رياض الصالحين 1

رياض الصالحين -3-


عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  ، عن رسول الله  ﷺ قال: (( تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَومَ الإثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ ، فَأُحِبُّ أنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأنَا صَائِمٌ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) ، ورواه مسلم بغير ذِكر الصوم .

وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : كَانَ رسولُ الله  ﷺ يَتَحَرَّى صَومَ الإثْنَيْنِ وَالخَمِيس . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .

باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر:
والأفضل صومُها في الأيام البيض وهي الثالثَ عشر والرابعَ عشر والخامسَ عشر ، وقِيل : الثاني عشر ، والثالِثَ عشر ، والرابعَ عشر ، والصحيح المشهور هُوَ الأول .
من كتاب رياض الصالحين -214-
 
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قَالَ : أوْصاني خَلِيلي  ﷺ بِثَلاثٍ : صِيَامِ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى ، وَأنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ . متفقٌ عَلَيْهِ .
الأيام البيض: يريد أيام الليالي البيض ، وسميت لياليها بيضاً ؛ لأن القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها.

عن أَبي الدرداءِ  رضي الله عنه قال: أوصاني حَبِيبي  ﷺ بِثَلاثٍ لَنْ أدَعَهُنَّ مَا عِشتُ : بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَصَلاَةِ الضُّحَى ، وبِأنْ لاَ أنَامَ حَتَّى أُوتِرَ . رواه مسلم .

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهماقال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( صَوْمُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -215-

وعن مُعاذة العدوية : أنها سألت عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها : أكَانَ رسول الله  ﷺ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثة أيَّامٍ ؟ قالت : نَعَمْ . فقلتُ : مِنْ أيِّ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ ؟ قالت : لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أيِّ الشَّهْرِ يَصُومُ . رواه مسلم .


وعن أَبي ذر  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثاً، فَصُمْ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَأرْبَعَ عَشْرَةَ ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .

وعن قتادة بن مِلْحَان  رضي الله عنه قال: كَانَ رسولُ الله  ﷺ يَأمُرُنَا بِصِيَامِ أيَّامِ البِيضِ : ثَلاثَ عَشْرَةَ ، وَأرْبَعَ عَشْرَةَ ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ . رواه أَبُو داود .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ رسولُ اللهِ  ﷺ لاَ يُفْطِرُ أيَّامَ البِيضِ في حَضَرٍ وَلاَ سَفَرٍ . رواه النسائي بإسنادٍ حسن .

من كتاب رياض الصالحين -216-
 


باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب :
عن أنسٍ  رضي الله عنه  : أنَّ النَّبيَّ  ﷺ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةً أعَادَهَا ثَلاَثاً حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاثاً . رواه البخاري .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كَانَ كَلاَمُ رسول الله  ﷺ كَلاماً فَصْلاً يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ يَسْمَعُهُ . رواه أَبُو داود .
باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه:
عن جرير بن عبدِ اللهِ  رضي الله عنه قال: قَالَ لي رسول الله  ﷺ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ : (( اسْتَنْصِتِ النَّاسَ )) ثُمَّ قَالَ : (( لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) متفقٌ عَلَيْهِ .

 بابُ الوَعظ والاقتصاد فِيهِ:
قَالَ الله تَعَالَى : { ادْعُ إِلَى سَبيلِ رَبِّكَ بالحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } " النحل" .
وعن أَبي وائلٍ شقيقِ بن سَلَمَةَقال: كَانَ ابنُ مَسْعُودٍ  رضي الله عنه  يُذَكِّرُنَا في كُلِّ خَمِيسٍ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمانِ ، لَوَدِدْتُ أنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ ، فَقَالَ : أمَا إنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أنَّي أكْرَهُ أنْ أُمِلَّكُمْ ، وَإنِّي أتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ ، كَمَا كَانَ رسول الله  ﷺ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا . متفقٌ عَلَيْهِ .
(( يَتَخَوَّلُنَا )) : يَتَعَهَّدُنَا . من كتاب رياض الصالحين -217-
عن أَبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهماقال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول : (( إنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقههِ ، فأطِيلُوا الصَّلاَةَ وَأقْصِرُوا الْخُطْبَةَ )) رواه مسلم .
(( مَئِنَّةٌ ))  أيْ : عَلاَمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى فِقْهِهِ .
عن مُعاوِيَة بن الحكم السُّلَمي  رضي الله عنه قال: بَيْنَا أنَا أُصَلّي مَعَ رسول الله  ﷺ ، إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، فَرَمَانِي القَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ ! فَقُلْتُ : وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ ، مَا شَأنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ ؟!
فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأيديهم عَلَى أفْخَاذِهِمْ ! فَلَمَّا رَأيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لكِنّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا صَلّى رسول الله  ﷺ ، فَبِأبِي هُوَ وَأُمِّي ، مَا رَأيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَني ، وَلاَ ضَرَبَنِي ، وَلاَ شَتَمَنِي . قَالَ : (( إنَّ هذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ ، إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ ، وَقِراءةُ القُرْآنِ )) ، أَوْ كَمَا قَالَ رسول الله  ﷺ . قلتُ : يَا رسول الله ، إنّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالإسْلاَمِ ، وَإنَّ مِنّا رِجَالاً يَأتُونَ الْكُهّانَ ؟ قَالَ : (( فَلاَ تَأتِهِمْ )) قُلْتُ : وَمِنّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ ؟ قَالَ : (( ذَاكَ شَيْء يَجِدُونَهُ في صُدُورِهِمْ فَلاَ يَصُدَّنَّهُمْ )) رواه مسلم .
(( الثُكْلُ )): المُصيبَةُ وَالفَجِيعَةُ . (( مَا كَهَرَنِي )) أيْ : مَا نَهَرَنِي .

من كتاب رياض الصالحين -218-


باب الوقار والسكينة:
قَالَ الله تَعَالَى : { وَعِبَادُ الرَّحْمانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمَاً } " الفرقان" .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : مَا رَأيْتُ رسول الله  ﷺ مُسْتَجْمِعاً قَطُّ ضَاحِكاً حَتَّى تُرَى مِنهُ لَهَوَاتُهُ ، إنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
(( اللَّهْوَاتُ )) جَمْعُ لَهَاةٍ : وَهِيَ اللَّحْمَةُ الَّتي في أقْصى سَقْفِ الْفَمِ .


باب الندب إِلَى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار:
قَالَ الله تَعَالَى : { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ } " الحج" .
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول : (( إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ ، فَلاَ تَأتُوهَا وَأنْتُمْ تَسْعَونَ ، وَأتُوهَا وَأنْتُمْ تَمْشُونَ ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ ، فَمَا أدْرَكْتُم فَصَلُّوا ، وَمَا فَاتكُمْ فَأَتِمُّوا )) متفقٌ عَلَيْهِ .

زاد مسلِمٌ في روايةٍ لَهُ : (( فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلاَةِ فَهُوَ في صَلاَةٍ )) .
من كتاب رياض الصالحين -219-


عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبيِّ  ﷺ يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ النبيُّ  ﷺ وَرَاءهُ زَجْراً شَديداً وَضَرْباً وَصَوْتاً للإِبْلِ ، فَأشَارَ بِسَوْطِهِ إلَيْهِمْ ، وقال : (( يَا أيُّهَا النَّاسُ ، عَلَيْكُمْ بالسَّكِينَةِ ، فَإنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بالإيضَاعِ )) رواه البخاري ، وروى مسلم بعضه .
(( الْبِرُّ )) : الطَّاعَةُ .
وَ(( الإيضَاعُ )) ، وَهُوَ : الإسْرَاعُ .


باب إكرام الضيف
قَالَ الله تَعَالَى : { هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمَاً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قَالَ ألاَ تَأكُلُونَ } " الذاريات" ، وقال تَعَالَى : { وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ في ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ } " هود" .
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ النبيَّ  ﷺ قال: (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -220-


وعن أَبي شُرَيْح خُوَيْلِدِ بن عَمرو الخُزَاعِيِّ  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول: (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ )) قالوا : وَمَا جَائِزَتُهُ ؟ يَا رسول الله قال: (( يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أيَّامٍ ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية لِمسلمٍ : (( لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يُقِيمَ عِنْدَ أخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ )) قالوا : يَا رسول الله ، وَكيْفَ يُؤْثِمُهُ ؟ قَالَ : (( يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلاَ شَيْءَ لَهُ يُقْرِيه بِهِ )) .


باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير
قَالَ الله تَعَالَى : { فَبَشَّرْ عبادِ الذينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فيتَّبِعُونَ أَحْسَنهُ }" الزمر" ، وقال تَعَالَى : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ } " الصافات" ، وقال تَعَالَى : { وَلَقدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إبْراهِيمَ بِالبُشْرَى } " هود" ، وقال تَعَالَى : { وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إسْحَاقَ يَعْقُوبَ } " هود" والآيات في الباب كثيرة معلومة .
عن عبد اللهِ بن أَبي أوفى رضي الله عنهما : أنّ رسول الله  ﷺ بَشَّرَ خَدِيجَةَ رضي اللهُ عنها ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ ، لاَ صَخَبَ فِيهِ ، وَلاَ نَصَبَ . متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -221-
باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه للسفر وغيره والدعاء لَهُ وطلب الدعاء مِنْهُ

قَالَ الله تَعَالَى : { وَوَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إذْ قَالَ لِبَنيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وَإلهَ آبَائِكَ إبْراهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإسْحاقَ إلهَاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } " البقرة " .


وعن سالم بنِ عبدِ الله بنِ عمر : أنَّ عبدَ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، كَانَ يَقُولُ للرَّجُلِ إِذَا أرَادَ سَفَراً: ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُوَدِّعَكَ كَمَا كَانَ رسولُ الله  ﷺ يُوَدِّعُنَا ، فَيَقُولُ : (( أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ ، وَأمَانَتَكَ ، وَخَواتِيمَ عَمَلِكَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .

من كتاب رياض الصالحين -222-


وعن أنسٍ  رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي  ﷺ ، فَقَالَ : يَا رسولَ الله ، إنّي أُرِيدُ سَفَراً ، فَزَوِّدْنِي ، فَقَالَ : (( زَوَّدَكَ الله التَّقْوَى )) قَالَ : زِدْنِي قَالَ : (( وَغَفَرَ ذَنْبَكَ )) قَالَ : زِدْنِيقال: (( وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .


باب الاستِخارة والمشاورة
قَالَ الله تَعَالَى : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } " آل عمران" ، وقال الله تَعَالَى : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } " الشورى"  أيْ : يَتَشَاوَرُونَ بَيْنَهُمْ فِيهِ .
وعن جابر  رضي الله عنه قال: كَانَ رسولُ الله  ﷺ يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ في الأمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ ، يَقُولُ : (( إِذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بِالأمْرِ ، فَلْيَركعْ ركْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ ، ثُمَّ ليقل : اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ ، وَأسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وأسْألُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيْمِ ، فَإنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أقْدِرُ ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أعْلَمُ ، وَأنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ . اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذَا الأمْرَ خَيْرٌ لِي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمْرِي )) أَوْ قَالَ : (( عَاجِلِ أمْرِي وَآجِلِهِ ، فاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لِي ، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ . وَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي )) أَوْ قَالَ : (( عَاجِلِ أمْرِي وَآجِلِهِ ؛ فَاصْرِفْهُ عَنِّي ، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ ،
وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ، ثُمَّ أرْضِنِي بِهِ )) قَالَ : (( وَيُسَمِّيْ حَاجَتَهُ )) رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -223-


باب استحباب تقديم اليمين في كل مَا هو من باب التكريم
كالوضوءِ وَالغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ ، وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالنَّعْلِ وَالخُفِّ وَالسَّرَاوِيلِ وَدُخولِ الْمَسْجِدِ ، وَالسِّوَاكِ ، وَالاكْتِحَالِ ، وَتقليم الأظْفار ، وَقَصِّ الشَّارِبِ ، وَنَتْفِ الإبْطِ ، وَحلقِ الرَّأسِ ، وَالسّلامِ مِنَ الصَّلاَةِ ، وَالأكْلِ ، والشُّربِ ، وَالمُصافحَةِ ، وَاسْتِلاَمِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ ، والخروجِ منَ الخلاءِ ، والأخذ والعطاء وغيرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ في معناه . ويُسْتَحَبُّ تَقديمُ اليسارِ في ضدِ ذَلِكَ ، كالامْتِخَاطِ وَالبُصَاقِ عن اليسار ، ودخولِ الخَلاءِ ، والخروج من المَسْجِدِ ، وخَلْعِ الخُفِّ والنَّعْلِ والسراويلِ والثوبِ ، والاسْتِنْجَاءِ وفِعلِ المُسْتَقْذرَاتِ وأشْبَاه ذَلِكَ .
قَالَ الله تَعَالَى : { فَأَمَّا مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ بيَمينِهِ فَيْقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيْه }" الحاقة " الآيات ، وقَالَ تَعَالَى : { فَأصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أصْحَابُ المَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ المَشْئَمَةِ مَا أصْحَابُ المَشْئَمَةِ } " الواقعة " .

وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كَانَ رسولُ الله  ﷺ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ في شَأنِهِ كُلِّهِ : في طُهُورِهِ ، وَتَرَجُّلِهِ ، وَتَنَعُّلِهِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -224-


عن عائشة رضي الله عنها قالت : كَانَتْ يَدُ رسول الله  ﷺ اليُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ ، وَكَانَتِ الْيُسْرَى لِخَلائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أذَىً . حديث صحيح ، رواه أَبُو داود وغيره بإسنادٍ صحيحٍ .

