الأمر في القرآن
أحدهما : الذي جمعه أوامر ، وهو استدعاء الفعل بالقول من الأعلى إلى الأدنى ، وذلك نحو قولك : افعل .
والثاني : الذي جمعه أمور ، وهو الشأن والقصة والحال .
فأما الإمر بالكسر : فالشيء العجب . ففي سورة الكهف: { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا }. قال مجاهد : منكرًا. وقال قتادة عجبًا.
والأمارة : الولاية . وكذلك الإمرة ، والإمار .
والأمارة : العلامة .
والأمار : الموعد .
أمّار "مفرد": صيغة مبالغة من أمَرَ: مغرٍ بالشرّ محرّض عليه { وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) }
والآمر : ذو الأمر . وتقول : ائتمرت ، إذا فعلت ما أمرت به . ورجل إمر : على " فعل " فهو يأتمر لكل أحد ضعيف الرأي ، وأمر القوم أمرا : إذا كثروا .
وذكر أهل التفسير أن الأمر في القرآن على ثمانية عشر وجها .
أحدها : الدين . ومنه قوله تعالى في براءة: " حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون " ، وفي الأنبياء: " وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون " ، وفي المؤمنين : " فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا "
والثاني : القول . ومنه قوله تعالى في هود: " حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور " ، وفي الكهف : " إذ يتنازعون بينهم أمرهم " ،
وفي طه : " فتنازعوا أمرهم بينهم " .
والثالث : العذاب ، ومنه قوله تعالى في هود : "وغيض الماء وقضي الأمر " ، وفيها : " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها " ، وفي إبراهيم : " وقال الشيطان لما قضي الأمر " ، وفي مريم : " إذ قضي الأمر وهم في غفلة "
والرابع : قتل كفار مكة . ومنه قوله تعالى في الأنفال : " وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا * ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا " ، وفي المؤمن : " فإذا جاء أمر الله قضي بالحق "
والخامس : فتح مكة . ومنه قوله تعالى في براءة : " فتربصوا حتى يأتي الله بأمره "
والسادس : قتل بني قريظة وجلاء بني النضير . ومنه قوله تعالى في البقرة :" فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره "
والسابع : القيامة . ومنه قوله تعالى في النحل : " أتى أمر الله فلا تستعجلوه "
والثامن : القضاء . ومنه قوله تعالى في الأعراف : " ألا له الخلق والأمر " ، وفي يونس : " يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه " ، وفي الرعد : " يدبر الأمر يفصل الآيات "
والتاسع : الوحي . ومنه قوله تعالى في تنزيل السجدة : " يدبر الأمر من السماء إلى الأرض " ، وفي الطلاق : " يتنزل الأمر بينهن "
والعاشر : النصر . ومنه قوله تعالى في آل عمران : " يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله "
والحادي عشر : الذنب . ومنه قوله تعالى في المائدة : " ليذوق وبال أمره " . وفي التغابن : " فذاقوا وبال أمرهم " ، وفي الطلاق :" فذاقت وبال أمرها "
والثاني عشر : الشأن والحال . ومنه قوله تعالى في هود : " وما أمر فرعون برشيد " ، وفي حم عسق : " ألا إلى الله تصير الأمور "
والثالث عشر : الموت . ومنه قوله تعالى في الحديد : " وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله "
والرابع عشر : المشورة . ومنه قوله تعالى في الأعراف: " يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون "
والخامس عشر : الحذر . ومنه قوله تعالى في التوبة : " وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل "
السادس عشر : الغرق . ومنه قوله تعالى في هود :" قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم "
والسابع عشر : الخصب . منه قوله تعالى في المائدة : " فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده " .
والثامن عشر : الأمر الذي هو استدعاء الفعل . ومنه قوله تعالى في سورة النساء : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " ، وفي النحل : " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " .
وقد زاد بعضهم وجها تاسع عشر : فقال : الأمر : الكثرة .
ومنه قوله تعالى في الإسراء : " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها " ، أي : كثرناهم وألحقه بعضهم بقسم الأمر الذي هو استدعاء الفعل فقال : معناه أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا فيها .
أنظر كتاب نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر باب الأمر