رياض الصالحين -4-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللهِ ﷺ : (( خيْرُ صُفُوفِ
الرِّجَالِ أوَّلُهَا ، وَشَرُّهَا آخِرُهَا ، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ
آخِرُهَا ، وَشَرُّهَا أوَّلُهَا )) رواه مُسلِم .
وعن أبي سعيد الخدرِيِّ رضي الله عنه : أنَّ رَسُول اللهِ ﷺ رأى في أصْحَابِهِ
تَأَخُّراً ، فَقَالَ لَهُمْ : (( تَقَدَّمُوا فَأتَمُّوا بِي ، وَلْيَأتَمَّ
بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ ، لاَ يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ
الله )) رواه مُسلِم .
وعن أبي مسعود رضي الله عنه ، قال : كَانَ رَسُول اللهِ ﷺ ، يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا
في الصَّلاَةِ ، وَيَقُولُ : (( اسْتَووا ولاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ
قُلُوبُكُمْ ، لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الأحْلاَمِ وَالنُّهَى ، ثُمَّ
الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ )) رَوَاهُ مُسلِم .
أُولُو الأحْلاَمِ وَالنُّهَى : أصحاب العقول والألباب .
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ ﷺ : (( سَوُّوا صُفُوفَكُمْ ؛ فَإنَّ
تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ )) متفقٌ عَلَيهِ .
وفي رواية للبخاري : (( فَإنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إقَامَةِ الصَّلاَةِ ))
.من كتاب رياض الصالحين -302-
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رَسُول اللهِ ﷺ ، يقول : ((
لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ ، أوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ ))
متفقٌ عَلَيهِ .
وفي رواية لمسلم : أنَّ رَسُول اللهِ ﷺ كَانَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا ، حَتَّى
كَأنَّمَا يُسَوِّي بِهَا القِدَاحَ حَتَّى رَأى أنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ،
ثُمَّ خَرَجَ يَوماً فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ ، فَرَأى رَجُلاً بَادِياً
صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ ، فَقَالَ : (( عِبَادَ اللهِ ، لتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ ،
أو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ )) .
وعن البراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهماقال: كَانَ رَسُول اللهِ ﷺ يَتَخَلَّلُ
الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إلى نَاحِيَةٍ ، يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا ،
وَيَقُولُ : (( لا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ )) وكانَ يَقُولُ : ((
إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الأُوَلِ )) رواه أبُو
دَاوُدَ بإسناد حسن .
وعن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما : أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: (( أقيمُوا
الصُّفُوفَ ، وَحَاذُوا بَيْنَ المَنَاكِبِ ، وَسُدُّوا الخَلَلَ ، وَلِينوا
بِأيْدِي إخْوانِكُمْ ، ولاَ تَذَرُوا فُرُجَاتٍ للشَّيْطَانِ ، وَمَنْ وَصَلَ
صَفّاً وَصَلَهُ اللهُ ، وَمَنْ قَطَعَ صَفّاً قَطَعَهُ اللهُ )) رواه أبُو دَاوُدَ
بإسناد صحيح .
من كتاب رياض الصالحين -303-
وعن البراء رضي الله عنه قال: كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُول اللهِ ﷺ
أحْبَبْنَا أنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينهِ ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ ،
فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : (( رَبِّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ أو تَجْمَعُ
عِبَادَكَ )) رواه مُسلِمٌ .
باب فضل يوم الجمعة : قَالَ الله تَعَالَى : { فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ
فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ ، وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ ، وَاذْكُرُوا اللهَ
كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } " الجمعة : 10 " .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ
عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ : فِيهِ خُلِقَ آدَمُ ، وَفِيهِ أُدْخِلَ
الجَنَّةَ ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا )) رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -304-
وعنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَنْ تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى
الجُمُعَةَ ، فَاسْتَمَعَ وأنْصَتَ ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ
وَزِيادَةُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَى ، فَقَدْ لَغَا )) رواه مسلم
.
وعنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ ، وَالجُمُعَةُ إِلَى
الجُمُعَةِ ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ ، مُكَفِّراتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا
اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ )) رواه مسلم .
وعنه ، وعن ابن عمر رضي الله عنهم : أنهما سَمعَا رسولَ الله ﷺ ، يقولُ عَلَى
أعْوَادِ مِنْبَرِهِ : (( لَيَنْتَهِيَنَّ أقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ
أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونَنَّ مِنَ الغَافِلِينَ
)) رواه مسلم .
ودعهم: أي تركهم
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ
الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( غُسْلُ يَوْمِ
الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
المراد بِالمُحْتَلِمِ : البَالِغُ . وَالمُرادُ بِالوَاجِبِ : وُجُوبُ اخْتِيارٍ ،
كَقولِ الرَّجُلِ لِصَاحِبهِ : حَقُّكَ وَاجِبٌ عَلَيَّ . واللهُ أعلم .
من كتاب رياض الصالحين -305-
عن سَمُرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ
الجُمُعَةِ فبِها وَنِعْمَتْ وَمَن اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أفْضَلُ )) رواه أَبُو
داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعن سَلمَان رضي الله عنه قال: قَالَ رسول اللهِ ﷺ : (( لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ
يَومَ الجُمُعَةِ ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ ، وَيَدَّهِنُ مِنْ
دُهْنِهِ ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ
بَيْنَ اثنَيْنِ ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا
تَكَلَّمَ الإمَامُ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ
الأُخْرَى )) رواه البخاري .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( مَن اغْتَسَلَ يَومَ
الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ، ثُمَّ رَاحَ في الساعة الأولى فَكَأنَّمَا قَرَّبَ
بَدَنَةً ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ
بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ في الساعة الثَّالِثَةِ ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ كَبْشاً
أقْرَنَ ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ
دَجَاجَةً ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ
بَيْضَةً ، فَإذَا خَرَجَ الإمَامُ ، حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ
الذِّكْرَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
قَوْله : (( غُسْلُ الجَنَابَةِ )) أيْ غُسلاً كغُسْلِ الجَنَابَةِ في الصِّفَةِ .
وعنه أنَّ رسول الله ﷺ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، فَقَالَ : (( فِيهَا سَاعَةٌ لا
يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْألُ اللهَ شَيْئاً ،
إِلاَّ أعْطَاهُ إيّاهُ )) وَأشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا . متفقٌ عَلَيْهِ .من
كتاب رياض الصالحين -306-
وعن أوس بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( إنَّ مِنْ أفْضَلِ
أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ ؛
فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ )) رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
من كتاب رياض الصالحين -307-
باب فضل السواك وخصال الفطرة:
عن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( لَوْلاَ أنْ أشُقَّ عَلَى
أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ ))
متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن عائشة رضي الله عنها : أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (( السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ
مَرْضَاةٌ للرَّبِّ )) رواه النسائي وابنُ خُزَيْمَةَ في صحيحهِ بأسانيدَ صحيحةٍ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( الفِطْرَةُ خَمْسٌ ، أَوْ
خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ : الخِتَانُ ، وَالاسْتِحْدَادُ ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ ،
وَنَتْفُ الإبطِ ، وَقَصُّ الشَّارِبِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( الاستحْدَادُ )) : حَلقُ العَانَةِ ، وَهُوَ حَلْقُ الشَّعْرِ الَّذِي حَولَ
الفَرْجِ .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قَالَ رسول الله ﷺ : (( عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ :
قَصُّ الشَّارِبِ ، وَإعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ، وَالسِّوَاكُ ، وَاسْتِنْشَاقُ
المَاءِ ، وَقَصُّ الأظْفَارِ ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ ، وَنَتف الإبْطِ ، وَحَلْقُ
العَانَةِ ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ )) قَالَ الرَّاوِي : وَنَسِيْتُ العَاشِرَةَ
إِلاَّ أنْ تَكُونَ المَضمَضَةُ . قَالَ وَكِيعٌ وَهُوَ أحَدُ رُواتِهِ انْتِقَاصُ
المَاءِ : يَعْنِي الاسْتِنْجَاءِ . رواه مسلم .
(( البَرَاجِم )): وهي عُقَدُ الأَصَابِعِ ، وَ(( إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ))
مَعْنَاهُ : لاَ يَقُصُّ مِنْهَا شَيْئاً . من كتاب رياض الصالحين -308-
{ كتَاب الحَجّ}
باب وجوب الحج وفضله:
قَالَ الله تَعَالَى : { وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ } " آل
عمران" .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( بُنِي الإسْلاَمُ عَلَى
خَمْسٍ : شَهَادَةِ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ ، وَأنَّ مُحَمَّداً رسولُ اللهِ ،
وَإقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَحَجِّ البَيْتِ ، وَصَوْمِ
رَمَضَانَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: خَطَبَنَا رسولُ اللهِ ﷺ ، فَقَالَ : (( أيُّهَا
النَّاسُ ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الحَجَّ فَحُجُّوا )) فَقَالَ رَجُلٌ :
أكُلَّ عَامٍ يَا رَسولَ اللهِ ؟ فَسَكَتَ ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثاً . فَقَالَ
رسولُ الله ﷺ : (( لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ )) ثُمَّ
قَالَ : (( ذَرُوني مَا تَرَكْتُكُمْ ؛ فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ ، وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ ، فَإذَا
أمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَن
شَيْءٍ فَدَعُوهُ )) رواه مسلم .
وعنه قال: سُئِلَ النَّبيُّ ﷺ أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ ؟ قَالَ : (( إيمَانٌ بِاللهِ
وَرسولِهِ )) قيل : ثُمَّ ماذا ؟ قَالَ : (( الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ )) قِيلَ
: ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : (( حَجٌّ مَبرُورٌ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( المبرور )) هُوَ : الَّذِي لا يرتكِبُ صاحِبُهُ فِيهِ معصيةً .
من كتاب رياض الصالحين -309-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ ، يقول : (( مَنْ حَجَّ ،
فَلَمْ يَرْفُثْ ، وَلَمْ يَفْسُقْ ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ )) متفقٌ
عَلَيْهِ .
الرفث : كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة
وعنه : أنَّ رسول اللهِ ﷺ ، قال : (( العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا
بَينَهُمَا ، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةَ )) متفقٌ
عَلَيْهِ .
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قَالَت : قُلْتُ : يَا رسول الله ، نَرَى الجِهَادَ
أفْضَلَ العَمَلِ ، أفَلاَ نُجَاهِدُ ؟ فَقَالَ : (( لَكُنَّ أفْضَلُ الجِهَادِ :
حَجٌّ مَبْرُورٌ )) رواه البخاري .
عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: (( مَا مِنْ يَوْمٍ أكْثَرَ
مِنْ أن يَعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ )) رواه
مسلم .
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ امرأة قالت : يَا رسول الله ، إنَّ فَرِيضَةَ
اللهِ عَلَى عِبَادِهِ في الحَجِّ ، أدْرَكَتْ أَبي شَيْخاً كَبِيراً ، لاَ
يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أفَأحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : (( نَعَمْ )) متفقٌ
عَلَيْهِ .من كتاب رياض الصالحين -310-
عن لقيط بن عامر رضي الله عنه : أنَّه أتى النبيَّ ﷺ ، فَقَالَ : إنَّ أَبِي شَيْخٌ
كَبِيرٌ ، لاَ يَسْتَطِيعُ الحَجَّ ، وَلاَ العُمْرَةَ ، وَلاَ الظَّعَنَ ؟ قَالَ :
(( حُجَّ عَنْ أبِيكَ وَاعْتَمِرْ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث
حسن صحيح )) .
وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: حُجَّ بي مَعَ رسولِ اللهِ ﷺ ، في حَجةِ
الوَدَاعِ ، وَأنَا ابنُ سَبعِ سِنينَ . رواه البخاري .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ ﷺ لَقِيَ رَكْباً بالرَّوْحَاءِ ،
فَقَالَ : (( مَنِ القَوْمُ ؟ )) قالوا: المسلِمُونَ . قالوا : مَنْ أنْتَ ؟ قَالَ
: (( رسولُ اللهِ )) . فَرَفَعَتِ امْرَأةٌ صَبيّاً ، فَقَالَتْ : ألِهَذَا حَجٌّ ؟
قَالَ : (( نَعَمْ ، وَلَكِ أجْرٌ )) رواه مسلم .
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كَانَتْ عُكَاظُ ، وَمَجِنَّةُ ، وَذُو
المَجَازِ أسْوَاقاً في الجَاهِلِيَّةِ ، فَتَأثَّمُوا أن يَتَّجِرُوا في
المَوَاسِمِ ، فَنَزَلَتْ : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً
مِنْ رَبِّكُمْ } " البقرة " في مَوَاسِمِ الحَجِّ . رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -311-
باب فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم:
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( أفْضَلُ الصِّيَامِ
بَعْدَ رَمَضَانَ : شَهْرُ الله المُحَرَّمُ ، وَأفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعدَ
الفَرِيضَةِ : صَلاَةُ اللَّيْلِ )) رواه مسلم .
عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : لَمْ يكن النبي ﷺ يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ أكْثَرَ
مِنْ شَعْبَانَ ، فَإنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ . وفي رواية : كَانَ
يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً . متفقٌ عَلَيْهِ .
باب فضل الصوم وغيره في العشر الأول من ذي الحجة:
عن ابن عباس رضي الله عنهماقال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَا مِنْ أيَّامٍ ،
العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّام )) يعني أيام
العشر . قالوا : يَا رسولَ اللهِ ، وَلاَ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ ؟ قَالَ : ((
وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ،
فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ )) رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -312-
باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء :
عن أَبي قتادة رضي الله عنه قال: سُئِلَ رسول الله ﷺ عن صَومِ يَوْمِ عَرَفَةَ قال:
(( يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ )) رواه مسلم .عن ابن عباس رضي
الله عنهما : أنَّ رسولَ الله ﷺصَامَ يَومَ عاشوراءَ وَأمَرَ بِصِيامِهِ . متفقٌ
عَلَيْهِ .
وعن أَبي قتادة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ سُئِلَ عَنْ صِيامِ يَوْمِ
عَاشُوراءَ، فَقَالَ : (( يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ )) رواه مسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى
قَابلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ )) رواه مسلم .
{ كتَاب الجِهَاد}
باب وجوب الجهاد وفضل الغدوة والروحة:
قال الله تَعَالَى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى
أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً
وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } " البقرة" ،
من كتاب رياض الصالحين -313-
قال الله تَعَالَى : { لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ
أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ
وَأنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى
القَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاً وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ
المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أجْراً عَظِيماً دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً
وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً } " النساء" ،
قال تَعَالَى : { يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ
تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ
فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ
الفَوْزُ العَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِن اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ
وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ } " الصف" .