وعن أم عطية رضي الله عنها : أنَّ النَّبيَّ  ﷺ قَالَ لهن في غَسْلِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ رضي الله عنها : (( ابْدَأنَ بِمَيَامِنِهَا ، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا )) متفقٌ عَلَيْهِ .

وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا انْتَعَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدأْ بِالشِّمَالِ . لِتَكُنْ اليُمْنَى أوَّلَهُمَا تُنْعَلُ ، وَآخِرُهُمَا تُنْزَعُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .

وعن حفصة رضي الله عنها : أنَّ رسول الله  ﷺ كَانَ يجعل يَمينَهُ لطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ ، وَيَجْعَلُ يَسَارَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ . رواه أَبُو داود والترمذي وغيره .
من كتاب رياض الصالحين -225-


وعن أَبي هُريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا لَبِسْتُمْ ، وَإِذَا تَوَضَّأتُمْ ، فَابْدَأوا بأيَامِنِكُمْ )) حديث صحيح ، رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح .

وفي رواية : لما رمَى الجَمْرَةَ ، وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ ، نَاوَلَ الحَلاَّقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأنْصَارِيَّ  رضي الله عنه  ، فَأعْطَاهُ إيَّاهُ ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْسَرَ ، فَقَالَ : (( احْلِقْ )) ، فَحَلَقَهُ فَأعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ ، فَقَالَ : (( اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ )) .

{كتاب أدب الطعام}
باب التسمية في أوله والحمد في آخره
عن عُمَرَ بنِ أبي سَلمة رضي الله عنهماقال: قَالَ لي رسول الله  ﷺ : (( سَمِّ اللهَ ، وَكُلْ بِيَمِينكَ ، وكُلْ مِمَّا يَليكَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إِذَا أكَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ تَعَالَى، فإنْ نَسِيَ أنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى في أوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بسم اللهِ أوَّلَهُ وَآخِرَهُ )) رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (( حديث حسن صحيح )).
من كتاب رياض الصالحين -226-


وعن جابرٍ  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقولُ : (( إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ قال الشَّيْطَانُ لأَصْحَابِهِ : لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ قال الشَّيْطَانُ : أدْرَكْتُمُ المَبِيتَ ؛ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ طَعَامِهِ قال: أدْرَكْتُم المَبيتَ وَالعَشَاءَ )) رواه مسلم .


وعن حُذَيْفَةَ  رضي الله عنه قال: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺطَعَاماً ، لَمْ نَضَعْ أيدِينَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ الله  ﷺ فَيَضَعَ يَدَهُ ، وَإنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَاماً ، فَجَاءتْ جَارِيَةٌ كَأنَّهَا تُدْفَعُ ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا في الطَّعَامِ ، فَأَخَذَ رسولُ الله  ﷺ بِيَدِهَا ، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيّ كأنَّمَا يُدْفَعُ ، فَأخَذَ بِيَدهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ  ﷺ : (( إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أنْ لا يُذْكَرَ اسمُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ، وَإنَّهُ جَاءَ بهذِهِ الجارية لِيَسْتَحِلَّ بِهَا ، فأَخَذْتُ بِيَدِهَا ، فَجَاءَ بهذا الأعرَابيّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ ، فَأخذْتُ بِيَدِهِ ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إنَّ يَدَهُ في يَدِي مَعَ يَدَيْهِمَا )) ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى وَأكَلَ. رواه مسلم .
 
من كتاب رياض الصالحين -227-


عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كَانَ رسولُ الله  ﷺ يَأكُلُ طَعَاماً في سِتَّةٍ مِنْ أصْحَابِهِ ، فَجَاءَ أعْرَابِيٌّ ، فَأكَلَهُ بلُقْمَتَيْنِ . فَقَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( أما إنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفَاكُمْ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن معاذِ بن أنسٍ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ اللهِ  ﷺ : (( مَنْ أكَلَ طَعَامَاً، فَقال : الحَمْدُ للهِ الَّذِي أطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .

 باب لا يَعيبُ الطّعام واستحباب مَدحه
وعن أَبي هُريرة  رضي الله عنه قال: مَا عَابَ رسولُ الله  ﷺ طَعَامَاً قَطُّ ، إن اشْتَهَاهُ أكَلَهُ ، وَإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .

وعن جابر  رضي الله عنه  : أنَّ النَّبيَّ  ﷺ سَأَلَ أهْلَهُ الأُدْمَ ، فقالوا : مَا عِنْدَنَا إِلاَّ خَلٌّ ، فَدَعَا بِهِ ، فَجَعَلَ يَأكُلُ ، ويقول : (( نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُّ ، نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُّ )) رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -228-


باب مَا يقوله من حضر الطعام وهو صائم إِذَا لَمْ يفطر
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إِذَا دُعِيَ أحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإنْ كَانَ صَائِماً فَلْيُصَلِّ، وَإنْ كَانَ مُفْطِراً فَلْيَطْعَمْ )) رواه مسلم.
قَالَ العلماءُ : معنى (( فَلْيُصَلِّ )) : فَلْيَدْعُ ، ومعنى (( فَلْيطْعَمْ )) : فَلْيَأْكُلْ .

باب مَا يقوله من دُعي إِلَى طعام فتبعه غيره
عن أَبي مسعود البَدْريِّ  رضي الله عنه قال: دعا رَجُلٌ النَّبِيَّ  ﷺ لِطَعَامٍ صَنعَهُ لَهُ خَامِسَ خَمْسَةٍ ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ ، فَلَمَّا بَلَغَ البَابَ قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: (( إنَّ هَذَا تَبِعَنَا ، فَإنْ شِئْتَ أنْ تَأْذَنَ لَهُ ، وَإنْ شِئْتَ رَجَعَ )) قَالَ : بل آذَنُ لَهُ يَا رَسُولَ الله . متفقٌ عَلَيْهِ .


باب الأكل مِمَّا يليه ووعظه وتأديبه من يسيء أكله
عن عمر بن أَبي سَلمَة رضي الله عنهما قال: كُنْتُ غُلاماً في حِجْرِ رسولِ الله  ﷺ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ ، فَقَالَ لي رسولُ الله  ﷺ : (( يَا غُلامُ ، سَمِّ اللهَ تَعَالَى ، وَكُلْ بِيَمينِكَ ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
قَوْله : (( تَطِيشُ )) بكسرِ الطاء وبعدها ياءٌ مثناة من تَحْت ، معناه : تتحرك وتمتد إِلَى نَوَاحِي الصَّحْفَةِ .
من كتاب رياض الصالحين -229-


وعن سلمةَ بن الأَكْوَع  رضي الله عنه  : أنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ الله  ﷺ بِشِمَالِهِ ، فَقَالَ : (( كُلْ بِيَمِينِكَ )) قَالَ : لا أسْتَطِيعُ . قَالَ : (( لاَ اسْتَطَعْتَ )) ! مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكِبْرُ ! فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ . رواه مسلم .

باب النّهي عن القِرَانِ بين تمرتين ونحوهما إِذَا أكل جماعة إِلاَّ بإذن رفقته
عن جَبَلَة بن سُحَيْم قال: أصَابَنَا عَامُ سَنَةٍ مَعَ ابن الزُّبَيْرِ ؛ فَرُزِقْنَا تَمْراً، وَكَانَ عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما يَمُرُّ بنا ونحن نَأكُلُ، فَيقُولُ : لاَ تُقَارِنُوا ، فإنَّ النَّبِيَّ  ﷺ نَهَى عنِ القِرَانِ ، ثُمَّ يَقُولُ : إِلاَّ أنْ يَسْتَأذِنَ الرَّجُلُ أخَاهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
قال ابن الأثير : (( وهو أن يقرن بين التمرتين في الأكل ، وإنما نهى عنه ؛ لأن فيه شَرهاً ، وذلك يزري بصاحبه ؛ أو لأن فيه غبناً برفيقه …)) النهاية 4/52 .

باب مَا يقوله ويفعله من يأكل وَلاَ يشبع
عن وَحْشِيِّ بن حرب  رضي الله عنه  : أنَّ أصحابَ رسولِ الله  ﷺ ، قالوا : يَا رسولَ اللهِ ، إنَّا نَأكُلُ وَلاَ نَشْبَعُ ؟ قَالَ : (( فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ )) قالوا : نَعَمْ . قَالَ: (( فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ )) رواه أَبُو داود.
من كتاب رياض الصالحين -230-


باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبيِّ  ﷺ قال: (( البَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطعَامِ ؛ فَكُلُوا مِنْ حَافَتَيْهِ ، وَلاَ تَأكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن عبد الله بن بُسْرٍ  رضي الله عنه قال: كَانَ للنَّبِيِّ  ﷺ قَصْعَةٌ يُقَالُ لَهَا : الغَرَّاءُ يَحْمِلُهَا أرْبَعَةُ رجالٍ ؛ فَلَمَّا أضْحَوْا وَسَجَدُوا الضُّحَى أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ ؛ يعني وَقَدْ ثُردَ فِيهَا ، فَالتَفُّوا عَلَيْهَا ، فَلَمَّا كَثُرُوا جَثَا رسولُ الله  ﷺ . فَقَالَ أعرابيٌّ : مَا هذِهِ الجِلْسَةُ ؟ فَقَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( إنَّ اللهَ جَعَلَنِي عَبْداً كَريماً ، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً عَنِيداً )) ، ثُمَّ قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( كُلُوا مِنْ حَوَالَيْهَا ، وَدَعُوا ذِرْوَتَها يُبَارَكْ فِيهَا )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيد .
(( ذِرْوَتها )) : أعْلاَهَا بكسر الذال وضمها .
عن أَبي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بن عبد الله  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ :(( لاَ آكُلُ مُتَّكِئاً )) رواه البخاري .
قَالَ الخَطَّابِيُّ : المُتَّكئُ هاهُنَا : هُوَ الجالِسُ مُعْتَمِداً عَلَى وِطَاءٍ تحته قال: وأرادَ أنَّهُ لا يَقْعُدُ عَلَى الوِطَاءِ وَالوَسَائِدِ كَفِعْل مَنْ يُريدُ الإكْثَارَ مِنَ الطَّعَام ، بل يَقْعُدُ مُسْتَوفِزاً لاَ مُسْتَوطِئاً ، وَيَأكُلُ بُلْغَةً . هَذَا كلامُ الخَطَّابيِّ في معالم السنن ، وأشارَ غَيْرُهُ إِلَى أنَّ الْمُتَّكِئَ هُوَ المائِلُ عَلَى جَنْبِه ، والله أعلم .
من كتاب رياض الصالحين -231-

باب استحباب الأكل بثلاث أصابع واستحباب لعق الأصابع ، وكراهة مسحها قبل لعقها واستحباب لعق القصعة وأخذ اللقمة الَّتي تسقط منه وأكلها ومسحها بعد اللعق بالساعد والقدم وغيرها:

عن ابن عباس رضي الله عنهماقال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( إِذَا أكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً ، فَلاَ يَمْسَحْ أَصَابِعَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَها )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن كعب بن مالك  رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله  ﷺ يَأكُلُ بثَلاَثِ أصابعَ ، فإذا فَرَغَ لَعِقَهَا . رواه مسلم .
وعن جابر  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ أمر بلعق الأصابع والصحفة ، وقال : (( إنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ في أيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَةُ )) رواه مسلم .


عن جابر  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ ، فَلْيأخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أذىً ، وَلْيَأْكُلْهَا ، وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَان ، وَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ بالمِنْدِيل حَتَّى يَلْعَقَ أصَابِعَهُ ، فَإنَّهُ لاَ يَدْري في أيِّ طَعَامِهِ البَرَكَةُ )) رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -232-


باب تكثير الأيدي عَلَى الطعام:
 عن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( طَعَامُ الاثنينِ كافِي الثلاثةِ ، وطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كافي الأربعة )) متفق عَلَيْهِ .


وعن جابر  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول : (( طَعَامُ الوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ ، وَطَعَامُ الأرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ )) رواه مسلم .


باب أدب الشرب واستحباب التنفس ثلاثاً خارج الإناء وكراهة التَّنَفُّس في الإناء واستحباب إدارة الإناء عَلَى الأيمن فالأيمن بعد المبتدئ:
عن أنس  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ كَانَ يَتَنَفَّسُ في الشَّرابِ ثَلاثاً . متفق عَلَيْهِ .
يعني : يتنفس خارجَ الإناءِ .
من كتاب رياض الصالحين -233-

وعن أَبي قَتَادَة  رضي الله عنه  : أنَّ النبيَّ  ﷺ نَهَى أنْ يُتَنَفَّسَ في الإناءِ . متفق عَلَيْهِ .
يعني : يتنفس في نفس الإناءِ .
وعن أنس  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بماءٍ ، وَعَنْ يَمِينهِ أعْرَابيٌّ ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْر  رضي الله عنه  ، فَشَرِبَ ، ثُمَّ أعْطَى الأعْرابيَّ ، وقال : (( الأيْمَنَ فالأيْمَنَ )) متفق عَلَيْهِ .
قَوْله : (( شِيب )) أيْ : خُلِطَ .
(4) وعن سهلِ بن سعدٍ  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ أُتِيَ بِشرابٍ ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ ، وَعَنْ يَسَارِهِ أشْيَاخٌ ، فَقَالَ للغُلامِ : (( أتَأْذَنُ لِي أنْ أُعْطِيَ هؤُلاَءِ ؟ )) فَقَالَ الغُلامُ : لا واللهِ ، لا أُوثِرُ بنَصيبي مِنْكَ أَحَداً . فَتَلَّهُ رسول الله  ﷺ في يَدِهِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
قَوْله : (( تَلَّهُ )) أيْ وَضَعَهُ . وهذا الغلامُ هُوَ ابْنُ عباس رضي الله عنهما .
من كتاب رياض الصالحين -234-

باب كراهة النفخ في الشراب
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ  ﷺ نهى أن يُتَنَفَّسَ في الإناءِ أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .

