رياض الصالحين - 5 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأَى رسُولُ اللهِ ﷺ صَبِيّاً قَدْ حُلِقَ بَعْضُ
شَعْرِ رَأسِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، وقال : ((
احْلِقُوهُ كُلَّهُ ، أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ )) . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح
عَلَى شرط البخاري ومسلم .
وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما : أنَّ النَّبيَّ ﷺ ، أمْهَلَ آلَ جَعْفَر
ثَلاَثاً ثُمَّ أتَاهُمْ فَقَالَ : (( لاَ تَبْكُوا عَلَى أخِي بَعْدَ اليَوْمِ ))
ثُمَّ قَالَ : (( ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي )) فَجِيءَ بِنَا كَأنَّنَا أفْرُخٌ
فَقَالَ : (( ادْعُوا لِي الحَلاَّقَ )) فَأمرَهُ ، فَحَلَقَ رُؤُوسَنَا . رواه
أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط البخاري ومسلم .
باب تحريم وصل الشعر والوشم والوشر وهو تحديد الأسنان
قال تعالى : { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا
شَيْطَاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً
مَفْرُوضاً وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ
فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ
اللهِ } " النساء " .
وعن أسماءَ رضي الله عنها : أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبيَّ ﷺ فَقَالَتْ : يا
رسولَ اللهِ إنَّ ابْنَتِي أصَابَتْهَا الحَصْبَةُ ، فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا ، وإنّي
زَوَّجْتُهَا ، أفَأَصِلُ فِيهِ ؟ فقالَ : (( لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ
وَالمَوْصُولَةَ )) . متفق عليه .
وفي روايةٍ : (( الوَاصِلَةَ ، والمُسْتوْصِلَةَ )) .قَوْلُهَا : (( فَتَمَرَّقَ
)): انْتَثَرَ وَسَقَطَ . (( وَالوَاصِلَةُ )) : التي تَصِلُ شَعْرَهَا ، أو شَعْرَ
غَيْرِهَا بِشَعْرٍ آخَرَ . (( وَالمَوْصُولَةُ )) : التي يُوصَلُ شَعْرُهَا . ((
والمُسْتَوْصِلَةُ )) : التي تَسْألُ مَنْ يَفْعَلُ لها ذلك .
من كتاب رياض الصالحين -391-
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسُولَ الله ﷺ لَعَنَ الوَاصِلَةَ
والمُسْتَوْصِلَةَ ، والوَاشِمَةَ والمُسْتَوشِمَةَ . متفق عليه .
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ والمُسْتَوشِمَاتِ
وَالمُتَنَمِّصَاتِ ، والمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ الله ،
فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ في ذَلِكَ فَقَالَ : وَمَا لِي لاَ ألْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ
رَسُولُ اللهِ ﷺ ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ ؟ قالَ اللهُ تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } " سورة الحشر" . متفق
عليه .
(( المُتَفَلِّجَةُ )) هيَ : الَّتي تَبْرُدُ مِنْ أسْنَانِهَا لِيَتَبَاعَدَ
بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ قَلِيلاً ، وتُحَسِّنُهَا وَهُوَ الوَشْرُ . ((
وَالنَّامِصَةُ )) : الَّتي تَأخُذُ مِنْ شَعْرِ حَاجِبِ غَيْرِهَا ، وتُرَقِّقُهُ
لِيَصِيرَ حَسَناً . (( وَالمُتَنَمِّصَةُ )) : الَّتي تَأمُرُ مَنْ يَفْعَلُ بِهَا
ذَلِكَ .
باب النهي عن نتف الشيب من اللحية والرأس وغيرهما
عن عمرو بن شعيب ، عن أبيهِ ، عن جَدِّهِ رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ ﷺ ، قال : ((
لاَ تَنْتِفُوا الشَّيْبَ ؛ فَإنَّهُ نُورُ المُسْلِمِ يَوْمَ القِيَامَةِ )) حديث
حسن ، رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي بأسانيد حسنة ، قال الترمذي : (( هو حديث
حسن )) . من كتاب رياض الصالحين -392-
باب كراهة الاستنجاء باليمين ومس الفرج باليمين من غير عذر:
وعن أبي قتادة رضي الله عنه ، عن النبيّ ﷺ ، قال : (( إذا بَالَ أَحَدُكُمْ ، فَلاَ
يَأخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ ، وَلاَ يَسْتَنْجِ بِيَمِينِهِ ، وَلاَ
يَتَنَفَّسْ فِي الإنَاءِ )) . متفق عليه .
الاستنجاء : هو تطهير القبل أو الدبر ، وإزالة النجاسة عنهما ويكون بالماء والحجارة
أو ما ينوب عنها
باب كراهة المشي في نعل واحدة أو خف واحد لغير عذر :
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ ، قال : (( لاَيَمشِ أحَدُكُمْ فِي
نَعْلٍ وَاحِدَةٍ ، لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعاً ، أو لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعاً )) .
وفي رواية : (( أو لِيُحْفِهِمَا جَمِيعاً )) . متفق عليه .
وعنه ، قال : سمعت رسولَ الله ﷺ ، يقول : (( إذا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ
أَحَدِكمْ ، فَلاَ يَمْشِ في الأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا )) . رواهُ مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -393-
باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه .
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبيِّ ﷺ ، قال : (( لاَ تَتْرُكُوا النَّارَ فِي
بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ )) . متفق عليه .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، قال : احْتَرَقَ بَيْتٌ بالمَدِينَةِ عَلَى
أهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا حُدِّثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِشَأنِهِم ، قالَ : ((
إنَّ هذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ ، فَإذا نِمْتُمْ ، فَأطْفِئُوهَا )) متفق عليه
.
وعن جابر رضي الله عنه ، عن رسولِ اللهِ ﷺ ، قال : (( غَطُّوا الإنَاءَ ،
وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ . وَأطْفِئُوا السِّرَاجَ ،
فإنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَحُلُّ سِقَاءً ، وَلاَ يَفْتَحُ بَاباً ، وَلاَ يَكْشِفُ
إنَاءً . فإنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلاَّ أنْ يَعْرُضَ عَلَى إنَائِهِ عُوداً ،
وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ ، فَلْيَفْعَل ، فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أهْلِ
البَيْتِ بَيْتَهُمْ )) . رواه مسلم .
(( الفُويْسِقَةُ )) : الفَأرَةُ ، (( وَتُضْرِمُ )) : تُحْرِقُ .
باب النهي عن التكلف
وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة ، قال الله تعالى : { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ
عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ }
عن عمر رضي الله عنه قال : نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ . رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -394-
وعن مسروقٍ ، قال : دَخَلْنَا على عبدِ اللهِ بْنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه فقال :يا
أَيُّهَا النَّاسُ ، مَنْ عَلِمَ شَيْئاً فَلْيَقُلْ بِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ ،
فَلْيَقُلْ : اللهُ أعْلَمُ ، فَإنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ
يَعْلَمُ : اللهُ أعْلَمُ . قالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ﷺ : { قُلْ مَا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } . رواه
البخاري .
باب تحريم النياحة على الميت :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ :
(( لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ ، وَشَقَّ الجُيُوبَ ، وَدَعَا بِدَعْوَى
الجَاهِلِيَّةِ )) . متفق عليه .
عَنْ أبي بُرْدَةَ ، قال : وَجعَ أبو مُوسَى ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ ، وَرَأسُهُ فِي
حِجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أهْلِهِ ، فَأَقْبَلَتْ تَصِيحُ بِرَنَّةٍ ((بصوت)) فَلَمْ
يَسْتَطِعْ أنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئاً ، فَلَمَّا أفَاقَ قَالَ : أنَا بَرِيءٌ
مِمَّنْ بَرِىءَ مِنْهُ رسُولُ اللهِ ﷺ إنَّ رسُولَ اللهِ ﷺ بَرِيءٌ مِنَ
الصَّالِقَةِ ، والحَالِقَةِ ، والشَّاقَّةِ . متفق عليه .
(( الصَّالِقَةُ )) : الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالنِّيَاحَةِ والنَّدْبِ . ((
وَالحَالِقَةُ )) : الَّتِي تَحْلِقُ رَأسَهَا عِنْدَ المُصِيبَةِ . ((
وَالشَّاقَّةُ )) : الَّتي تَشُقُّ ثَوْبَهَا .
من كتاب رياض الصالحين -395-
وعن أُمِّ عَطِيَّةَ نُسَيْبَةَ بِضَمِّ النون وفتحها رضي الله عنها ، قالت :
أخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ عِندَ البَيْعَةِ أنْ لاَ نَنُوحَ . متفق عليه .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : اشْتَكَى سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ رضي الله عنه
شَكْوَى ، فَأتاهُ رسُولُ الله ﷺ ، يَعُودُهُ مَعَ عَبدِ الرَّحمانِ بْنِ عَوفٍ ،
وَسَعْدِ بن أبي وقَّاصٍ ، وعبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنهم . فَلَمَّا دَخَلَ
عَلَيْهِ ، وَجَدَهُ في غَشْيَةٍ((2)) فَقالَ : (( أقَضَى ؟ )) قالوا : لا يا رسول
اللهِ ، فَبكَى رسولُ اللهِ ﷺ ، فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبيِّ ﷺ
بَكَوْا ، قال : (( ألاَ تَسْمَعُونَ ؟ إنَّ اللهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ
، وَلاَ بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلكِنْ يُعَذِّبُ بِهذَا )) وَأشَارَ إلَى لِسَانِهِ
أو يَرْحَمُ )) . متفق عليه.
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( النَّائِحَةُ إذا
لَمْ تَتُبْ قَبلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَومَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِربَالٌ مِنْ
قَطِرَانٍ ، وَدِرْعٌمِنْ جَرَبٍ )) . رواه مسلم .
وعن أَسِيد بن أبي أَسِيدٍ التابِعِيِّ ، عن امْرَأةٍ مِنَ المُبَايِعاتِ ، قالت :
كان فِيما أخَذَ عَلَيْنَا رسُولُ اللهِ ﷺ ، فِي المَعْرُوفِ الَّذِي أخَذَ
عَلَيْنَا أنْ لاَ نَعْصِيَهُ فِيهِ : أنْ لا نَخْمِشَ وَجْهَاً ، وَلاَ نَدْعُوَ
وَيْلاً ، وَلاَ نَشُقَّ جَيْباً ، وأنْ لاَ نَنْشُرَ شَعْراً . رواه أبو داود
بإسناد حسن . من كتاب رياض الصالحين -396-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( اثْنَتَانِ فِي
النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ : الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى
المَيِّتِ )) . رواه مسلم .
باب النَّهي عن إتيان الكُهّان والمنجِّمين ونحو ذلك:
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : سأل رسُولَ اللهِ ﷺ أنَاسٌ عَنِ الكُهَّانِ،
فَقَالَ : (( لَيْسُوا بِشَيءٍ )) فَقَالُوا : يا رَسُولَ اللهِ إنَّهُمْ
يُحَدِّثُونَا أحْيَاناً بِشَيءٍ، فَيَكُونُ حَقّاً ؟ فقالَ رسُولُ اللهِ ﷺ : ((
تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ
وَلِيِّهِ ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مئَةَ كَذْبَةٍ )) . متفق عليه .
وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها : أنَّها سمعتْ رسُولَ اللهِ ﷺ يقولُ :
(( إنَّ المَلائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ وَهُوَ السَّحَابُ فَتَذْكُرُ
الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّماءِ ، فَيَسْتَرِقُ الشَّيْطَانُ السَّمْع ،
فَيَسْمَعُهُ ، فَيُوحِيَهُ إلَى الكُهَّانِ ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِئَةَ
كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ )) .
وعن صَفِيَّةَ بِنتِ أبي عُبيدٍ ، عن بعض أزواجِ النَّبيِّ ﷺ ، ورَضِيَ اللهُ عنها
، عن النَّبيّ ﷺ ، قال : (( مَنْ أَتَى عَرَّافاً فَسَأَلَهُ عنْ شَيْءٍ
فَصَدَّقَهُ ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أرْبَعِينَ يَوماً )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -397-
وعَنْ قَبِيصَةَ بنِ المُخَارِقِ رضي الله عنه قال : سمعتُ رسُولَ الله ﷺ يقولُ :((
العِيَافَةُ ، وَالطِّيَرَةُ ، والطَّرْقُ ، مِنَ الجِبْتِ )) . رواه أبو داود
بإسناد حسن .
وقال : (( الطَّرْقُ )) هُوَ الزَّجْرُ : أيْ زَجْرُ الطَّيْرِ وَهُوَ أنْ
يَتَيَمَّنَ أو يَتَشَاءمَ بِطَيَرَانِهِ ، فإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَمِين ،
تَيَمَّنَ ، وإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَسَارِ ، تَشَاءمَ . قال أبو داود : ((
والعِيَافَةُ )) : الخَطُّ .