والآيات في الباب كثيرةٌ مشهورةٌ . وأما الأحاديث في فضل الجهاد فأكثر من أنْ تحصر
، فمن ذلك :
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئِلَ رسول الله ﷺ : أيُّ العَمل أفْضَلُ ؟ قَالَ
: (( إيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ )) قيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : (( الجهادُ في
سَبيلِ اللهِ )) قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : (( حَجٌّ مَبْرُورٌ )) متفقٌ
عَلَيْهِ .
وعن أَبي ذرّ رضي الله عنه قال: قُلْتُ : يَا رسول الله ، أيُّ العَمَلِ أفْضلُ ؟
قَالَ : (( الإيمَانُ بِاللهِ ، وَالجِهَادُ في سَبِيلهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ.
من كتاب رياض الصالحين -314-
عن أَبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: أَتَى رَجُلٌ رسولَ اللهِ ﷺ ، فَقَالَ :
أيُّ النَّاسِ أفْضَلُ ؟ قَالَ : (( مُؤْمنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ في
سَبيلِ اللهِ )) قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : (( مُؤْمِنٌ في شِعبٍ مِنَ
الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللهَ ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ ﷺمَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِى
سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ « لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ ». قَالَ فَأَعَادُوا
عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ « لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ
». وَقَالَ فِى الثَّالِثَةِ « مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ
الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ
وَلاَ صَلاَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ».رواه
مسلم
عن ابن عباس رضي الله عنهماقال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ ، يقول : (( عَيْنَانِ لاَ
تَمسُّهُمَا النَّارُ : عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ
تَحْرُسُ في سَبيلِ اللهِ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعن زيد بن خالد رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: (( مَنْ جَهَّزَ غَازياً في
سَبيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازياً في أهْلِهِ
بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا )) متفقٌ عَلَيْهِ.
من كتاب رياض الصالحين -315-
عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: ((
يَغْفِرُ اللهُ لِلْشَّهِيدِ كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ الدَّيْنَ )) . رواه مسلم . وفي
روايةٍ له : (( القَتْلُ في سبيلِ اللهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شيءٍ إلاَّ الدَّيْن )) .
وعن أنس رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ
صَادِقاً أُعْطِيَهَا ولو لَمْ تُصِبْهُ )) رواه مسلم .
وعن عبد الله بن أَبي أوْفَى رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ الله ﷺ في بَعْضِ
أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ ،
ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ فَقَالَ : (( أَيُّهَا النَّاسُ ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ
العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُموهُمْ فَاصْبِروا ؛
وَاعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ )) ثُمَّ قَالَ : ((
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ ،
أهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ رسولُ اللهِ ﷺ إِذَا غَزَاقال: (( اللَّهُمَّ أنْتَ
عَضْديِ وَنَصِيرِي ، بِكَ أَحُولُ ، وَبِكَ أَصُولُ ، وَبِكَ أُقَاتِلُ )) رواه
أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -316-
عن أَبي موسى رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ كَانَ إِذَا خَافَ قَوماً قال: ((
اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهمْ ))
رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
عن أَبي سعيد رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ
يَوْماً فِي سَبيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذلِكَ اليَوْمِ وَجهَهُ عَنِ
النَّارِ سَبْعِينَ خَرْيفاً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ
، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بالغَزْوِ ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ ))
رواه مسلم .
وعن أَبي أُمَامَة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( مَنْ لَمْ يَغْزُ ، أَوْ
يُجَهِّزْ غَازِياً ، أَوْ يَخْلُفْ غَازياً في أهْلِهِ بِخَيرٍ ، أصَابَهُ اللهُ
بِقَارعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ )) رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
(( بقارعة : أي بداهية مهلكة ))
من كتاب رياض الصالحين -317-
وعن أَبي موسى رضي الله عنه : أنَّ أعرابياً أتى النبيَّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رسولَ
اللهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ ،
وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ ليُرَى مَكَانُهُ ؟ وفي رواية : يُقَاتِلُ شَجَاعَةً ،
وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً . وفي رواية : يُقَاتِلُ غَضَباً ، فَمَنْ في سبيل الله ؟
فقالَ رسولُ اللهِ : (( مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا ،
فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أنس رضي الله عنه : أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: (( جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ
بِأَمْوَالِكُمْ وَأنْفُسِكُمْ وَألْسِنَتِكُمْ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ
العَدُوِّ ، وَاسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ ، فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ))
متفقٌ عَلَيْهِ .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ« الْحَرْبُ خُدْعَةٌ ».
قال الخطابي في "معالم السنن": (( قوله : (( الحرب خدعة )) معناه إباحة الخداع في
الحرب وإن كان محظوراً في غيرها من الأمور ، وهذا الحرف يروى على ثلاثة أوجه :
خَدْعة بفتح الخاء وسكون الدال ، وخُدْعة بضم الخاء وسكون الدال ، وخُدَعة الخاء
مضمومة والدال منصوبة ( أي مفتوحة )، وأصوبها خَدْعة بفتح الخاء )).
من كتاب رياض الصالحين -318-
باب بيان جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة يغسلون ويصلى عليهم بخلاف القتيل في حرب
الكفار:
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ :
المَطْعُونُ وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ في
سَبِيلِ اللهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَا تَعُدُّونَ الشُّهَدَاءَ فِيكُمْ ؟ ))
قالوا : يَا رسولَ اللهِ ، مَنْ قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ . قَالَ :
(( إنَّ شهَدَاءَ أُمَّتِي إِذَاً لَقَليلٌ )) ! قالوا: فَمَنْ هُمْ يَا رسول الله
؟ قَالَ : (( مَنْ قُتِلَ في سَبيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ مَاتَ في سَبيلِ
الله فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ مَاتَ في الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ مَاتَ
في البَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَالغَرِيقُ شَهِيدٌ )) رواه مسلم .
المطعون هو الذي يموت في الطاعون ، والمبطون هو صاحب داء البطن ، وصاحب الهدم من
يموت تحته ( أي تحت الهدم والأنقاض ).
وعن أَبي الأعْوَر سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نُفَيْل ، أحَدِ العَشَرَةِ
المَشْهُودِ لَهُمْ بِالجَنَّةِ رضي الله عنهم ، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول:
(( مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ
شَهِيدٌ ، وَمَنْ قتِلَ دُونَ دِينهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أهْلِهِ
فَهُوَ شَهِيدٌ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
من كتاب رياض الصالحين -319-
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَنْ
قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسول الله ﷺ فَقَالَ : يَا
رسولَ اللهِ ، أرَأيتَ إنْ جَاءَ رجلٌ يُرِيدُ أخْذَ مَالِي ؟ قَالَ : (( فَلاَ
تُعْطِهِ مَالَكَ )) قَالَ : أَرَأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي ؟ قَالَ : (( قَاتِلْهُ ))
قَالَ : أرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي ؟ قَالَ : (( فَأنْتَ شَهِيدٌ )) قَالَ :
أَرَأيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ ؟ قَالَ : (( هُوَ فِي النَّارِ )) رواه مسلم .
باب فضل الإحسان إِلَى المملوك
قَالَ الله تَعَالَى : { وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً
وَبِالوَالِدَيْنِ إحْسَاناً وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ
وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ
السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } " النساء : 36 " .
وعنِ المَعْرُورِ بن سُوَيْدٍ قال: رَأيْتُ أَبَا ذَرٍ رضي الله عنه ، وَعَلَيهِ
حُلَّةٌ وَعَلَى غُلاَمِهِ مِثْلُهَا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ أنَّهُ
قَدْ سَابَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ رسول الله ﷺ، فَعَيَّرَهُ بِأُمِّهِ ، فَقَالَ
النبيُّ ﷺ : (( إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِليَّةٌ هُمْ إخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ
جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أيديكُمْ ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ ،
فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأكُلُ ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ، وَلاَ
تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ ، فَإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ )) متفقٌ
عَلَيْهِ .من كتاب رياض الصالحين -320-
باب فضل العبادة في الهرج وَهُوَ : الاختلاط –والقتل- والفتن ونحوها:
عن مَعْقِلِ بن يسار رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( العِبَادَةُ في
الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إليَّ )) رواه مسلم .
باب فضل السماحة في البيع والشراء
قَالَ تَعَالَى : { وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ
وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُم } " هود " ، وقال تَعَالَى : { وَيْلٌ
لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا
كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ
مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } "
المطففين " .
وعن جابر رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قَالَ : (( رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحاً
إِذَا بَاعَ ، وَإِذَا اشْتَرَى ، وَإِذَا اقْتَضَى )) رواه
البخاري .
عن أَبي قتادة رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يقول : (( مَنْ سَرَّهُ
أنْ يُنَجِّيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ
مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ )) رواه مسلم.
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قَالَ : (( كَانَ رَجُلٌ
يُدَايِنُ النَّاسَ، وَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِراً
فَتَجَاوَزْ عَنْهُ ، لَعَلَّ اللهَ أنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا ، فَلَقِيَ اللهَ
فَتَجَاوَزَ عَنْهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -321-
وعن أَبي مسعود البدريِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( حُوسِبَ
رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الخَيْرِ شَيْءٌ ،
إِلاَّ أنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَكَانَ مُوسِراً ، وَكَانَ يَأمُرُ
غِلْمَانَهُ أنْ يَتَجَاوَزُوا عَن المُعْسِر . قَالَ اللهُ عز وجل : نَحْنُ
أَحَقُّ بذلِكَ مِنْهُ ؛ تَجَاوَزُوا عَنْهُ )) رواه مسلم .
وعن حذيفة رضي الله عنه قَالَ : أُتَي اللهُ تَعَالَى بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ
آتَاهُ اللهُ مَالاً ، فَقَالَ لَهُ : مَاذَا عَمِلْتَ في الدُّنْيَا ؟ قَالَ : ((
وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً )) قَالَ : يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ ،
فَكُنْتُ أُبَايعُ النَّاسَ ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الجَوَازُ ، فَكُنْتُ
أَتَيَسَّرُ عَلَى المُوسِرِ، وَأُنْظِرُ المُعْسِرَ . فَقَالَ الله تَعَالَى : ((
أنَا أَحَقُّ بِذا مِنْكَ تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي )) فَقَالَ عُقْبَةُ بن عامِر ،
وأبو مسعودٍ الأنصاريُّ رضي الله عنهما : هكَذا سَمِعْنَاهُ مِنْ فيِّ رسولِ الله ﷺ
. رواه مسلم .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَنْ أَنْظَرَ
مُعْسِراً ، أَوْ وَضَعَ لَهُ ، أظَلَّهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ
عَرْشِهِ يَومَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح
)) .
من كتاب رياض الصالحين -322-
{ كتَابُ العِلم}
باب فضل العلم تعلماً وتعليماً لله
قَالَ اللهُ تَعَالَى : { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمَاً } " طه " ، وقال تَعَالَى
: { قُلْ هَلْ يَسْتَوي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } "
الزمر" ، وقال تَعَالَى : { يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ
أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ } " المجادلة " ، وقال تَعَالَى : { إنَّمَا يَخْشَى
اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ } " فاطر" .
وعن معاوية رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ
خَيْراً يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ )) . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( لا حَسَدَ إِلاَّ في
اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً ، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي
الحَقِّ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ ، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا
)) . متفقٌ عَلَيْهِ .
والمراد بالحسدِ : الغِبْطَةُ ، وَهُوَ أنْ يَتَمَنَّى مِثله .
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لِعَلِيٍّ رضي الله عنه : ((
فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أنْ
يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )) . متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -323-
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (( بَلِّغُوا
عَنِّي وَلَوْ آيَةً ، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ ، وَمَنْ
كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ )) . رواه
البخاري .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً
يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً ، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ )) . رواه
مسلم .
وعنه أَيضاً رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً كَانَ
لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ
أُجُورِهِمْ شَيْئاً )) . رواه مسلم .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( إِذَا مَاتَ ابْنُ
آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ
يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ )) . رواه مسلم . من كتاب رياض
الصالحين -324-
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول : (( الدُّنْيَا
مَلْعُونَةٌ ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا ، إِلاَّ ذِكْرَ الله تَعَالَى ، وَمَا وَالاهُ
، وَعَالِماً ، أَوْ مُتَعَلِّماً )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
قَوْله : (( وَمَا وَالاَهُ )) : أيْ طَاعة الله .
وعن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( مَنْ خَرَجَ في طَلَبِ
العِلْمِ فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ )). رواه الترمذي ، وقال: (( حديث
حسن )) .
وعن أَبي أُمَامَة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( فَضْلُ العَالِمِ عَلَى
العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أدْنَاكُمْ )) ثُمَّ قَالَ رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (( إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأهْلَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى
النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ
الخَيْرَ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ ، يقول :(( نَضَّرَ
اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئاً ، فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ ، فَرُبَّ
مُبَلَّغٍ أوْعَى مِنْ سَامِعٍ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
من كتاب رياض الصالحين -325-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَنْ سُئِلَ عن عِلْمٍ
فَكَتَمَهُ ، أُلْجِمَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ )) . رواه أَبُو
داود والترمذي ، وقال :(( حديث حسن )) .
وعنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ
وَجْهُ اللهِ عز وجل لا يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضاً مِنَ
الدُّنْيَا ، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ )) يَعْنِي :
رِيحَهَا . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
(( عرف الجنة : الرائحة ، مبالغة في تحريم الجنة))
{ كتَاب حَمد الله تَعَالَى وَشكره} باب وجوب الشكر:
قَالَ الله تَعَالَى : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا
تَكْفُرُونِ } " البقرة : 152 " وقال تَعَالَى : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ
لأَزِيدَنَّكُمْ } " إبراهيم : 7 " وقال تَعَالَى : { وَقُلِ الحَمْدُ للهِ } "
الإسراء : 111 " وقال تَعَالَى : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ
العَالَمِينَ } " يونس : 10 " .
من كتاب رياض الصالحين -326-
عن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( إِذَا مَاتَ وَلَدُ
العَبْدِ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدي ؟
فَيقولون : نَعَمْ ، فيقول : قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤادِهِ ؟ فيقولون : نَعَمْ ،
فيقول : ماذا قَالَ عَبْدِي ؟ فَيقولون : حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ ، فيقُولُ اللهُ
تَعَالَى : ابْنُوا لِعَبْدي بَيتاً في الجَنَّةِ ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ ))
. رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعن أنس رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( إنَّ الله لَيرْضَى عَنِ
العَبْدِ يَأكُلُ الأَكْلَةَ ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا ، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَة ،
فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا )) رواه مسلم .
