جزاء سنمار - الخورنق -
روي ان أزدجرد بن سابور "399-420م" لما خاف على ولده بهرام وكان قبله لا يعيش له ولد ، سأل عن منزل عليل الهواء صحيح من الأدواء والأسقام فدل على ظهر الحيرة فأمر النعمان بن امرئ القيس وهو عاملة على ارض العرب أن يبني له جوسقا مسكنًا له ، فامتثل أمره وبنى له قصر الخورنق الشهير كأحسن ما يكون فدفع ابنه بهرام إلى النعمان هذا وأنزله الخورنق .
فاشتهرت الحيرة من أرض العراق بهذا القصر المعروف بـ "الخورنق". وهو من المباني العجيبة ويقع على ثلاثة أميال منها، وكان الذي بنى الخورنق رجلا روميا يقال له سنمار بناه له وأحسن رصفه، وأبدع وصفه، وأكمله في عشرين سنة. وممن أشار إلى القصرين: الخورنق والسدير في شعره من الشعراء الجاهليين، المنخل بن عبيد اليشكري:
ولَقَدْ شَرِبْتُ مِنَ المُدَا ... مَـةِ بِالكَبِيرِ وَبِالصَّغِيرِ
فإذا سكِرْتُ فَإنَّنـــــــــي ... رَبُّ الخَوَرْنقِ والسَّدِير
وإَذَا صحَــــــــوْتُ فَإنَّني ... ربُّ الشُّوَيْهَة والبَعِيــرِ
جزاه جزاء سنمار:
الجزاء: المكافأة. وثقول: جزيت فلانا، أجزيه؛ وجازيته مجازاة وسنمار: اسم رجل، وتقول العرب جزاني جزاء سنمار ، وهو الذي بنى قصر الخورنق فلما فرغ من بنائه عجبوا من حسنه فقال لو علمت أنكم توفوني أجرته لبنيته بناء يدور مع الشمس حيث دارت ، فغضب عليه وقال له الملك وإنك لتبني أحسن من هذا ولم تبنه ، وخاف إن هو استبقاه أن يموت فيبني مثلَ ذلك البنيانَ لرجُلٍ آخرَ من الملوك ، فأمر أن يلقى من أعلاه فألقوه من أعلى القصر فمات ، فضربت به العرب الأمثال في سوء الجزاء، حتى قال بعضهم:
جزانــــــــــــــي جزاه الله شــــــــــــــــر جزائه ... جـــــــــــزاء سنمارٍ وما كان عن ذنب
سوى رصه البنيان ســـــــــــــبعين حجة ... يعلى عليــــــــــــه بالقراميد والسكب
فلما رأى البنيان تم ســــــحوقـــه ... وآض كمثل الطود ذي الباذخ الصعب
وظــــــــــــــن ســــــــــــــــــنمار به كل حظوةٍ ... وفـــــــــــــاز لديه بالمودة والقــــــــــــــــرب
فقال اقذفوا بالعلج من رأس شاهقٍ ... فذاك لعمر الله من أعظم الخطب
وقال آخر
جازى بنوه أبا الغيلان عن كبر ... وحسن فعل كما يجزى سنمار
وقال آخر:
جزتنا بنو سعد لحسن فعالنــــا ... جزاء سنمار وما كــــــان ذا ذنب