قالَ الجَوْهَريُّ في الصِّحَاحِ : الجِبْتُ كَلِمَةٌ تَقَعُ عَلَى الصَّنَمِ
وَالكاهِنِ والسَّاحِرِ وَنَحْوِ ذلِكَ .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسولُ الله ﷺ :(( مَنِ اقْتَبَسَ عِلْماً
مِنَ النُّجُوم ، اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ ما زَادَ )) . رواه أبو
داود بإسناد صحيح .
قال الخطابي في " معالم السنن: (( علم النجوم المنهي عنه هو ما يدعيه أهل التنجيم
من علم الكوائن والحوادث التي لم تقع وستقع في مستقبل الزمان …، ثم قال : فأما علم
النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والحس الذي يعرف به الزوال ويعلم به جهة القبلة
فإنه غير داخل فيما نهي عنه )) . من كتاب رياض الصالحين -398-
وعن مُعاوِيَةَ بنِ الحَكَمِ رضي الله عنه قال : قلتُ : يا رسُولَ اللهِ إنِّي
حديثُ عَهْدٍ بالجاهِليَّةِ ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ تَعَالَى بالإسْلاَمِ ، وإنَّ
مِنَّا رِجَالاً يَأتُونَ الكُهَّانَ ؟ قال : (( فَلاَ تأتِهِمْ )) قُلْتُ :
وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ ؟ قَالَ : (( ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي
صُدُورِهِمْ ، فَلاَ يَصُدُّهُمْ )) قُلْتُ : وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ ؟ قَالَ
: (( كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ ، فَذَاكَ
)) . رواه مسلم .
باب النهي عن التَّطَيُّرِ
عن أنس رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ
، وَيُعْجِبُني الفَألُ )) قالُوا : وَمَا الفَألُ ؟ قَالَ : (( كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ
)) . متفق عَلَيْهِ .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( لا عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ
. وإنْ كَانَ الشُّؤمُ في شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ ، وَالمَرْأَةِ ، والفَرَسِ )) .
متفق عَلَيْهِ .
قال ابن عثيمين : (( المعنى أن هذه الثلاثة هي أكثر ما يكون مرافقة للإنسان المرأة
زوجه ، والدار بيته ، والفرس مركوبه ، وهذه الأشياء الثلاثة أحياناً يكون فيها شؤم
، أحياناً تدخل المرأة على الإنسان يتزوجها ولا يجد إلا النكد والتعب منها ، والدار
يكون فيها شؤم يضيق صدره ولا يتسع ويمل منها ، والفرس الآن ليس مركوبنا ولكن
مركوبنا السيارات بعض السيارات يكون فيها شؤم تكثر حوادثها وخرابها ويسأم الإنسان
منها … )) شرح رياض الصالحين .
من كتاب رياض الصالحين -399-
باب تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم أو مخدة أو دينار .. ونحوها
والأمر بإتلاف الصورة.
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال : (( إنَّ الَّذينَ
يَصْنَعُونَ هذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ ، يُقَالُ لَهُمْ :
أحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ )) . متفق عليه .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قَدِمَ رسُولُ الله ﷺ مِنْ سَفَرٍ ، وَقَدْ
سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرامٍ فِيهِ تَمَاثيلُ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ
تَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وقالَ: (( يَا عائِشَةُ ، أشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِندَ
اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ ! )) قَالَتْ :
فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنهُ وِسَادَةً أوْ وِسَادَتَيْنِ . متفق عليه .
(( القِرامُ )): السِّتْرُ . (( وَالسَّهْوَةُ )) قيلَ : هِيَ الطَّاقُ النَّافِذُ
في الحائِطِ .
من كتاب رياض الصالحين -400-
عن ابن عباس رضي اللهُ عنهما ، قال : سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ : (( كُلُّ
مُصَوِّرٍ في النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ
فَيُعَذِّبُهُ في جَهَنَّمَ )) . قال ابن عباس : فإنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً ،
فَاصْنعِ الشَّجَرَ وَمَا لاَ رُوحَ فِيهِ. متفق عليه.
وعنه ، قال : سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ ، يقول : (( مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا
، كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَومَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ ))
. متفق عليه .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : وَعَدَ رسُولَ اللهِ ﷺ جِبْرِيلُ أنْ
يَأتِيَهُ ، فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ ، فَخَرَجَ
فَلَقِيَهُ جِبريلُ فَشَكَا إلَيهِ ، فَقَالَ : إنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ
كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ . رواهُ البُخاري .
(( راث )) : أبْطَأَ .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : واعدَ رسولَ اللهِ ﷺ ، جبريلُ عليهِ السَّلامُ ،
في سَاعَةٍ أنْ يَأتِيَهُ ، فَجَاءتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأتِهِ ! قَالَتْ :
وَكَانَ بِيَدِهِ عَصاً، فَطَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ : (( ما يُخْلِفُ
اللهُ وَعْدَهُ وَلاَ رُسُلُهُ )) ثُمَّ التَفَتَ ، فإذَا جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ
سَرِيرِهِ . فقالَ : (( مَتَى دَخَلَ هَذَا الكَلْبُ ؟ )) فَقُلْتُ : واللهِ مَا
دَرَيْتُ بِهِ ، فَأمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ، فَجَاءهُ جِبْرِيلُ عليه السلام ، فقال
رسُولُ اللهِ ﷺ : (( وَعَدْتَنِي، فَجَلَسْتُ لَكَ وَلَمْ تَأتِني )) فقالَ :
مَنَعَنِي الكَلْبُ الَّذِي كانَ في بَيْتِكَ ، إنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ
كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -401-
وعن أبي الهَيَّاجِ حَيَّانَ بِن حُصَيْنٍ ، قال : قال لي عَليُّ بن أبي طالب رضي
الله عنه : ألاَ أبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ ؟ أن لاَ
تَدَعَ صُورَةً إلاَّ طَمَسْتَهَا ، وَلاَ قَبْراً مُشْرفاً إلاَّ سَوَّيْتَهُ .
رواه مسلم .
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ : (( إنَّ أشَدَّ
النَّاسِ عَذَاباً يَومَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ )) . متفق عليه .
باب تحريم اتخاذ الكلب إلا لصيد أو ماشية أو زرع
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال : سمعتُ رسُولَ اللهِ ﷺ ، يقولُ: (( مَنِ اقْتَنَى
كَلْباً إلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ أوْ مَاشِيَةٍ فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ
يَومٍ قِيرَاطَانِ )) . متفق عليه . وفي رواية : (( قِيرَاطٌ )) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( مَنْ أمْسَكَ كَلْباً،
فَإنَّهُ ينْقُصُ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطٌ إلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أوْ
مَاشِيَةٍ )) . متفق عليه .
وفي رواية لمسلم : (( مَنْ اقْتَنَى كَلْباً لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ، وَلاَ
مَاشِيَةٍ وَلاَ أرْضٍ، فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ
)) .
من كتاب رياض الصالحين -402-
باب كراهية تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب وكراهية استصحاب الكلب والجرس في
السفر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالَ رسولُ الله ﷺ : (( لاَ تَصْحَبُ
المَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أوْ جَرَسٌ )) . رواه مسلم .
وعنه : أنَّ النَّبيَّ ﷺ ، قال : (( الجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ )) . رواه
مسلم .
باب كراهة الخصومة في المسجد ورفع الصوت فِيهِ
ونشد الضالة والبيع والشراء والإجارة ونحوها من المعاملات
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّه سمعَ رسُولَ اللهِ ﷺ ، يقولُ : (( مَنْ سَمِعَ
رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً في المَسْجِدِ فَلْيَقُلْ : لاَ رَدَّها اللهُ عَلَيْكَ
، فإنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهذَا )) . رواه مسلم .
يقال : نشدت الضالة إذا طلبتها ، وأنشدتها إذا عرفتها ، والضالة هي الضائعة من كل
ما يقتنى من الحيوان وغيره
وعنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: (( إِذَا رَأيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ في
المَسْجِدِ ، فَقُولُوا : لا أرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ
يَنْشُدُ ضَالَّةً فَقُولُوا : لا رَدَّهَا الله عَلَيْكَ )) . رواه الترمذي ، وقال
: (( حديث حسن )) .
وعن السائبِ بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ في المَسْجِدِ
فَحَصَبَنِي رَجُلٌ ، فَنَظَرْتُ فَإذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه
فَقَالَ : اذْهَبْ فَأتِنِي بِهذَينِ ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا ، فَقَالَ : مِنْ أيْنَ
أَنْتُمَا ؟ فَقَالاَ : مِنْ أهْلِ الطَّائِفِ ، فَقَالَ : لَوْ كُنْتُمَا مِنْ
أهْلِ البَلَدِ ، لأَوْجَعْتُكُمَا ، تَرْفَعَانِ أصْوَاتَكُمَا في مَسْجِدِ
رَسُولِ الله ﷺ ! رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -403-
باب نهي من أكل ثوماً أَوْ بصلاً ... عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إِلاَّ
لضرورة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (( مَنْ أكَلَ مِنْ هذِهِ
الشَّجَرَةِ يعني : الثُّومَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا )) . متفق عَلَيْهِ
.وفي روايةٍ لمسلم : (( مساجدنا )) .
وفي روايةٍ لمسلم : (( مَنْ أكَلَ البَصَلَ ، والثُّومَ ، والكُرَّاثَ ، فَلاَ
يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى
مِنْهُ بَنُو آدَمَ )) .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنَّه خَطَبَ يومَ الجمْعَةِ فَقَالَ في خطبته :
ثُمَّ إنَّكُمْ أيُّهَا النَّاسُ تَأكُلُونَ شَجَرتَيْنِ مَا أرَاهُمَا إِلاَّ
خَبِيثَتَيْن : البَصَلَ ، وَالثُّومَ . لَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ الله ﷺ ، إِذَا
وَجدَ ريحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ في المَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ ، فَأُخْرِجَ إِلَى
البَقِيعِ ، فَمَنْ أكَلَهُمَا ، فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخاً . رواه مسلم .
باب النهي عن الحلف بمخلوق ... والأمانة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( إنَّ الله تَعَالَى يَنْهَاكُمْ
أنْ تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ ، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً ، فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ ، أَوْ
لِيَصْمُتْ )) . متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -404-
وعن بُريدَةَ رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: (( مَنْ حَلَفَ بِالأمَانَةِ
فَلَيْسَ مِنَّا )) حديث صحيح ، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يقُولُ: لاَ وَالكَعْبَةِ،
فَقَالَ ابنُ عُمَرَ : لاَ تَحْلِفْ بَغَيْرِ اللهِ ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ
ﷺ ، يقولُ : (( مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ ، فقد كَفَرَ أَوْ أشْرَكَ )) . رواه
الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وفَسَّرَ بَعْضُ العُلَمَاءِ قولَهُ : (( كفَرَ أَوْ أشْرَكَ )) عَلَى التَّغْلِيظِ
، كما روي أنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ : (( الرِّياءُ شِرْكٌ )) .
باب تغليظ اليمين الكاذبة عمداً
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (( مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ
امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيرِ حَقِّهِ ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ))
قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ ، مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ الله
عز وجل : { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً
قَلِيلاً } إِلَى آخِرِ الآيَةِ " آل عمران" . متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي أُمَامَة إياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: ((
مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ
النَّارَ . وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الجَنَّةَ )) فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : وَإنْ كَانَ
شَيْئاً يَسِيراً يَا رسولَ اللهِ ؟ قَالَ : (( وإنْ كَانَ قَضِيباً مِنْ أرَاكٍ ))
رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -405-
وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، عن النبيِّ ﷺ قال: (( الكَبَائِرُ
: الإشْرَاكُ بِاللهِ ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ ، واليَمِينُ
الغَمُوسُ )) . رواه البخاري .
وفي روايةٍ لَهُ : أنَّ أعْرابِياً جَاءَ إِلَى النبيّ ﷺ ، فَقَالَ : يا رسولَ
اللهِ مَا الكَبَائِرُ ؟ قَالَ : (( الإشْرَاكُ بِاللهِ )) قَالَ : ثُمَّ مَاذا ؟
قَالَ : (( اليَمِينُ الغَمُوسُ )) قلتُ : وَمَا اليَمِينُ الغَمُوسُ ؟ قَالَ : ((
الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ! )) يعني بِيَمِينٍ هُوَ فِيهَا
كَاذِبٌ .
باب ندب من حلف عَلَى يَمينٍ فرأى غيرها خيراً مِنْهَا :
عن عبد الرحمان بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لي رَسُولُ اللهِ ﷺ :((
وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ ، فَرَأيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا ، فَأتِ
الَّذِي هُوَ خَيرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ )) . متفق عَلَيْهِ .
