بناء المساكن بين الحاجة والترف

بناء المساكن بين الحاجة والترف

 

يقول سبحانه وتعالى " أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ " . الشعراء : 128 - 131

" أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً " بكل طريق أو مكان مرتفع .

" وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ " منازل وقصور مشيدة، وبنيان مخلد.

 

أخرج ابن ابي حاتم في تفسيره عن عون بن عبدالله بن عتبة، ان ابا الدرداء رضي الله عنه لما رأى ما احدث المسلمون في الغوطة من البنيان ونصب الشجر، قام في مسجدهم، فنادى: يا اهل دمشق! فاجتمعوا اليه. فحمد الله، واثنى عليه، ثم قال:  ألا تستحيون الا تستحيون، تجمعون مالا تأكلون، وتبنون مالا تسكنون، وتؤملون مالا تدركون ، قد كانت قبلكم قرون يجمعون فيوعون، ويبنون فيوثقون، ويأملون فيطيلون، فأصبح املهم غروراً، وأصبح جمعهم بوراً، واصبحت مساكنهم قبوراً ، الا إن عاداً ملكت ما بين عدن وعمان خيلاً وركاباً من يشتري مني ميراث عاد بدرهمين ؟

 

وعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى خَبَّابٍ نَعُودُهُ وَقَدْ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ فَقَالَ: إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا وَلَمْ تَنْقُصْهُمْ الدُّنْيَا وَإِنَّا أَصَبْنَا مَا لَا نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلَّا التُّرَابَ وَلَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ يَبْنِي حَائِطًا لَهُ فَقَالَ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُنْفِقُهُ إِلَّا فِي شَيْءٍ يَجْعَلُهُ فِي هَذَا التُّرَابِ .صحيح البخاري

«في هذا التراب» اي البنيان .

 

سؤال رقم 21658: هل يؤجر المرء على نفقة البناء ؟.

الشيخ محمد صالح المنجد

الجواب:  الحمد لله ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أما إنَّ كل بناءٍ وبالٌ على صاحبه إلا ما لا ، إلا ما لا ، يعني : ما لا بد منه . " السلسلة الصحيحة " ( 2830 ) .

 

عن خبَّاب بن الأرت قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا التراب - أو قال : في البناء - . " السلسلة الصحيحة " ( 2831 ) .

قال الشيخ الألباني :  واعلم أن المراد من هذا الحديث والذي قبله - والله أعلم - إنما هو صرف المسلم عن الاهتمام بالبناء وتشييده فوق حاجته ، وإن مما لا شكَّ فيه أن الحاجة تختلف باختلاف عائلة الباني قلَّة وكثرة ، ومَن يكون مضيافاً ، ومن ليس كذلك ، فهو مِن هذه الحيثية يلتقي تماماً مع الحديث الصحيح " فراش للرجل ، وفراش لامرأته ، وفراش للضيف ، والرابع للشيطان " . رواه مسلم ( 6 / 146 ) وغيره ، وهو مخرَّج في " صحيح أبي داود " .

 

ولذلك قال الحافظ بعد أن ساق حديث الترجمة وغيره : " وهذا كله محمول على ما لا تمسّ الحاجة إليه مما لا بدَّ منه للتوطن ، وما يقي الحرَّ والبرد " .

ثم حكى عن بعضهم ما يوهم أنَّ في البناء كله الإثم ! فعقَّب عليه الحافظ بقوله : " وليس كذلك ، بل فيه التفصيل ، وليس كل ما زاد منه على الحاجة يستلزم الإثم .. فإن في بعض البناء ما يحصل به الأجر ، مثل الذي يحصل به النفع لغير الباني ؛ فإنه يحصل للباني به الثواب ، والله سبحانه وتعالى أعلم " . " السلسلة الصحيحة " ( حديث رقم 2831 ). انتهت الفتوى

 

انظر الى كلام الشيخ عبدالسلام بن برجس العبدالكريم يرحمه الله تعالى على هذا الرابط:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=12523