{ كتاب الصَّلاة عَلَى رَسُول الله ﷺ}
باب الأمر بالصلاة عَلَيْهِ وفضلها وبعض صيغها
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } "
الأحزاب : 56 " .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ، رضي الله عنهما : أنَّه سمع رسول الله ﷺ ، يقول :
(( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً )) . رواه
مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -327-
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قَالَ : (( أَوْلَى النَّاسِ بِي
يَومَ القِيَامَةِ أكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث
حسن )) .
عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( إنَّ مِنْ أفْضَلِ
أيَّامِكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ فِيهِ ، فَإنَّ
صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ )). رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( رَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ
ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن
)) .
وعنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ
اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ )) . رواه أَبُو داود
بإسنادٍ صحيح .
من كتاب رياض الصالحين -328-
عن عليّ رضي الله عنه قال: قَالَ رسُولُ اللهِ ﷺ : (( البَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ
عِنْدَهُ ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح ))
.
وعن أَبي محمدٍ كعبِ بن عُجْرَة رضي الله عنه قال: خَرَجَ عَلَيْنَا النبيُّ ﷺ ،
فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ ،
فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ : (( قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى
مُحَمَّدٍ ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ،
إنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ . اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وعَلَى آلِ
مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجْيدٌ )) .
متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي مسعودٍ البدري رضي الله عنه قال: أتَانَا رسُولُ اللهِ ﷺ ، وَنَحنُ في
مَجْلِسِ سَعدِ بن عُبَادَةَ رضي الله عنه ، فَقَالَ لَهُ بَشْيرُ بْنُ سَعدٍ :
أمَرَنَا الله تَعَالَى أنْ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَكَيْفَ
نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ فَسَكَتَ رسُولُ الله ﷺ ، حَتَّى تَمَنَّيْنَا أنَّهُ لَمْ
يَسْأَلْهُ ، ثُمَّ قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى
مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ،
وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ
إبْرَاهِيمَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَالسَّلاَمُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ )) .
رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -329-
{كتاب الأذْكَار}
باب فَضلِ الذِّكْرِ وَالحَثِّ عليه
قَالَ الله تَعَالَى : { وَلذِكْرُ الله أكْبَرُ } " العنكبوت " ، وقال تَعَالَى :
{ فَاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ } " البقرة " ، وقال تَعَالَى : { وَاذْكُرْ رَبَّكَ
فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ
والآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ } " الأعراف " ، وقال تَعَالَى : {
وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرَاً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } " الجمعة" ، وقال تَعَالَى
: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأصِيلاً } " الأحزاب" الآية . والآيات في الباب كثيرةٌ معلومةٌ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( كَلِمَتَانِ
خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ ، حَبِيبَتَانِ إِلَى
الرَّحْمانِ : سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ العظيمِ )) . متفقٌ
عَلَيْهِ .
وعنه رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( لأَنْ أَقُولَ : سُبْحَانَ اللهِ
؛ وَالحَمْدُ للهِ ؛ وَلاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ ، وَاللهُ أكْبَرُ ، أَحَبُّ إلَيَّ
مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -330-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قَالَ : (( مَنْ قَالَ لا إلهَ
إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ ؛ وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، في يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ
رِقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ ،
وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِي ، وَلَمْ
يَأتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْهُ ))
.
وقال : (( مَنْ قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ، في يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ ،
حُطَّتْ خَطَايَاهُ ، وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ )) . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي أيوب الأنصاريِّ رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ ﷺ قال: (( مَنْ قَالَ لا
إلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ؛ وَلَهُ الحَمْدُ ،
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، عَشْرَ مَرَّاتٍ . كَانَ كَمَنْ أعْتَقَ
أرْبَعَةَ أنْفُسٍ منْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ )) . متفقٌ عَلَيْهِ .
عن أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( ألاَ أُخْبِرُكَ
بِأَحَبِّ الكَلاَمِ إِلَى اللهِ ؟ إنَّ أَحَبَّ الكَلاَمِ إِلَى اللهِ : سُبْحَانَ
اللهِ وَبِحَمْدِهِ )) . رواه مسلم .
وعن أَبي مالك الأشعري رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( الطُّهُورُ
شَطْرُ الإيمانِ ، وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ ، وَسُبْحَانَ اللهِ
وَالحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ )) .
رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -331-
وعن سعد بن أَبي وقاصٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أعْرَابيٌّ إِلَى رَسولِ اللهِ ﷺ
، فَقَالَ : عَلِّمْنِي كَلاَماً أقُولُهُ . قَالَ : (( قُلْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ
وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ ، اللهُ أكْبَرُ كَبِيراً ، وَالحَمْدُ للهِ كَثيراً ،
وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَالِمينَ ، وَلاَ حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ
العَزِيزِ الحَكِيمِ )) قَالَ : فهؤُلاءِ لِرَبِّي ، فَمَا لِي ؟ قَالَ : (( قُلْ :
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ، وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي ، وَارْزُقْنِي )) . رواه مسلم .
وعن ثَوبانَ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسولُ اللهِ ﷺ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ
صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاثَاً ، وَقَالَ : (( اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلاَمُ ،
وَمِنْكَ السَّلاَمُ ، تَبَارَكْتَ يَاذَا الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ )) قِيلَ
لِلأوْزَاعِيِّ وَهُوَ أحَدُ رواة الحديث : كَيْفَ الاسْتِغْفَارُ ؟ قَالَ : يقول :
أسْتَغْفِرُ الله ، أسْتَغْفِرُ الله . رواه مسلم .
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ
الصَّلاَةِ وَسَلَّمَ قال: (( لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ،
لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللَّهُمَّ
لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلاَ يَنْفَعُ
ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ )) . متفقٌ عَلَيْهِ . )
ولا ينفع ذا الجد منك الجد : أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه . من كتاب رياض الصالحين
-332-
وعن عبدِ الله بن الزُّبَيْرِ رضي الله تَعَالَى عنهما أنَّه كَانَ يَقُولُ دُبُرَ
كُلِّ صَلاَةٍ ، حِيْنَ يُسَلِّمُ : (( لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ
لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . لاَ
حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ، لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ ، وَلاَ نَعْبُدُ
إِلاَّ إيَّاهُ ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ ،
لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ))
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ : وَكَانَ رَسُولُ الله ﷺ ، يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ
كُلِّ صَلاَةٍ . رواه مسلم .
عن أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( ألاَ أُخْبِرُكَ
بِأَحَبِّ الكَلاَمِ إِلَى اللهِ ؟ إنَّ أَحَبَّ الكَلاَمِ إِلَى اللهِ : سُبْحَانَ
اللهِ وَبِحَمْدِهِ )) . رواه مسلم .
وعن عبدِ الله بن الزُّبَيْرِ رضي الله تَعَالَى عنهما أنَّه كَانَ يَقُولُ دُبُرَ
كُلِّ صَلاَةٍ ، حِيْنَ يُسَلِّمُ : (( لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ
لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . لاَ
حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ، لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ ، وَلاَ نَعْبُدُ
إِلاَّ إيَّاهُ ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ ،
لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ))
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ : وَكَانَ رَسُولُ الله ﷺ ، يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ
كُلِّ صَلاَةٍ . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -333-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ فُقَراءَ المُهَاجِرِينَ أَتَوْا رسُولَ اللهِ
ﷺ ، فقالوا : ذَهَبَ أهْلُ الدُّثورِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَى ، وَالنَّعِيمِ
المُقِيمِ ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي ، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ
فَضْلٌ مِنْ أمْوَالٍ ، يَحُجُّونَ ، وَيَعْتَمِرُونَ ، وَيُجَاهِدُونَ ،
وَيَتَصَدَّقُونَ . فَقَالَ : (( ألاَ أُعَلِّمُكُمْ شَيْئاً تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ
سَبَقَكُمْ ، وَتَسْبَقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ ، وَلاَ يَكُون أَحَدٌ أفْضَل
مِنْكُمْ إِلاَّ منْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ ؟ )) قالوا : بَلَى يَا رسول
الله قال: (( تُسَبِّحُونَ ، وَتَحْمَدُونَ ، وَتُكَبِّرُونَ ، خَلْفَ كُلِّ
صَلاَةٍ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ )) قَالَ أَبُو صالح الراوي عن أَبي هريرة ، لَمَّا
سُئِلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ ذِكْرِهِنَّ قَالَ : يقول : سُبْحَان اللهِ ، وَالحَمْدُ
للهِ واللهُ أكْبَرُ ، حَتَّى يَكُونَ مِنهُنَّ كُلُّهُنَّ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ .
متفقٌ عَلَيْهِ .
وزاد مسلمٌ في روايته : فَرَجَعَ فُقَراءُ المُهَاجِرينَ إِلَى رسولِ الله ﷺ ،
فقالوا : سَمِعَ إخْوَانُنَا أهْلُ الأمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا فَفَعَلُوا مِثْلَهُ
؟ فَقَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤتِيهِ مَنْ يَشَاءُ )) .
(( الدُّثُورُ )) جمع دَثْر بفتح الدال وإسكان الثاء المثلثة وَهُوَ : المال الكثير
.
وعنه ، عن رسولِ الله ﷺ قال: (( مَنْ سَبَّحَ الله في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثاً
وَثَلاثِينَ ، وحَمِدَ اللهَ ثَلاثاً وَثَلاَثِينَ ، وَكَبَّرَ الله ثَلاثاً
وَثَلاَثِينَ ، وقال تَمَامَ المِئَةِ : لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ
لَهُ ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،
غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ )) . رواه مسلم . من
كتاب رياض الصالحين -334-
وعن كعب بن عُجْرَةَ رضي الله عنه ، عن رسولِ الله ﷺ قال:
(( مُعَقِّباتٌ لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ
مَكْتُوبَةٍ: ثَلاثٌ وَثَلاثونَ تَسْبِيحَةً. وَثَلاثٌ وثَلاَثونَ تَحْمِيدَةً ،
وَأرْبَعٌ وَثَلاَثونَ تَكْبِيرَةً )) . رواه مسلم.
معقبات : تسبيحات تفعل أعقاب الصلاة . وقال أبو الهشيم : سميت معقبات لأنها تفعل
مرة بعد أخرى . شرح النووي
وعن سعد بن أَبي وقاص رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله ﷺ كَانَ يَتَعَوَّذُ دُبُرَ
الصَّلَواتِ بِهؤُلاءِ الكَلِمَاتِ : (( اللَّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ مِنَ
الجُبْنِ وَالبُخْلِ ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ أنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ ،
وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ
)) . رواه البخاري .
عن معاذ رضي الله عنه : أن رسُولَ اللهِ ﷺ ، أخذ بيده ، وقال : (( يَا مُعَاذُ ،
وَاللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ )) فَقَالَ : (( أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ في
دُبُرِ كُلِّ صَلاَة تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ،
وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ )) . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
من كتاب رياض الصالحين -335-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ اللهِ ﷺ قال: (( إِذَا تَشَهَّدَ
أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أرْبَعٍ ، يقول : اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ
بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ
المَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ )) . رواه
مسلم .
وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله ﷺ ، إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ
يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ : ((
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا
أعْلَنْتُ ، وَمَا أسْرَفْتُ ، وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، أنْتَ
الْمُقَدِّمُ ، وَأنْتَ المُؤَخِّرُ ، لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ )) . رواه مسلم .
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : كَانَ النبيُّ ﷺ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ في
رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : (( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ ،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنها : أنَّ رسول الله ﷺ كَانَ يقولُ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : (( سبُّوحٌ
قُدُّوسٌ رَبُّ المَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -336-
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: (( فَأمَّا الرُّكُوعُ
فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عز وجل ، وَأمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في
الدُّعَاءِ ، فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ )) . رواه مسلم .
قمن : خليق أو جدير .
وعنه : أنَّ رسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ في سجودِهِ : (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي
ذَنْبِي كُلَّهُ : دِقَّهُ وَجِلَّهُ ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ، وَعَلاَنِيَتَهُ
وَسِرَّهُ )) . رواه مسلم .
عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت : افْتَقَدْتُ النَّبيَّ ﷺ ، ذَاتَ لَيْلَةٍ ،
فَتَحَسَّسْتُ ، فإذا هُوَ راكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ يقولُ : (( سُبْحَانَكَ
وَبِحَمْدِكَ ، لاَ إلهَ إِلاَّ أنت )) وفي روايةٍ : فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ
قَدَمَيْهِ ، وَهُوَ في المَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ ، وَهُوَ يَقُولُ : ((
اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِمعَافَاتِكَ مِنْ
عُقُوبَتِكَ، وأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أنْتَ كَمَا
أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ )). رواه مسلم .
وعن سعد بن أَبي وقاصٍ رضي الله عنه قَالَ : كنا عِنْدَ رسول الله ﷺ ، فَقَالَ : ((
أيعجزُ أحَدُكُمْ أنْ يَكْسِبَ في كلِّ يومٍ ألْفَ حَسَنَةٍ ! )) فَسَأَلَهُ
سَائِلٌ مِنْ جُلَسائِهِ : كَيْفَ يَكْسِبُ ألفَ حَسَنَةٍ ؟ قَالَ : (( يُسَبِّحُ
مِئَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ ألْفُ حَسَنَةٍ ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ ألفُ
خَطِيئَةٍ )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -337-
وعن أَبي ذر رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: (( يُصْبحُ عَلَى كُلِّ
سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ : فَكُلُّ تَسْبيحَةٍ صَدَقةٌ ، وَكُلُّ
تَحْميدَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَهْلِيلةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَكْبيرَةٍ صَدَقَةٌ
، وأمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ ، وَيجْزئُ
مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى )) رواه مسلم .
وعن أم المؤمنين جُويْريَةَ بنت الحارِث رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النَّبيَّ ﷺ خرجَ
مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِيْنَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ في مَسْجِدِها ، ثُمَّ
رَجَعَ بَعدَ أنْ أضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ ، فقالَ : (( مَا زِلْتِ عَلَى الحالِ
الَّتي فَارقَتُكِ عَلَيْهَا ؟ )) قالت : نَعَمْ ، فَقَالَ النَّبيُّ ﷺ : (( لَقَدْ
قُلْتُ بَعْدَكِ أرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ
مُنْذُ اليَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ : سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ،
وَرِضَا نَفْسِهِ ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ )) . رواه مسلم .
وفي روايةٍ لَهُ : (( سُبْحانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ الله رِضَا
نَفْسِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ
)) .