باب العفو عن لغو اليمين وأنَّه لا كفارة فِيهِ :
قَالَ الله تَعَالَى : { لاَ يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ
وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ
عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ
أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ
كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أيْمَانَكُمْ } " المائدة "
. من كتاب رياض الصالحين -406-
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : أُنْزِلَتْ هذِهِ الآية : { لاَ يُؤاخِذُكُمُ
اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ } في قَوْلِ الرَّجُلِ : لا واللهِ ، وَبَلَى
واللهِ . رواه البخاري .
باب كراهة الحلف في البيع وإنْ كان صادقاً:
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسُولَ اللهِ ﷺ يقولُ : (( الحَلِفُ
مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ ، مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ )) . متفق عليه .
وعن أبي قتادة رضي الله عنه : أنَّه سمعَ رسولَ اللهِ ﷺ ، يقولُ : (( إيَّاكُمْ
وَكَثْرَةَ الحَلِفِ فِي البَيْعِ ، فَإنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ )) . رواه
مسلم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسُولُ اللهِ ﷺ : (( مَنِ اسْتَعَاذَ
بِاللهِ ، فَأعِيذُوهُ ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللهِ ، فأَعْطُوهُ ، وَمَنْ دَعَاكُمْ ،
فَأَجِيبُوهُ ، وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ ، فَإنْ لَمْ
تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ بِهِ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَد
كَافَأْتُمُوهُ )) . حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين .
من كتاب رياض الصالحين -407-
باب كراهة سب الحمّى
عن جابر رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ اللهِ ﷺ دخلَ على أُمِّ السَّائِبِ ، أو أُمِّ
المُسَيّبِ فَقَالَ : (( مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ أو يَا أُمَّ المُسَيَّبِ
تُزَفْزِفِينَ ((تَرْتَعِدُ )) ؟ )) قَالَتْ : الحُمَّى لاَ بَارَكَ اللهُ فِيهَا !
فَقَالَ : (( لاَ تَسُبِّي الحُمَّى فَإنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا
يُذْهِبُ الكِيْرُ خَبَثَ الحَدِيدِ )) . رواه مسلم .
باب النهي عن سب الريح ، وبيان ما يقال عند هبوبها:
عن أبي المنذِرِ أُبي بن كعب رضي الله عنه قال : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( لاَ
تَسُبُّوا الرِّيحَ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ ، فَقُولُوا : اللَّهُمَّ
إنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وخَيْرِ مَا
أُمِرَتْ بِهِ . وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا
وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ )) . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعتُ رسُولَ اللهِ ﷺ يقولُ : (( الرِّيحُ مِنْ
رَوحِ اللهِ ، تَأتِي بِالرَّحْمَةِ ، وَتَأتِي بِالعَذَابِ ، فَإذَا
رَأَيْتُمُوهَا فَلاَ تَسُبُّوهَا ، وَسَلُوا اللهَ خَيْرَهَا ، وَاسْتَعِيذُوا
باللهِ مِنْ شَرِّهَا )) . رواه أبو داود بإسناد حسن .
قوله ﷺ : (( مِنْ رَوْحِ اللهِ )): أي رَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان النَّبِيُّ ﷺ إذا عَصَفَتِ الرِّيحُ قال : ((
اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ
بِهِ ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ
بِهِ )) . رواه مسلم . من كتاب رياض الصالحين -408-
باب كراهة سب الديك:
عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال : قال رسُولُ اللهِ ﷺ : (( لاَ
تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإنَّهُ يُوِقِظُ لِلصَّلاَةِ )) . رواه أبو داود بإسناد صحيح
.
باب النهي عن قول الإنسان : مُطِرنا بنَوء كذا:
عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال : صلَّى بنا رسولُ اللهِ ﷺ صَلاَةَ الصُّبْحِ
بِالحُدَيْبِيَّةِ في إثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ
أقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ، فقالَ : (( هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ ؟ ))
قالُوا : اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ . قال : (( قالَ : أصْبَحَ مِنْ عِبَادِي
مُؤْمِنٌ بِي ، وَكَافِرٌ ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ
وَرَحْمَتِهِ ، فَذلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ ، وأَما مَنْ قَالَ
مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا ، فَذلكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ )) .
متفق عليه .
وَالسَّماءُ هُنَا : المَطَرُ .
من كتاب رياض الصالحين -409-
باب تحريم قوله لمسلم : يا كافر
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( إذَا قَالَ الرَّجُلُ
لأَخِيهِ : يَا كَافِرُ ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ، فَإنْ كانَ كَمَا قَالَ
وَإلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ )) متفق عليه .
وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه : أنَّه سَمِعَ رسُولَ اللهِ ﷺ ، يقولُ : (( مَنْ دَعَا
رَجُلاً بالكُفْرِ ، أو قالَ : عَدُوَّ اللهِ ، وَلَيْسَ كَذلكَ إلاَّ حَارَ
((رَجَعَ)) عَلَيْهِ )) . متفق عليه .
باب النهي عن الفحش وبذاء اللسان:
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه ، قال : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( لَيْسَ المُؤْمِنُ
بالطَّعَّانِ ، وَلاَ اللَّعَّانِ ، وَلاَ الفَاحِشِ ، وَلاَ البَذِيِّ )) رواه
الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( مَا كَانَ الفُحْشُ فِي
شَيْءٍ إلاَّ شَانَهُ ، وَمَا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إلاَّ زَانَهُ )) . رواه
الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -410-
باب كراهة التقعير في الكلام والتشدُّق فيه وتكلف الفصاحة :
عن ابن مسعود رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ ، قال : (( هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ ))
قَالَهَا ثَلاَثاً . رواه مسلم .
(( المُتَنَطِّعُونَ )) : المُبَالِغُونَ فِي الأمُورِ .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ رسُولَ اللهِ ﷺ قال : (( إنَّ
اللهَ يُبْغِضُ البَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ كَمَا
تَتَخَلَّلُ البَقَرَةُ )) . رواه أبو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
أي : يتشدق في الكلام ويفخم به لسانه ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفاً .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : أنَّ رسُولَ الله ﷺ ، قال : (( إنَّ مِنْ
أحَبِّكُمْ إِلَيَّ ، وأقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَومَ القِيَامَةِ ،
أحَاسِنكُمْ أَخْلاَقَاً ، وإنَّ أَبْغَضَكُمْ إلَيَّ ، وأبْعَدَكُمْ مِنِّي يَومَ
القِيَامَةِ ، الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ )) . رواه
الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلاَّ أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها
ونحوه
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ﷺ : (( لاَ تُبَاشِرِ المَرْأَةُ
المَرْأَةَ ، فَتَصِفَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهَا )) . متفق عليه
.
من كتاب رياض الصالحين -411-
باب كراهة قول الإنسان : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ بل يجزم بالطلب
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسول اللهِ ﷺ ، قال : (( لاَ يَقُولَنَّ
أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ : اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إنْ
شِئْتَ ، لِيَعْزِم المَسْأَلَةَ ، فَإنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ )) . متفق عليه .
وفي رواية لمسلم : (( وَلكِنْ لِيَعْزِمْ وَلْيُعَظمِ الرَّغْبَةَ فَإنَّ اللهَ
تَعَالَى لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ )) .
قال ابن بطال : (( في الحديث أنَّه ينبغي للداعي أنْ يجتهد في الدعاء ويكون على
رجاء الإجابة ولا يقنط من الرحمة فإنَّه يدعو كريماً . وقد قال ابن عيينة : لا
يمنعن أحداً الدعاء ما يعلم في نفسه يعني من تقصير فإنَّ الله قد أجاب دعاء شر خلقه
وهو إبليس حين قال : { رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } )).
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( إذا دَعَا أحَدُكُمْ
فَلْيَعْزِم المَسْأَلَةَ ، وَلاَ يَقُولَنَّ : اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ ،
فَأَعْطِنِي ، فَإنَّهُ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ )) . متفق عليه .
باب كراهة قول : ما شاء اللهُ وشاء فلان
عن حُذَيْفَةَ بنِ اليمانِ رضي الله عنه ، عن النبيّ ﷺ ، قال : (( لاَ تَقُولُوا :
مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ ؛ وَلكِنْ قُولُوا : مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ
شَاءَ فُلاَنٌ )) . رواه أبو داود بإسناد صحيح .
من كتاب رياض الصالحين -412-
باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة
عن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله ﷺ كان يكرهُ النَّومَ قَبْلَ
العِشَاءِ والحَديثَ بَعْدَهَا . متفقٌ عليه .
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ صَلَّى العِشَاء في آخِرِ
حَيَاتِهِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ قال : (( أرأيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذِه ؟ فَإنَّ
عَلَى رَأسِ مِئَةِ سَنَةٍ لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ علَى ظَهْرِ الأرْضِ اليَومَ
أحَدٌ )) . متفق عليه .
وعن أنس رضي الله عنه : أنَّهم انتظروا النَّبِيَّ ﷺ ، فَجَاءهُمْ قَريباً مِنْ
شَطْرِ اللَّيْلِ فَصَلَّى بِهِمْ يَعْنِي : العِشَاءَ ثمَّ خَطَبنا فقالَ : ((
ألاَ إنَّ النَّاسَ قَدْ صَلُّوا ، ثُمَّ رَقَدُوا ، وَإنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي
صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ )) . رواه البخاري .
باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها إِذَا دعاها ولم يكن لَهَا عذر شرعي:
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ
امْرَأتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأبَتْ ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا ، لَعَنَتْهَا
المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ )) متفق عَلَيْهِ . وفي رواية : (( حَتَّى تَرْجعَ ))
.
من كتاب رياض الصالحين -413-
باب تحريم الجلوس عَلَى قبر:
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( لأنْ يَجْلِسَ
أحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ ، فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ
لَهُ مِنْ أنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ )) . رواه مسلم .
باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه:
عن جابر رضي الله عنه قَالَ : نَهَى رسولُ الله ﷺ أن يُجَصَّصَ القَبْرُ ، وأنْ
يُقْعَدَ عَلَيْهِ ، وَأنْ يُبْنَى عَلَيْهِ . رواه مسلم .
باب تحريم الشفاعة في الحدود
قَالَ الله تَعَالَى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأخُذْكُمْ بِهِمَا رَأفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إنْ
كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ } " النور" .
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها : أنَّ قُرَيْشاً أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ
المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ ، فقَالُوا : مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ
اللهِ ﷺ ؟ فقالوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ،
حِبُّ رَسُولِ اللهِ ﷺ . فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رسُولُ اللهِ ﷺ : ((
أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى ؟! )) ثُمَّ قَامَ فاخْتَطَبَ ،
ثُمَّ قَالَ : (( إنَّمَا أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أنَّهُمْ كَانُوا إِذَا
سَرَقَ فِيِهمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ ،
أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ ، وَايْمُ اللهِ لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ
سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا )) . متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -414-
باب النهي عن التغوط في طريق الناس وظلِّهم وموارد الماء ونحوها
قَالَ الله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ يُؤذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً } "
الأحزاب" .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ : اتَّقُوا
اللاَّعِنَيْنِ ، قالوا : وَمَا اللاَّعِنَانِ ؟ قَالَ : (( الَّذِي يَتَخَلَّى ((
يتغوط )) في طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ في ظِلِّهِمْ )) . رواه مسلم .
وعن جابر رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ نَهَى أنْ يُبَالَ في المَاءِ
الرَّاكِدِ . رواه مسلم .
باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة:
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما : أنَّ أباه أتَى بِهِ رسُولَ اللهِ ﷺ فقال :
إنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاماً كَانَ لِي ، فقال رسولُ الله ﷺ : (( أكُلَّ
وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ )) فقال : لا ، فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ : ((
فَأرْجِعهُ )) .
وفي روايةٍ: فقال رسولُ اللهِ ﷺ : (( أَفَعَلْتَ هذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ ؟ ))
قال : لا ، قال : (( اتَّقُوا الله واعْدِلُوا فِي أوْلادِكُمْ )) فَرَجَعَ أبي ،
فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ .
من كتاب رياض الصالحين -315-
باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة
أيام:
عن زينب بنتِ أبي سلمة رضي الله عنهما ، قالت : دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ
رضيَ اللهُ عنها ، زَوجِ النَّبِيِّ ﷺ ، حِينَ تُوُفِّيَ أبُوهَا أبُو سُفْيَانَ بن
حرب رضي الله عنه ، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةُ خَلُوقٍ أوْ غَيرِهِ ،
فَدَهَنَتْ مِنهُ جَارِيَةً ، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ، ثُمَّ قَالَتْ :
واللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ ، غَيْرَ أنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ
يقُولُ عَلَى المِنْبَرِ : (( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ
الآخِرِ أنْ تُحِدَّ على مَيِّتٍ فَوقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ ، إلاَّ علَى زَوْجٍ
أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْراً )) .