باب بيان جواز الشرب قائماً وبيان أنَّ الأكمل والأفضل الشرب قاعداً:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سَقَيْتُ النَّبيَّ  ﷺ مِنْ زَمْزَمَ ، فَشَربَ وَهُوَ قَائِمٌ . متفق عَلَيْهِ .
وعن النَّزَّالِ بن سَبْرَةَ  رضي الله عنه قال: أَتَى عَلِيٌّ  رضي الله عنه  بَابَ الرَّحْبَةِ ، فَشَربَ قائِماً ، وقال : إنِّي رَأَيْتُ رسولَ الله  ﷺ فَعَلَ كما رَأَيْتُمُوني فَعَلْتُ . رواه البخاري .


وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كُنَّا عَلَى عهدِ رسول الله  ﷺ نَأكُلُ وَنَحْنُ نمشِي ، وَنَشْرَبُ ونَحْنُ قِيامٌ . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
من كتاب رياض الصالحين -235-
 
عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جَدِّهِ  رضي الله عنه قال: رأيتُ رسول الله  ﷺ يَشْرَبُ قَائِماً وقَاعِداً . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .


وعن أنس  رضي الله عنه  ، عن النبيِّ  ﷺ : أنه نَهى أن يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِماً . قَالَ قتادة : فَقُلْنَا لأَنَسٍ : فالأَكْلُ ؟ قَالَ : ذَلِكَ أَشَرُّ  أَوْ أخْبَثُ  رواه مسلم . وفي رواية لَهُ : أنَّ النبيَّ  ﷺ زَجَرَ عَن الشُّرْب قائِماً .


باب استحباب كون ساقي القوم آخرهم شرباً
عن أَبي قتادة  رضي الله عنه  ، عن النبيِّ  ﷺ قال: (( ساقي القوم آخِرُهُمْ شُرْباً )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .

باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز الكرع  وَهُوَ الشرب بالفم من النهر وغيره بغير إناء ولا يد  وتحريم استعمال إناء الذهب والفضة في الشرب والأكل والطهارة وسائر وجوه الاستعمال:
من كتاب رياض الصالحين -236-


عن جابر  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِن الأَنْصَارِ ، وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ ، فَقَالَ رسول الله  ﷺ : (( إنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ باتَ هذِهِ اللَّيْلَةَ في شَنَّةٍ وَإلاَّ كَرَعْنَا )) رواه البخاري .
(( الشنّ )) : القِربة .
((كَرَعْنَا )) أي : تناول الماء بفيه من غير أن يشرب بكفه ولا بإناء .النهاية 4/164
وعن حذيفة  رضي الله عنه قال: إنَّ النبيَّ  ﷺ نَهَانَا عَن الحَرِير ، وَالدِّيباجِ ، والشُّربِ في آنِيَة الذَّهَب والفِضَّةِ ، وقال : (( هي لَهُمْ في الدُّنْيَا ، وهِيَ لَكُمْ في الآخِرَةِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .


وعن أُمِّ سلمة رضي الله عنها : أنَّ رسول الله  ﷺ قَالَ : (( الَّذِي يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية لمسلم : (( إنَّ الَّذِي يَأكُلُ أَوْ يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ وَالذَّهَبِ )) .
وفي رواية لَهُ : (( مَنْ شَرِبَ في إناءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ، فَإنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَاً مِنْ جَهَنَّم )) .
من كتاب رياض الصالحين -237-


{ كتَاب اللّبَاس}
باب استحباب الثوب الأبيض ، وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود ، وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إِلاَّ الحرير:

قَالَ الله تَعَالَى : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَاري سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } " الأعراف" ، وقال تَعَالَى : { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأسَكُمْ } " النحل" .
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله  ﷺ قال:(( الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ البَيَاضَ ؛ فَإنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن البراءِ  رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله  ﷺ مَرْبُوعاً ، وَلَقَدْ رَأيْتُهُ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأيْتُ شَيْئاً قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .    مربوع : بين الطويل والقصير
من كتاب رياض الصالحين -238-


وعن أَبي رمْثَة رفَاعَةَ التَّيْمِيِّ  رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله  ﷺ وعليه ثوبانِ أخْضَرَان . رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح .
وعن جابر  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاء . رواه مسلم .
وعن أَبي سعيد عمرو بن حُرَيْثٍ  رضي الله عنه قال: كأنّي أنْظُرُ إِلَى رسول الله  ﷺ وعليه عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ ، قَدْ أرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ . رواه مسلم .

باب استحباب القميص:
عن أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها ، قالت : كَانَ أحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى رسول الله  ﷺ الْقَمِيص . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -239-


وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ  ﷺ قال: (( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ )) فَقَالَ أَبُو بكر : يَا رسول الله ، إنَّ إزاري يَسْتَرْخِي إِلاَّ أنْ أَتَعَاهَدَهُ ، فَقَالَ لَهُ رسول الله  ﷺ : (( إنَّكَ لَسْتَ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاءَ )) رواه البخاري وروى مسلم بعضه .
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزاره بَطَراً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنه ، عن النبيِّ  ﷺ قال: (( مَا أسْفَل مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإزْارِ فَفِي النار )) رواه البخاري .
وعن أَبي ذر  رضي الله عنه  ، عن النبيِّ  ﷺ قال: (( ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) قَالَ : فقَرأها رسول الله  ﷺ ثلاثَ مِرار قال أَبُو ذرٍّ : خَابُوا وَخَسِرُوا ! مَنْ هُمْ يَا رسول الله ؟ قَالَ : (( المُسْبِلُ ، وَالمنَّانُ ، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الكاذِبِ )) رواه مسلم .وفي رواية لَهُ : (( المُسْبِلُ إزَارَهُ )) .

(( المُسْبِلُ:الذي يطوّل ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى ، وإنما يفعل ذلك كبراً واختيالاً . النهاية 2/339 .

من كتاب رياض الصالحين -240-


وعن أَبي سعيد الخدريِّ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( إزْرَةُ المُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ ، وَلاَ حَرَجَ  أَوْ لاَ جُنَاحَ  فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ ، فمَا كَانَ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ فَهُوَ في النَّارِ ، وَمَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَراً لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مررتُ عَلَى رسولِ الله  ﷺ وفي إزَارِي استرخاءٌ ، فَقَالَ : (( يَا عَبدَ اللهِ ، ارْفَعْ إزَارَكَ )) فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ : (( زِدْ )) فَزِدْتُ ، فَمَا زِلْتُ أتَحَرَّاهَا بَعْدُ . فَقَالَ بَعْضُ القَوْم : إِلَى أينَ ؟ فَقَالَ : إِلَى أنْصَافِ السَّاقَيْنِ . رواه مسلم .
وعنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ )) فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بذُيُولِهِنَّ ؟ قَالَ : (( يُرْخِينَ شِبْراً )) قالت : إِذَاً تَنْكَشِفُ أقْدَامُهُنَّ . قَالَ : (( فَيرخِينَهُ ذِرَاعاً لاَ يَزِدْنَ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .


باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعاً قَدْ سَبَقَ في بَابِ فَضْل الجُوعِ وَخشُونَةِ العَيْشِ جُمَلٌ تَتَعَلَّقُ بهذا الباب :
وعن معاذ بن أنسٍ  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( مَنْ تَرَكَ اللِّبَاس تَوَاضُعاً للهِ ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، دَعَاهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى رُؤوسِ الخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
(( ومعنى حلل الإيمان : يعني ما يُعطى أهل الإيمان من حلل الجنة )) .
من كتاب رياض الصالحين -241-


باب استحباب التوسط في اللباس وَلاَ يقتصر عَلَى مَا يزري بِهِ لغير حاجة وَلاَ مقصود شرعي:
عن عمرو بن شعيب ، عن أبيهِ ، عن جَدِّهِ  رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ يُرَى أثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
باب تحريم لباس الحرير عَلَى الرجال ، وتحريم جلوسهم عَلَيْهِ واستنادهم إِلَيْهِ وجواز لبسه للنساء:
عن عمر بن الخَطَّابِ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( لاَ تَلْبَسُوا الحَرِيرَ ؛ فَإنَّ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنه قال: سَمِعْتُ رسولَ الله  ﷺ ، يقول : (( إنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
قَوْله : (( مَنْ لاَ خَلاقَ لَهُ )) أيْ : لاَ نَصِيبَ لَهُ .

وعن أنس  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن علي  رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله  ﷺ أخَذَ حَريراً ، فَجَعَلَهُ في يَمِينهِ ، وَذَهَبَاً فَجَعَلَهُ في شِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ : (( إنَّ هذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُور أُمّتي )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ .من كتاب رياض الصالحين -242-

باب جواز لبس الحرير لمن بِهِ حكة:
عن أنسٍ  رضي الله عنه قال: رَخَّصَ رسولُ الله  ﷺ لِلزُّبَيْرِ وعَبْدِ الرَّحْمان بن عَوْفٍ رضي الله عنهما في لُبْس الحَريرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِما . متفقٌ عَلَيْهِ .

باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عَلَيْهَا:
عن أَبي المليح ، عن أبيه  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ . رواه أَبُو داود والترمذيُّ والنسائيُّ بأسانِيد صِحَاحٍ .
وفي رواية للترمذي : نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أنْ تُفْتَرَشَ .

باب مَا يقول إِذَا لبس ثوباً جديداً أَوْ نعلاً أَوْ نحوه:
عن أَبي سعيد الخدْريِّ  رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله  ﷺ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوباً سَمَّاهُ باسْمِهِ  عِمَامَةً ، أَوْ قَميصاً ، أَوْ رِدَاءً  يقولُ : (( اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أنْتَ كَسَوْتَنِيهِ ، أسْأَلكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -243-

{ كتَاب آداب النَوم والاضْطِجَاع وَالقعُود والمَجلِس وَالجليس وَالرّؤيَا}
باب مَا يقوله عِنْدَ النوم
عن البَراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهماقال: كَانَ رسول الله  ﷺ إِذَا أوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن ، ثُمَّ قَالَ : (( اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نفسي إلَيْكَ ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ ، وَألْجَأتُ ظَهْرِي إلَيْك ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأ وَلاَ مَنْجا مِنْكَ إِلاَّ إلَيكَ ، آمَنْتُ بكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أرْسَلْتَ )) رواه البخاري بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه .


وعنه قال: قَالَ لي رسول الله  ﷺ : (( إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأ وُضُوءكَ لِلْصَّلاَةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَن ، وَقُلْ ...)) وذَكَرَ نَحْوَهُ ، وفيه : (( وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .

وعن حُذَيْفَةَ  رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبيُّ  ﷺ إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : (( اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أمُوتُ وَأحْيَا )) وَإِذَا اسْتَيْقَظ قَالَ : (( الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُشُورُ )) رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -244-

عن يَعيشَ بن طِخْفَةَ الغِفَارِيِّ رضي الله عنهماقال: قَالَ أَبي : بينما أَنَا مُضْطَجِعٌ في الْمَسْجِدِ عَلَى بَطْنِي إِذَا رَجُلٌ يُحَرِّكُنِي برجلِهِ ، فَقَالَ : (( إنَّ هذِهِ ضجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ ))قال: فَنظَرْتُ ، فَإذَا رسولُ الله  ﷺ . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح .

وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه  ، عن رسول الله  ﷺ قال: (( مَنْ قَعَدَ مَقْعَدَاً لَمْ يَذْكُرِ الله تَعَالَى فِيهِ ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى تِرَةٌ ، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضجَعاً لاَ يَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى فِيهِ ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن .
(( التِّرَةُ )) : وَهِيَ : النقص ، وقِيلَ : التَّبعَةُ .

باب جواز الاستلقاء عَلَى القفا ووضع إحدى الرِّجلين عَلَى الأخرى إِذَا لم يخف انكشاف العورة وجواز القعود متربعاً ومحتبياً:
عن عبدِ اللهِ بن زيد رضي الله عنهما : أنَّه رأى رسولَ الله  ﷺ مُسْتَلْقِياً في الْمَسْجِدِ ، وَاضِعاً إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن جابر بن سَمُرَة  رضي الله عنه قال: كَانَ النبيُّ  ﷺ إِذَا صَلَّى الفَجْرَ تَرَبَّعَ في مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاء . حديث صحيح ، رواه أَبُو داود وغيره بأسانيد صحيحة .
من كتاب رياض الصالحين -245-


وعن ابن عمر رضي الله عنهماقال: رأيتُ رسول الله  ﷺ بفناءِ الكَعْبَةِ مُحْتَبِياً بِيَدَيْهِ هكَذا ، وَوَصَفَ بِيَدَيْهِ الاحْتِبَاءَ ، وَهُوَ القُرْفُصَاءُ . رواه البخاري .
وعن قَيْلَةَ بنْتِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنها ، قالت : رأيتُ النَّبيَّ  ﷺ وَهُوَ قَاعِدٌ القُرْفُصَاءَ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ رسولَ الله المُتَخَشِّعَ في الجِلْسَةِ أُرْعِدْتُ مِنَ الفَرَقِ . رواه أَبُو داود والترمذي .
القرفصاء : هي جلسة المحتبي بيديه .
الفَرَق : الخوف والفزع .


باب في آداب المجلس والجليس
عن ابن عمر رضي الله عنهماقال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( لا يُقِيمَنَّ أحَدُكُمْ رَجُلاً مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ ، وَلكِنْ تَوَسَّعُوا وَتَفَسَّحُوا )) وكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسٍ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ )) رواه مسلم . من كتاب رياض الصالحين -246-

عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنهماقال: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النَّبيَّ  ﷺ ، جلَسَ أحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعن أَبي عبد الله سَلْمَان الفارسي  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيب بَيْتِهِ ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَينِ ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى )) رواه البخاري .