وعن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، عن النبيّ ﷺ قال: (( مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ
رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ )) . رواه البخاري .
ورواه مسلم فَقَالَ : (( مَثَلُ البَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ ،
وَالبَيْتِ الَّذِي لا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ )) .
من كتاب رياض الصالحين -338-
عن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: (( يقول الله تَعَالَى : أنا
عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ، فإنْ ذَكَرَنِي في
نَفْسِهِ ، ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي ، وإنْ ذَكَرنِي في ملأٍ ذَكرتُهُ في مَلأٍ
خَيْرٍ مِنْهُمْ )) متفق عَلَيْهِ .
وعنه قَالَ : قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( سَبَقَ المُفَرِّدُونَ )) قالوا : وَمَا
المُفَرِّدُونَ ؟ يَا رسولَ الله قَالَ: (( الذَّاكِرُونَ اللهَ كثيراً
والذَّاكِرَاتِ )) . رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رسُولَ الله ﷺ ، يقولُ : (( أفْضَلُ
الذِّكْرِ : لا إلهَ إِلاَّ اللهُ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه : أنَّ رجلاً قَالَ : يَا رسولَ الله ، إنَّ
شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيءٍ أَتَشَبثُ بِهِ
قَالَ : (( لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطباً مِنْ ذِكْرِ الله )) . رواه الترمذي ، وقال
: (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -339-
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( لَقِيْتُ إبْرَاهِيمَ
لَيلَةَ أُسْرِيَ بِي ، فَقَالَ : يَا مُحَمّدُ أقْرِىءْ أُمَّتَكَ مِنِّي
السَّلاَمَ ، وَأَخْبِرْهُمْ أنَّ الجَنَّةَ طَيَّبَةُ التُّرْبَةِ ، عَذْبَةُ
الماءِ ، وأنَّهَا قِيعَانٌ وأنَّ غِرَاسَهَا : سُبْحَانَ اللهِ ، والحَمْدُ للهِ ،
وَلاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ ، واللهُ أكْبَرُ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن
)) .
وعن أَبي الدرداءِ رضي الله عنه قال: قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( ألا أُنَبِّئُكُمْ
بِخَيْرِ أعْمالِكُمْ ، وأزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وأرْفَعِهَا في
دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيرٍ لَكُمْ مِنْ إنْفَاقِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ ، وَخَيْرٍ
لَكُمْ مِنْ أن تَلْقَوا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا
أعْنَاقَكُمْ ؟ )) قَالَوا : بَلَىقال: (( ذِكر الله تَعَالَى )) . رواه الترمذي
قال الحاكم أَبُو عبد الله : (( إسناده صحيح )) .
وعن أَبي موسى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لي رسولُ الله ﷺ : (( ألا أدُلُّكَ عَلَى
كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ ؟ )) فقلت : بلى يَا رسولَ الله قَالَ : (( لا
حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ )) متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -340-
باب ذكر الله تَعَالَى قائماً أَوْ قاعداً ومضطجعاً ومحدثاً وجنباً وحائضاً إِلاَّ
القرآن فَلاَ يحل لجنب وَلاَ حائض :
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّ في خَلْقِ السَّماوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ
قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ } " آل عمران " .
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : كَانَ رسُولُ الله ﷺ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى
كُلِّ أَحْيَانِهِ . رواهُ مسلم .
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( لَوْ أنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا
أتَى أهْلَهُ قَالَ : بِسْمِ الله ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ ،
وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا ، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ ، لَمْ
يَضُرَّهُ )) . متفق عَلَيْهِ .
باب مَا يقوله عِنْدَ نومه واستيقاظه:
عن حُذَيفَةَ ، وأبي ذرٍ رضي الله عنهما ، قالا : كَانَ رسولُ الله ﷺ إِذَا أوَى
إِلَى فِرَاشِهِ قال: (( بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وَأموتُ )) وَإذَا
اسْتَيقَظَ قَالَ : (( الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحْيَانَا بعْدَ مَا أماتَنَا
وإِلَيْهِ النُّشُورُ )) . رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -341-
باب فضل حِلَقِ الذكر والندب إِلَى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر:
قَالَ الله تَعَالَى : { واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ } "
الكهف " .
و عن أَبي هريرة وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما ، قالا : قَالَ رسولُ الله ﷺ : ((
لا يَقْعُدُ قَومٌ يَذكُرُونَ اللهَ عز وجل إِلاَّ حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ
وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ ؛ وَذَكَرَهُمُ
اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ )) . رواه مسلم .
باب الذكر عِنْدَ الصباح والمساء
قَالَ الله تَعَالَى : { وَاذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعَاً وَخِيفَةً
وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ
الغَافِلِينَ } " الأعراف " قَالَ أهلُ اللُّغَةِ : (( الآصَالُ )) : جَمْعُ أصِيلٍ
، وَهُوَ مَا بَيْنَ العَصْرِ وَالمَغْرِبِ . وقال تَعَالَى : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } "طه " . وقال تعالى : {
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالأِبْكَارِ } " غافر"قال أهلُ
اللُّغَةِ (( العَشِيُّ )) : مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ وغُرُوبِهَا . وقال
تَعَالَى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
يُسْبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ
وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ } الآية " النور " .
من كتاب رياض الصالحين -342-
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( مَنْ قَالَ حِيْنَ
يُصْبِحُ وَحينَ يُمْسِي : سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ، مِئَةَ مَرَّةٍ ، لَمْ
يَأتِ أَحَدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ، إِلاَّ أحَدٌ قَالَ
مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ )) . رواه مسلم .
وعنه قال: جَاءَ رجلٌ إِلَى النبيّ ﷺ ، فَقَالَ : يَا رسولَ الله مَا لَقِيْتُ مِنْ
عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البَارِحَةَ ! قَالَ : (( أمَا لَوْ قُلْتَ حِيْنَ أمْسَيْتَ
: أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ : لَمْ تَضُرَّك ))
. رواه مسلم .
وعنه عن النبيّ ﷺأنَّه كَانَ يقولُ إِذَا أصْبَحَ : (( اللَّهُمَّ بِكَ أصْبَحْنَا
، وَبِكَ أمْسَيْنَا ، وَبِكَ نَحْيَا ، وَبِكَ نَمُوتُ ، وَإلَيْكَ النُّشُورُ ))
. وإذا أمسَى قَالَ : (( اللَّهُمَّ بِكَ أمْسَيْنَا ، وبِكَ نَحْيَا ، وَبِكَ
نَمُوتُ . وَإلْيَكَ النُّشُورُ )) . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث
حسن )) .
وعنه : أنَّ أَبَا بكرٍ الصديق رضي الله عنه قَالَ : يَا رسول الله مُرْني
بِكَلِمَاتٍ أقُولُهُنَّ إِذَا أصْبَحْتُ وإذا أمْسَيْتُقال: (( قُلْ : اللَّهُمَّ
فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ ؛ رَبَّ كُلِّ
شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ ، أَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إِلاَّ أنْتَ ، أعُوذُ بِكَ مِنْ
شَّرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ )) قَالَ : (( قُلْهَا إِذَا
أصْبَحْتَ ، وإذَا أمْسَيْتَ ، وإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَكَ )) . رواه أَبُو داود
والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
من كتاب رياض الصالحين -343-
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ نبيُّ الله ﷺ إِذَا أَمْسَى قَالَ : ((
أَمْسَيْنَا وأمْسَى المُلْكُ للهِ ، والحَمْدُ للهِ ، لا إلهَ إِلاَّ اللهُ
وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ )) قَالَ الراوي : أَرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ : (( لَهُ
المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدير ، رَبِّ أسْألُكَ خَيْرَ
مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا
في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ ،
وَسُوءِ الكِبَرِ ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ ، وَعَذَابٍ في
القَبْرِ )) ، وَإذَا أصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أيضاً (( أصْبَحْنَا وأصْبَحَ المُلْكُ
للهِ )) . رواه مسلم .
وعن عبد الله بن خُبَيْب بضم الخاء المعجمة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لي رَسولُ
الله ﷺ : (( اقْرَأْ : قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ ، والمُعَوِّذَتَيْنِ حِيْنَ تُمْسِي
وَحِينَ تُصْبحُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )) . رواه أَبُو
داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( مَا مِنْ عَبْدٍ
يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللهِ الَّذِي
لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرْضِ وَلاَ في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ
العَلِيمُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، إِلاَّ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ )) . رواه أَبُو داود
والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) . من كتاب رياض الصالحين -344-
باب مَا يقوله عِنْدَ النوم
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّ في خَلْقِ السَّماوَاتِ والأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ
قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهمْ وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّمَاواتِ
وَالأَرْضِ } " آل عمران " الآيات .
وعن حُذَيْفَةَ ، وأبي ذرٍّ رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ الله ﷺ كَانَ إِذَا أَوَى
إِلَى فِراشِهِ قال: (( بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وأَمُوتُ )) . رواه البخاري .
وعن عليٍّ رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله ﷺ قَالَ لَهُ ولِفَاطِمَةَ رضي الله
عنهما : (( إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا أَوْ إِذَا أَخَذْتُمَا
مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرا ثَلاَثاً وَثَلاثِينَ ، وَسَبِّحَا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ ،
واحْمِدا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ )) وفي روايةٍ : التَّسْبيحُ أرْبعاً وثلاثينَ ، وفي
روايةٍ : التَّكْبِيرُ أرْبعاً وَثَلاَثينَ . متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( إِذَا أَوَى
أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَليَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إزَارِهِ فإنَّهُ لا
يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : بِاسمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبي
، وَبِكَ أرْفَعُهُ ، إنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا ، وَإنْ أَرْسَلْتَهَا ،
فاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ )) متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -345-
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها : أنَّ رسُولَ الله ﷺ ، كَانَ إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ
نَفَثَ في يَدَيْهِ ، وَقَرَأَ بالمُعَوِّذَاتِ ، ومَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ . متفق
عَلَيْهِ . وفي رواية لهما : أنَّ النبيَّ ﷺ كَانَ إذا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ
لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرأَ فيهِما : (( قُلْ هُوَ
اللهُ أحَدٌ ، وَقَلْ أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ ، وَقُلْ أعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ))
ثُمَّ مَسَحَ بِهِما مَا استْطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ ، يَبْدَأُ بهما عَلَى رَأسِهِ
وَوجْهِهِ ، وَمَا أقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ .
متفق عَلَيْهِ .
عن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما قال: قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( إِذَا أَتَيتَ
مَضْجعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءكَ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ
الأيْمَن ، وَقُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي
إِلَيْكَ، وَفَوضْتُ أَمْرِي إليكَ ، وأَلْجَأتُ ظَهرِي إلَيْكَ ، رَغْبَةً
وَرهْبَةً إليكَ ، لا مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إليكَ ، آمَنْتُ
بِكِتابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أرْسَلْتَ، فإنْ مِتَّ مِتَّ
عَلَى الفِطْرَةِ ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ )) متفق عَلَيْهِ .
وعن أنس رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ :
(( الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا ، وكفَانَا وآوانَا ، فَكَمْ
مِمَّنْ لا كَافِيَ لَهُ وَلاَ مُؤْوِيَ )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -346-
{ كتَاب الدَعَوات}
باب الأمر بالدعاء وفضله وبيان جمل من أدعيته ﷺ
قَالَ الله تَعَالَى : { وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } " غافر "
، وقال تَعَالَى : { ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إنَّهُ لا يُحِبُّ
المُعْتَدِينَ } " الأعراف " .
وقال تَعَالَى : { وَإذا سَألَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنِّي قَريبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ
الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } الآية " البقرة " ، وقال تَعَالَى : { أَمَّنْ يُجِيبُ
المُضْطرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } " النمل" .
وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما ، عن النبيّ ﷺ قال: (( الدُّعَاءُ هُوَ
العِبَادَةُ )) . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : كَانَ رسُولُ الله ﷺ يَسْتَحِبُّ الجَوَامِعَ
مِنَ الدُّعَاءِ ، وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ . رواه أَبُو داود بإسناد جيدٍ .
الجوامع من الدعاء : هي التي تجمع الأغراض الصالحة والمقاصد الصحيحة ، أو تجمع
الثناء على الله تعالى وآداب المسألة .
من كتاب رياض الصالحين -347-
وعن أنس رضي الله عنه قَالَ : كَانَ أكثرُ دعاءِ النبيّ ﷺ : (( اللَّهُمَّ آتِنَا
في الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))
متفقٌ عَلَيْهِ . زاد مسلم في روايتهِ قَالَ : وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا أرادَ أنْ
يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا ، وَإِذَا أرادَ أنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا
بِهَا فِيهِ .
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ كَانَ يقول : (( اللَّهُمَّ إنِّي
أسْألُكَ الهُدَى ، والتُّقَى ، والعَفَافَ ، والغِنَى )) . رواه مسلم .
وعن طارق بن أَشْيَمَ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أسْلَمَ
عَلَّمَهُ النَّبيُّ ﷺ الصَّلاَةَ ثُمَّ أمَرَهُ أنْ يَدْعُوَ بِهؤلاَءِ
الكَلِمَاتِ : (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ، وَارْحَمْنِي ، وَاهْدِني ، وَعَافِني ،
وَارْزُقْنِي )) . رواه مسلم .
وفي روايةٍ له عن طارق: أنَّه سمع النبيَّ ﷺ ، وأتاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رسول
اللهِ ، كَيْفَ أقُولُ حِيْنَ أسْأَلُ رَبِّي ؟ قَالَ : (( قُلْ : اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي ، وَارْحَمْنِي ، وَعَافِني ، وارْزُقْنِي ، فإنَّ هؤلاَءِ تَجْمَعُ
لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ )) .
من كتاب رياض الصالحين -348-
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهماقال: قَالَ رسُولُ الله ﷺ : ((
اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبنَا عَلَى طَاعَتِكَ )) . رواه مسلم
.
وعنه قال: كَانَ رسُولُ الله ﷺ يقول : (( اللَّهُمَّ أصْلِحْ لِي دِيني الَّذِي
هُوَ عِصْمَةُ أمْرِي ، وأصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا مَعَاشِي ، وأصْلِحْ
لِي آخِرتِي الَّتي فِيهَا مَعَادي ، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي في كُلِّ
خَيْرٍ ، وَاجْعَلِ المَوتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ )) . رواه مسلم .
وعن علي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله ﷺ : (( قُلْ : اللَّهُمَّ اهْدِني
، وسَدِّدْنِي )) .