قالَتْ زَيْنَبُ : ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ رضي اللهُ عنها حينَ
تُوُفِّيَ أَخُوهَا ، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قَالَتْ : أمَا
وَاللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ ، غَيرَ أنِّي سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ ﷺ
يقُولُ عَلَى المِنْبَرِ : (( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ
الآخِرِ أنْ تُحِدَّ على مَيِّتٍ فَوقَ ثَلاَثٍ، إلاَّ علَى زَوْجٍ أرْبَعَةَ
أشْهُرٍ وَعَشْراً )). متفق عليه .
باب تحريم بيع الحاضر للبادي وتلقي الركبان والبيع على بيع أخيه والخِطبة على خطبته
إلا أنْ يأذن أو يردّ:
عن أنس رضي الله عنه ، قالَ : نهَى رسُولُ اللهِ ﷺ أنْ يَبيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وإنْ
كانَ أخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ . متفق عليه .
من كتاب رياض الصالحين -416-
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( لاَ تَتَلَقَّوُا
السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الأَسْوَاقِ )) . متفق عليه .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قالَ رسُولُ الله ﷺ : (( لاَ تَتَلَقَّوُا
الرُّكْبَانَ ، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ )) فقالَ لَهُ طَاووسٌ : مَا : لاَ
يَبيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ ؟ قال : لاَ يَكُونُ لَهُ سِمْسَاراً . متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : نَهَى رسولُ الله ﷺ أنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ
، وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ يَبِيع الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أخْيِهِ ، وَلاَ يَخْطُبُ
عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ ، وَلاَ تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ
مَا فِي إنائِهَا .
وفي رواية قال : نَهَى رَسُولُ الله ﷺ عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبْتَاعَ
المُهَاجِرُ لِلأعْرَابِيِّ ، وَأَنْ تَشْتَرِطَ المَرْأةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا ،
وأنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ على سَوْمِ أخِيهِ ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ
والتَّصْرِيَةِ . متفق عليه .
النجش : هو الزيادة في ثمن السلعة ليغرَّ غيره فقط ، وقيل : هو مدح الشيء وإطراؤه ،
فالناجش يغرُّ المشتري بمدحه ليزيد في الثمن .
التصرية : هو جمع اللبن في الضرع لمدة يومين أو ثلاثة أيام حتى يكبر ويعظم فيظن
المشتري أن ذلك لكثرة اللبن .
من كتاب رياض الصالحين -417-
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قال : (( لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ
عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلاَ يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ إلاَّ أنْ يَأذَنَ
لَهُ )) . متفق عليه ، وهذا لفظ مسلم .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قال : (( المُؤْمِنُ أَخُو
المُؤْمِنِ ، فَلاَ يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أخِيهِ وَلاَ
يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ حَتَّى يذَرَ )) . رواه مسلم .
باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع فيها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( إنَّ اللهَ تعالى يَرْضَى
لَكُمْ ثَلاَثاً ، ويَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثاً : فَيَرْضَى لَكُمْ أنْ تَعْبُدُوهُ ،
وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيئاً ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ
تَفَرَّقُوا ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ : قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ،
وإضَاعَةَ المَالِ )) . رواه مسلم.
من كتاب رياض الصالحين -418-
باب النهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح ونحوه سواء كان جاداً أو مازحاً ، والنهي عن
تعاطي السيف مسلولاً:
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسولِ اللهِ ﷺ قال : (( لاَ يُشِرْ أحَدُكُمْ إلَى
أخِيهِ بِالسِّلاحِ ، فَإنَّهُ لاَ يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزعُ فِي
يَدِهِ ، فَيَقَع فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ )) . متفق عليه .
عَنِ ابْنِ سِيرِينَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ
-صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ
الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ ».صحيح
مسلم .
قوله ﷺ : (( يَنْزع ، ينزغ )) ضُبِطَ بالعين المهملة مع كسر الزاي ، وبالغين
المعجمة مع فتحها، ومعناهما مُتَقَارِبٌ، وَمَعنَاهُ بالمهملةِ يَرْمِي ،
وبالمعجمةِ أيضاً يَرْمِي وَيُفْسِدُ . وَأصْلُ النَّزْعِ : الطَّعْنُ وَالفَسَادُ
.
لا يشير إلى أحد بسلاح أو حديدة أو حجر أو ما أشبه ذلك كأنَّه يريد أنْ يرميه به ،
وكذلك ما يفعله بعض السفهاء ، يأتي بالسيارة مسرعاً نحو شخص واقفٍ أو جالس ، وكذلك
أنْ يغري الكلب بإنسان ، المهم أنَّ جميع أسباب الهلاك ينهى الإنسان أنْ يفعلها
سواء أكان جاداً أم هازلاً … شرح رياض الصالحين 4/349 .
وعن جابر رضي الله عنه قال : نهى رسولُ اللهِ ﷺ أنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ
مَسْلُولاً . رواه أبو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
من كتاب رياض الصالحين -419-
باب كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر حتى يصلي المكتوبة:
عن أبي الشَّعْثَاءِ ، قالَ : كُنَّا قُعُوداً مَع أبي هريرة رضي الله عنه في
المَسْجِدِ ، فَأَذَّن المُؤَذِّنُ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ المَسْجِدِ يَمْشِي ،
فَأَتْبَعَهُ أبُو هُريرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ ، فقال أبو
هريرة : أمَّا هذَا فَقَدْ عَصَى أبا القَاسِمِ ﷺ . رواه مسلم .
باب كراهة رد الريحان لغير عذر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ
رَيْحَانٌ ، فَلاَ يَرُدَّهُ ، فَإنَّهُ خَفيفُ المَحْمِلِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ )) .
رواه مسلم .
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه : أنَّ النَّبيَّ ﷺ كَانَ لاَ يَرُدُّ الطِّيبَ .
رواه البخاري .
باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة من إعجاب ونحوه:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلاً يُثْنِي عَلَى
رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ في المِدْحَة ، فقالَ : (( أهْلَكْتُمْ أوْ قَطَعْتُمْ ظَهْرَ
الرَّجُلِ )) . متفق عليه .
(( وَالإطْرَاءُ )) : المُبَالَغَةُ فِي المَدْحِ .
وعن أبي بكرة رضي الله عنه : أنَّ رجلاً ذُكِرَ عند النبيِّ ﷺ ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ
رَجُلٌ خَيْراً ، فقال النبيّ ﷺ : (( وَيْحَكَ ! قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ ))
يَقُولُهُ مِرَاراً : (( إنْ كَانَ أحَدُكُمْ مَادِحاً لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ :
أحْسِبُ كَذَا وَكَذَا إنْ كَانَ يَرَى أنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللهُ ، وَلاَ
يُزَكّى عَلَى اللهِ أحَدٌ )) . متفق عليه .
من كتاب رياض الصالحين -420-
عن همام بن الحارث ، عن المِقْدَادِ رضي الله عنه : أنَّ رَجُلاً جَعَلَ يَمْدَحُ
عُثْمانَ رضي الله عنه ، فَعَمِدَ المِقْدَادُ ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ،
فَجَعَلَ يَحثو في وَجْهِهِ الحَصْبَاءَ . فقالَ لَهُ عُثْمَانُ : مَا شَأنُكَ ؟
فقال : إنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال : (( إذَا رَأَيْتُمُ المَدَّاحِينَ ، فَاحْثُوا فِي
وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ )) . رواه مسلم .
فهذهِ الأحاديث في النَهي ، وجاء في الإباحة أحاديث كثيرة صحيحة .
قال العلماءُ : وطريق الجَمْعِ بين الأحاديث أنْ يُقَالَ : إنْ كان المَمْدُوحُ
عِنْدَهُ كَمَالُ إيمانٍ وَيَقينٍ ، وَرِيَاضَةُ نَفْسٍ ، وَمَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ
بِحَيْثُ لاَ يَفْتَتِنُ ، وَلاَ يَغْتَرُّ بِذَلِكَ ، وَلاَ تَلْعَبُ بِهِ
نَفْسُهُ ، فَليْسَ بِحَرَامٍ وَلاَ مَكْرُوهٍ ، وإنْ خِيفَ عَلَيْهِ شَيءٌ مِنْ
هذِهِ الأمورِ ، كُرِهَ مَدْحُهُ في وَجْهِهِ كَرَاهَةً شَديدَةً ، وَعَلَى هَذا
التَفصِيلِ تُنَزَّلُ الأحاديثُ المُخْتَلِفَةُ فِي ذَلكَ .
وَمِمَّا جَاءَ فِي الإبَاحَةِ قَولُهُ ﷺ لأبي بكْرٍ رضي الله عنه : (( أرْجُو أنْ
تَكُونَ مِنْهُمْ )) أيْ مِنَ الَّذِينَ يُدْعَونَ مِنْ جَمِيعِ أبْوابِ الجَنَّةِ
لِدُخُولِهَا .
وَفِي الحَدِيثِ الآخر : (( لَسْتَ مِنْهُمْ )) : أيْ لَسْتَ مِنَ الَّذِينَ
يُسْبِلُونَ أُزُرَهُمْ خُيَلاَءَ .
وَقالَ ﷺ لعُمَرَ رضي الله عنه : (( مَا رَآكَ الشَّيْطَانُ سَالِكاً فَجّاً إلاَّ
سَلَكَ فَجّاً غَيْرَ فَجِّكَ )) .
من كتاب رياض الصالحين -421-
باب كراهة الخروج من بلد وقع فيها الوباء فراراً منه وكراهة القدوم عليه
قال الله تعالى : { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي
بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ } " النساء" . وقال تعالى : { وَلاَ تُلْقُوا بِأيْدِيكُمْ
إلَى التَّهْلُكَةِ } " البقرة " .
يقولُ صلى الله عليه وسلم: (( إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بأرْضٍ فَلاَ تَقْدِمُوا
عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ وَأنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِراراً
مِنْهُ )) فحمِدَ اللهَ تَعَالَى عمرُ رضي الله عنه وانصَرَفَ . متفق عَلَيْهِ .
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( إِذَا سَمِعْتُمُ
الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا ، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ ، وأنْتُمْ
فِيهَا ، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا )) . متفق عَلَيْهِ .
باب التغليظ في تحريم السحر
قَالَ الله تَعَالَى : { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } " البقرة " .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النَّبيّ ﷺ قال: (( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ
الْمُوبِقَاتِ )) . قالوا : يَا رسولَ اللهِ ، وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : (( الشِّرْكُ
باللهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ
، وأكْلُ الرِّبَا ، وأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ؛
وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ )) . متفق عَلَيْهِ .
باب النهي عن المسافرة بالمصحف إِلَى بلاد الكفار إِذَا خيف وقوعه بأيدي العدوّ
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نَهَى رسولُ اللهِ ﷺ أنْ يُسَافَرَ بالقُرْآنِ
إِلَى أرْضِ العَدُوِّ . متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -422-
باب تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة في الأكل والشرب :
عن أُمِّ سلمة رَضِيَ اللهُ عنها : أنَّ رسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ : (( الَّذِي
يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ
)) متفق عَلَيْهِ .
وفي رواية لمسلم : (( إنَّ الَّذِي يَأكُلُ أَوْ يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ
والذَّهَبِ )) .
وعن حُذَيفَةَ رضي الله عنه قال: إنَّ النبيَّ ﷺ نهانا عنِ الحَريِرِ ،
وَالدِّيبَاجِ ، وَالشُّرْبِ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ ، وقالَ : (( هُنَّ
لَهُمْ في الدُّنْيَا ، وَهِيَ لَكُمْ فِي الآخِرَةِ )) . متفق عَلَيْهِ .
باب تحريم لبس الرجل ثوباً مزعفراً
عن أنس رضي الله عنه قَالَ : نَهَى النبيُّ ﷺ أنْ يَتَزَعْفَرَ الرجُل . متفق
عَلَيْهِ .
وهو أن يصبغ الرجل ثيابه أو جسده بالزعفران .
وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهماقال: رأى النَّبيُّ ﷺ عَلَيَّ
ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ ، فَقَالَ : (( أُمُّكَ أمَرَتْكَ بِهَذا ؟ )) قلتُ:
أَغْسِلُهُمَا ؟ قَالَ: (( بَلْ أَحْرِقْهُمَا )) .
وفي رواية ، فَقَالَ : (( إنَّ هَذَا مِنْ ثِيَابِ الكُفَّارِ فَلاَ تَلْبَسْهَا ))
. رواه مسلم .
قال النووي في شرح صحيح مسلم : (( قوله ﷺ : (( أمك أمرتك بهذا ؟ )) معناه أنَّ هذا
من لباس النساء وزيهن وأخلاقهن وأما الأمر بإحراقهما فقيل : هو عقوبة وتغليظ لزجره
وزجر غيره عن مثل هذا الفعل )) .
من كتاب رياض الصالحين -423-
باب النهي عن صمت يوم إلَى الليل
عن عليٍّ رضي الله عنه قَالَ : حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ : (( لاَ يُتْمَ
بَعْدَ احْتِلاَمٍ ، وَلاَ صُمَاتَ يَومٍ إِلَى اللَّيْلِ )) . رواه أَبُو داود
بإسناد حسن .