وعن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلاَّ بإذْنِهِمَا )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال: (( حديث حسن )) .
وفي رواية لأبي داود : (( لاَ يُجْلسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلاَّ بِإذْنِهِمَا )) .
من كتاب رياض الصالحين -247-


وعن أَبي سعيدٍ الخدريِّ  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول : (( خَيْرُ المَجَالِسِ أوْسَعُهَا )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح عَلَى شرط البخاري .

عن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَنْ جَلَسَ في مَجْلِسٍ ، فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن أَبي بَرْزَة  رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله  ﷺ يقولُ بأَخَرَةٍ إِذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ : (( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنتَ أسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إليكَ )) فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رسولَ الله ، إنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلاً مَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِيمَا مَضَى ؟ قَالَ : (( ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ في المَجْلِسِ )) رواه أَبُو داود ، ورواه الحاكم أَبُو عبد الله في " المستدرك " من رواية عائشة رضي الله عنها وقال : (( صحيح الإسناد )) . من كتاب رياض الصالحين -248-


عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَلَّمَا كَانَ رسول الله  ﷺ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهؤلاء الدَّعَواتِ : (( اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ به عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا ، اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بأسْمَاعِنا ، وَأَبْصَارِنَا ، وقُوَّتِنَا مَا أحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الوارثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصيبَتَنَا فِي دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .

وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ يَذْكُرُونَ الله تَعَالَى فِيهِ ، إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْل جِيفَةِ حِمَارٍ ، وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةٌ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح .
وعنه ، عن النبيِّ  ﷺ قال: (( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِساً لَمْ يَذْكُرُوا الله تَعَالَى فِيهِ ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ فِيهِ ، إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةٌ ؛ فَإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعنه ، عن رسول الله  ﷺ قال: (( مَنْ قَعَدَ مَقْعَداً لَمْ يَذْكُر الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعَاً لاَ يَذْكُرُ الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ )) رواه أَبُو داود .
من كتاب رياض الصالحين -249-


باب الرؤيا وَمَا يتعلق بها:
قَالَ الله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } " الروم " .
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول : (( لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبوَّةِ إِلاَّ المُبَشِّرَاتِ )) قالوا : وَمَا المُبَشِّرَاتُ ؟ قَالَ : (( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ )) رواه البخاري .
 وعنه : أنَّ النبيَّ  ﷺ قال: (( إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤيَا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية : (( أصْدَقُكُمْ رُؤْيَا ، أصْدَقُكُمْ حَدِيثاً )) .
وعن أَبي سعيدٍ الخدرِيِّ  رضي الله عنه  : أنَّه سَمِعَ النبيَّ  ﷺ ، يقول : (( إِذَا رَأى أحَدُكُمْ رُؤيَا يُحِبُّهَا ، فَإنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ تَعَالَى ، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا ، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا  وفي رواية : فَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ  وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ ، فإنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا ، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ ؛ فَإنَّهَا لا تَضُرُّهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ . من كتاب رياض الصالحين -250-

عن أَبي قَتَادَة  رضي الله عنه قال: قَالَ النبيُّ  ﷺ : (( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ  وفي رواية : الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ  مِنَ اللهِ ، وَالحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَمَنْ رَأى شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَن شِمَالِهِ ثَلاَثاً ، وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ ؛ فإنَّهَا لا تَضُرُّهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( النَّفْثُ )) : نَفْخٌ لَطِيفٌ لا رِيقَ مَعَهُ .

وعن جابر  رضي الله عنه  ، عن رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا رَأى أحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا ، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثَاً ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلاَثاً ، وَلْيَتَحَوَّل عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ )) رواه مسلم .
وعن أَبي الأسقع واثِلةَ بن الأسقعِ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( إنَّ مِنْ أعْظَمِ الفِرَى أنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيرِ أبِيهِ ، أَوْ يُرِي عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ ، أَوْ يَقُولَ عَلَى رسول الله  ﷺ مَا لَمْ يَقُلْ )) رواه البخاري .


{ كتَاب السَّلاَم}
باب فضل السلام والأمر بإفشائه
قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أهْلِهَا } " النور" ، وقال تَعَالَى : { فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً } " النور"  .
من كتاب رياض الصالحين -251-
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ رجلاً سأل رسول الله  ﷺ : أيُّ الإسْلاَمِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : (( تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .


وعن البراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما قال: أمرنا رسول الله  ﷺ بِسَبْعٍ : بِعِيَادَةِ المَرِيضِ ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ ، وَنَصْرِ الضَّعيفِ ، وَعَوْنِ المَظْلُومِ ، وَإفْشَاءِ السَّلاَمِ ، وَإبْرَارِ المُقسِمِ . متفقٌ عَلَيْهِ ، هَذَا لفظ إحدى روايات البخاري
 
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( لاَ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤمِنُوا ، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أوَلاَ أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ )) رواه مسلم .
وعن أَبي يوسف عبد الله بن سلام  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ، يقول : (( يَا أيُّهَا النَّاسُ ، أفْشُوا السَّلاَمَ ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأرْحَامَ ، وَصَلُّوا والنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَم )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) . من كتاب رياض الصالحين -252-


عن الطُّفَيْل بن أُبَيِّ بن كعبٍ : أنَّه كَانَ يأتي عبد الله بن عمر ، فيغدو مَعَهُ إِلَى السُّوقِ قال: فإذَا غَدَوْنَا إِلَى السُّوقِ ، لَمْ يَمُرَّ عَبدُ الله عَلَى سَقَّاطٍ وَلاَ صَاحِبِ بَيْعَةٍ ، وَلاَ مِسْكِينٍ ، وَلاَ أحَدٍ إِلاَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ قال الطُّفَيْلُ : فَجِئْتُ عبد الله بنَ عُمَرَ يَوْماً، فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى السُّوقِ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا تَصْنَعُ بالسُّوقِ ، وَأنْتَ لا تَقِفُ عَلَى البَيْعِ ، وَلاَ تَسْأَلُ عَنِ السِّلَعِ ، وَلاَ تَسُومُ بِهَا ، وَلاَ تَجْلِسُ في مَجَالِسِ السُّوقِ ؟ وَأقُولُ : اجْلِسْ بِنَا هاهُنَا نَتَحَدَّث ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَطْنٍ  وَكَانَ الطفَيْلُ ذَا بَطْنٍ  إنَّمَا نَغْدُو مِنْ أجْلِ السَّلاَمِ ، فنُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقيْنَاهُ . رواه مالك في المُوطَّأ بإسنادٍ صحيح .
السقّاط : هو الذي يبيع سَقط المتاع وهو رديئه وحقيره


باب كيفية السلام
يُسْتَحَبُّ أنْ يَقُولَ المُبْتَدِئُ بالسَّلاَمِ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ . فَيَأتِ بِضَميرِ الجَمْعِ ، وَإنْ كَانَ المُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِداً ، وَيقُولُ المُجيبُ : وَعَلَيْكُمْ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ ، فَيَأتِي بِوَاوِ العَطْفِ في قَوْله : وَعَلَيْكُمْ .

عن عِمْرَان بن الحصين رضي الله عنهماقال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ  ﷺ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ ، فَقَالَ النبيُّ  ﷺ : (( عَشْرٌ )) ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ ، فَقَالَ : (( عِشْرُونَ )) ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَركَاتُهُ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ ، فَقَالَ : (( ثَلاثُونَ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -253-


وعن عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : قَالَ لي رسولُ الله  ﷺ : (( هَذَا جِبريلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ )) قالت : قُلْتُ : وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أنسٍ  رضي الله عنه  : أنَّ النَّبيَّ  ﷺ كَانَ إِذَا تكلم بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلاثَاً حَتَّى تُفهَمَ عَنْهُ ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سلم عَلَيْهِمْ ثَلاَثاً . رواه البخاري .
وهذا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الجَمْعُ كَثِيراً .
وعن أسماء بنتِ يزيد رضي الله عنها : أنَّ رسول الله  ﷺ مَرَّ في المَسْجدِ يَوْماً ، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ ، فَألْوَى بِيَدِهِ بالتسْلِيمِ . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وهذا محمول عَلَى أنَّه  ﷺ ، جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالإشَارَةِ ، وَيُؤَيِّدُهُ أنَّ في رِوَايةِ أَبي داود : فَسَلَّمَ عَلَيْنَا .
من كتاب رياض الصالحين -254-


باب آداب السلام
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي ، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ ، وَالقَليلُ عَلَى الكَثِيرِ )) متفقٌ عَلَيْهِ . وفي رواية للبخاري : (( والصغيرُ عَلَى الكَبيرِ )) .
وعن أَبي أُمَامَة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( إنَّ أَوْلى النَّاسِ بِاللهِ مَنْ بَدَأهُمْ بِالسَّلامِ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ .
باب استحباب إعادة السلام عَلَى من تكرر لقاؤه عَلَى قرب:
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  في حديثِ المسِيءِ صلاته : أنّه جَاءَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبيِّ  ﷺ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ، فَقَالَ : (( ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ )) فَرَجَعَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبيِّ  ﷺ ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنه ، عن رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَإنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ ، أَوْ جِدَارٌ ، أَوْ حَجَرٌ ، ثُمَّ لَقِيَهُ ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ )) رواه أَبُو داود .
من كتاب رياض الصالحين -255-

باب استحباب السلام إِذَا دخل بيته:
قَالَ الله تَعَالَى : { فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً } " النور " .
وعن أنسٍ  رضي الله عنه قال: قَالَ لي رسول الله  ﷺ : (( يَا بُنَيَّ ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أهْلِكَ ، فَسَلِّمْ ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ ، وعلى أهْلِ بَيْتِكَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .

باب السلام عَلَى الصبيان:
عن أنس  رضي الله عنه  : أنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، وقال : كَانَ رسول الله  ﷺ يَفْعَلُهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .

باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط:
عن سهل بن سعدٍ  رضي الله عنه  ، قال : كَانَتْ فِينَا امْرَأةٌ  وفي رواية : كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ  تَأخُذُ مِنْ أصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي القِدْرِ ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ ، فَإذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ ، وَانْصَرَفْنَا ، نُسَلِّمُ عَلَيْهَا ، فَتُقَدِّمُهُ إلَيْنَا . رواه البخاري .
قَوْله : (( تُكَرْكِرُ )) أيْ : تَطْحَنُ .من كتاب رياض الصالحين -256-
وعن أُم هَانِىءٍ فاخِتَةَ بنتِ أَبي طالب رضي الله عنها ، قالت : أتيت النبيَّ  ﷺ يَوْمَ الفَتْحِ وَهُوَ يَغْتَسِلُ ، وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ ، فَسَلَّمْتُ ... وَذَكَرَتِ الحديث . رواه مسلم .


باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام :
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( لاَ تَبْدَأُوا اليَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بالسَّلامِ ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ في طَرِيق فَاضطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ )) رواه مسلم .
أَضْيَقِهِ: (( أي لا يترك للذمي صدر الطريق )) .
وعن أنسٍ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا : وَعَلَيْكُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .

وعن أُسَامَة  رضي الله عنه  : أنَّ النَّبيَّ  ﷺ مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكينَ  عَبَدَة الأَوْثَانِ  واليَهُودِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِم النبيُّ ﷺ . متفقٌ عَلَيْهِ .

باب استحباب السلام إِذَا قام من المجلس وفارق جلساءه أَوْ جليسه
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إِذَا انْتَهى أَحَدُكُمْ إِلَى المَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ ، فَإذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ ، فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأحَقّ مِنَ الآخِرَةِ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -257-


باب الاستئذان وآدابه
قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا } " النور" ، وقال تَعَالَى : { وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُم الحُلُمَ فَلْيَسْتَأذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } " النور" .
عن أَبي موسى الأشعري  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( الاسْتِئْذَانُ ثَلاثٌ ، فَإنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلاَّ فَارْجِعْ )) متفقٌ عَلَيْهِ
وعن سهلِ بنِ سعدٍ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئذَانُ مِنْ أجْلِ البَصَرِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن رِبْعِيِّ بن حِرَاشٍ قال: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أنَّهُ اسْتَأذَنَ عَلَى النَّبيِّ  ﷺ وَهُوَ في بيتٍ ، فَقَالَ : أألِج ؟ فَقَالَ رسول الله  ﷺ لِخَادِمِهِ : (( أُخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمهُ الاسْتِئذَانَ ، فَقُلْ لَهُ : قُلِ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أأدْخُل ؟ )) فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُل ؟ فَأذِنَ لَهُ النَّبيُّ  ﷺ فدخلَ . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح
عن كِلْدَةَ بن الحَنْبل  رضي الله عنه قال: أتَيْتُ النبيَّ  ﷺ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ ، فَقَالَ النَّبيُّ  ﷺ : (( ارْجِعْ فَقُلْ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُل ؟ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) . .

من كتاب رياض الصالحين -258-


باب بيان أنَّ السنة إِذَا قيل للمستأذن : من أنت ؟ أن يقول : فلان ، فيسمي نفسه بما يعرف به :
عن أنس  رضي الله عنه  في حديثه المشهور في الإسراءِقال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( ثُمَّ صَعَدَ بي جِبْريلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ ، فقِيلَ : مَنْ هذَا ؟ قَالَ : جِبْريلُ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، ثُمَّ صَعَدَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْريل ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَسَائِرِهنَّ وَيُقَالُ فِي بَابِ كُلِّ سَمَاءٍ : مَنْ هَذَا ؟ فَيَقُولُ : جِبْريلُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
عن أَبي ذرٍّ  رضي الله عنه قال: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي ، فَإذَا رسول الله  ﷺ يَمْشِي وَحْدَهُ، فَجَعَلْتُ أمْشِي فِي ظلِّ القمَرِ، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي ، فَقَالَ: (( مَنْ هَذَا ؟ )) فقلتُ : أَبُو ذَرٍّ . متفقٌ عَلَيْهِ .