وفي رواية : (( اللَّهمَّ إنِّي أسْألُكَ الهُدَى والسَّدَادَ )) . رواه مسلم .
وعن أنس رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رسولُ الله ﷺ يقولُ : (( اللَّهُمَّ إنِّي
أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ ، وَالكَسَلِ ، وَالجُبْنِ ، والهَرَمِ ، والبُخْلِ ،
وأعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وأعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا
وَالمَمَاتِ )) . وفي رواية : (( وَضَلَعِ الدَّيْنِ ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ )) .
رواه مسلم .
(( الضلع :هو الاعوجاج والمراد به هنا ثقل الدين وشدته ، وغلبة الرجال : أي شدة
تسلطهم)) .
من كتاب رياض الصالحين -349-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ
جَهْدِ البَلاَءِ ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَسُوءِ القَضَاءِ ، وَشَمَاتَةِ
الأَعْدَاءِ )) متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي بكر الصديق رضي الله عنه : أنَّه قَالَ لرسُولِ الله ﷺ : عَلِّمْنِي
دُعَاءً أَدْعُو بِهِ في صَلاَتِي قال: (( قُلْ : اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمتُ
نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً ، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أنْتَ ، فَاغْفِرْ لي
مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ ، وارْحَمْنِي ، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ))
متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي موسى رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ ﷺ : أنَّه كَانَ يدْعُو بِهذا
الدُّعَاءِ : (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي ، وإسرافِي في أمْرِي
، وَمَا أنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي ؛
وَخَطَئِي وَعَمْدِي ؛ وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَا
قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ ، وَمَا أنتَ أعْلَمُ
بِهِ مِنِّي ، أنْتَ المُقَدِّمُ ، وأنْتَ المُؤَخِّرُ ، وأنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ )) متفق عَلَيْهِ .
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها : أنَّ النبيَّ ﷺ كَانَ يقول في دُعَائِهِ :((
اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ ومنْ شَرِّ مَا لَمْ أعْمَلْ
)) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -350-
وعن ابن عمر رضي الله عنهماقال: كَانَ مِن دعاءِ رسُولِ الله ﷺ : (( اللَّهُمَّ
إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ، وتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وفُجَاءةِ
نِقْمَتِكَ ، وَجَميعِ سَخَطِكَ )) . رواه مسلم .
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كَانَ رسُولُ الله ﷺ ، يقول :(( اللَّهُمَّ
إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ ، والبُخْلِ والهَرَمِ ، وَعَذابِ
القَبْرِ ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، وَزَكِّها أنْتَ خَيْرُ مَنْ
زَكَّاهَا ، أنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ
عِلْمٍ لا يَنْفَعُ؛ وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ ؛
وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجابُ لَهَا )) .رواه مسلم .
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ رسُولَ الله ﷺ كَانَ يقول : (( اللَّهُمَّ لَكَ
أسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وإلَيْكَ أنَبْتُ ، وَبِكَ
خَاصَمْتُ ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ . فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ ، وَمَا أَخَّرْتُ ،
وَمَا أَسْرَرْتُ ، وَمَا أعْلَنْتُ ، أنتَ المُقَدِّمُ ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ ، لا
إلهَ إِلاَّ أنْتَ )) . زَادَ بَعْضُ الرُّوَاةِ : (( وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ
إِلاَّ باللهِ )) متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -351-
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها : أنَّ النبيّ ﷺ كَانَ يدعو بِهؤُلاءِ الكَلِمَاتِ :
(( اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ ، وَعَذَابِ النَّارِ ،
وَمِنْ شَرِّ الغِنَى وَالفَقْرِ )) . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث
حسن صحيح )) ؛ وهذا لفظ أَبي داود .
وعن زياد بن عِلاَقَةَ عن عمه ، وَهُوَ قُطْبَةُ بنُ مالِكٍ رضي الله عنه قال:
كَانَ النبيّ ﷺ يقول : (( اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ
الأخْلاَقِ ، وَالأعْمَالِ ، والأهْواءِ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن ))
.
وعن أنس رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ كَانَ يقول : (( اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ
بِكَ مِنَ البَرَصِ ، والجُنُونِ ، والجُذَامِ ، وَسَيِّيءِ الأسْقَامِ )) . رواه
أَبُو داود بإسناد صحيحٍ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رسولُ الله ﷺ يقول : (( اللَّهُمَّ
إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ ، فَإنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ ، وأعوذُ بِكَ منَ
الخِيَانَةِ ، فَإنَّهَا بِئْسَتِ البِطَانَةُ )) . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
وعن عليّ رضي الله عنه : أنَّ مُكَاتباً جاءهُ فَقَالَ : إنِّي عَجِزْتُ عَنْ
كِتَابَتِي فَأعِنِّي قال: ألا أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ عَلَّمَنِيهنَّ رسُولُ الله ﷺ
، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ دَيْناً أدَّاهُ اللهُ عَنْكَ ؟ قُلْ : ((
اللَّهُمَّ اكْفِني بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ
سِواكَ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) . من كتاب رياض الصالحين -352-
عن أَبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ :يَا رسول الله
عَلِّمْني شَيْئاً أسْألُهُ الله تَعَالَى، قَالَ : (( سَلوا الله العَافِيَةَ ))
فَمَكَثْتُ أَيَّاماً، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلتُ : يَا رسولَ الله عَلِّمْنِي شَيْئاً
أسْألُهُ الله تَعَالَىقاللي : (( يَا عَبَّاسُ ، يَا عَمَّ رسول اللهِ ، سَلُوا
الله العَافِيَةَ في الدُّنيَا والآخِرَةِ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن
صحيح )) .
وعن شَهْرِ بن حَوشَبٍ قال: قُلْتُ لأُمِّ سَلَمة رَضِيَ اللهُ عنها ، يَا أمَّ
المؤمِنينَ ، مَا كَانَ أكثْرُ دعاءِ رَسُولِ الله ﷺ ، إِذَا كَانَ عِنْدَكِ ؟ قالت
: كَانَ أكْثَرُ دُعائِهِ : (( يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى
دِينِكَ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -353-
باب فضل الدعاء بظهر الغيب:
قَالَ تَعَالَى : { والَّذِينَ جَاءوا مِنْ بَعْدِهِمْ
يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإيمَانِ
} " الحشر" ، وقال تَعَالَى: { واسْتَغْفِرْ لِذنْبِكَ وَلِلْمُؤمِنِينَ
والمؤْمِنَاتِ } " محمد " ، وقال تَعَالَى إخْبَاراً عَن إبْرَاهِيمَ ﷺ : { رَبَّنا
اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤمِنِينَ يَومَ يَقُومُ الحِسَابُ } " إبراهيم"
.
وعن أَبي الدرداء رضي الله عنه : أنَّه سَمِعَ رسولَ الله ﷺ يقول : (( مَا مِنْ
عَبْدٍ مُسْلمٍ يدعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ إِلاَّ قَالَ المَلَكُ : وَلَكَ
بِمِثْلٍ )) . رواه مسلم .
وعنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ كَانَ يقول : (( دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخيهِ
بِظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ ، عِنْدَ رَأسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا
لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ : آمِينَ ، وَلَكَ بِمِثْلٍ ))
. رواه مسلم .
باب في مسائل من الدعاء:
وعن أسَامة بن زيد رضي الله عنهماقال: قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( مَنْ صُنِعَ
إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ، فَقَالَ لِفاعِلهِ : جَزَاكَ اللهُ خَيراً ، فَقَدْ أبْلَغَ
فِي الثَّنَاءِ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
من كتاب رياض الصالحين -354-
عن جابر رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( لا تَدْعُوا عَلَى
أَنْفُسِكُمْ ؛ وَلاَ تَدعُوا عَلَى أوْلادِكُمْ ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى
أموَالِكُمْ ، لا تُوافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسألُ فِيهَا عَطَاءً
فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ )) . رواه مسلم .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قَالَ : (( أقْرَبُ مَا يكونُ
العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ )) رواه مسلم .
وعنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قَالَ : (( يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ :
يقُولُ : قَدْ دَعْوتُ رَبِّي ، فَلَمْ يسْتَجب لِي )) متفق عَلَيْهِ .
وفي روايةٍ لمسلمٍ : (( لا يَزالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ ،
أَوْ قَطيعَةِ رحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ )) قيل : يَا رسولَ اللهِ مَا
الاستعجال ؟ قَالَ : (( يقول : قَدْ دَعوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أرَ
يسْتَجِبُ لي ، فَيَسْتحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ )) .
وعن أَبي أمامة رضي الله عنه قَالَ : قيل لِرسولِ اللهِ ﷺ : أيُّ الدُّعاءِ
أَسْمَعُ ؟ قَالَ : (( جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَواتِ
المَكْتُوباتِ )) . رواه الترمذي ،وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -355-
وعن عُبَادَةَ بنِ الصامت رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قَالَ : (( مَا عَلَى
الأرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو الله تَعَالَى بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللهُ إيَّاها ،
أَوْ صَرفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ، مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ ، أَوْ
قَطِيعَةِ رَحِمٍ )) ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ : إِذاً نُكْثِرُ قَالَ : ((
اللهُ أكْثَرُ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) . ورواه الحاكم من
روايةِ أَبي سعيدٍ وزاد فِيهِ : (( أَوْ يَدخِرَ لَهُ مِن الأَجْرِ مثْلَها )) .
وعن ابنِ عباس رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ الله ﷺ كَانَ يقولُ عِنْدَ الكَرْبِ :
(( لا إلهَ إِلاَّ اللهُ العَظِيمُ الحَليمُ ، لا إلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ العَرْشِ
العَظيمِ ، لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَاواتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ
العَرْشِ الكَرِيمِ )) متفق عَلَيْهِ .
باب كرامات الأولياء وفضلهم
قَالَ الله تَعَالَى : { ألا إنَّ أوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ
هُمْ يحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ البُشْرَى في
الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ذَلِكَ هُوَ
الفَوْزُ العَظِيمُ } " يونس" ، وقال تَعَالَى : { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا
زَكرِيّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ
هَذَا قالت هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ
حِسَابٍ } " آل عمران " " الكهف" .
من كتاب رياض الصالحين -356-
عن جابر بنِ سُمْرَةَ رضي الله عنهماقال: شَكَا أهْلُ الكُوفَةِ سَعْداً يعني :
ابنَ أَبي وقاص رضي الله عنه ، إِلَى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فَعَزَلَهُ ،
واسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّاراً ، فَشَكَوا حَتَّى ذَكَرُوا أنَّهُ لا يُحْسِنُ
يُصَلِّي ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا أَبَا إسْحَاقَ ، إنَّ هَؤُلاَءِ
يَزْعَمُونَ أنَّكَ لا تُحْسِنُ تُصَلِّي ، فَقَالَ : أَمَّا أنا واللهِ فَإنِّي
كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاَةَ رسولِ الله ﷺ ، لا أُخْرِمُ عَنْها ، أُصَلِّي
صَلاَتَي العِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ ، وَأُخِفُّ في الأُخْرَيَيْنِ .
قَالَ : ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إسْحَاقَ ، وأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلاً أَوْ
رِجَالاً إِلَى الكُوفَةِ يَسْأَلُ عَنْهُ أهْلَ الكُوفَةِ ، فَلَمْ يَدَعْ
مَسْجِداً إِلاَّ سَأَلَ عَنْهُ ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفاً ، حَتَّى دَخَلَ
مَسْجِداً لِبَنِي عَبْسٍ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، يُقالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ
قَتَادَةَ ، يُكَنَّى أَبَا سَعْدَةَ، فَقَالَ: أمَا إذْ نَشَدْتَنَا فَإنَّ
سَعْداً كَانَ لا يَسِيرُ بالسَّرِيَّةِ وَلاَ يَقْسِمُ بالسَّوِيَّةِ ، وَلاَ
يَعْدِلُ في القَضِيَّةِ . قَالَ سَعْدٌ : أمَا وَاللهِ لأَدْعُونَّ بِثَلاَثٍ :
اللَّهُمَّ إنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِباً ، قَامَ رِيَاءً ، وَسُمْعَةً ،
فَأَطِلْ عُمُرَهُ ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ . وَكَانَ بَعْدَ
ذَلِكَ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ : شَيْخٌ كَبيرٌ مَفْتُونٌ ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ
سَعْدٍ .
قَالَ عَبدُ الملكِ بن عُمَيْرٍ الراوي عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ : فَأنا رَأَيْتُهُ
بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ ، وإنَّهُ
لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوارِي فِي الطُّرُقِ فَيَغْمِزُهُنَّ . متفق عَلَيْهِ . من
كتاب رياض الصالحين -357-
عن عروة بن الزبير : أنَّ سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيلٍ رضي الله عنه ،
خَاصَمَتْهُ أَرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ ، وادَّعَتْ
أنَّهُ أخَذَ شَيْئاً مِنْ أرْضِهَا ، فَقَالَ سعيدٌ : أنا كُنْتُ آخُذُ شَيئاً
مِنْ أرْضِهَا بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رسول الله ﷺ !؟ قَالَ : مَاذَا
سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله ﷺ ؟ قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يقول : (( مَنْ
أخَذَ شِبْراً مِنَ الأرْضِ ظُلْماً ، طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أرْضِينَ )) فَقَالَ
لَهُ مَرْوَانُ : لا أسْألُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا ، فَقَالَ سعيد : اللَّهُمَّ
إنْ كَانَتْ كاذِبَةً ، فَأعْمِ بَصَرَها ، وَاقْتُلْهَا في أرْضِها قال: فَما
ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا ، وَبَيْنَما هِيَ تَمْشِي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ
في حُفْرَةٍ فَماتَتْ . متفق عَلَيْهِ .
{كتَاب الأمُور المَنهي عَنْهَا}
باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان
قَالَ الله تَعَالَى : { وَلاَ يَغْتَبْ بَعضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ
أنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ
تَوَّابٌ رَحِيمٌ } " الحجرات" ، وقال تَعَالَى : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ
مَسْئُولاً } " الإسراء " ، وقال تَعَالَى : { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ
لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتيدٌ } " ق" .
من كتاب رياض الصالحين -358-
اعْلَمْ أنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ
الكَلامِ إِلاَّ كَلاَماً ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ
وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ ، لأَنَّهُ قَدْ
يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ ، وذَلِكَ كَثِيرٌ في
العَادَةِ ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ : (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ
بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ )) متفق عَلَيْهِ .
وهذا صَريحٌ في أنَّهُ يَنْبَغي أنْ لا يَتَكَلَّمَ إِلاَّ إِذَا كَانَ الكلامُ
خَيراً ، وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَتْ مَصْلَحَتُهُ ، ومَتَى شَكَّ في ظُهُورِ
المَصْلَحَةِ ، فَلاَ يَتَكَلَّم .
