الإلقاء في القرآن
الأصل في الإلقاء : النبذ والطرح ورمي الشيء.
وذكر بعض المفسرين أن الإلقاء في القرآن على عشرة أوجه :
أحدها : الإلقاء الرمي ومنه قوله تعالى في سورة الأعراف : “وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ “ ، وفيها ، وفي الشعراء : “فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ “ . يعني رماها من يده ونظائره كثيرة.
الثاني : الوسوسة . ومنه قوله تعالى في الحج : “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ “ .
الثالث : الخلق . ومنه قوله تعالى في النحل : “ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ “ وفي لقمان “ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ “ وفي ق “ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ “ونظائرها كثيرة .
الرابع : ألقى بمعنى أنزل . ومنه قوله تعالى في حم المؤمن : “رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ “ ، وفي سورة المرسلات “ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا “ يعني المنزلات الوحي ، وفي المزمل : “إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا “ .
الخامس : ألقي بمعني أدخل. ومنه قوله تعالى في حم السجدة : “ أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ “ وكقوله تعالى في سورة الصافات " قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ " أي أدخلوه النار.
السادس : بمعني الإجلاس ومنه قوله تعالى في ص : “ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ “ ، أي أجلسنا .
السابع : ألقى أي كلم قوله تعالى في سورة النساء " وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ" يقول السعدي أي: كلمة تكلم الله بها فكان بها عيسى، ولم يكن تلك الكلمة، وإنما كان بها، وهذا من باب إضافة التشريف والتكريم.
الثامن : ألقى أي وضع قوله تعالى في سورة يوسف " اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا " أي ضعوه وقوله تعالى فيها " فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا " أي وضعه .
التاسع : ألقي بمعنى ( اقترع ) قوله تعالى في سورة آل عمران " وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ " أي يقترعون ، لما ذهبت بها أمها إلى من لهم الأمر على بيت المقدس، تخاصموا أيهم يكفل مريم، واقترعوا عليها بأن ألقوا أقلامهم في النهر، فأيهم لم يجر قلمه مع الماء فله كفالتها.
العاشر : ألقي بمعنى كسا كقوله تعالى في سورة طه " وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي " أي كسوتك جمالاً قال ابن عطية : جعل عليه مسحة من جمال لا يكاد يصبر عنه من رآه.
قال مقاتل بن سليمان التّلقيّ على وجهين:
الوجه الأول: التلقي، يعني: الإيتاء. فذلك قوله في: حم السجدة: " وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ". يعني: وما يؤتاها. وقال في النمل: "وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ". يعني: لتؤتى القرآن من لدن حكيم عليم.
الوجه الثاني: التلقي، يعني: النزول. فذلك قوله في: اقتربت:" أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا " . يعني: أأنزل عليه الوحي من بيننا. وقال في المؤمن:" يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ". يعني: ينزل الوحي بأمره.
اهم المراجع:
· الوجوه والنظائر في القرآن العظيم، لمقاتل بن سليمان البلخي .
· نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر - جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي.
· قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم - الحسين بن محمد الدامغاني.
· الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري - أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري.
· تفسير القرآن العظيم -ابن كثير
· تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان - عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي
· معاجم اللغة