قَالَ الخَطَّابِيُ في تَفسيرِ هَذَا الحديث : كَانَ مِنْ نُسُكِ الجَاهِلِيَّةِ
الصُّمَاتُ . فَنُهُوا في الإسْلاَمِ عَن ذَلِكَ وأُمِرُوا بالذِّكْرِ وَالحَدِيثِ
بالخَيْرِ .
وعن قيس بن أَبي حازم قال: دَخَلَ أَبُو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه عَلَى
امْرأَةٍ مِنْ أحْمَسَ يُقَالُ لَهَا : زَيْنَبُ ، فَرَآهَا لاَ تَتَكَلَّمُ .
فَقَالَ : مَا لَهَا لا تتكلمُ ؟ فقالوا : حَجَّتْ مصمِتةً ، فقالَ لها :
تَكَلَّمِي ، فَإنَّ هَذَا لاَ يَحِلُّ ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الجَاهِليَّةِ ،
فَتَكَلَّمَتْ . رواه البخاري . من كتاب رياض الصالحين -424-
باب تحريم انتساب الإنسان إِلَى غير أَبيه وَتَولِّيه إِلَى غير مَواليه
عن سعد بن أَبي وقاص رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (( مَنِ ادَّعَى إِلَى
غَيْرِ أبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ غَيْرُ أبِيهِ ، فالجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ
)) . متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيّ ﷺ قال: (( لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ
، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أبِيهِ ، فَهُوَ كُفْرٌ )) . متفق عَلَيْهِ .
باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل أَو رسوله ﷺ عنه
قال الله تعالى : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أنْ
تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } " النور " ، وقال تعالى :
{ وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ } " آل عمران " ، وقال تعالى : { إنَّ بَطْشَ
رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } " البروج " ، وقال تعالى : { وَكَذِلكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا
أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } " هود " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ : (( إنَّ اللهَ تَعَالَى
يَغَارُ ، وَغَيْرَة اللهِ ، أنْ يَأْتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ ))
. متفق عليه .
من كتاب رياض الصالحين -425-
باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهياً عنه
قال الله تعالى : { وَإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ
بِاللهِ } " فصلت " ،
وقال تعالى : { إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ } " الأعراف" ،
وقال تعالى : { وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ
ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ
اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ
جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلينَ } " آل عمران " ،
وقال تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعَاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } " النور" .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( مَنْ حَلَفَ فَقَالَ في حَلفِهِ
: بِاللاَّتِ وَالعُزَّى ، فَلْيَقُلْ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ ، وَمَنْ قَالَ
لِصَاحِبهِ : تَعَالَ أُقَامِركَ فَلْيَتَصَدَّقْ )) .متفق عليه .
من كتاب رياض الصالحين -426-
باب مَا يقال عند رؤية الهلال
عن طلحة بن عبيدِ اللهِ رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ كَانَ إِذَا رَأى الهلاَلَ ،
قَالَ : (( اللَّهُمَّ أهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأمْنِ وَالإيمانِ ، وَالسَّلاَمَةِ
وَالإسْلاَمِ ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ ، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ )) رواه الترمذي ،
وقال : (( حديث حسن )) .
عن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُم
رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ، إِلاَّ أنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ
يَصُومُ صَومَهُ ، فَليَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( لاَ تَصُومُوا قَبْلَ
رَمضَانَ ، صُومُوا لِرُؤيَتِهِ ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ ، فَإنْ حَالَتْ دُونَهُ
غَيَايَةٌ فَأكْمِلُوا ثَلاثِينَ يَوْماً )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسنٌ
صحيح )) .(( الغَيايَةُ )) وهي : السحابة .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ، قَالَ: (( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ،
وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ غَبِيَ عَلَيْكُمْ ، فَأكمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ
ثَلاَثِينَ )) متفقٌ عَلَيْهِ ، وهذا لفظ البخاري .
وفي رواية لمسلم : (( فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاَثِينَ يَوْماً )) .من
كتاب رياض الصالحين -427-
باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وَمَا يتعلق بِهِ
قَالَ الله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُم
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } إِلَى قَوْله تَعَالَى
: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ
وَبَيّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُم الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ
أُخَر } " البقرة" .
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( قَالَ اللهُ عز وجل :
كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام ، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ
، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَإذَا كَانَ يَومُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ
وَلاَ يَصْخَبْ فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ .
وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ
مِنْ رِيحِ المِسْكِ . لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أفْطَرَ
فَرِحَ بفطره ، وَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ ، وهذا
لفظ روايةِ البُخَارِي .
وفي رواية لمسلم : (( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ ، الحسنةُ بِعَشْرِ
أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ . قَالَ الله تَعَالَى : إِلاَّ الصَّوْمَ
فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي .
للصَّائِمِ فَرْحَتَانِ : فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ
رَبِّهِ . وَلَخُلُوفُ فِيهِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ )) . جنة :
أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات. الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من
المرأة.
الصخب والسخب : الضجة ، واضطراب الأصوات للخصام .(الخلوف) تغير رائحة الفم . من
كتاب رياض الصالحين -428-
عن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في
سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ ، يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيرٌ ،
فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ ، وَمَنْ كَانَ
مِنْ أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ
الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ
دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ )) قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه : بِأبي أنْتَ
وَأُمِّي يَا رسولَ اللهِ ! مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ
ضَرورةٍ ، فهل يُدْعى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوَابِ كُلِّهَا ؟ فَقَالَ : (( نَعَمْ
، وَأرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنهقال: قَالَ رسول الله ﷺ : (( مَا مِنْ عَبْدٍ
يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ
عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفَاً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً
وَاحْتِسَاباً ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنه رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ ، فُتِحَتْ
أبْوَاب الجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ ، وَصفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ))
متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -429-
باب فضل السحور وتأخيره مَا لَمْ يخش طلوع الفجر
عن أنس رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( تَسَحَّرُوا ؛ فَإنَّ في
السُّحُورِ بَرَكَةً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن زيدِ بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: تَسَحَّرْنَا مَعَ رسولِ اللهِ ﷺ ، ثُمَّ
قُمْنَا إِلَى الصَّلاَةِ . قِيلَ : كَمْ كَانَ بينهما ؟ قَالَ : قَدْرُ خَمْسين
آيةً . متفقٌ عَلَيْهِ .
باب فضل تعجيل الفطر وَمَا يفطر عَلَيْهِ ، وَمَا يقوله بعد الإفطار
عن سهل بن سعد رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( لاَ يَزَالُ النَّاسُ
بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( إِذَا أقْبَلَ
اللَّيْلُ مِنْ هاهُنَا ، وَأدْبَرَ النهارُ مِنْ هَاهُنَا ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ
، فَقَدْ أفْطَر الصَّائِمُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -430-
وعن سلمان بن عامر الضَّبِّيِّ الصحابي رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( إِذَا
أفْطَرَ أحَدُكُمْ ، فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ ، فَلْيُفْطِرْ
عَلَى مَاءٍ ؛ فإنَّهُ طَهُورٌ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن
صحيح )) .
وعن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ رسولُ الله ﷺ يُفْطِرُ قَبْلَ أنْ يُصَلِّي عَلَى
رُطَبَاتٍ ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ
تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : ((
حديث حسن )) .
الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان
عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ : كَانَ رسول الله ﷺ أجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ
أجْوَدَ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبْريلُ ، وَكَانَ جِبْريلُ
يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ
الله ﷺ حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِن الرِّيحِ المُرْسَلَةِ .
متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (( عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ
تَعْدِلُ حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي )) متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -431-
باب أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( إِذَا كَانَ يَوْمُ
صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ
قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إنِّي صَائِمٌ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعنه قال: قَالَ النبيُّ ﷺ : (( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ
بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) رواه البخاري .
باب فضل من فطَّر صائماً
عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ قال: (( مَنْ فَطَّرَ
صَائِماً ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ ، غَيْرَ أنَّهُ لاَ يُنْقَصُ مِنْ أجْرِ
الصَّائِمِ شَيْءٌ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وعن أنسٍ رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ جَاءَ إِلَى سعد بن عبادة رضي الله عنه
فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ ، فَأكَلَ ، ثُمَّ قَالَ النبي ﷺ : (( أفْطَرَ
عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ ؛ وَأكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبرَارُ ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ
المَلاَئِكَةُ )) رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
من كتاب رياض الصالحين -432-
باب استحباب قيام رمضان وَهُوَ التراويح
عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال: (( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ
إيماناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ
.
وعنه رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رسولُ اللهِ ﷺ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ
مِنْ غَيْرِ أنْ يَأمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ ، فيقولُ : (( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ
إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) رواه مسلم .
(( معناه : لا يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم ، بل أمر ندب وترغيب )) .
باب في مسائل من الصوم
عن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ ،
فَأكَلَ ، أَوْ شَرِبَ ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ، فَإنَّمَا أطْعَمَهُ اللهُ
وَسَقَاهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن لَقِيط بن صَبِرَةَ رضي الله عنه قال: قُلْتُ : يَا رسول الله ، أخْبِرْني عَنِ
الوُضُوءِ ؟ قَالَ : (( أسْبغِ الوُضُوءَ ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ ،
وَبَالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ ، إِلاَّ أنْ تَكُونَ صَائِماً )) رواه أَبُو داود
والترمذي، وقال : (( حديث حسن صحيح )).
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : كَانَ رسول الله ﷺ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ
وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أهْلِهِ ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما ، قالتا : كَانَ رسول الله ﷺ يُصْبحُ جُنُباً
مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ، ثُمَّ يَصُومُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -433-
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّا أنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ } " القدر"
إِلَى آخرِ السورة ، وقال تَعَالَى : { إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ
مُبَارَكَةٍ } " الدخان " الآياتِ .
عن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال: (( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ
إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ
.
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رِجالاً مِنْ أصْحَابِ النبيِّ ﷺ أُرُوا لَيْلَةَ
القَدْرِ في المَنَامِ في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ ، فَقَالَ رسول الله ﷺ : (( أرَى
رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأتْ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا
فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كَانَ رسولُ الله ﷺ يُجَاوِرُ في العَشْرِ
الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، ويقول : (( تَحرَّوا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ
الأواخرِ منْ رَمَضانَ ))متفقٌ عَلَيْهِ .
وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: (( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ
في الوَتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ )) رواه البخاري .
وعنها ، قالت : قُلْتُ : يَا رسول الله ، أرَأيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيلَةٍ
لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ : (( قُولِي : اللَّهُمَّ إنَّكَ
عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح
)) .
من كتاب رياض الصالحين -434-
باب الاعتكاف في رمضان:
الاعتكاف : هو الإقامة على الشيء وبالمكان ولزومهما ، ومنه قيل لمن لازم المسجد
وأقام على العبادة.
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كَانَ رسولُ اللهِ ﷺ يَجْتَهِدُ في رَمَضَانَ مَا
لاَ يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ ، وَفِي العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْهُ مَا لا يَجْتَهِدُ
في غَيْرِهِ . رواه مسلم .
عن ابن عمر رضي الله عنهماقال: كَانَ رسولُ اللهِ ﷺ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ
مِنْ رَمَضَانَ . متفقٌ عَلَيْهِ .
عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها : أنَّ النبيَّ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ
مِنْ رَمَضَانَ ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ تَعَالَى ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ
مِنْ بَعْدِهِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
فيه : عاكف ومعتكف .
من كتاب رياض الصالحين -435-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ النبيُّ ﷺ يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانَ
عَشْرَةَ أيَّامٍ ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ
عِشْرِينَ يَوْماً . رواه البخاري .
باب تحريم الوصال في الصوم وَهُوَ أنْ يصوم يَومَينِ أَوْ أكثر وَلاَ يأكل وَلاَ
يشرب بينهما:
عن أَبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ ﷺ نهى عن الوِصَالِ .متفق
عَلَيْهِ.
وعن ابن عمر رضي الله عنهماقال: نَهَى رسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ الوِصَالِ . قالوا :
إنَّكَ تُواصِلُ ؟ قَالَ : (( إنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ ، إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى
)) . متفق عَلَيْهِ . وهذا لفظ البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -436-
باب استحباب الذهاب إِلَى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها من
طريق ، والرجوع من طريق آخر لتكثير مواضع العبادة
عن جابر رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النبي ﷺ إِذَا كَانَ يومُ عيدٍ خَالَفَ
الطَّريقَ . رواه البخاري .
قَوْله : (( خَالَفَ الطَّريقَ )) يعني : ذَهَبَ في طريقٍ ، وَرَجَعَ في طريقٍ
آخَرَ .
باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أَوْ ليلته بصلاة من بين الليالي:
عن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ قال : (( لا تَخُصُّوا لَيْلَةَ
الجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي ، وَلاَ تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ
بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي صَومٍ يَصُومُهُ
أحَدُكُمْ )) . رواه مسلم .