وعن أَبي موسى رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رسولَ اللهِ أَيُّ المُسْلمِينَ
أفْضَلُ ؟ قَالَ : (( مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ )) متفق
عَلَيْهِ .
وعن سهل بن سعدقال: قَالَ رسُولُ اللهِ ﷺ : (( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ
لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ )) متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -359-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّه سمع النبيَّ ﷺ يقول : (( إنَّ العَبْدَ
لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ
أبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ )) متفق عَلَيْهِ .
ومعنى : (( يَتَبَيَّنُ )) يُفَكِّرُ أنَّها خَيْرٌ أم لا .
عن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيّ ﷺ قَالَ : (( إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ
بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله تَعَالَى مَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ
اللهُ بِهَا دَرَجاتٍ ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلَمَةِ مِنْ سَخَطِ
اللهِ تَعَالَى لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا في جَهَنَّمَ )) . رواه
البخاري .
وعن أَبي عبد الرحمان بِلالِ بن الحارِثِ المُزَنِيِّ رضي الله عنه : أنَّ رسول
الله ﷺ قَالَ : (( إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ
تَعَالَى مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللهُ لَهُ بِهَا
رِضْوَانَهُ إِلَى يَومِ يَلْقَاهُ ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ
مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ الله لَهُ
بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ )). رواه مالك في المُوَطَّأ ، والترمذي ،
وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رسولَ الله حدِّثني
بأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ قَالَ : (( قلْ : رَبِّيَ اللهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ )) قُلْتُ
: يَا رسولَ اللهِ ، مَا أخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ ؟ فَأَخَذَ بِلِسانِ نَفْسِهِ
، ثُمَّ قَالَ : (( هَذَا )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) . من
كتاب رياض الصالحين -360-
عن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رسولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ ؟
قَالَ : (( أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ ، وابْكِ عَلَى
خَطِيئَتِكَ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قال: (( أَتَدْرُونَ مَا
الْغِيبَةُ ؟ )) قالوا : اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ قال: (( ذِكْرُكَ أخَاكَ بِما
يَكْرَهُ )) قِيلَ : أفَرَأيْتَ إنْ كَانَ في أخِي مَا أقُولُ ؟ قَالَ : (( إنْ
كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ ، فقد اغْتَبْتَهُ ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ
فَقَدْ بَهَتَّهُ )) رواه مسلم .
وعن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ
بِقَومٍ لَهُمْ أظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ
فَقُلْتُ : مَنْ هؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ ؟ قَالَ : هؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ
لُحُومَ النَّاسِ ، وَيَقَعُونَ في أعْرَاضِهِمْ ! )) . رواه أَبُو داود .
عن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قَالَ : (( كُلُّ المُسْلِمِ
عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ : دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ )) . رواه مسلم.
من كتاب رياض الصالحين -361-
باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً مُحرَّمةً بِرَدِّها والإنكارِ عَلَى
قائلها
فإنْ عجز أَوْ لَمْ يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه:
قَالَ الله تَعَالَى : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ } " القصص "
، وقال تَعَالَى : { والَّذينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } " المؤمنون " ،
وقال تَعَالَى : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ
عَنْهُ مَسْؤُولاً } " الإسراء " ، وقال تَعَالَى : { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ
يَخُوضُونَ في آيَاتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ
وإمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَومِ
الظَّالِمِينَ } " الأنعام " .
وعن أَبي الدرداء رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ : (( مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ
أخيهِ ، رَدَّ اللهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَومَ القيَامَةِ )) . رواه الترمذي ،
وقال : (( حديث حسن )) .
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصةِ تَوْبَتِهِ وَقَدْ سبق في
باب التَّوبةِ. قَالَ : قَالَ النبيُّ ﷺ وَهُوَ جالِسٌ في القَومِ بِتَبُوكَ : ((
مَا فَعَلَ كَعبُ بن مالكٍ ؟ )) فَقَالَ رَجلٌ مِنْ بَنِي سَلمَةَ: يَا رسولَ الله
، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ . فَقَالَ لَهُ مُعاذُ بنُ جبلٍ رضي
الله عنه : بِئْسَ مَا قُلْتَ ، والله يَا رسولَ الله مَا علمنا عَلَيْهِ إِلاَّ
خَيْراً ، فَسَكَتَ رسُولُ الله ﷺ . متفقٌ عَلَيْهِ . (( عِطْفَاهُ )) : جَانِبَاهُ
، وهو إشارةٌ إلى إعجابِهِ بنفسِهِ .
من كتاب رياض الصالحين -362-
باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بَيْنَ الناس عَلَى جهة الإفساد:
قَالَ الله تَعَالَى : { هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَميمٍ } " ن " وقال تَعَالَى : { مَا
يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } " ق " .
وعن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( لا يَدْخُلُ
الجَنَّةَ نَمَّامٌ )).متفق عَلَيْهِ .
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ الله ﷺ مرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ : ((
إنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ ! بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ :
أمَّا أَحَدُهُمَا ، فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ، وأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لاَ
يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ )) . متفق عَلَيْهِ . وهذا لفظ إحدى روايات البخاري .
باب ذمِّ ذِي الوَجْهَيْن: قَالَ الله تَعَالَى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ
وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى
مِنَ القَولِ وكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحيطاً } . "النساء".
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( تَجِدُونَ النَّاسَ
مَعادِنَ : خِيَارُهُم في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا
، وتَجِدُونَ خِيَارَ النَّاسِ في هَذَا الشَّأنِ أَشَدَّهُمْ كَرَاهِيَةً لَهُ ،
وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَينِ ، الَّذِي يَأتِي هؤُلاءِ بِوَجْهٍ ،
وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ )) . متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -363-
باب تحريم الكذب
قَالَ الله تَعَالَى : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } " الإسراء " .
وقال تَعَالَى : { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَولٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } " ق
" .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي
إِلَى البِرِّ ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ ، وإنَّ الرَّجُلَ
لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً . وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى
الفُجُورِ ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ
حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّاباً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أن النَّبيّ ﷺ قَالَ : (( أرْبَعٌ
مَنْ كُنَّ فِيهِ ، كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ
مِنْهُنَّ ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ نِفاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا
أؤْتُمِنَ خانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا
خَاصَمَ فَجَرَ )) . متفق عَلَيْهِ .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبيّ ﷺ قَالَ : (( مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ
لَمْ يَرَهُ ، كُلِّفَ أنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْن وَلَنْ يَفْعَلَ ، وَمَنِ
اسْتَمَعَ إِلَى حَديثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ ، صُبَّ في أُذُنَيْهِ
الآنُكُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أنْ
يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بنافِخٍ )) . رواه البخاري (( تَحَلم )) : أيْ
قَالَ إنَّه حلم في نومه ورأى كذا وكذا ، وَهُوَ كاذب .و(( الآنك )): وَهُوَ
الرَّصَاصُ المذاب . من كتاب رياض الصالحين -364-
باب الحثّ عَلَى التثبت فيما يقوله ويحكيه
قَالَ الله تَعَالَى : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } " الإسراء "
وقال تَعَالَى : { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَولٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } " ق"
.
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ : (( كَفَى بالمَرْءِ كَذِباً
أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ )) . رواه مسلم .
وعن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله ﷺ : (( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي
بِحَديثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبينَ )) . رواه مسلم .
باب بيان غلظ تحريم شهادة الزُّور
قَالَ الله تَعَالَى : { وَاجْتَنِبوا قَوْلَ الزُّورِ } " الحج " ، وقال تَعَالَى
: { إنَّ رَبَّكَ لبالمِرْصَادِ } " الفجر" ، وقال تَعَالَى : { وَالَّذِينَ لاَ
يَشْهَدُونَ الزُّورَ } " الفرقان " .
وعن أَبي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( ألاَ
أُنَبِّئُكُمْ بِأكْبَرِ الكَبَائِرِ ؟ )) قُلْنَا : بَلَى يَا رسولَ اللهِ . قَالَ
: (( الإشْراكُ باللهِ ، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ )) وكَانَ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ ،
فَقَالَ : (( ألا وَقولُ الزُّورِ )) فما زال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قلنا : لَيْتَهُ
سَكَتَ.
قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/292 : (( جلوسه ﷺ لاهتمامه بهذا الأمر ، وهو يفيد
تأكيد تحريمه ، وعظم قبحه ، وإنما قالوه وتمنوه شفقة على رسول الله ﷺ وكراهة لما
يزعجه ويغضبه )) .
من كتاب رياض الصالحين -365-
باب تحريم لعن إنسان بعينه أَوْ دابة:
عن أَبي زيدٍ ثابت بن الضَّحَّاك الأنصاريِّ رضي الله عنه ، قال: قَالَ رسُولُ الله
ﷺ : (( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإسْلاَمِ كاذِباً
مُتَعَمِّداً ، فَهُوَ كَما قَالَ ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيءٍ ، عُذِّبَ بِهِ
يَومَ القِيَامَةِ ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فيما لا يَمْلِكُهُ ، وَلَعْنُ
المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ )) . متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قَالَ : (( لاَ يَنْبَغِي
لِصِدِّيقٍ أنْ يَكُونَ لَعَّاناً )) . رواه مسلم .
عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رسُولُ اللهِ ﷺ : (( لاَ
تَلاَعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ ، وَلاَ بِغَضَبِهِ ، وَلاَ بِالنَّارِ )) رواه أَبُو
داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( لَيْسَ المُؤْمِنُ
بالطَّعَّانِ ، وَلاَ اللَّعَّانِ ، وَلاَ الفَاحِشِ ، وَلاَ البَذِيِّ )) رواه
الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
أي : وقاعاً في أعراض الناس بالذم والغيبة والطعن في النسب .
من كتاب رياض الصالحين -366-
وعن أَبي الدرداء رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( إنَّ العَبْدَ
إِذَا لَعَنَ شَيْئاً ، صَعدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّماءِ ، فَتُغْلَقُ أبْوابُ
السَّماءِ دُونَهَا ، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الأرْضِ ، فَتُغْلَقُ أبْوابُهَا
دُونَها ، ثُمَّ تَأخُذُ يَميناً وَشِمالاً ، فَإذا لَمْ تَجِدْ مَسَاغاً رَجَعَتْ
إِلَى الَّذِي لُعِنَ ، فإنْ كَانَ أهْلاً لِذلِكَ ، وإلاَّ رَجَعَتْ إِلَى
قَائِلِهَا )) . رواه أَبُو داود .
باب جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين
قَالَ الله تَعَالَى : { ألاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } " هود" ، وقال
تَعَالَى : { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى
الظَّالِمِينَ } " الأعراف" .
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قَالَ : (( لَعنَ اللهُ الوَاصِلَةَ
وَالمُسْتَوْصِلَةَ)) وَأنَّهُ قَالَ : (( لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبَا )) ،
وأنَّهُ لَعَنَ المُصَوِّرِينَ ، وأنَّهُ قَالَ : (( لَعَنَ اللهُ مَنْ غيَّرَ
مَنَارَ الأَرْضِ )) أيْ حُدُودَهَا ، وأنَّهُ قَالَ : (( لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ
يَسْرِقُ البَيْضَةَ )) ، وأنَّهُ قَالَ : (( لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيهِ
)) وَ(( لَعَنَ اللهُ من ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ )) ، وَأنَّه قَالَ : (( مَنْ
أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً أَوْ آوَى مُحْدِثاً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ
وَالمَلاَئِكَة والنَّاسِ أجْمَعينَ )) ، وأنَّه قَالَ : (( اللَّهُمَّ الْعَنْ
رِعْلاً ، وَذَكْوَانَ، وعُصَيَّةَ : عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ )) وهذِهِ ثَلاَثُ
قَبَائِلَ مِنَ العَرَبِ . وأنَّه قَالَ : (( لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا
قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ )) وأنهُ (( لَعَنَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ
الرِّجَالِ بالنِّساءِ والمُتَشَبِّهاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجالِ )) وَجَميعُ
هذِهِ الألفاظِ في الصحيح ؛ بعضُها في صَحيحَيّ البُخاري ومسلمٍ ، وبعضها في
أحَدِهِمَا .
من كتاب رياض الصالحين -367-
باب تحريم سب المسلم بغير حق
قَالَ الله تَعَالَى : { والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا ، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وإثْماً مُبِيناً } "
الأحزاب " .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( سِبَابُ المُسْلِمِ
فُسُوقٌ ، وَقِتالُهُ كُفْرٌ )) . متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي ذرٍ رضي الله عنه : أنهُ سَمِعَ رسُولَ اللهِ ﷺ يقول : (( لاَ يَرْمِي
رَجُلٌ رَجُلاً بِالفِسْقِ أَوِ الكُفْرِ ، إِلاَّ ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ ، إنْ لَمْ
يَكُنْ صَاحِبُهُ كذَلِكَ )) . رواه البخاري .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قَالَ : (( المُتَسَابَّانِ مَا
قَالاَ فَعَلَى البَادِي منهُما حَتَّى يَعْتَدِي المَظْلُومُ )) . رواه مسلم .
قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/315 : (( معناه أنَّ إثم السباب الواقع من اثنين
مختص بالبادئ منهما كله إلا أن يتجاوز الثاني قدر الانتصار ، فيقول للبادئ أكثر مما
قال له ، وفي هذا جواز الانتصار ، ومع هذا فالصبر والعفو أفضل )) . من كتاب رياض
الصالحين -368-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : قَالَ : أُتِيَ النَّبيُّ ﷺ ، بِرَجُلٍ قَدْ شرِبَ
قَالَ : (( اضربوهُ )) قَالَ أَبُو هريرةَ : فَمِنَّا الضارِبُ بيَدِهِ ،
والضَّارِبُ بِنَعْلِهِ ، والضَّارِبُ بِثَوْبِهِ . فَلَمَّا انْصَرَفَ قال بَعْضُ
القَوْمِ : أخْزَاكَ اللهُ ! قَالَ : (( لا تَقُولُوا هَذَا ، لا تُعِينُوا
عَلَيْهِ الشَّيْطَان )) . رواه البخاري .
باب تحريم سب الأموات بغير حق ومصلحةٍ شرعية:
وَهِيَ التَّحْذِيرُ مِنَ الاقْتِدَاء بِهِ في بِدْعَتِهِ ، وَفِسْقِهِ ، وَنَحْوِ
ذَلِكَ ، وَفِيهِ الآيةُ والأحاديثُ السَّابِقَةُ في البَابِ قَبْلَهُ .