وعن أُمِّ هانىءٍ رضي الله عنها ، قالت : أتيتُ النَّبيَّ  ﷺ وَهُوَ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ ، فَقَالَ : (( مَنْ هذِهِ ؟ )) فقلتُ : أنا أُمُّ هَانِىءٍ . متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -259-


وعن جابر  رضي الله عنه قال: أتَيْتُ النبيَّ  ﷺ فَدَقَقْتُ البَابَ ، فَقَالَ : (( مَنْ هَذَا ؟ )) فَقُلتُ : أَنَا ، فَقَالَ : (( أنَا ، أنَا ! )) كَأنَّهُ كَرِهَهَا . متفقٌ عَلَيْهِ .
قال العلماء : (( إذا استأذن فقيل له : من أنت ؟ أو من هذا ؟ كره أن يقول : أنا ؛ لهذا الحديث ؛ ولأنه لم يحصل بقوله : (( أنا )) فائدة ، ولا زيادة ، بل الإيهام باقٍ ، بل ينبغي أن يقول : فلان ، باسمه ، أو أنا فلان ، أو أنا أبو فلان ، أو القاضي فلان ، أو الشيخ فلان ، إذا لم يحصل التعريف بالاسم لخفائه ..)) . شرح صحيح مسلم


باب استحباب تشميت العاطس إِذَا حمد الله :
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ النبيَّ  ﷺ قال: (( إنَّ الله يُحِبُّ العُطَاسَ ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ ، فَإذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ الله تَعَالَى كَانَ حَقّاً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أنْ يَقُولَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ )) رواه البخاري .
وعنه عن النبيِّ ﷺ قال: (( إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : الحَمْدُ للهِ ، وَلْيَقُلْ لَهُ أخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ : يَرْحَمُكَ الله . فإذَا قَالَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، فَليَقُلْ : يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ )) رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -260-


عن أَبي موسى  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقولُ : (( إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتُوهُ ، فَإنْ لَمْ يَحْمَدِ الله فَلاَ تُشَمِّتُوهُ )) رواه مسلم.
عن أنس  رضي الله عنه قال: عَطَسَ رَجُلانِ عِنْدَ النبيِّ  ﷺ ، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ ، فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ : عَطَسَ فُلانٌ فَشَمَّتَّهُ ، وَعَطَسْتُ فَلَمْ تُشَمِّتْنِي ؟ فَقَالَ : (( هَذَا حَمِدَ الله ، وَإنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ الله )) متفقٌ عَلَيْهِ .
التشميت : الدعاء بالخير والبركة . النهاية 2/499 .
 
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله  ﷺ إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ ، وَخَفَضَ  أَوْ غَضَّ  بِهَا صَوْتَهُ . شك الراوي . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن أَبي موسى  رضي الله عنه قال: كَانَ اليَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ رسول اللهِ  ﷺ ، يَرْجُونَ أنْ يَقُولَ لَهُمْ : يَرْحَمُكُم الله ، فَيَقُولُ : (( يَهْدِيكُم اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
من كتاب رياض الصالحين -261-


وعن أَبي سعيد الخدري  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إِذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ ؛ فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ )) رواه مسلم .


باب استحباب المصافحة عِنْدَ اللقاء وبشاشة الوجه:
عن قتادة قال: قُلْتُ لأَنَسٍ : أكَانَتِ المُصَافَحَةُ في أصْحَابِ رسولِ الله  ﷺ ؟ قَالَ : نَعَمْ . رواه البخاري .
وعن أنس  رضي الله عنه ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ أهْلُ اليَمَنِ، قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( قَدْ جَاءكُمْ أهْلُ اليَمَنِ )) وَهُمْ أوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالمُصَافَحَةِ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
وعن البراءِ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( مَا مِنْ مُسْلِمَينِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أنْ يَفْتَرِقَا )) رواه أَبُو داود .
وعن أنس  رضي الله عنه قال: قَالَ رَجُلٌ : يَا رسولَ اللهِ ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أخَاهُ، أَوْ صَدِيقَهُ، أينحَنِي لَهُ ؟ قَالَ : (( لاَ )) . قَالَ : أفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ ؟ قَالَ : (( لاَ )) قَالَ : فَيَأخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ ؟ قَالَ : (( نَعَمْ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -262-

وعن أَبي ذَرٍّ  رضي الله عنه قال: قَالَ لي رسول الله  ﷺ : (( لا تَحقِرَنَّ منَ الْمَعرُوف شَيْئاً ، وَلَوْ أنْ تَلْقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ )) رواه مسلم .


وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَبَّلَ النبيُّ  ﷺ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما ، فَقَالَ الأقْرَعُ بن حَابِسٍ : إنَّ لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَدَاً . فَقَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ ! )) متفقٌ عَلَيْهِ .

{ كتاب عيَادة المريض وَتشييع }

باب عيادة المريض
عن أَبي هريرة رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ : رَدُّ السَّلاَمِ ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ ، وَإجَابَةُ الدَّعْوَةِ ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -263-


عن أَبي هريرة رضي الله عنه  قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( إنَّ اللهَ  عز وجل  يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ : يَا ابْنَ آدَمَ ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدنِي ! قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أعُودُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ ؟! قَالَ : أمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ ! يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمنِي ! قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أطْعِمُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ ؟! قَالَ : أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ! يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي ! قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أسْقِيكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمينَ ؟! قَالَ : اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ! )) رواه مسلم .

وعن أَبي موسى  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( عُودُوا المَريضَ ، وَأطْعِمُوا الجَائِعَ ، وَفُكُّوا العَانِي )) رواه البخاري.
(( العاَنِي )) : الأسيرُ .
وعن ثوبان  رضي الله عنه  ، عن النبي  ﷺ قال: (( إنَّ المُسْلِمَ إِذَا عَادَ أخَاهُ المُسْلِمَ ، لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ )) قِيلَ : يَا رَسولَ الله ، وَمَا خُرْفَةُ الجَنَّةِ ؟ قَالَ : (( جَنَاهَا )) رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -264-
 
عن عليّ  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ الله  ﷺ ، يَقُولُ : (( مَا مِنْ مُسْلِم يَعُودُ مُسْلِماً غُدْوة إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِي ، وَإنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
(( الخَريفُ )) : الثَّمرُ الْمَخْرُوفُ ، أيْ : الْمُجْتَنَى .

وعن أنسٍ  رضي الله عنه قال: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبيَّ  ﷺ ، فَمَرِضَ ، فَأتَاهُ النَّبيُّ  ﷺ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَهُ : (( أسْلِمْ )) فَنَظَرَ إِلَى أبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ ؟ فَقَالَ : أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ ، فَأسْلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبيُّ  ﷺ ، وَهُوَ يَقُولُ : (( الحَمْدُ للهِ الَّذِي أنْقَذَهُ منَ النَّارِ )) رواه البخاري .

باب مَا يُدعى به للمريض
عن عائشة رضي الله عنها : أنَّ النَّبيَّ  ﷺ ، كَانَ إِذَا اشْتَكى الإنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ قال النَّبيُّ ﷺ بِأُصْبُعِهِ هكَذا  وَوَضَعَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة الرَّاوي سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَها  وقال : (( بِسمِ اللهِ ، تُرْبَةُ أرْضِنَا ، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا ، يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا ، بإذْنِ رَبِّنَا )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -265-


عن عائشة رضي الله عنها : أنَّ النَّبيَّ  ﷺ كَانَ يَعُودُ بَعْضَ أهْلِهِ يَمْسَحُ بِيدِهِ اليُمْنَى ، ويقولُ : (( اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ ، أذْهِب البَأسَ ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفاؤكَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقماً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن سعدِ بن أَبي وقاصٍ  رضي الله عنه قال: عَادَنِي رسول الله  ﷺ ، فَقَالَ : (( اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً ، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً ، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً )) رواه مسلم .
وعن عثمان بنِ أَبي العاصِ  رضي الله عنه  : أنّه شَكَا إِلَى رسول الله  ﷺ وَجَعاً ، يَجِدُهُ في جَسَدِهِ ، فَقَالَ لَهُ رسول الله  ﷺ : (( ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَألَم مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ : بسم اللهِ ثَلاثاً ، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ : أعُوذُ بِعِزَّةِ الله وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أجِدُ وَأُحَاذِرُ )) رواه مسلم .
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما ، عن النبيِّ  ﷺ قال: (( مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَحْضُرْهُ أجَلُهُ ، فقالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ : أسْأَلُ اللهَ العَظيمَ ، رَبَّ العَرْشِ العَظيمِ ، أنْ يَشْفِيَكَ ، إِلاَّ عَافَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ المَرَضِ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) ، وقال الحاكم : (( حديث صحيح عَلَى شرط البخاري )) .
من كتاب رياض الصالحين -266-


عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما : أنَّ النبي  ﷺ دَخَلَ عَلَى أعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَنْ يَعُودُهُ قال: (( لاَ بَأسَ ؛ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللهُ )) رواه البخاري .
وعن أَبي سعيد الخدري  رضي الله عنه  : أن جِبريلَ أتَى النَّبيَّ  ﷺ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، اشْتَكَيْتَ ؟ قَالَ : (( نَعَمْ )) قَالَ : بِسْمِ الله أرْقِيكَ ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ ، اللهُ يَشْفِيكَ ، بِسمِ اللهِ أُرقِيكَ . رواه مسلم .


باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما : أنَّ عليَّ بْنَ أَبي طالب  رضي الله عنه  ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رسولِ الله  ﷺ ، في وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ ، فقالَ النَّاسُ : يَا أَبَا الحَسَنِ ، كَيْفَ أصْبَحَ رَسُولُ اللهِ  ﷺ ؟ قَالَ : أصْبَحَ بِحَمْدِ اللهِ بَارئاً . رواه البخاري .
باب مَا يقوله مَن أيس من حياته
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : سَمِعْتُ النبيَّ  ﷺ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إلَيَّ ، يَقُولُ : (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي ، وأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ الأَعْلَى )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -267-


باب جواز قول المريض : أنَا وجع ، أَوْ شديد الوجع أَوْ مَوْعُوكٌ أَوْ وارأساه ونحو ذلك . وبيان أنَّه لا كراهة في ذلك إِذَا لَمْ يكن عَلَى سبيل التسخط وإظهار الجزع

عن ابن مسعود  رضي الله عنه قال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ  ﷺ وَهُوَ يُوعَكُ ، فَمَسسْتُهُ ، فَقلتُ : إنَّكَ لَتُوعَكُ وَعَكاً شَديداً ، فَقَالَ : (( أجَلْ ، إنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .

وعن القاسم بن محمد، قَالَ : قالت عائشةُ رضي الله عنها : وَارَأسَاهُ ! فَقَالَ النَّبيُّ  ﷺ : (( بَلْ أنَا ، وَارَأسَاهُ ! )) ... وذكر الحديث . رواه البخاري .

باب تلقين المحتضر : لا إله إِلاَّ اللهُ
عن معاذ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَنْ كَانَ آخِرَ كَلامِهِ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ )) رواه أَبُو داود والحاكم ، وقال : (( صحيح الإسناد )) .
وعن أَبي سعيد الخدري  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ )) رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -268-


باب مَا يقوله بعد تغميض الميت:
عن أُم سلمة رضي الله عنها ، قالت : دَخَلَ رسولُ الله  ﷺ عَلَى أَبي سَلَمة وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ ، فَأغْمَضَهُ ، ثُمَّ قَالَ : (( إنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ ، تَبِعَهُ البَصَرُ )) فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أهْلِهِ ، فَقَالَ : (( لاَ تَدْعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ ، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ يَؤمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ )) ثُمَّ قَالَ : (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَة ، وَارْفَعْ دَرَجَتْهُ في المَهْدِيِّينَ ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبهِ في الغَابِرِينَ ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ ، وَافْسَحْ لَهُ في قَبْرِهِ ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ )) رواه مسلم .


 باب ما يقال عند الميت وَمَا يقوله من مات له ميت:
عن أُم سَلَمة رضي اللهُ عنها ، قالت : قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إِذَا حَضَرتُمُ المَرِيضَ أَو المَيِّتَ ، فَقُولُوا خَيْراً ، فَإنَّ المَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ )) ، قالت: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سلَمة، أتَيْتُ النَّبيَّ  ﷺ ، فقلت : يَا رسولَ الله ، إنَّ أَبَا سَلَمَة قَدْ مَاتَ، قَالَ : (( قُولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ، وَأعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبى حَسَنَةً )) فقلتُ ، فَأعْقَبنِي اللهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ : مُحَمَّداً  ﷺ . رواه مسلم هكَذا : (( إِذَا حَضَرتُمُ المَريضَ ، أَو المَيِّتَ )) ، عَلَى الشَّكِّ ، ورواه أَبُو داود وغيره : (( الميت )) بلا شَكّ .
وعنها ، قالت : سَمِعْتُ رسولَ الله  ﷺ ، يقول : (( مَا مِنْ عَبْدٍ تُصيبُهُ مُصِيبَةٌ ، فَيَقُولُ : إنّا للهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، اللَّهُمَّ أُجِرْنِي في مُصِيبَتي وَاخْلفْ لِي خَيراً مِنْهَا ، إِلاَّ أَجَرَهُ اللهُ تَعَالَى في مُصِيبَتِهِ وَأخْلَفَ لَهُ خَيْراً مِنْهَا )) قالت : فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَة قلتُ كَمَا أمَرَني رسولُ الله  ﷺ ، فَأخْلَفَ اللهُ لِي خَيْراً مِنْهُ رسولَ الله  ﷺ . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -269-


وعن أَبي موسى  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قال اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فيقولونَ : نَعَمْ . فيقولُ : قَبَضْتُمْ ثَمَرَة فُؤَادِهِ ؟ فيقولونَ : نَعَمْ . فيقولُ : مَاذَا قَالَ عَبْدِي ؟ فيقولونَ : حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . فيقول اللهُ تَعَالَى : ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً في الجَنَّةِ ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  ، أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( يقولُ اللهُ تَعَالَى : مَا لِعَبْدِي المُؤمِن عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أهْل الدُّنْيَا ، ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الجَنَّةَ )) رواه البخاري .
 
