الإتيان في القرآن

الإتيان في القرآن

الإتيان : مصدر قولك : أتى ، يأتي ، إتيانا ، وهو بمعنى : جاء ، تقول : أتيت فلانا . أي : جئته . وآتيته بالمد بمعنى :أعطيته .

واعلم أن العرب تستعمل جاء وأتى بمعنى : فعل . فقوله :  فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً  أي فعلوه وقيل بتقدير الباء : أي جاءوا بظلم ، ومن إتيان بمعنى فعل قوله تعالى :  لاَ تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْاْ  . أي بما فعلوه .

وذكر بعض المفسرين أن الإتيان في القرآن على اثني عشر وجها :

أحدها : الدنو . ومنه قوله تعالى في الحجر : " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " ، وفي النحل  : " أتى أمر الله فلا تستعجلوه " .

والثاني : الإصابة . ومنه قوله تعالى في الأنعام  : " قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله " ، وفي يونس  : " إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا " .

والثالث : القلع . ومنه قوله تعالى في سورة النحل  : " فأتى الله بنيانهم من القواعد ".

والرابع : العذاب . ومنه قوله تعالى في الحشر  : " فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا " .

والخامس : الجماع . ومنه قوله تعالى في البقرة  : "  فأتوا حرثكم أنى شئتم " ، وفي الشعراء  : "  أتأتون الذكران من العالمين " ، وفي النمل  : " أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء " .

والسادس : العمل . ومنه قوله تعالى في العنكبوت  : " وتأتون في ناديكم المنكر " .

والسابع : الإقرار ومنه قوله تعالى في مريم  : " إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا " ، أي : مقرا بالعبودية له .

والثامن : الخلق . ومنه قوله تعالى في إبراهيم : " إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد " .

والتاسع : الظهور . ومنه قوله تعالى في الصف :" ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد " .

والعاشر : الدخول . ومنه قوله تعالى في البقرة : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها " .

والحادي عشر : المضى . ومنه قوله تعالى في الفرقان : " ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء " ، وفي النمل : " حتى إذا أتوا على واد النمل " .

والثاني عشر : المجيء بعينه . ومنه قوله تعالى في مريم : " فأتت به قومها تحمله " . أنظر كتاب  نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر

 

قوله تعالى : وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79) "يونس "

أي : أحضروا لى كل ساحر يحذق عمله.

قوله تعالى :  وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (79). " يوسف "

أي : أخرجوه من السجن وأحضروه.

قوله تعالى : وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) "المؤمنون"

أي: يعطون من أنفسهم مما أمروا به، ما آتوا من كل ما يقدرون عليه، من صلاة، وزكاة، وحج، وصدقة، وغير ذلك " تفسير السعدي .

قوله تعالى : وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ، ومثلها وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ، وكذلك : إلا أن يأتين بفاحشة ، واللّاتي يأتين الفاحشة ، فإن أتين بفاحشة ، من يأت منكن بفاحشة.

أي فعل الفاحشة : الخصلة القبيحة الشديدة القبح؛ كالزنا واللواط.

قوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19)

قال ابن عباس رضي الله عنهما: هذا في الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضارّها لتفتدي وتردّ إليه ما ساق إليها من المهر، فنهى الله تعالى عن ذلك

قوله تعالى : لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.

ولا تظنن الذين يفرحون بما أَتَوا من أفعال قبيحة كاليهود والمنافقين وغيرهم, ويحبون أن يثني عليهم الناس بالخير الذي لم يفعلوه ، فلا تظنهم ناجين من عذاب الله في الدنيا.