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : قَالَ رسُولُ الله ﷺ : (( لا تَسُبُّوا
الأَمْوَاتَ ، فَإنَّهُمْ قَدْ أفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا )) . رواه البخاري .
باب النهي عن الإيذاء:
قَالَ الله تَعَالَى : { والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإثْماً مُبِيناً } "
الأحزاب" .
وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاصِ رضي الله عنهماق ال: قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : ((
المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، والمُهَاجِرُ مَنْ
هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ )) . متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -369-
باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ } " الحجرات" ، وقال
تَعَالَى : { أذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنينَ أعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرينَ } " المائدة"
، وقال تَعَالَى : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى
الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } " الفتح" .
وعن أنس رضي الله عنه : أنَّ النَّبيّ ﷺ قَالَ : (( لاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ
تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَقَاطَعُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ
إخْوَاناً ، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ )). متفق
عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قَالَ : (( تُفْتَحُ أبْوابُ
الجَنَّةِ يَوْمَ الإثْنَيْنِ ويَوْمَ الخَمْيِسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا
يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً ، إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بينهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ
فَيُقَالُ : أنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ! أَنْظِرُوا هَذَينِ حَتَّى
يَصْطَلِحَا ! )) . رواه مسلم . وفي روايةٍ لَهُ : (( تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ
يَوْمِ خَمِيسٍ وإثْنَيْن )) وذَكَرَ نَحْوَهُ .
باب تحريم الحسد: وَهُوَ تمني زوالُ النعمة عن صاحبها ، سواءٌ كَانَتْ نعمة دينٍ
أَوْ دنيا قَالَ الله تَعَالَى : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ
اللهُ مِنْ فَضْلِهِ } " النساء "
من كتاب رياض الصالحين -370-
باب النَّهي عن التجسُّس والتَّسَمُّع لكلام من يكره استماعه
قَالَ الله تَعَالَى : { وَلاَ تَجَسَّسُوا } " الحجرات" ، وقال تَعَالَى :{
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا
فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإثْماً مُبِيناً } " الأحزاب " .
عن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله ﷺ قَالَ : (( إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ،
فَإنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ ، ولا تحسَّسوا وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ
تَنَافَسُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ،
وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَاناً كَمَا أَمَرَكُمْ .المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ
، لاَ يَظْلِمُهُ ، وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ ، التَّقْوَى هاهُنَا
التَّقْوَى هاهُنَا )) وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ (( بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ
الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ
حَرَامٌ : دَمُهُ ، وَعِرْضُهُ ، وَمَالُهُ . إنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى
أجْسَادِكُمْ ، وَلاَ إِلَى صُوَرِكُمْ ، وَلكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ
وأعْمَالِكُمْ )) .
وَفِي رواية : (( لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ
تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَنَاجَشُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْواناً )) .
وفي رواية : (( لاَ تَقَاطَعُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ
تَحَاسَدُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْواناً )) وَفِي رِواية : (( وَلاَ
تَهَاجَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ )) . رواه مسلم بكلّ
هذِهِ الروايات ، وروى البخاريُّ أكْثَرَهَا .
النجش : أن يمدح السلعة لينفقها ويروجها أو يزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ،
ليقع غيره فيها .
من كتاب رياض الصالحين -371-
وعن معاوية رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول : (( إنَّكَ إنِ
اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ المُسْلِمينَ أفْسَدْتَهُمْ ، أَوْ كِدْتَ أنْ تُفْسِدَهُمْ
)) . حديث صحيح ، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : أنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَقِيلَ لَهُ : هَذَا فُلاَنٌ
تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْراً ، فَقَالَ : إنَّا قَدْ نُهِيْنَا عَنِ التَّجَسُّسِ،
ولكِنْ إنْ يَظْهَرْ لَنَا شَيْءٌ، نَأخُذ بِهِ . حديث حسن صحيح ، رواه أَبُو داود.
باب النهي عن سوء الظنّ بالمسلمين من غير ضرورة
قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ
الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ } " الحجرات " .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قَالَ : (( إيَّاكُمْ والظَّنَّ ،
فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَدِيثِ )) . متفق عَلَيْهِ .
باب تحريم احتقار المسلمين
قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ
قَومٍ عَسَى أنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أنْ
يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا
بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيْمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ
فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } " الحجرات" وقال تَعَالَى : { وَيلٌ لِكُلِّ
هُمَزَةٍ لمزَةٍ } " الهمزة" .
من كتاب رياض الصالحين -372-
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه ، عن النبيّ ﷺ قال: (( لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ
كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ! )) فَقَالَ رَجُلٌ : إنَّ
الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً ، وَنَعْلُهُ حَسَنةً ، فَقَالَ :
(( إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ ، الكِبْرُ : بَطَرُ الحَقِّ ، وَغَمْطُ
النَّاسِ )) . رواه مسلم .
ومعنى (( بَطَرُ الحَقِّ )) دَفْعُه ، (( وغَمْطُهُمْ )) : احْتِقَارُهُمْ .
وعن جُندب بن عبدِ الله رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( قَالَ
رَجُلٌ : وَاللهِ لا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلانٍ ، فَقَالَ اللهُ عز وجل : مَنْ ذا
الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أنْ لا أغْفِرَ لِفُلانٍ ! فَإنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ
، وَاحْبَطْتُ عَمَلَكَ )) . رواه مسلم .
يتألى : يحلف ، والأليّة : اليمين .
باب النهي عن إظهار الشماتة بِالمُسْلِم
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ } " الحجرات " وقال
تَعَالَى : { إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ في الَّذِينَ
آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَليمٌ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ } " النور " .
من كتاب رياض الصالحين -373-
باب تحريم الطعن في الأنساب والنهي عن الغش والخداع
قَالَ الله تَعَالَى : { والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وإثْماً مُبِيناً } "
الأحزاب " .وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( اثْنَتَان في
النَّاسِ هُمَا بهم كُفْرٌ : الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى
المَيِّتِ )). رواه مسلم .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قَالَ : (( مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا
السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا ، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا )) . رواه مسلم .
وفي رواية لَهُ : أنَّ رسول الله ﷺ ، مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأدْخَلَ
يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أصابِعُهُ بَلَلاً ، فَقَالَ : (( مَا هذَا يَا صَاحِبَ
الطَّعَامِ ؟ )) قَالَ : أصَابَتهُ السَّمَاءُ يَا رسول الله . قَالَ : (( أفَلاَ
جَعَلْتَهُ فَوقَ الطَّعَامِ حَتَّى يرَاهُ النَّاسُ ! مَنْ غشَّنَا فَلَيْسَ
مِنَّا )) .
من كتاب رياض الصالحين -374-
باب تحريم الغدر
قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بالْعُقُودِ } "
المائدة ، وقال تَعَالَى : { وَأَوْفُوا بِالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كَانَ مَسئُولاً
} " الإسراء " .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( أرْبَعٌ
مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنافِقاً خَالِصاً ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ
مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَها : إِذَا اؤْتُمِنَ
خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ
)) . متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (( لِكُلِّ غَادِرٍ
لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يومَ القِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدَرِ غَدْرِهِ ، ألاَ
وَلاَ غَادِرَ أعْظَمُ غَدْراً مِنْ أمِيرِ عَامَّةٍ )) . رواه مسلم .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيّ ﷺ قَالَ : (( قَالَ الله تَعَالَى :
ثَلاَثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ : رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ ،
وَرَجُلٌ بَاعَ حُرَّاً فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأجَرَ أجيراً ،
فَاسْتَوْفَى مِنْهُ ، وَلَمْ يُعْطِهِ أجْرَهُ )) . رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -375-
باب النهي عن المنِّ بالعطية ونحوها
قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا
صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأذَى }" البقرة" ، وقال تَعَالَى : { الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أنْفَقُوا
مَنّاً وَلاَ أذىً } " البقرة" .
وعن أَبي ذَر رضي الله عنه ، عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : (( ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ
اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، وَلاَ يُزَكِّيِهِمْ
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ )) قَالَ : فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ ثلاثَ مِرارٍ :
قَالَ أَبُو ذرٍ : خَابُوا وخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رسول الله ؟ قَالَ : ((
المُسْبِلُ ، والمَنَّانُ ، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكَاذِبِ )) . رواه
مسلم .
وفي روايةٍ لَهُ : (( المُسْبِلُ إزَارَهُ )) يَعْنِي : المُسْبِلَ إزَارَهُ
وَثَوْبَهُ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ لِلخُيَلاَءِ .
باب النهي عن الافتخار والبغي
قَالَ الله تَعَالَى: { فَلاَ تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ هُوَ أعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى }
" النجم"، وقال تَعَالَى : { إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ
النَّاسَ وَيَبْغُونَ في الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ
أَليمٌ } " الشورى " .
وعن عياضِ بن حمارٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( إنَّ اللهَ
تَعَالَى أوْحَى إلَيَّ أنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أحَدٍ ،
وَلاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أحَدٍ )) . رواه مسلم . قَالَ أهلُ اللغةِ : البغيُ :
التَّعَدِّي والاستطالَةُ .
من كتاب رياض الصالحين -376-
باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام إِلاَّ لبدعة في المهجور ، أَوْ
تظاهرٍ بفسقٍ أَوْ نحو ذَلِكَ
قَالَ الله تَعَالَى: { إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أخَوَيْكُمْ } " الحجرات " ، وقال تَعَالَى : { وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ
وَالعُدْوَانِ } " المائدة " .
وعن أنس رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( لا تَقَاطَعُوا ، وَلاَ
تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ
إخْوَاناً ، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَث )) .
متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي أيوبَ رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قَالَ : (( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ
أنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ : يَلْتَقِيَانِ ، فَيُعْرِضُ هَذَا ،
وَيُعْرِضُ هَذَا ، وخَيْرُهُما الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ )) . متفق عَلَيْهِ
.
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( لاَ يَحِلُّ
لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلاَثٍ
فَمَاتَ ، دَخَلَ النَّارَ )) . رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط البخاري ومسلم .
من كتاب رياض الصالحين -377-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : (( تُعْرَضُ الأَعْمَالُ
في كلِّ اثْنَيْنِ وَخَمْيسٍ ، فَيَغْفِرُ اللهُ لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ
باللهِ شَيْئاً ، إِلاَّ امْرَءاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْنَاءُ ،
فَيقُولُ : اتْرُكُوا هذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا )) . رواه مسلم .
وعن جابر رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقولُ : (( إنَّ الشَّيْطَانَ
قَدْ يَئِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ ، وَلَكِنْ في
التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ )) . رواه مسلم .
(( التَّحْرِيشُ )) : الإفْسَادُ وتَغييرُ قُلُوبِهِمْ وتَقَاطُعُهُم .
وعن أَبي خِراشٍ حَدْرَدِ بنِ أَبي حَدْرَدٍ الأسلميِّ . ويقالُ : السُّلمِيّ
الصحابي رضي الله عنه : أنَّه سمع النبيَّ ﷺ ، يقولُ : (( مَنْ هَجَرَ أخَاهُ
سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ )) . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنًّ رسول الله ﷺ قال: (( لاَ يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ
أنْ يَهْجُرَ مُؤْمِناً فَوقَ ثَلاَثٍ ، فإنْ مَرَّتْ بِهِ ثَلاَثٌ ، فَلْيَلْقَهُ
فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَإنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ فَقَدِ اشْتَرَكَا في
الأجْرِ ، وَإنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاءَ بِالإثْمِ ، وَخَرَجَ
المُسَلِّمُ مِنَ الهِجْرَةِ )) . رواه أَبُو داود بإسناد حسن .
من كتاب رياض الصالحين -378-
باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه إِلاَّ لحاجةٍ وَهُوَ أن يتحدثا
سراً بحيث لا يسمعهما وفي معناه مَا إِذَا تحدثا بلسان لا يفهمه
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ } " المجادلة "
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قَالَ : (( إِذَا كانُوا ثَلاثَةً
، فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ )) . متفق عَلَيْهِ .
ورواه أَبُو داود وزاد : قَالَ أَبُو صالح : قُلْتُ لابنِ عُمرَ : فَأرْبَعَةً ؟
قَالَ : لا يَضُرُّكَ .
ورواه مالك في "الموطأ" : عن عبد الله بن دينارٍقال: كُنْتُ أنَا وابْنُ عُمَرَ
عِنْدَ دَارِ خَالِدِ بنُ عُقْبَةَ الَّتي في السُّوقِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ يُريدُ أنْ
يُنَاجِيَهُ ، وَلَيْسَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ أَحَدٌ غَيْرِي ، فَدَعَا ابْنُ عُمَرَ
رَجُلاً آخَرَ حَتَّى كُنَّا أَرْبَعَةً ، فَقَالَ لِي وَللرَّجُلِ الثَّالِثِ
الَّذِي دَعَا : اسْتَأْخِرَا شَيْئاً ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يقُولُ : ((
لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ )) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : أنَّ رسول اللهِ ﷺ قَالَ : (( إِذَا كُنْتُمْ
ثَلاَثَةً ، فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا
بِالنَّاسِ ، مِنْ أجْلِ أنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ )) . متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -379-
باب النهي عن تعذيب العبد والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي أَوْ زائد عَلَى
قدر الأدب
قَالَ الله تَعَالَى : { وَبِالوَالِدَيْنِ إحْساناً وَبِذي القُرْبَى واليَتَامَى
وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ والصَّاحِبِ بالجَنْبِ
وابْنِ السَّبيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ
مُخْتالاً فَخُوراً } " النساء الآية " .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله ﷺ قال:
(( عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حَتَّى مَاتَتْ ، فَدَخَلَتْ فِيهَا
النَّارَ ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا ، إذْ حَبَسَتْهَا ، وَلاَ هِيَ
تَرَكَتْهَا تَأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ )) . متفق عَلَيْهِ .
(( خَشَاشُ الأرضِ )) وهي : هَوَامُّها وَحَشَرَاتُهَا .
وَعَنْهُ : أنَّهُ مَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيراً وَهُمْ
يَرْمُونَهُ ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهمْ
، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : مَنْ فَعَلَ
هَذَا ؟ لَعَنَ اللهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا ، إنَّ رسولَ الله ﷺ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ
شَيْئاً فِيهِ الرُّوحُ غَرَضاً . متفق عَلَيْهِ .