وعنه قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ ، يقولُ : (( لاَ يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَوْمَ
الجُمُعَةِ إِلاَّ يَوماً قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ )) . متفق عَلَيْهِ .
وعن محمد بن عَبَّادٍ قَالَ : سَأَلْتُ جَابِراً رضي الله عنه : أنَهَى النَّبِيُّ
ﷺ عَنْ صَومِ الجُمُعَةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . متفق عَلَيْهِ .
من كتاب رياض الصالحين -437-
وعن أُمِّ المُؤمِنِينَ جويرية بنت الحارث رَضِيَ اللهُ عنها : أنَّ النَّبيَّ ﷺ
دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وهِيَ صَائِمَةٌ ، فَقَالَ : (( أصُمْتِ أمْسِ
؟ )) قالت : لا ، قَال: (( تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَداً ؟ )) قالتْ : لاَ . قَالَ
: (( فَأَفْطِرِي )) . رواه البخاري .
قال ابن عثيمين رحمه الله : (( يوم الجمعة هو عيد الأسبوع ، ويتكرر في كل سبعة أيام
يوماً وهو الثامن ، ولما كان عيداً نهى النبي ﷺ عن صومه ، لكنه ليس نهي تحريم ؛
لأنَّه يتكرر كل عام أكثر من خمسين مرة ))
باب تحريم صوم المرأة تطوعاً وزوجها حاضر إِلاَّ بإذنه:
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قال: (( لاَ يَحِلُّ
لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإذْنِهِ ، وَلاَ تَأذَنَ
فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإذْنِهِ )) متفق عَلَيْهِ .
باب استحباب صوم ستة أيام من شوال:
عن أَبي أيوب رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ
أتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ )) رواه مسلم .
من كتاب
رياض الصالحين -438-
{كتَاب المنثُورَات وَالمُلَحِ}
باب أحاديث الدّجال وأشراط الساعة وغيرها
عن رِبعِيِّ بنِ حِرَاشٍ ، قال : انطلقت مع أبي مسعود الأنصاري إلى حُذَيفَةَ بن
اليمان رضي الله عنهم ، فقال له أبو مسعود : حَدِّثْنِي ما سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ
اللهِ ﷺ ، في الدَّجَّالِ ، قال : (( إنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ ، وإنَّ مَعَهُ
مَاءً وَنَاراً ، فَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ مَاءً فَنَارٌ تُحْرِقُ،
وأمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ نَاراً ، فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ . فَمَنْ
أدْرَكَهُ مِنْكُمْ ، فَلْيَقَعْ فِي الَّذي يَراهُ نَاراً، فَإنَّهُ مَاءٌ عَذْبٌ
طَيِّبٌ )) فقال أبو مسعود: وَأنَا قَدْ سَمِعْتُهُ . متفق عليه .
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : (( لَيسَ مِنْ بَلَدٍ إلاَّ
سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إلاَّ مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ ؛ وَلَيْسَ نَقْبٌ مِنْ
أنْقَابِهِمَا إلاَّ عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ صَافِّينَ تَحْرُسُهُمَا ، فَيَنْزِلُ
بالسَّبَخَةِ((2)) ، فَتَرْجُفُ المَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ ، يُخْرِجُ اللهُ
مِنْهَا كُلَّ كافِرٍ وَمُنَافِقٍ )) . رواه مسلم .
وعنه رضي الله عنه : أنَّ رسُولَ الله ﷺ قال : (( يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ
يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ ألْفاً عَلَيْهِم الطَّيَالِسَةُ )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -439-
وعن أم شريكٍ رضي الله عنها : أنها سَمِعَتِ النَّبيّ ﷺ ، يقولُ : (( لينْفِرَنَّ
النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِي الجِبَالِ )) . رواه مسلم .
وعن عمران بن حُصينٍ رضي الله عنهما، قال : سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ : (( مَا
بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ أَمْرٌ أكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ )) .
رواه مسلم .
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : (( مَا مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ وَقَدْ
أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ ، ألاَ إنَّهُ أعْوَرُ ، وإنَّ رَبَّكُمْ
عز وجل لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر )) . متفق عليه .
وَعَن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( ألا أُحدِّثُكمْ
حديثاً عن الدجالِ ما حدَّثَ بهِ نبيٌّ قَومَهُ ! إنَّهُ أعورُ ، وَإنَّهُ يجيءُ
مَعَهُ بِمِثالِ الجنَّةِ والنَّارِ ، فالتي يقولُ إنَّها الجَنَّةُ هي النَّار ))
. متفقٌ عليهِ .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال : (( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ
حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ ، حَتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِنْ
وَرَاء الحَجَرِ وَالشَّجَرِ . فَيَقُولُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ : يَا مُسْلِمُ هذَا
يَهُودِيٌّ خَلْفِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ ؛ إلاَّ الغَرْقَدَ فإنَّهُ مِنْ شَجَرِ
اليَهُودِ )) متفق عليه . من كتاب رياض الصالحين -440-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( والَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرجُلُ على القَبْرِ ،
فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ : يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هذَا
القَبْرِ ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ ، ما بِهِ إلاَّ البَلاَءُ )) . متفق عليه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ
حَتَّى يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يُقْتَتَلُ عَلَيْهِ ،
فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِئَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ ، فَيَقُولُ كُلُّ رجُلٍ
مِنْهُمْ : لَعَلِّي أنْ أكُونَ أنَا أنْجُو )) .
وَفي رواية : (( يُوشِكُ أنْ يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَمَنْ
حَضَرَهُ فَلاَ يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئاً )) . متفق عليه .
وعنهُ ، قال : سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ : (( يَتْرُكُونَ المَدِينَةَ عَلَى
خَيْرِ مَا كَانَتْ ، لاَ يَغْشَاهَا إلاَّ العَوَافِي يُريد عَوَافِي السِّبَاعِ
والطَّيرِ وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ
المَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وُحُوشاً ، حَتَّى إذَا
بَلَغَا ثَنِيَّةَ الودَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهمَا )) . متفق عليه .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قال : (( يكُونُ خَلِيفَةٌ مِنْ
خُلَفَائِكُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَحْثُو المَالَ وَلاَ يَعُدُّهُ )) . رواه
مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -341-
وعن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قال : (( لَيَأتِيَنَّ عَلَى
النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ فَلاَ
يَجِدُ أَحَداً يَأخُذُهَا مِنهُ ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ
أرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ
)) . رواه مسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ ، قال : (( اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ
عَقَاراً ، فَوَجَدَ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا
ذَهَبٌ ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ : خُذْ ذَهَبَكَ ، إنَّمَا
اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أشْتَرِ الذَّهَبَ ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ
الأَرْضُ : إنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا ، فَتَحَاكَمَا إلَى رَجُلٍ ،
فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إلَيْهِ : أَلَكُمَا وَلَدٌ ؟ قالَ أحَدُهُما : لِي
غُلاَمٌ ، وقالَ الآخَرُ : لِي جَارِيَةٌ قال : أنْكِحَا الغُلاَمَ الجَارِيَةَ ،
وأنْفِقَا عَلَى أنْفُسِهمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا )) . متفق عليه .
وعنهُ رضي الله عنه : أنَّه سمعَ رسُول الله ﷺ يقولُ : (( كانت امْرَأَتَانِ
مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا ، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بابْنِ إحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ
لِصَاحِبَتِهَا : إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ ، وقالتِ الأخرَى : إنَّمَا ذَهَبَ
بِابْنِكِ ، فَتَحَاكَمَا إلى دَاوُدَ ﷺ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى ، فَخَرَجَتَا
عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد ﷺ فَأَخْبَرَتَاهُ . فَقالَ : ائْتُونِي
بِالسِّكِّينِ أشُقُّهُ بَيْنَهُمَا . فَقَالَتِ الصُّغْرَى : لاَ تَفْعَلْ !
رَحِمَكَ اللهُ ، هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى بِهِ للصُّغْرَى )) . متفق عليه .
من كتاب رياض الصالحين -442-
وعن مِرداس الأسلمي رضي الله عنه قال : قال النبيُّ ﷺ : (( يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ
الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ ، وَيَبْقَى حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِالشَّعِيرِ أوِ التَّمْرِ
لاَ يُبَالِيهُمُ اللهُ بَالَةً )) . رواه البخاري .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( إذَا أنْزَلَ اللهُ
تَعَالَى بِقَومٍ عَذَاباً ، أصَابَ العَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ، ثُمَّ بُعِثُوا
عَلَى أَعْمَالِهِمْ )) . متفق عليه .
وعن جابر رضي الله عنه قال : كَانَ جِذْعٌ يَقُومُ إلَيْهِ النَّبيُّ ﷺ يَعْنِي فِي
الخُطْبَةِ فَلَمَّا وُضِعَ المِنْبَرُ سَمِعْنَا لِلجِذْعِ مِثْلَ صَوْتِ
العِشَارِ ، حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ ، فَوضَعَ يَدَهُ عَلَيهِ فَسَكَنَ .
وفي رواية : فصَاحَتْ صِيَاحَ الصَّبيِّ، فَنَزَلَ النَّبيُّ ﷺ ، حَتَّى أَخَذَهَا
فَضَمَّهَا إلَيهِ ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبي الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى
اسْتَقَرَّتْ ، قال : (( بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذَّكْرِ )) .
رواه البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -443-
عن عبد الله بن أبي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنهما ، قالَ : غَزَوْنَا مَعَ رَسولِ
اللهِ ﷺ سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأكُلُ الجَرَادَ .
وَفِي رِوَايةٍ : نَأكُلُ مَعَهُ الجَرَادَ . متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قال : (( لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ
مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ )) . متفق عليه .
وعنه، قال : قال رسول الله ﷺ : (( ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَومَ
القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ
ألِيمٌ : رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالفَلاَةِ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ
، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلاً سِلْعَةً بَعْدَ العَصْرِ فَحَلَفَ بِاللهِ لأَخَذَهَا
بِكذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذلِكَ ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَاماً
لاَ يُبَايِعُهُ إلاَّ لِدُنْيَا فَإنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإنْ لَمْ
يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ )) . متفق عليه .
وعن أبي هريرة عن النبيّ ﷺ قال : (( بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ )) قالوا :
يَا أبَا هُرَيْرَةَ أرْبَعُونَ يَوْماً ؟ قالَ : أبَيْتُ ، قَالُوا : أرْبَعُونَ
سَنَةً ؟ قال : أبَيْتُ . قالُوا : أرْبَعُونَ شَهْراً ؟ قالَ : أبَيْتُ . ((
وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الإنْسَانٍ إلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ ، فِيهِ يُرَكَّبُ
الخَلْقُ ، ثُمَّ يُنَزِّلُ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا
يَنْبُتُ البَقْلُ )) . متفق عليه .
عَجْبَ الذَّنَبِ : قال النووي : (( العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب ، وهو رأس
العصعص )) .
من كتاب رياض الصالحين -444-
عن أبي هريرة قال : بَيْنَمَا النَّبِيُّ ﷺ في مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَومَ ، جَاءَ
أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ فَمَضَى رسولُ اللهِ ﷺ يُحَدِّثُ ،
فَقالَ بَعْضُ القَومِ : سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ
: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ ، حَتَّى إذَا قَضَى حَدِيثَهُ قالَ : أيْنَ السَّائِلُ عَنِ
السَّاعَةِ ؟ )) قال : هَا أنا يَا رسُولَ اللهِ . قال : (( إذَا ضُيِّعَتِ
الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ )) قال : كَيفَ إضَاعَتُهَا ؟ قال : (( إذَا
وُسِّدَ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ )) . رواه البخاري .
عن أبي هريرة عن النبيّ ﷺ قال : (( أَحَبُّ البِلادِ إلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا ،
وَأبْغَضُ البِلاَدِ إلَى اللهِ أسْوَاقُهَا )) . رواه مسلم .
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه من قولهِ قال : لاَ تَكُونَنَّ إن اسْتَطَعْتَ
أوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ ، وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا ، فَإنَّهَا
مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ ، وَبِهَا يَنْصبُ رَايَتَهُ . رواه مسلم هكذا .
ورواه البرقاني في صحيحهِ عن سلمان ، قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( لاَ تَكُنْ
أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ ، وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا . فِيهَا
بَاضَ الشَّيْطَانُ وَفَرَّخَ )) .
من كتاب رياض الصالحين -445-
وعن عاصمٍ الأحوَلِ ، عن عبدِ اللهِ بن سَرْجِسَ رضي الله عنه قال : قلتُ لِرسولِ
اللهِ ﷺ : يا رسولَ اللهِ ، غَفَرَ اللهُ لَكَ ، قال : (( وَلَكَ )) . قال عاصمٌ :
فَقُلْتُ لَهُ : أسْتَغْفرَ لَكَ رسُولُ اللهِ ﷺ ؟ قال : نَعَمْ وَلَكَ ، ثُمَّ
تَلاَ هذِهِ الآية : { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ
} " محمد : 19 " . رواه مسلم .