عن أسَامَة بن زَيدٍ رضي اللهُ عنهماقال: أرْسَلَتْ إحْدى بَنَاتِ النَّبيِّ  ﷺ إِلَيْهِ تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أنَّ صَبِيَّاً لَهَا  أَوْ ابْناً  في المَوْتِ فَقَالَ للرسول : (( ارْجِعْ إِلَيْهَا ، فَأخْبِرْهَا أنَّ للهِ تَعَالَى مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعْطَى ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأجَلٍ مُسَمّى ، فَمُرْهَا ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ )) ... وذكر تمام الحديث . متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -270-


باب جواز البكاء عَلَى الميت بغير ندب وَلاَ نياحة
أمَّا النِّيَاحَةُ فَحَرَامٌ وَسَيَأتِي فِيهَا بَابٌ فِي كِتابِ النَّهْيِ ، إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى . وَأمَّا البُكَاءُ فَجَاءتْ أحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ ، وَأنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ ، وَهِيَ مُتَأَوَّلَةٌ ومَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ أوْصَى بِهِ ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا هُوَ عَن البُكَاءِ الَّذِي فِيهِ نَدْبٌ ، أَوْ نِيَاحَةٌ ، والدَّليلُ عَلَى جَوَازِ البُكَاءِ بِغَيْرِ نَدْبٍ وَلاَ نِياحَةٍ أحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ، مِنْهَا :
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله  ﷺ عاد سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَمَعَهُ عَبدُ الرَّحْمانِ بْنُ عَوفٍ، وَسَعدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ  رضي الله عنهم ، فَبَكَى رسولُ الله  ﷺ ، فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ رسولِ الله  ﷺ بَكَوْا ، فَقَالَ : (( ألاَ تَسْمَعُونَ ؟ إنَّ الله لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَينِ ، وَلاَ بِحُزنِ القَلبِ ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهذَا أَوْ يَرْحَمُ )) وَأشَارَ إِلَى لِسَانِهِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أُسَامَة بن زَيدٍ رضي اللهُ عنهما : أنَّ رسول الله  ﷺ رُفِعَ إِلَيْهِ ابنُ ابْنَتِهِ وَهُوَ فِي المَوتِ ، فَفَاضَتْ عَيْنَا رسولِ اللهِ  ﷺ ، فَقَالَ لَهُ سَعدٌ : مَا هَذَا يَا رسولَ الله ؟! قَالَ : (( هذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -271-


وعن أنسٍ  رضي الله عنه: أنَّ رسول الله  ﷺ دَخَلَ عَلَى ابْنِهِ إبْرَاهيمَ  رضي الله عنه  ، وَهُوَ يَجُودُ بِنَفسِهِ ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رسولِ الله  ﷺ تَذْرِفَان . فَقَالَ لَهُ عبدُ الرحمانِ بن عَوف : وأنت يَا رسولَ الله ؟! فَقَالَ : (( يَا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ )) ثُمَّ أتْبَعَهَا بأُخْرَى ، فَقَالَ : (( إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ والقَلب يَحْزنُ ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يُرْضِي رَبَّنَا ، وَإنَّا لِفِرَاقِكَ يَا إبرَاهِيمُ لَمَحزُونُونَ )) رواه البخاري ، وروى مسلم بعضه . والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة ، والله أعلم .
باب الصلاة عَلَى الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز:
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا ، فَلَهُ قِيراطٌ ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ ، فَلَهُ قِيرَاطَانِ )) قِيلَ : وَمَا القِيرَاطانِ ؟ قَالَ : (( مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنه : أنَّ رسولَ الله  ﷺ قال: (( مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إيماناً وَاحْتِسَاباً ، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفرَغَ مِنْ دَفْنِهَا ، فَإنَّهُ يَرْجعُ مِنَ الأَجْرِ بِقيراطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ، ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ ، فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِقيرَاطٍ )) رواه البخاري .
وعن أم عطية رضي الله عنها ، قالت : نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا . متفقٌ عَلَيْهِ .
ومعناه : وَلَمْ يُشَدَّدْ في النَّهْيِ كَمَا يُشَدَّدُ في المُحَرَّمَاتِ .
من كتاب رياض الصالحين -272-


باب استحباب تكثير المصلين عَلَى الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر:
 عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( مَا مِنْ مَيتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِئَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ )) رواه مسلم .
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهماقال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول : (( مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ ، فَيقومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أرْبَعُونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئاً ، إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ )) رواه مسلم .
 
وعن مرثدِ بن عبدِ الله اليَزَنِيِّقال: كَانَ مَالِكُ بن هُبَيْرَة  رضي الله عنه  إِذَا صَلَّى عَلَى الجَنَازَةِ ، فَتَقَالَّ النَّاس عَلَيْهَا ، جَزَّأَهُمْ عَلَيْهَا ثَلاَثَةَ أجْزَاءٍ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أوْجَبَ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -273-


باب مَا يقرأ في صلاة الجنازة
يُكَبِّرُ أرْبَعَ تَكبِيرَاتٍ ، يَتَعوَّذُ بَعْدَ الأُولَى ، ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الكِتَابِ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الثَّانِيَةَ ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ  ﷺ ، فيقول : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ . وَالأفْضَلُ أنْ يُتَمِّمَهُ بقوله : كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إبرَاهِيمَ  إِلَى قَوْله  إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . وَلاَ يَقُولُ مَا يَفْعَلهُ كَثيرٌ مِنَ العَوامِّ مِنْ قراءتِهِمْ : { إنَّ اللهَ وَمَلائِكَته يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ } " الأحزاب : 56 " الآية ، فَإنَّهُ لاَ تَصحُّ صَلاَتُهُ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الثَّالِثَةَ ، وَيَدعُو للمَيِّتِ وَللمُسْلِمِينَ بِمَا سَنَذكُرُهُ مِنَ الأحاديث إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَيَدْعُو . وَمِنْ أحْسَنِهِ : (( اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أجْرَهُ ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعدَهُ ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ )) . وَالمُخْتَارُ أنه يُطَوِّلُ الدُّعاء في الرَّابِعَة خلافَ مَا يَعْتَادُهُ أكْثَرُ النَّاس ، لحديث ابن أَبي أَوْفى الذي سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاء اللهُ تَعَالَى .
وَأمَّا الأَدْعِيَةُ المَأثُورَةُ بَعْدَ التَّكبِيرَةِ الثالثة ، فمنها :
عن أَبي عبد الرحمان عوف بن مالك  رضي الله عنه قال: صَلَّى رسول الله  ﷺ عَلَى جَنازَةٍ ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ ، وَهُوَ يقُولُ : (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ ، وَأكْرِمْ نُزُلَهُ ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ ، وَنَقِّه مِن الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَس ، وَأبدلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ ، وَأهْلاً خَيراً مِنْ أهْلِهِ ، وَزَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ ، وَأدْخِلهُ الجَنَّةَ ، وَأعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَمنْ عَذَابِ النَّارِ )) حَتَّى تَمَنَّيتُ أن أكُون أنَا ذَلِكَ الْمَيِّت . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -274-

عن أَبي هريرة وأبي قتادة وَأبي إبراهيم الأشهلي رضي الله عنهم  ، عن النبيِّ  ﷺ : أنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ ، فَقَالَ : (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا ، وَصَغِيرنَا وَكَبيرنَا ، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا ، وشَاهِدنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأحْيِهِ عَلَى الإسْلاَمِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوفَّهُ عَلَى الإيمَان ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أجْرَهُ ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعدَهُ )) رواه الترمذي
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول : (( إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى المَيِّتِ ، فَأخْلِصُوا لَهُ الدُّعاء )) رواه أَبُو داود .


باب الإسراع بالجنازة:
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  ، عن النبيِّ  ﷺ قال: (( أسْرِعُوا بالجَنَازَةِ ، فَإنْ تَكُ صَالِحَةً ، فَخَيرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ ، وَإنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي روايةٍ لمسلمٍ : (( فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْهِ )) .
باب تعجيل قضاء الدَّين عن الميت والمبادرة إِلَى تجهيزه:
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  ، عن النبي  ﷺ قال: (( نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضى عَنْهُ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -275-


وعن عَلِيٍّ  رضي الله عنه قال: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ في بَقيعِ الغَرْقَدِ ، فَأتَانَا رسولُ الله  ﷺ فَقَعَدَ ، وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : (( مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ )) فقالوا : يَا رسولَ الله ، أفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابنَا ؟ فَقَالَ : (( اعْمَلُوا ؛ فكلٌّ مُيَسرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ... )) وذكَر تَمَامَ الحديث . متفقٌ عَلَيْهِ .

باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء لَهُ والاستغفار والقراءة
وعن أَبي عمرو  وقيل : أَبُو عبد الله ، وقيل : أَبُو ليلى  عثمان بن عفان  رضي الله عنه قال: كَانَ النبيُّ  ﷺ إِذَا فُرِغَ مِن دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ ، وقال : (( اسْتَغْفِرُوا لأخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ ، فَإنَّهُ الآنَ يُسألُ )) رواه أَبُو داود .

وعن عمرو بن العاص  رضي الله عنه قال: إِذَا دَفَنْتُمُونِي ، فَأقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ ، وَيُقَسَّمُ لَحمُهَا حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُمْ ، وَأعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي . رواه مسلم . من كتاب رياض الصالحين -276-
باب الصدقة عن الميت والدعاء لَهُ
قَالَ الله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ جَاءوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ } " الحشر : 10 " .
وعن عائشة رضي الله عنها : أنَّ رجلاً قَالَ للنبيِّ  ﷺ : إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ، فَهَلْ لَهَا أجْرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا ؟ قَالَ : (( نَعَمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .


وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ : صَدَقةٍ جَاريَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ )) رواه مسلم .


باب ثناء الناس عَلَى الميت
عن أنسٍ  رضي الله عنه قال: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْراً ، فَقَالَ النبيُّ  ﷺ : (( وَجَبَتْ )) ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى ، فَأثْنَوْا عَلَيْهَا شَرّاً ، فَقَالَ النبي  ﷺ : (( وَجَبَتْ )) ، فَقَالَ عمر بن الخطاب  رضي الله عنه  : مَا وَجَبَت ؟ فَقَالَ : (( هَذَا أثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً ، فَوَجَبتْ لَهُ الجَنَّةُ ، وهَذَا أثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرّاً ، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّار ، أنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرضِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -277-


باب فضل من مات لَهُ أولاد صغار
وعن أنسٍ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ لَمْ يَبْلُغوا الحِنْثَ إِلاَّ أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إيَّاهُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .

وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمينَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لاَ تَمسُّهُ النَّارُ إِلاَّ تَحِلَّةَ القَسَمِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وَ(( تَحِلَّةُ القَسَمِ )) قول الله تَعَالَى : { وَإنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } وَالوُرُودُ : هُوَ العُبُورُ عَلَى الصِّرَاطِ ، وَهُوَ جِسْرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى ظَهْرِ جَهَنَّمَ ، عَافَانَا اللهُ مِنْهَا .

وعن أَبي سعيد الخدري  رضي الله عنه قال: جَاءتِ امْرأةٌ إِلَى رسولِ الله  ﷺ ، فَقَالَتْ : يَا رسولَ الله ، ذَهبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثكَ ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْماً نَأتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُقال: (( اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا )) فَاجْتَمَعْنَ ، فَأَتَاهُنَّ النبيُّ  ﷺ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ ، ثُمَّ قَالَ : (( مَا مِنْكُنَّ مِنِ امْرَأةٍ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنَ الوَلَدِ إِلاَّ كَانُوا لَهَا حِجَاباً مِنَ النَّارِ )) فقالتِ امْرَأةٌ : وَاثْنَينِ ؟ فَقَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( وَاثْنَيْنِ )) متفقٌ عَلَيْهِ . من كتاب رياض الصالحين -278-
باب البكاء والخوف عِنْدَ المرور بقبور الظالمين :
عن ابن عمرَ رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله  ﷺ قَالَ لأصْحَابِهِ  يعْني لَمَّا وَصَلُوا الحِجْرَ  دِيَارَ ثَمُودَ  : (( لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ إِلاَّ أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، فَإنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أصَابَهُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي روايةٍ قَالَ : لَمَّا مَرَّ رسولُ الله  ﷺ بِالحِجْرِقال: (( لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ ، أنْ يُصِيبَكُمْ مَا أصَابَهُمْ ، إِلاَّ أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ )) ثُمَّ قَنَّع رسولُ الله  ﷺ ، رَأسَهُ وأسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أجَازَ الوَادِي .