(( الغَرَضُ )) وَهُوَ الهَدَفُ وَالشَّيءُ الَّذِي يُرْمَى إِلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -380-
وعن أَبي عليٍّ سويدِ بن مُقَرِّنٍ رضي الله عنه قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُنِي
سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ بَنِي مُقَرِّنٍ مَا لَنَا خَادِمٌ إِلاَّ وَاحِدَةٌ
لَطَمَهَا أصْغَرُنَا فَأَمَرَنَا رسولُ الله ﷺ أنْ نُعْتِقَهَا . رواه مسلم .
وعن هِشام بن حكيمِ بن حِزَامٍ رضي الله عنهما : أنَّه مَرَّ بالشَّامِ عَلَى
أُنَاسٍ مِنَ الأَنْبَاطِ ، وَقَدْ أُقيِمُوا في الشَّمْسِ ، وَصُبَّ عَلَى
رُؤُوسِهِمُ الزَّيْتُ ! فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قيل : يُعَذَّبُونَ في الخَرَاجِ
وفي رواية : حُبِسُوا في الجِزْيَةِ فَقَالَ هِشَامٌ : أشهدُ لَسَمِعْتُ رسولَ الله
ﷺ ، يقولُ : (( إنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاس في الدُّنْيَا
)) . فَدَخَلَ عَلَى الأمِيرِ ، فَحَدَّثَهُ ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَخُلُّوا . رواه
مسلم .
(( الأنباط )) الفلاحون مِنَ العَجَمِ .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأى رسولُ الله ﷺ حِمَاراً مَوْسُومَ الوَجْهِ ،
فَأَنْكَرَ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : (( واللهِ لا أسِمُهُ إِلاَّ أقْصَى شَيْءٍ مِنَ
الوَجْهِ )) وأمَرَ بِحِمَارِهِ فَكُوِيَ في جَاعِرَتَيْهِ ، فَهُوَ أوَّلُ مَنْ
كَوَى الجَاعِرَتَيْنِ . رواه مسلم .
(( الجَاعِرَتَانِ )) : نَاحِيَةُ الوَرِكَيْنِ حَوْلَ الدُّبُرِ .
من كتاب رياض الصالحين -381-
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنَّ النبيَّ ﷺ مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ
وُسِمَ في وَجْهِهِ ، فَقَالَ : (( لَعَنَ اللهُ الَّذِي وَسَمَهُ )) . رواه مسلم .
وفي رواية لمسلم أَيضاً: نهى رسول الله ﷺ عَنِ الضَّرْبِ في الوَجْهِ ، وَعَنِ
الوَسْمِ في الوَجْهِ .
باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حَتَّى النملة ونحوها
عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ : بعثنا رسولُ الله ﷺ في بَعْثٍ، فَقَالَ : ((
إنْ وَجَدْتُمْ فُلاَناً وَفُلاناً )) لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا ((
فَأَحْرِقُوهُمَا بالنَّارِ )) ثُمَّ قَالَ رسولُ الله ﷺ حِيْنَ أرَدْنَا الخرُوجَ:
(( إنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أنْ تُحْرِقُوا فُلاناً وفُلاناً ، وإنَّ النَّارَ لا
يُعَذِّبُ بِهَا إِلاَّ الله ، فإنْ وَجَدْتُمُوهُما فاقْتُلُوهُما )). رواه
البخاري.
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ : كنَّا مَعَ رسول الله ﷺ في سَفَرٍ ،
فانْطَلَقَ لحَاجَتِهِ ، فَرَأيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ ، فَأَخَذْنَا
فَرْخَيْهَا ، فَجَاءتِ الحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَعْرِشُ فَجَاءَ النَّبيُّ ﷺ
فَقَالَ : (( مَنْ فَجَعَ هذِهِ بِوَلَدِهَا ؟ ، رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْها )) .
ورأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا ، فَقَالَ : (( مَنْ حَرَّقَ هذِهِ ؟ ))
قُلْنَا : نَحْنُ قَالَ : (( إنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يُعَذِّبَ بالنَّارِ إِلاَّ
رَبُّ النَّارِ )) . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح . قَوْله : (( قَرْيَةُ نَمْلٍ ))
مَعْنَاهُ : مَوضْعُ النَّمْلِ مَعَ النَّمْلِ .
من كتاب رياض الصالحين -382-
باب كراهة عود الإنسان في هبة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله ﷺ ، قَالَ : (( الَّذِي يَعُودُ في
هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ )) . متفق عَلَيْهِ .
وفي رواية : (( مَثَلُ الَّذِي يَرْجِعُ في صَدَقَتِهِ ، كَمَثَلِ الكَلْبِ يَقِيءُ
، ثُمَّ يَعُودُ في قَيْئِهِ فَيَأكُلُهُ )) .
باب تأكيد تحريم مال اليتيم:
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً
إنَّمَا يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَونَ سَعِيراً } " النساء" ،
وقال تَعَالَى : { وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بالَّتِي هِيَ أحْسَنُ
} " الأنعام" ،
وقال تَعَالَى : { وَيَسْألُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ
وَإنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإخْوَانُكُمْ واللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ }
" البقرة" .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ
المُوبِقَاتِ ! )) قالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : ((
الشِّرْكُ باللهِ ، والسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ
بالحَقِّ ، وأكلُ الرِّبَا ، وأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ ، والتَّوَلِّي يَوْمَ
الزَّحْفِ ، وقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ )) . متفق عَلَيْهِ
.
(( المُوبِقَاتِ )) : المُهْلِكات .
من كتاب رياض الصالحين -383-
باب تغليظ تحريم الربا:
قَالَ اللهُ تَعَالَى : { الَّذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ
كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بأنَّهُمْ
قَالُوا إنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ
الرِّبَا فَمَنْ جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ
وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأولئِكَ أصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ } إِلَى قَوْله
تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ
مِنَ الرِّبَا } " البقرة :
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ رسول الله ﷺ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ
. رواهُ مسلم ، زاد الترمذي وغيره : وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ .
باب تحريم الرياء:
قَالَ الله تَعَالَى : { وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ }" البينة" ، وقال تَعَالَى : { لا تُبْطِلُوا
صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى كالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ } "
البقرة" ، وقال تَعَالَى : { يُرَاءونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ
قَلِيلاً } " النساء " .
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقولُ : (( قَالَ الله
تَعَالَى : أنَا أغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أشْرَكَ
فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -384-
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول : (( إنَّ أَولَ
النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ ، فَأُتِيَ بِهِ ،
فَعَرَّفَهُ نِعْمَتَهُ ، فَعَرَفَهَاقال: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ :
قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ . قَالَ : كَذَبْتَ ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ
لأَنْ يُقَالَ : جَرِيءٌ ! فَقَدْ قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى
وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ ،
وَقَرَأَ القُرآنَ ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا . قَالَ:
فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ : تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ ، وَقَرَأتُ
فِيكَ القُرآنَ قال: كَذَبْتَ ، وَلكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ : عَالِمٌ !
وَقَرَأتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ : هُوَ قَارِئٌ ؛ فَقَدْ قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ
فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ . وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ
عَلَيْهِ ، وَأعْطاهُ مِنْ أصْنَافِ المَالِ ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ
، فَعَرَفَهَا . قَالَ : فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبيلٍ
تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ. قَالَ : كَذَبْتَ ،
ولكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ : جَوَادٌ ! فَقَدْ قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ
فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ )) . رواه مسلم .
(( جَرِيءٌ )): أيْ شُجَاعٌ حَاذِقٌ .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن نَاساً قَالُوا لَهُ : إنَّا نَدْخُلُ عَلَى
سَلاَطِيننَا فَنَقُولُ لَهُمْ بِخِلاَفِ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ
عِندْهِمْ ؟ قَالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما : كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفاقاً
عَلَى عَهْدِ رسول الله ﷺ . رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -385-
وعن جُندب بن عبد اللهِ بن سفيان رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النبيُّ ﷺ : (( مَنْ
سَمَّعَ سَمَّعَ الله بِهِ ، وَمَنْ يُرائِي يُرائِي اللهُ بِهِ )) . متفق عَلَيْهِ
.
(( سَمَّعَ )): أظهر عمله للناس رِياءً . (( سَمَّعَ اللهُ بِهِ )) أيْ : فَضَحَهُ
يَومَ القِيَامَةِ . ومعنى : (( مَنْ رَاءى )) أيْ : مَنْ أظْهَرَ لِلنَّاسِ
العَمَلَ الصَّالِحَ لِيَعْظُمَ عِنْدَهُمْ . (( رَاءى اللهُ بِهِ )) أيْ : أظْهَرَ
سَرِيرَتَهُ عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً
مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ عز وجل لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ
بِهِ عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا ، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ
)) يَعْنِي : رِيحَهَا . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ والأحاديث في الباب كثيرةٌ
مشهورةٌ .
باب مَا يتوهم أنَّه رياء وليس هُوَ رياء:
وعن أَبي ذرٍ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ لِرسولِ الله ﷺ : أرَأيْتَ الرَّجُلَ
الَّذِي يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيْرِ ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ ؟ قَالَ
: (( تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِنِ )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -386-
باب تحريم النظر إِلَى المرأة الأجنبية والأمرد الحسن لغير حاجة شرعية:
قَالَ الله تَعَالَى : { قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ } "
النور" ، وقال تَعَالَى : { إنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ
كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً } " الإسراء " ، وقال تَعَالَى : { يَعْلَمُ خَائِنةَ
الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } " غافر" ، وقال تَعَالَى : { إنَّ رَبكَ
لَبِالمِرْصَادِ } " الفجر " .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (( كُتِبَ عَلَى ابْن آدَمَ
نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكُ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ : العَيْنَانِ زِنَاهُمَا
النَّظَرُ ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ ، وَاللِّسَانُ زِناهُ
الكَلاَمُ ، وَاليَدُ زِنَاهَا البَطْشُ ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا ،
والقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ ))
. متفق عَلَيْهِ . هَذَا لفظ مسلمٍ ، ورواية البخاري مختصرَةٌ .
وعن أَبي سعيد الخُدريِّ رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( إيّاكُمْ والجُلُوس
فِي الطُّرُقَاتِ ! )) قالوا : يَا رسولَ الله ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ
، نَتَحَدَّثُ فِيهَا . فَقَالَ رسولُ الله ﷺ : (( فَإذَا أبَيْتُمْ إِلاَّ
المَجْلِسَ ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ )) قَالُوا : وَمَا حَقُّ الطَّريقِ
يَا رسولَ اللهِ ؟ قَالَ : (( غَضُّ البَصَرِ ، وَكَفُّ الأَذَى ، وَرَدُّ
السَّلاَمِ ، والأمرُ بالمَعْرُوفِ ، والنَّهيُ عنِ المُنْكَرِ )) متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -387-
وعن أَبي طلحة زيد بن سهل رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا قُعُوداً بالأفْنِيَةِ
نَتَحَدَّثُ فِيهَا فَجَاءَ رسولُ اللهِ ﷺ فَقَامَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : (( مَا
لَكُمْ وَلِمَجَالسِ الصُّعُدَاتِ ؟ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ ))
فقُلْنَا : إنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَأسٍ ، قَعَدْنَا نَتَذَاكَرُ ،
وَنَتَحَدَّثُ . قَالَ : (( إمَّا لاَ فَأَدُّوا حَقَّهَا : غَضُّ البَصَرِ ،
وَرَدُّ السَّلاَمِ ، وَحُسْنُ الكَلاَمِ )) . رواه مسلم .
(( الصُّعُدات )): أيْ الطُّرقَاتِ .
وعن جرير رضي الله عنه قَالَ : سألت رسول الله ﷺ عن نَظَرِ الفَجْأَةِ فَقَالَ : ((
اصْرِفْ بَصَرَكَ )) .رواه مسلم .
وعن أَبي سعيد رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ
إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ ، وَلاَ المَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ ، وَلاَ
يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ ، وَلاَ تُفْضي المَرْأةُ
إِلَى المَرْأَةِ في الثَّوْبِ الواحِدِ )) . رواه مسلم .
باب تحريم الخلوة بالأجنبية:
قَالَ الله تَعَالَى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسْألُوهُنَّ مِنْ
وَرَاءِ حِجابٍ }" الأحزاب " .
من كتاب رياض الصالحين -388-
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: (( إيَّاكُمْ
وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ ! )) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ : أفَرَأيْتَ
الحَمْوَ ؟ قَالَ : (( الحَمْوُ المَوْتُ ! )) . متفق عَلَيْهِ .
(( الحَمْو )) : قَريبُ الزَّوْجِ كَأخِيهِ ، وابْنِ أخِيهِ ، وَابْنِ عَمِّهِ .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قَالَ : (( لاَ يَخْلُونَّ
أَحَدكُمْ بامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ )) . متفق عَليْهِ .
باب تحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذَلِكَ:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَعَنَ رسُولُ اللهِ ﷺ المُخَنَّثِينَ مِنَ
الرِّجَالِ ، وَالمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ .
وفي رواية : لَعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ
، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ . رواه البخاري .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : لَعَنَ رسُولُ الله ﷺ الرَّجُلَ يَلْبَسُ
لِبْسَةَ المَرْأَةِ ، والمَرْأَةَ تَلْبِسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ . رواه أَبُو داود
بإسناد صحيح .
وعنه قال: قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( صِنْفَانِ مِنْ أهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا :
قَومٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ،
وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ ، رُؤُوسُهُنَّ
كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ ، وَلاَ يَجِدْنَ
رِيحَهَا ، وإنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكذَا )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -389-
باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قال: (( لاَ يَأكُلَنَّ أَحَدُكُمْ
بِشِمَالِهِ ، وَلاَ يَشْرَبَنَّ بِهَا ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ
وَيَشْرَبُ بِهَا )) . رواه مسلم .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ اللهِ ﷺ قال: (( إنَّ اليَهُودَ
وَالنَّصَارى لاَ يَصْبغُونَ ، فَخَالِفُوهُمْ )) . متفق عَلَيْهِ .
المُرَادُ : خِضَابُ شَعْرِ اللَّحْيَةِ والرَّأسِ الأبْيَضِ بِصُفْرَةٍ أَوْ
حُمْرَةٍ ؛ وأمَّا السَّوَادُ ، فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ.
باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد
عن جابر رضي الله عنه قَالَ : أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ والِدِ أَبي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما ، يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأسُهُ وَلِحْيَتُهُ
كَالثَّغَامَةِ بَيَاضاً . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ :(( غَيِّرُوا هَذَا
وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ )) . رواه مسلم .
الثغامة : نوع من النبات
باب النهي عن القَزَع وَهُوَ حلق بعض الرأس دون بعض ، وإباحة حَلْقِهِ كُلّهِ للرجل
دون المرأة .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهَى رسُولُ اللهِ ﷺ عن القَزَعِ . متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -390-