وعن أبي مسعودٍ الأنصاري رضي الله عنه قال : قال النبيّ ﷺ : (( إنَّ مِمَّا
أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأولَى : إذَا لَمْ تَسْتَحِ
فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ )) . رواه البخاري .
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال : قالَ رسُولُ الله ﷺ : (( أوَّلُ مَا يُقْضَى
بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدِّمَاء )) . متفق عليه .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( خُلِقَتِ المَلاَئِكَةُ
مِنْ نُورٍ ، وَخُلِقَ الجَانُّ مِنْ مَارِجٍ من نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا
وُصِفَ لَكُمْ )) . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -446-
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان خُلُقُ نَبِيِّ اللهِ ﷺ القُرْآن . رواهُ مسلم
في جملة حديث طويل .
وعنها ، قالت : قال رسُولُ اللهِ ﷺ : (( مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ
لِقَاءهُ ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ )) فقلتُ : يا رسولَ
اللهِ ، أكَراهِيَةُ المَوتِ ، فَكُلُّنَا نَكْرَهُ المَوتَ ؟ قال : (( لَيْسَ
كَذَلِكَ ، ولكِنَّ المُؤْمِنَ إذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ
وَجَنَّتِهِ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ ، وإنَّ الكَافِرَ إذَا
بُشِّرَ بِعَذابِ اللهِ وَسَخَطهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وكَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ ))
. رواه مسلم .
وَعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ رَضيَ اللهُ عَنها ، قالتْ :
كان النبيُّ ﷺ مُعْتَكِفاً ، فَأَتَيْتُهُ أزُورُهُ لَيْلاً ، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ
قُمْتُ لأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي ، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ
الأنْصَارِ رضيَ اللهُ عَنهُما ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبيَّ ﷺ أسْرَعَا . فقال ﷺ :
(( عَلَى رِسْلِكُمَا ، إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ )) فَقَالاَ : سُبْحانَ
اللهِ يَا رسولَ اللهِ ، فقالَ : (( إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ
مَجْرَى الدَّمِ ، وَإنِّي خَشِيْتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرّاً أَوْ
قَالَ : شَيْئاً )) . متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( ثَلاَثَةٌ لاَ
يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلاَ يَنْظُرُ
إلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : شَيْخٌ زَانٍ ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ ،
وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ )) . رواه مسلم .
(( العَائِلُ )) : الفَقِيرُ .
من كتاب رياض الصالحين -447-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( أيُّهَا النَّاسُ ، إنَّ
اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّباً ، وإنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ
بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ . فقالَ تعالى :{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا
مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً } " المؤمنون " ، وقال تعالى : { يَا
أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } " البقرة "
. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعثَ أغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى
السَّمَاءِ : يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ،
ومَلبسُهُ حرامٌ ، وَغُذِّيَ بالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ؟ رواه
مسلم .
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه : أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ ﷺ ، يقولُ : (( إِذَا
حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ، ثُمَّ أصَابَ ، فَلَهُ أجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ
وَاجْتَهَدَ ، فَأَخْطَأَ ، فَلَهُ أَجْرٌ )) متفق عَلَيْهِ .
عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها : أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (( الحُمَّى مِنْ فَيْحِ
جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالمَاءِ )) متفق عَلَيْهِ .
وعنها رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبيِّ ﷺ قال: (( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَومٌ، صَامَ
عَنْهُ وَلِيُّهُ )) متفق عَلَيْهِ .
وَالمُخْتَارُ جَوَازُ الصَّومِ عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ لِهَذَا الحَدِيثِ
، وَالمُرادُ بالوَلِيِّ : القَرِيبُ وَارِثاً كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ .
من كتاب رياض الصالحين -448-
وعن عُقْبَةَ بن عامِرٍ رضي الله عنه : أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَرَجَ إِلَى قَتْلَى
أُحُدٍ ، فَصَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدَ ثَمَانِ سِنينَ كَالمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ
وَالأَمْوَاتِ ، ثُمَّ طَلَعَ إِلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ : (( إنِّي بَيْنَ
أيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وإنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ ،
وإنِّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا ، أَلاَ وإنِّي لَسْتُ أَخْشَى
عَلَيْكُمْ أنْ تُشْرِكُوا ، وَلَكِنْ أخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أنْ
تَنَافَسُوهَا )) قَالَ : فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ
اللهِ ﷺ . متفق عَلَيْهِ .
وفي رواية : (( وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أنْ تَنَافَسُوا فِيهَا ،
وَتَقْتَتِلُوا فَتَهْلِكُوا كما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ )) . قَالَ عُقْبَةُ
: فكانَ آخِرَ مَا رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى المِنْبَرِ .
وَالمُرَادُ بِالصَّلاَةِ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ : الدُّعَاءُ لَهُمْ ، لاَ
الصَّلاَةُ المَعْرُوفَةُ .
وعن أَبي زيد عمرِو بن أخْطَبَ الأنصاريِّ رضي الله عنه قَالَ : صلَّى بِنَا
رَسُولُ اللهِ ﷺ الفَجْرَ ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ
الظُّهْرُ ، فَنَزَلَ فَصَلَّى ، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى
حَضَرَتِ العَصْرُ ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَنَا
حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ ،
فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا . رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -449-
وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت: قَالَ النَّبيُّ ﷺ : (( مَنْ نَذَرَ أنْ
يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلاَ يَعْصِهِ ))
. رواه البخاري .
وعن أمِّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللهُ عنها : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ أمرها بِقَتْلِ
الأَوْزَاغِ وقال : (( كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إبْرَاهِيمَ )) متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( مَنْ قَتَلَ
وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً ، وَمَنْ قَتَلَهَا
في الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً دُونَ الأولَى ، وَإنْ
قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً )) .
وفي رواية : (( مَنْ قَتَلَ وَزَغَاً في أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَ لَهُ مِئَةُ
حَسَنَةٍ ، وفي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ ، وفي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ )) .
رواه مسلم .
قَالَ أهلُ اللُّغة : (( الوَزَغُ )) العِظَامُ مِنْ سَامَّ أَبْرَصَ .
من كتاب رياض الصالحين -450-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسُول اللهِ ﷺ قَالَ : (( قَالَ رَجُلٌ
لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ
، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ : تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ ! فَقَالَ : اللَّهُمَّ
لَكَ الحَمْدُ لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في
يَدِ زَانِيَةٍ ؛ فَأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ : تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى
زَانِيَةٍ ! فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ ! لأتَصَدَّقَنَّ
بِصَدَقَةٍ ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فوَضَعَهَا في يَدِ غَنِيٍّ ، فَأَصْبَحُوا
يَتَحَدَّثُونَ : تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ ؟ فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ
عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وعلى غَنِيٍّ ! فَأُتِيَ فقيل لَهُ : أمَّا
صَدَقَتُكَ عَلَى سارقٍ فَلَعَلَّهُ أنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ ، وأمَّا
الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا تَسْتَعِفُّ عَنْ زِنَاهَا ، وأمَّا الغَنِيُّ
فَلَعَلَّهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فَيُنْفِقَ مِمَّا أَعْطَاهُ اللهُ )) . رواه البخاري
بلفظه ومسلم بمعناه .
وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقولُ :
(( الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ )) متفق عَلَيْهِ .
قول : (( وماؤها شفاء للعين )) فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أن ماءها يخلط في الأدوية التي يعالج بها العين .
الثاني : أنه يستعمل بحتاً بعد شيها ، واستقطار مائها .
الثالث : أن المراد بمائها الماء الذي يحدث به من المطر وهو أول قطر ينْزل إلى
الأرض … زاد المعاد 4/334 .
من كتاب رياض الصالحين -451-
باب الأمر بالاستغفار وفضله
قال الله تعالى: { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }
" محمد"، وقال تعالى : { وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً
} " النساء " ، وقَالَ تَعَالَى : { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ
إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } " النصر " ، وقال تعالى : { لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ
رَبِّهِمْ جَنَّات } إلَى قَولِهِ عز وجل : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ }
" آل عمران " ، وقال تعالى : { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ
ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً } " النساء" ، وقال تعالى
: { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ
مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْيَسْتَغْفِرُونَ } " الأنفال" ، وقال تعالى : { وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ
يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ } " آل عمران" والآيات في الباب
كثيرة معلومة .
عن الأَغَرِّ المزني رضي الله عنه : أنَّ رسُول اللهِ ﷺ قال : (( إنَّهُ لَيُغَانُ
عَلَى قَلْبِي ، وإنِّي لأَسْتَغفِرُ اللهَ في اليَوْمِ مِئَةَ مَرَّةٍ )) . رواه
مسلم .
قال النووي : (( من الغين : وهو ما يتغشى القلب . وقال القاضي عياض : المراد
الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه )) . شرح صحيح مسلم.
من كتاب رياض الصالحين -452-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : سَمعتُ رَسُول اللهِ ﷺ ، يقولُ :(( وَاللهِ
إنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأتُوبُ إلَيْهِ فِي اليَومِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ
مَرَّةً )) رواه البخاري .
وعنه رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ
لَمْ تُذْنِبُوا ، لَذَهَبَ اللهُ تَعَالَى بِكُمْ ، وَلَجَاءَ بِقَومٍ يُذْنِبُونَ
، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ تَعَالَى ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ )) رواه مسلم .
وعن ابن عمر رَضِي الله عنهما قال : كُنَّا نَعُدُّ لرسولِ اللهِ ﷺ في المَجْلِسِ
الواحِدِ مئَةَ مَرَّةٍ : (( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أَنْتَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) . رواه أبو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح
غريب )) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : (( مَنْ قَالَ : أسْتَغْفِرُ
اللهَ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُومُ وَأتُوبُ إلَيهِ ، غُفِرَتْ
ذُنُوبُهُ ، وإنْ كانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ )) . رواه أبو داود والترمذي
والحاكم ، وقال : (( حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم )) .
من كتاب رياض الصالحين -453-
عن شَدَّادِ بْنِ أَوسٍ رضي الله عنه ، عن النبيّ ﷺ ، قال : (( سَيِّدُ
الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إلهَ إلاَّ
أنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا
اسْتَطَعْتُ ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ
عَلَيَّ ، وأبُوءُ بِذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إلاَّ أنْتَ . مَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمَاتَ مِنْ
يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي ، فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا
مِنَ اللَّيْلِ ، وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ ، فَهُوَ
مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ )) . رواه البخاري .
(( أبوءُ )) بباءٍ مَضمومةٍ ثم واوٍ وهمزة ممدودة ومعناه : أقِرُّ وَأعْتَرِفُ .
وعن ثوبان رضي الله عنه قال : كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ،
اسْتَغْفَرَ اللهَ ثَلاَثاً وَقَالَ : (( اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلاَمُ ، وَمِنْكَ
السَّلاَمُ ، تَبَارَكْتَ يَاذَا الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ )) قيلَ لِلأوْزَاعِيِّ
وَهُوَ أَحَدُ رُوَاتِهِ : كَيفَ الاسْتِغْفَارُ ؟ قال : يقُولُ : أسْتَغْفِرُ
اللهَ ، أسْتَغْفِرُ اللهَ . رواه مسلم .
وعن عائشة رضي اللهُ عنها ، قالت : كان رَسُولُ اللهِ ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ
قَبْلَ مَوْتِهِ : (( سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ، أسْتَغفِرُ اللهَ ، وأتوبُ
إلَيْهِ )) متفق عليه .
من كتاب رياض الصالحين -454-
وعن أنس رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ : (( قَالَ اللهُ تَعَالَى:
يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ عَلَى مَا
كَانَ مِنْكَ وَلاَ أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ
السَّمَاءِ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي ، غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي ، يا ابْنَ
آدَمَ ، إنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ، ثُمَّ لَقِيتَنِي
لا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً ، لأَتَيْتُكَ بِقُرابِهَا مَغْفِرَةً )) . رواه الترمذي ،
وقال : (( حديث حسن )) .
(( عَنَانَ السَّمَاءِ )) بفتح العين : قِيلَ هُوَ السَّحَابُ ، وَقِيلَ : هُوَ مَا
عَنَّ لَكَ مِنْهَا ، أيْ ظَهَرَ . (( وَقُرَابُ الأرْضِ )) بضم القاف، ورُوي
بكسرِها، والضم أشهر . وَهُوَ ما يُقَارِبُ مِلأَها .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ ﷺ ، قال : (( يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ
تَصَدَّقْنَ ، وأكْثِرْنَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ ؛ فَإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ
أَهْلِ النَّارِ )) قالت امرأةٌ مِنْهُنَّ : مَا لَنَا أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ؟
قَالَ : (( تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ ، مَا رَأَيْتُ مِنْ
نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ )) قالت : ما نُقْصَانُ
العَقْلِ وَالدِّينِ ؟ قال : (( شَهَادَةُ امْرَأتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ،
وَتَمْكُثُ الأَيَّامَ لاَ تُصَلِّي )). رواه مسلم .