{ كتَاب آداب السَّفَر}
باب استحباب الخروج يوم الخميس ، واستحبابه أول النهار
عن كعب بن مالك  رضي الله عنه  : أنَّ النبيَّ  ﷺ خَرَجَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ يَوْمَ الخَمِيس ، وَكَانَ يُحِبُّ أنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَميسِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن صخر بن وَداعَةَ الغامِدِيِّ الصحابيِّ  رضي الله عنه  : أنَّ رسولَ الله  ﷺ قال: (( اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي في بُكُورِهَا )) وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشَاً بَعَثَهُمْ مِنْ أوَّلِ النَّهَارِ . وَكَانَ صَخْرٌ تَاجِراً ، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ أوَّلَ النَّهَار ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ .
رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -279-


باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم عَلَى أنفسهم واحداً يطيعونه
عن ابن عمرَ رضي اللهُ عنهما قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( لَوْ أنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مِنَ الوحدَةِ مَا أعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ ! )) رواه البخاري.
وعن عمرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدهِ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ ، وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ )) رواه أَبُو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحةٍ ، وقال الترمذي : (( حديث حسن )) .
وعن أَبي سعيد وأبي هُريرة رضي اللهُ تَعَالَى عنهما، قالا : قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( إِذَا خَرَجَ ثَلاَثَةٌ في سَفَرٍ فَليُؤَمِّرُوا أحَدَهُمْ )) حديث حسن ، رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن .
باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر.
عن أنس  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ ، فَإنَّ الأرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ )) رواه أَبُو داود بإسناد حسن .(( الدُّلْجَةُ )) : السَّيْرُ في اللَّيْلِ .من كتاب رياض الصالحين -280-


وعن أَبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ  رضي الله عنه قال: كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلاً تَفَرَّقُوا في الشِّعَابِ وَالأوْدِيَةِ . فَقَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( إنَّ تَفَرُّقكُمْ فِي هذِهِ الشِّعَابِ وَالأوْدِيَةِ إنَّمَا ذلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ ! )) فَلَمْ يَنْزِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلاً إِلاَّ انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ . رواه أَبُو داود بإسناد حسن .
وعن سهل بن عمرو  وقيل : سهل بن الربيع رضي الله عنه قال: مَرَّ رسولُ الله  ﷺ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ ، فَقَالَ : (( اتَّقُوا الله في هذِهِ البَهَائِمِ المُعجَمَةِ ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً ، وَكُلُوهَا صَالِحَةً )) رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
وعن أنس  رضي الله عنه قال: كُنَّا إِذَا نَزَلْنَا مَنْزِلاً ، لاَ نُسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحَال . رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط مسلم .
وَقَوْلُه : (( لا نُسَبِّحُ )) : أيْ لاَ نُصَلِّي النَّافِلَةَ ، ومعناه : أنَّا  مَعَ حِرْصِنَا عَلَى الصَّلاَةِ  لا نُقَدِّمُهَا عَلَى حَطِّ الرِّحَالِ وَإرَاحَةِ الدَّوَابِّ .

 باب إعانة الرفيق
في الباب أحاديث كثيرة تقدمت كحديث :
(( وَاللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أخِيهِ )). وحديث : (( كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَة )) وَأشْبَاهِهِما .
وعن أَبي سعيد الخدري  رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ في سَفَرٍ إذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ ، فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِيناً وَشِمَالاً ، فَقَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ )) ، فَذَكَرَ مِنْ أصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَهُ ، حَتَّى رَأيْنَا ، أنَّهُ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -281-


باب مَا يقول إذا ركب دَابَّة للسفر
قَالَ الله تَعَالَى : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } " الزخرف " .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله  ﷺ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجاً إِلَى سَفَرٍ ، كَبَّرَ ثَلاثاً ، ثُمَّ قَالَ : (( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ، وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلبُونَ . اللّهُمَّ إنا نسألكَ في سفرنا هذا البرّ والتَّقوى ، ومنَ العملِ ما ترضى ، اللَّهُمَّ هَوِّن عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا ، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ . اللَّهُمَّ أنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ ، والخَلِيفَةُ في الأهْلِ . اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ ، وَكَآبَةِ المَنْظَرِ ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ في المالِ وَالأَهْلِ وَالوَلَدِ )) وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ : (( آيِبُونَ ، تَائِبُونَ ، عَابِدُونَ ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ )) رواه مسلم .
مَعْنَى (( مُقْرِنِينَ )) : مُطِيقِينَ . وَ(( الوَعْثَاءُ )): الشِّدَّةُ . وَ(( الكَآبَةُ )) وَهِيَ : تَغَيُّرُ النَّفْسِ مِنْ حُزْنٍ وَنَحْوهِ . وَ(( المُنْقَلَبُ )) : المَرْجِعُ . من كتاب رياض الصالحين -282-


وعن عَلِي بن ربيعة قال: شهدت عليَّ بن أَبي طالب  رضي الله عنه  ، أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ في الرِّكَابِ قال: بِسْمِ اللهِ ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قال: الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنينَ ، وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ، ثُمَّ قَالَ : الحمْدُ للهِ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قَالَ : اللهُ أكْبَرُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قَالَ : سُبْحَانَكَ إنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أنْتَ ، ثُمَّ ضَحِكَ ، فَقيلَ : يَا أمِيرَ المُؤمِنِينَ ، مِنْ أيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ : رَأيتُ النبيَّ  ﷺ فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ ، فقُلْتُ : يَا رسول اللهِ ، مِنْ أيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ : (( إنَّ رَبَّكَ تَعَالَى يَعْجَبُ مِنْ عَبدِهِ إِذَا قَالَ : اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، يَعْلَمُ أنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن ))، وفي بعض النسخ: (( حسن صحيح )) . وهذا لفظ أَبي داود .

باب تكبير المسافر إِذَا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إِذَا هبط الأودية ونحوها:
عن جابر  رضي الله عنه قال: كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا ، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا . رواه البخاري .
وعن ابن عمرَ رضي اللهُ عنهما قال: كَانَ النَّبيُّ  ﷺ وجيُوشُهُ إِذَا عَلَوا الثَّنَايَا كَبَّرُوا ، وَإِذَا هَبَطُوا سَبَّحُوا . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رجلاً قَالَ : يَا رسول الله ، إنّي أُريدُ أنْ أُسَافِرَ فَأوْصِني قال: (( عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كلِّ شَرَفٍ )) فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ قال: (( اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ البُعْدَ ، وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -283-
 
وعن أَبي موسى الأشعريِّ  رضي الله عنه قال: كنّا مَعَ النبيِّ  ﷺ في سَفَرٍ ، فَكُنَّا إِذَا أشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا وَارتَفَعَتْ أصْوَاتُنَا ، فَقَالَ النبيُّ  ﷺ : (( يَا أيُّهَا النَّاسُ ، ارْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ ، فَإنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أصَمَّ وَلاَ غَائِباً ، إنَّهُ مَعَكُمْ ، إنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( ارْبَعُوا )) أيْ : ارْفُقُوا بِأَنْفُسِكُمْ .

باب استحباب الدعاء في السفر
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله  ﷺ : (( ثلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَات لاَ شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ المَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) . وليس في رواية أَبي داود : (( عَلَى وَلَدِهِ )) .
باب مَا يدعو بِهِ إِذَا خاف ناساً أَوْ غيرهم
عن أَبي موسى الأشعريِّ  رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله  ﷺ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْماً، قَالَ : (( اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ )) رواه أَبُو داود والنسائي بإسنادٍ صحيحٍ . من كتاب رياض الصالحين -284-

باب مَا يقول إِذَا نزل منْزلاً
عن خولة بنتِ حَكِيمٍ رضي الله عنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ  ﷺ ، يَقُولُ : (( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ )) رواه مسلم .

وعن ابن عمر رضي الله عنهماقال: كَانَ رسول الله  ﷺ إِذَا سَافَرَ فَأقْبَلَ اللَّيْلُ، قَالَ: (( يَا أرْضُ، رَبِّي وَرَبُّكِ اللهُ ، أعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ ، وَشَرِّ مَا يَدِبُّ عَلَيْكِ ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أسَدٍ وَأسْوَدٍ ، وَمِنَ الحَيَّةِ وَالعَقْرَبِ ، وَمِنْ سَاكِنِ البَلَدِ ، وَمِنْ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ )) رواه أَبُو داود .
باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إِلَى أهله إِذَا قضى حاجته

عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإذَا قَضَى أحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أهْلِهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( نَهْمَتهُ )) : مَقْصُودهُ .
من كتاب رياض الصالحين -285-


باب استحباب القدوم عَلَى أهله نهاراً وكراهته في الليل لغير حاجة
عن جابر  رضي الله عنه  : أنَّ رسولَ الله  ﷺ قال: (( إِذَا أطال أحَدُكُمُ الغَيْبَةَ فَلاَ يَطْرُقَنَّ أهْلَهُ لَيْلاً )) .
وفي روايةٍ : أنَّ رسول الله  ﷺ نَهَى أنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أهْلَهُ لَيْلاً . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أنسٍ  رضي الله عنه قال: كَانَ رسولُ الله  ﷺ لا يَطْرُقُ أهْلَهُ لَيْلاً ، وَكَانَ يَأتِيهمْ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً . متفقٌ عَلَيْهِ .
(( الطُّرُوقُ )) : المَجيءُ فِي اللَّيْلِ .

باب مَا يقول إِذَا رجع وإذا رأى بلدته
عن أنس  رضي الله عنه قال: أقْبَلْنَا مَعَ النَّبيِّ  ﷺ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ قال: (( آيِبُونَ ، تَائِبُونَ ، عَابِدُونَ ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ )) فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا المَدِينَةَ . رواه مسلم .
باب استحباب ابتداء القادم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين
عن كعب بن مالِك  رضي الله عنه  : أنَّ رسولَ الله  ﷺ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ، بَدَأ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -286-
باب تحريم سفر المرأة وحدها
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رسولُ الله  ﷺ: (( لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا )) متفقٌ عَلَيْهِ .


{ كتَاب الفَضَائِل} باب فضل الوضوء:

قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } إِلَى قَوْله تَعَالَى : { مَا يُريدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } " المائدة" .

وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول : (( إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرَّاً مُحَجَّلينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
الغر : جمع الأغر : من الغرة : بياض الوجه ، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة.
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال:: سَمِعْتُ خليلي  ﷺ ، يقول : (( تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ المُؤمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الوُضُوءُ )) رواه مسلم .

من كتاب رياض الصالحين -287-


وعن عثمان بن عفان  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( من تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ، خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُج مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ )) رواه مسلم .

وعنه قال: رَأيتُ رسول الله  ﷺ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا ، ثُمَّ قَالَ : (( مَنْ تَوَضَّأ هكَذَا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَكَانَتْ صَلاَتُهُ وَمَشْيُهُ إِلَى المَسْجدِ نَافِلَةً )) رواه مسلم .

وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ المُسْلِمُ  أَو المُؤْمِنُ  فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ المَاءِ ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ ، خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ ، خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ المَاءِ ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيَّاً مِنَ الذُّنُوبِ )) رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -288-


وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه: أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( ألاَ أَدُّلُكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا ، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ )) قالوا : بَلَى يَا رسول الله قال: (( إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ ؛ فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ ؛ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ )) رواه مسلم .

وعن أَبي مالك الأشعري  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمَانِ )) رواه مسلم .
وَقَدْ سبق بطوله في باب الصبر . وفي البابِ حديث عمرو بن عَبَسَة  رضي الله عنه  السابق في آخر باب الرَّجَاءِ ، وَهُوَ حديث عظيم ؛ مشتمل عَلَى جمل من الخيرات .

وعن عمر بن الخطاب  رضي الله عنه  ، عن النبيِّ  ﷺ قال: (( مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلغُ  أَوْ فَيُسْبِغُ  الوُضُوءَ ، ثُمَّ يقول : أشهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ؛ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ )) رواه مسلم .
وزاد الترمذي : (( اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ )) .
من كتاب رياض الصالحين -289-


باب فضل الأذان
عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا في النِّدَاءِ والصَّفِ الأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ ، ولو يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( الاسْتِهَامُ )) : الاقْتِرَاعُ ، وَ(( التَّهْجِيرُ )) : التَّبْكِيرُ إِلَى الصَّلاةِ ،(( العتمة )): وقت صلاة العشاء الأخيرة .

وعن عبدِ الله بن عبدِ الرَّحْمانِ بن أَبي صَعصعة : أنَّ أَبَا سَعيد الخدريَّ  رضي الله عنه قال لَهُ : (( إنِّي أرَاكَ تُحبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ فَإذَا كُنْتَ في غَنَمِك  أَوْ بَادِيتِكَ  فَأذَّنْتَ للصَّلاَةِ ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ ، فَإنَّهُ لا يَسْمَعُ مدى صَوْتِ المُؤذِّنِ جِنٌّ ، وَلاَ إنْسٌ ، وَلاَ شَيْءٌ ، إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ )) قَالَ أَبُو سَعيدٍ : سمعتُهُ مِنْ رَسولِ الله  ﷺ . رواه البخاري .


