى : { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون } [ التوبة : 51 ]

 

وأن ما كتب واقع لا محالة لأجل ألا تحزنون على شيء فاتكم ، لأن فواته لكم مقدر ، وما لا طمع فيه قل الأسى (الحزن) عليه ، ولا تفرحوا بما آتاكم ، لأنكم إذا علمتم أن ما كتب لكم من الرزق والخير لا بد ان يأتيكم قل فرحكم به.

 

يقول الإمام الشافعي رحمه الله:

 

دع الأيام تفعل ما تشــاء ... وطب نفسا إذا حكم القضاء

ولا تجــزع لحـادثة الليالي ... فمـا لحوادث الدنيا بقـاء

وكن رجلا على الأهوال جلدا ... وشيمتك السماحة والوفاء

وإن كثرت عيـوبك في البرايا ... وسـرك أن يكون لها غطاء

تستر بالسخاء فكل عيــب ... يغطيه - كما قيل- السخاء

ولا تـــر للأعداء قط ذلا ... فإن شمــاتة  الأعداء بلاء

ولا ترج السمـاحة من بخيل ... فمـا في النار للظمآن مـاء

ورزقك ليــس ينقصه التأني ... وليس يزيد في الرزق العناء

ولا حزن يــدوم ولا سرور ... ولا بؤس عليـك ولا رخاء

إذا ما كنت ذا قلب قنــوع ... فأنت ومالك الدنيـا سواء

ومن نزلت بســـاحته المنايا ... فلا أرض تقيــه ولا سماء

وأرض اللــه واسعة ولكن ... إذا نزل القضا ضاق الفضاء

دع الأيـــام تغدر كل حين ... فما يغني عن الموت الدواء

 

 

وقال آخر:

 يا صاحب الهم إن الهم منفرجٌ ***  أبشـر بخير ٍ فإن الفارج الله

اليأس يقطع أحيانا بصاحبـه  *** لا تيــأسن فـإن الصانع الله

الله يُحدث بعد العسر ميسرةً  *** لا تجـزعنَّ فإن المانــع الله

إذا ابتليت فثق بالله وارض به *** إن الذي يكشف البلوى هو الله

إذا قضى الله فاستسلم لقدرته *** فما ترى حيلة فيما قضى الله

والله مالـك غير الله من أحدٍ *** فحسبك الله في كلٍ لـك الله