من كتاب رياض الصالحين -455-
باب بيان مَا أعدَّ اللهُ تَعَالَى للمؤمنين في الجنة
قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا
بِسَلاَمٍ آمِنِينَ وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورُهِمْ مِنْ غِلٍّ إخْواناً عَلَى
سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا
بِمُخْرَجِينَ } " الحجر" .
وقال تَعَالَى : { يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ
تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا
الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ
مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ
وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ } "
الزخرف" .
وقال تعالى : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ كَذَلِكَ
وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ لا
يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ
الْجَحِيمِ فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } " الدخان " .
وقال تعالى : { إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ
خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِنْ
تَسْنِيمٍ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } " المطففين " والآيات في الباب
كثيرة معلومة .
من كتاب رياض الصالحين -456-
وعن جابر رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( يَأكُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ
فِيهَا ، وَيَشْرَبُونَ ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ، وَلاَ
يَبُولُونَ ، وَلكِنْ طَعَامُهُمْ ذَلِكَ جُشَاءٌ كَرَشْحِ المِسْكِ ، يُلْهَمُونَ
التَّسْبِيحَ وَالتَّكْبِيرَ ، كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ )) . رواه مسلم .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( قَالَ اللهُ
تَعَالَى : أعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلاَ
أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، وَاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ :
{ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنِ جَزَاءً بِمَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ } " السجدة " )) . متفق عَلَيْهِ .
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله ﷺ : (( أَوَّلُ زُمْرَةٍ
يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ، ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ عَلَى أشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إضَاءةً ، لاَ
يَبُولُونَ ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ ، وَلاَ يَتْفُلُونَ ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ .
أمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ ، وَمَجَامِرُهُمُ الأُلُوَّةُ
عُودُ الطِّيبِ أزْوَاجُهُمُ الحُورُ العيْنُ ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ،
عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعاً فِي السَّمَاءِ )) متفق عَلَيْهِ
.
من كتاب رياض الصالحين -457-
وعن المغيرةِ بن شعبة رضي الله عنه ، عن رسُولِ الله ﷺ ، قال : (( سألَ مُوسَى ﷺ
رَبَّهُ : ما أدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً ؟ قال : هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ
بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ ، فَيُقَالُ لَهُ : ادْخُلِ
الجَنَّةَ . فَيَقُولُ : أيْ رَبِّ ، كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ
، وأخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ ؟ فَيُقَالُ لَهُ : أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ
مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا ؟ فَيقُولُ : رَضِيْتُ رَبِّ ، فَيقُولُ :
لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَيقُولُ في الخامِسَةِ
. رَضِيْتُ رَبِّ، فَيقُولُ : هذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا
اشْتَهَتْ نَفْسُكَ ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ . فَيقُولُ : رَضِيتُ رَبِّ . قَالَ :
رَبِّ فَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً ؟ قالَ : أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ ؛ غَرَسْتُ
كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي ، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ
تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ )) . رواه مسلم .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ : (( إنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ
أَهْلِ النَّارِ خُرُوجاً مِنْهَا ، وَآخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولاً الجَنَّةَ .
رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْواً ، فَيقُولُ اللهُ عز وجل له : اذْهَبْ
فادْخُلِ الجَنَّةَ ، فَيَأتِيهَا ، فَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى ،
فَيَرْجِعُ، فَيقُولُ : يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى ! فَيَقُولُ اللهُ عز وجل
له: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ ، فيأتِيهَا ، فَيُخيَّلُ إليهِ أنَّها مَلأى ،
فيَرْجِعُ . فَيَقولُ : يا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأى ، فيقُولُ اللهُ عز وجل لَهُ :
اذهبْ فَادخُلِ الجنَّةَ . فَإنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشرَةَ أَمْثَالِهَا ؛
أوْ إنَّ لَكَ مِثْلَ عَشرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا ، فَيقُولُ : أتَسْخَرُ بِي ،
أَوْ تَضْحَكُ بِي وَأنْتَ المَلِكُ ))
قال : فَلَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ اللهِ ﷺ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فَكَانَ
يقولُ : (( ذلِكَ أَدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً )) متفق عليه .
من كتاب رياض الصالحين -458-
عن أبي موسى رضي الله عنه : أنَّ النبيَّ ﷺ قال : (( إنَّ لِلمُؤْمِنِ فِي
الجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُها في السَّمَاءِ
سِتُّونَ مِيلاً . لِلمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُ
فَلاَ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً )) متفق عليه .
(( المِيلُ )) : سِتة آلافِ ذِراعٍ .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبيِّ ﷺ ، قال : (( إنَّ في الجَنَّةِ
شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكبُ الجَوَادَ المُضَمَّرَ السَّريعَ مِئَةَ سَنَةٍ مَا
يَقْطَعُها )) متفق عليه .
وروياه في الصحيحين أيضاً من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال : (( يَسيرُ
الرَّاكِبُ في ظِلِّها مئةَ سَنَةٍ مَا يَقْطَعُها )) .
وعنه عن النبيِّ ﷺ قال : (( إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَرَاءوْنَ أَهْلَ الغُرَفِ
مِن فَوْقِهِمْ كَمَا تَرَاءوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ فِي الأُفُق
مِنَ المَشْرِقِ أو المَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ )) قالُوا : يا رسول
الله ؛ تِلْكَ مَنَازِلُ الأنبياء لاَ يَبْلُغُها غَيْرُهُمْ قال : (( بَلَى
والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ ))
. متفق عليه .
من كتاب رياض الصالحين -459-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال : (( لَقَابُ قَوْسٍ في
الجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أو تَغْرُبُ )) متفق عليه .
القاب : بمعنى القدر ، يقال : بيني وبينه قاب رمحٍ وقاب قوسٍ : أي مقدارهما.
وعن أنس رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال : (( إنَّ في الجَنَّةِ سُوقاً
يَأتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ . فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ ، فَتَحْثُو في
وُجُوهِهِم وَثِيَابِهِمْ ، فَيَزدَادُونَ حُسناً وَجَمَالاً فَيَرْجِعُونَ إلَى
أَهْلِيهِمْ ، وَقَد ازْدَادُوا حُسْناً وَجَمَالاً ، فَيقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ
: وَاللهِ لقدِ ازْدَدْتُمْ حُسْناً وَجَمَالاً ! فَيقُولُونَ : وَأنْتُمْ وَاللهِ
لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْناً وَجَمالاً ! )) . رواه مسلم .
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال : (( إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ
لَيَتَراءونَ الغُرَفَ فِي الجَنَّةِ كَمَا تَتَرَاءونَ الكَوكَبَ فِي السَّمَاءِ
)) متفق عليه .
وعنه رضي الله عنه ، قال : شَهِدْتُ مِنَ النبيّ ﷺ مَجْلِساً وَصَفَ فِيهِ
الجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى ، ثُمَّ قَالَ في آخِرِ حَدِيثِهِ : (( فيهَا مَا لاَ
عَينٌ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ )) ثُمَّ
قَرَأَ : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ } إلى قوله تعالى : { فَلاَ
تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } " السجدة" . رواه
البخاري .
من كتاب رياض الصالحين -460-
عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال : (( إذَا دَخَلَ
أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ يُنَادِي مُنَادٍ : إنَّ لَكُمْ أنْ تَحْيَوْا ، فَلاَ
تَمُوتُوا أَبَداً ، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَصِحُّوا ، فلا تَسْقَمُوا أبداً ، وإنَّ
لَكمْ أنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أبداً ، وإنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا ، فَلاَ
تَبْأسُوا أَبَداً )) . رواه مسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال : (( إنَّ أدْنَى مَقْعَدِ
أَحَدِكُمْ مِن الجَنَّةِ أنْ يَقُولَ لَهُ : تَمَنَّ ، فَيَتَمَنَّى وَيَتَمَنَّى
فَيقُولُ لَهُ : هَلْ تَمَنَّيتَ ؟ فيقولُ : نَعَمْ ، فيقُولُ لَهُ : فَإنَّ لَكَ
ما تَمَنَّيتَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ )) . رواه مسلم .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال : (( إنَّ الله عز وجل
يَقُولُ لأَهْلِ الجَنَّةِ : يَا أهْلَ الجَنَّةِ ، فَيقولُونَ : لَبَّيكَ رَبَّنَا
وَسَعْدَيْكَ ، وَالخَيْرُ في يَديْكَ ، فَيقُولُ : هَلْ رَضِيتُم ؟ فَيقُولُونَ :
وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبَّنَا وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أحداً
مِنْ خَلْقِكَ ، فَيقُولُ : ألاَ أُعْطِيكُمْ أفْضَلَ مِنْ ذلِكَ ؟ فَيقُولُونَ :
وَأيُّ شَيءٍ أفْضَلُ مِنْ ذلِكَ ؟ فَيقُولُ : أُحِلُّ عَلَيكُمْ رِضْوَانِي فَلاَ
أسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أبَداً )) . متفق عليه .
من كتاب رياض الصالحين -461-
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه ، قال: كُنَّا عِندَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَنَظَرَ
إلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَقَالَ : (( إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ
عَيَاناً كما تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ ، لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ )) متفق
عليه .
وعن صُهيب رضي الله عنه : أنَّ رسول الله ﷺ قال : (( إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ
الجَنَّةَ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تُريدُونَ شَيئاً أَزيدُكُمْ ؟
فَيقُولُونَ : ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ؟ ألَمْ تُدْخِلْنَا الجَنَّةَ
وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ ؟ فَيَكْشِفُ الحِجَابَ ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً
أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إلَى رَبِّهِمْ )).رواه مسلم .
قال الله تعالى : { إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ
رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ في جَنَّاتِ
النَّعِيمِ دَعْوَاهُمْ فيها سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا
سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ } " يونس " .
الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِي لَوْلاَ أَنْ
هَدَانَا اللهُ . اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ النَّبيِّ
الأُمِّيِّ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأزوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، كما صَلَّيْتَ
عَلَى إبْرَاهِيمَ وعلى آلِ إبْراهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبيِّ
الأُمِّيِّ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، كما بَاركْتَ
عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آل إبراهيم في العالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .
قال مؤلِّفُهُ: فَرَغْتُ مِنْهُ يَوْمَ الإثْنَيْنِ رَابِعَ شَهْرِ رَمَضَانَ
سَنَةَ سَبْعِينَ وَسِتِّمِئَةٍ بِدِمشق.
من كتاب رياض الصالحين -462-
كتاب رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين مؤلفه الإمام يحيى بن شرف النووي الدمشقي،
أهمية كتاب " رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين "
كتاب رياض الصالحين للإمام المحدث الفقيه أبي زكريا يحيى بن شرف النووى الدمشقي
المتوفى 676 من الكتب العظيمة المهمة من كتب الإسلام ، وهو من أكثر الكتب انتشاراً
في العالم ، وذلك لاشتماله على أهم ما يحتاجه المسلم في عباداته وحياته اليومية مع
صحة أحاديثه - إلا نزراً يسيراً - واختصاره وسهولته وتذليل المصنف لمادته ( وعلى
طالب العلم أن يتنبه الى أن الإمام النووي رحمه الله تعالى قد يذكر الحديث من
ذاكرته وحفظه ، فيلفق متنا بمتن آخر ) ، ويجمع في هذا الكتاب الأحاديث الصحيحة
المروية عن رسول الله محمد بن عبد الله في جميع شؤون العقيدة والحياة، ويعرضها
مرتبة في أبواب وفصول، لتكون موضوعات يسهل على القارئ العودة إليها والاستفادة
منها. يضم الكتاب 1903 أحاديث مروية بسند مختصر يبدأ بالصحابي غالبا، وبالتابعي
نادرا، مقسمة على 372 فصلا. وينقل قول رسول الله وفعله كما يرويه الصحابة، وفي
حالات قليلة ينقل بعض أقوال الصحابة وأفعالهم متأسين برسول الله ﷺأو مجتهدين بهديه.
ويوزع الأحاديث في خمسة عشر (كتابا) ويضم الكتاب عدة أبواب يختلف عددها باختلاف
موضوعها، والأبواب مرقمة بالعدد المتسلسل من أول الكتاب إلى نهايته، يبلغ مجموعها
ثلاثمائة وثلاثة وسبعين باباً.وهو كتاب ينتفع به المبتديء والمنتهي .
المصدر : http://majles.alukah.net/t3071/#ixzz2nQqPlffB
المصدر : http://majles.alukah.net/t3071/#ixzz2nQqzai00