عن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( إِذَا نُودِيَ بالصَّلاَةِ ، أدْبَرَ الشَّيْطَانُ ، وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأذِينَ ، فَإذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أقْبَلَ ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ للصَّلاةِ أدْبَرَ ، حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أقْبَلَ ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ ، يَقُولُ : اذْكُرْ كَذَا واذكر كَذَا  لِمَا لَمْ يَذْكُر مِنْ قَبْلُ  حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ مَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( التَّثْوِيبُ )) : الإقَامَةُ . من كتاب رياض الصالحين -290-


عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنّه سمع رسول الله  ﷺ، يقول: (( إِذَا سَمِعْتُمُ النداء فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ؛ فَإنَّه مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً ، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسِيلَةَ ؛ فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ وَأرْجُو أنْ أكونَ أنَا هُوَ ، فَمَنْ سَألَ لِيَ الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ )) رواه مسلم .
وعن أَبي سعيد الخدري  رضي الله عنه : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ ، فَقُولُوا كَمَا يَقُولُ المُؤذِّنُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن جابر  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ ، وَالفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ مَقَامَاً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتي يَوْمَ القِيَامَةِ )) رواه البخاري .
وعن سعدِ بن أَبي وقَّاصٍ  رضي الله عنه  ، عن النبي  ﷺ ، أنَّه قَالَ : (( مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ : أشْهَدُ أنْ لاَ إلَه إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبّاً ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، وَبِالإسْلامِ دِيناً ، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ )) رواه مسلم .

وعن أنس  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -291-


باب فضل الصلوات
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ } " العنكبوت" .
وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ الله  ﷺ ، يقول : (( أرَأيْتُمْ لَوْ أنَّ نَهْرَاً بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرنهِ شَيْءٌ ؟ )) قالوا : لا يَبْقَى مِنْ دَرنهِ شَيْءٌقال: (( فَذلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا )) متفقٌ عَلَيْهِ .


وعن جابرٍ  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ )) رواه مسلم .
(( الغَمْرُ )): الكثير .

وعن ابن مسعود  رضي الله عنه  : أنَّ رَجُلاً أصَابَ مِن امْرَأَةٍ قُبْلَةً ، فَأتَى النبيَّ  ﷺ فَأخْبَرَهُ فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى : { أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ ، إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } " هود" فَقَالَ الرَّجُلُ أَلِيَ هَذَا ؟ قَالَ : (( لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ . من كتاب رياض الصالحين -292-


عن أَبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ ، مَا لَمْ تُغشَ الكَبَائِرُ )) رواه مسلم .
وعن عثمان بن عفان  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله  ﷺ ، يقول : (( مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءها ؛ وَخُشُوعَهَا، وَرُكُوعَهَا ، إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوب مَا لَمْ تُؤتَ كَبِيرةٌ ، وَذلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ )) رواه مسلم .


باب فضل صلاة الصبح والعصر
عن أَبي موسى  رضي الله عنه  : أنَّ رسول الله  ﷺ قال: (( مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( البَرْدَانِ )) : الصُّبْحُ والعَصْرُ .
وعن أَبي زهير عُمارة بن رُؤَيْبَةَ  رضي الله عنه  ، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله  ﷺ ، يقول : (( لَنْ يَلِجَ النَّارَ أحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا )) يعني : الفَجْرَ والعَصْرَ . رواه مسلم .

وعن جُنْدُبِ بن سفيان  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ في ذِمَّةِ اللهِ ، فَانْظُرْ يَا ابْنَ آدَمَ ، لاَ يَطْلُبَنَّكَ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ )) رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -293-


وعن أَبي هريرة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ ، وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيجْتَمِعُونَ في صَلاَةِ الصُّبْحِ وَصَلاَةِ العَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ ، فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ  وَهُوَ أعْلَمُ بِهِمْ  كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادي ؟ فَيقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَأتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن جرير بن عبد الله البَجَليِّ  رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ النبيِّ  ﷺ فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ، فَقَالَ : (( إنَّكُمْ سَتَرَونَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ ، لاَ تُضَامُونَ في رُؤْيَتهِ ، فَإنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ، فَافْعَلُوا )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن بُرَيْدَة  رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله  ﷺ : (( مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ )) رواه البخاري .


باب فضل المشي إلى المساجد
عن أبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ النبيَّ  ﷺ قال: (( مَنْ غَدَا إلى المَسْجِدِ أَوْ رَاحَ ، أعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أوْ رَاحَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -294-


عن أبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ النبيَّ  ﷺ قال: (( مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ ، ثُمَّ مَضَى إلى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ ، لِيَقْضِي فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ ، كَانَتْ خُطُواتُهُ ، إحْدَاهَا تَحُطُّ خَطِيئَةً ، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً )) رواه مسلم .

وعن أُبيّ بن كعبٍ  رضي الله عنه قال: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ لاَ أَعْلمُ أَحَداً أبْعَدَ مِنَ المَسْجِدِ مِنْهُ ، وَكَانَتْ لا تُخْطِئُهُ صَلاَةٌ ، فَقيلَ لَهُ : لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَاراً لِتَرْكَبَهُ في الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ قال: مَا يَسُرُّنِي أنَّ مَنْزِلِي إلى جَنْبِ المَسْجِدِ ، إنِّي أُرِيدُ أنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إلى المَسْجِدِ ، وَرُجُوعِي إذَا رَجَعْتُ إلى أهْلِي . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ  ﷺ : (( قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لكَ ذَلِكَ كُلَّه )) رواه مُسلِم .
الرمضاء : شِدّةُ الحَرّ .
وعن جابر  رضي الله عنه قال: خَلَت البِقاعُ حولَ المَسْجِدِ ، فَأَرَادَ بَنُو سَلمَةَ أنْ يَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النبي  ﷺ ، فَقَالَ لَهُمْ : (( بَلَغَنِي أنَّكُم تُريدُونَ أنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ ؟ )) قالوا : نعم ، يا رَسُول اللَّهِ ، قَدْ أرَدْنَا ذَلِكَ . فَقَالَ : (( بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُم تُكْتَبْ آثارُكُمْ ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثارُكُمْ )) فقالوا : مَا يَسُرُّنَا أنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا . رواه مسلم.
(( بني سلمة دياركم تكتب آثاركم معناه : الزموا دياركم فإنكم إذا لزمتموها كتبت آثاركم وخطاكم الكثيرة إلى المسجد )) .
من كتاب رياض الصالحين -295-


وعن أبي موسى  رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللَّهِ  ﷺ : (( إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أجْراً في الصَّلاةِ أبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشىً ، فَأَبْعَدُهُمْ ، وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإمَامِ أعظَمُ أجْراً مِنَ الَّذِي يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَنَامُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
باب فضل انتظار الصلاة
وعن أبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رَسُول اللهِ  ﷺ قال: (( لا يَزَالُ أحَدُكُمْ في صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ ، لا يَمنَعُهُ أنْ يَنقَلِبَ إلى أهلِهِ إلاَّ الصَّلاةُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنه  رضي الله عنه  : أنَّ رَسُول اللهِ  ﷺ قال: (( الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ )) رواه البُخَارِيُّ .
وعن أنس  رضي الله عنه  : أنَّ رَسُولَ اللهِ  ﷺ أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاَةَ العِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ بَعْدَمَا صَلَّى ، فَقَالَ : (( صَلَّى النَّاسُ وَرَقَدُوا ، وَلَمْ تَزَالُوا في صَلاَةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا )) رواه البُخَارِيُّ .
من كتاب رياض الصالحين -296-


باب فضل صلاة الجماعة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رَسُول اللهِ  ﷺ قال: (( صَلاَةُ الْجَمَاعَة أفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً )) متفقٌ عَلَيْهِ .


وعن أبي هريرة  رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ  ﷺ : (( صَلاةُ الرَّجُلِ في جَمَاعةٍ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتهِ وفي سُوقِهِ خَمْساً وَعِشْرِينَ ضِعْفَاً ، وَذلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ ، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ ، لا يُخرِجُهُ إلاَّ الصَّلاةُ ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلاَّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطَّتْ عَنهُ بِهَا خَطِيئَةٌ ، فَإذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ في مُصَلاَّهُ ، مَا لَمْ يُحْدِث ، تقولُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيهِ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، وَلاَ يَزَالُ في صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ )) متفقٌ عَلَيهِ ، وهذا لفظ البخاري .


وعنه قال: أَتَى النبيَّ  ﷺ رَجُلٌ أعْمَى ، فقَالَ : يا رَسُولَ اللهِ ، لَيسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلى الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ  ﷺ أنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّي فِي بَيْتِهِ ، فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَّمَا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ لَهُ : (( هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ ؟ )) قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : (( فَأجِبْ )) رواه مُسلِم .
من كتاب رياض الصالحين -297-


عن أبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رَسُول اللهِ  ﷺ قال: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤذَّنَ لهَا ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهمْ )) متفقٌ عَلَيهِ .
 
وعن ابن مسعود  رضي الله عنه قال: مَنْ سَرَّهُ أنْ يَلْقَى اللهَ تَعَالَى غداً مُسْلِماً ، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكم ﷺ سُنَنَ الهُدَى ، وَإنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الهُدَى ، وَلَوْ أنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكم كَمَا يُصَلِّي هذا المُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّة نَبِيِّكُم لَضَلَلْتُمْ ، وَلَقَدْ رَأيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤتَى بهِ ، يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ . رَوَاهُ مُسلِم .
(( معنى يهادى : أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما )) .
وعن أبي الدرداء  رضي الله عنه  ، قال : سمعت رَسُول اللهِ  ﷺ ، يقول : (( مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيةٍ ، وَلاَ بَدْوٍ ، لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إلاَّ قَد اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِم الشَّيْطَانُ . فَعَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ ، فَإنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَة )) رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن .  القاصية : المنفردة عن القطيع البعيدة عنه . من كتاب رياض الصالحين -298-

 

باب الحث عَلَى حضور الجماعة في الصبح والعشاء:
عن عثمان بن عفان  رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُول اللهِ  ﷺ ، يقول : (( مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ ، فَكَأنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ ، فَكَأنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ )) رواه مُسلِم .
وفي رواية الترمذي عن عثمان بن عفان  رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللهِ  ﷺ : (( مَنْ شَهِدَ العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ قِيَامُ نِصْفَ لَيلَةٍ ، وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ ، كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ )) قَالَ الترمذي : (( حديث حسن صحيح )) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللهِ  ﷺ : (( لَيْسَ صَلاَةٌ أثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنْ صَلاَةِ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً )) متفقٌ عَلَيهِ .
باب الأمر بالمحافظة عَلَى الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهنّ:

قال الله تَعَالَى : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى } "البقرة : 238 " ، وقال تعالى : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } " التوبة : 5 " .
من كتاب رياض الصالحين -299-


وعن ابن مسعود  رضي الله عنه ، قال : سألت رَسُول اللهِ  ﷺ أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ ؟ قَالَ : (( الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا )) قلتُ : ثُمَّ أيٌّ ؟ قَالَ : (( بِرُّ الوَالِدَيْنِ )) قلتُ : ثُمَّ أيٌّ ؟ قَالَ : (( الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ )) متفقٌ عَلَيهِ .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رَسُول اللهِ  ﷺ : (( أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ ، وأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ، إلاَّ بِحَقِّ الإسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ )) متفقٌ عَلَيهِ .
 وعن معاذٍ  رضي الله عنه قال: بَعثنِي رَسُولُ اللهِ  ﷺ إلى اليَمَنِ ، فَقَالَ :(( إنَّكَ تَأْتِي قَوْماً مِنْ أَهْل الكِتَابِ ، فَادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ ، وأنِّي رَسُولُ اللهِ ، فَإنْ هُمْ أطاعُوا لِذلِكَ ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ ، فَإيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوَالهِمْ ، واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ ، فَإنَّهُ لَيْسَ بَينَهَا وبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ )) متفقٌ عَلَيهِ .
من كتاب رياض الصالحين -300-
 
وعن جابرٍ  رضي الله عنه  ، قال : سمعت رَسُول اللهِ  ﷺ ، يقول : (( إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ والكفر ، تَرْكَ الصَّلاَةِ )) رواه مُسلِم .
وعن أبي هريرة  رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللهِ  ﷺ : (( إنَّ أوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ ، فَإنْ صَلَحَتْ ، فَقَدْ أفْلَحَ وأَنْجَحَ ، وَإنْ فَسَدَتْ ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فَإنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌقال الرَّبُ  عز وجل  : انْظُرُوا هَلْ لِعَبدي من تطوّعٍ ، فَيُكَمَّلُ مِنْهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ ؟ ثُمَّ تَكُونُ سَائِرُ أعْمَالِهِ عَلَى هَذَا )) رواه التِّرمِذِيُّ ، وَقَالَ : (( حَدِيثٌ حَسَنٌ )) .

باب فضل الصف الأول والأمر بإتمام الصفوف الأُوَل وتسويتها والتراصّ فِيهَا:
عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنهماقال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللهِ  ﷺ ، فَقَالَ: (( ألاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا ؟ )) فَقُلنَا : يَا رَسُول اللهِ ، وَكَيفَ تُصَفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا ؟ قَالَ : (( يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ ، وَيَتَرَاصُّونَ في الصَّفِّ )) رواه مُسلِم .
وعن أبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رَسُولَ اللهِ  ﷺ قال: (( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلاَّ أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا )) متفقٌ عَلَيهِ .
يستهموا : أي يقترعوا .


باب فضل الصف الأول والأمر بإتمام الصفوف الأُوَل وتسويتها والتراصّ فِيهَا:
عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنهماقال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللهِ  ﷺ ، فَقَالَ: (( ألاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا ؟ )) فَقُلنَا : يَا رَسُول اللهِ ، وَكَيفَ تُصَفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا ؟ قَالَ : (( يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ ، وَيَتَرَاصُّونَ في الصَّفِّ )) رواه مُسلِم .
وعن أبي هريرة  رضي الله عنه  : أنَّ رَسُولَ اللهِ  ﷺ قال: (( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلاَّ أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا )) متفقٌ عَلَيهِ .
يستهموا : أي يقترعوا .
من كتاب رياض الصالحين -301-
 

الرجوع للصفحة الرئيسية