الشهيد في القرآن
الشهيد : يقال ويراد به : الشاهد . يقال : شاهد وشهيد . كما يقال :
عالم وعليم . وهو مأخوذ من المشاهدة .
والشهادة : الإخبار بما شوهد.
والمشهد: محضر الناس ، وجمع مشهد: مشاهد، ومنه: مشاهد الحج، وهي مواضع المناسك.
والتشهد هو أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وصار في التعارف اسما للتحيات المقروءة في الصلاة، وللذكر الذي يقرأ ذلك فيه.
وذكر أهل التفسير أن الشهيد في القرآن على سبعة أوجه :
أحدها : النبي المبلغ . ومنه قوله تعالى في سورة النساء : “ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا “ ، يعني بنبيهم شاهداً عليهم بتبليغ الرسالة مثلها في سورة النحل " وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا " مثلها في سورة المائدة " وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ " يعني نبياً.
والثاني : الملك الحافظ . ومنه قوله تعالى في ق : “ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ “ ، وفي الزمر: “ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ “ . يعني الحفظة وكقوله سبحانه في سورة هود: “ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ “يعني ونحوه .
والثالث : أمة محمد عليه السلام . ومنه قوله تعالى في آل عمران : “ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ “
والرابع : الشاهد بالحق على المشهود عليه . ومنه قوله تعالى في البقرة : “ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا “ ، وفيها : “وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ “ ، وفيها : “ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ “ .
والخامس : الشهيد القتيل في سبيل الله . ومنه قوله تعالى في سورة النساء : “مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ “ ، وفي الحديد : “وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ “ .
والسادس : الحاضر . ومنه قوله تعالى في البقرة : “أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ “ ، وفي سورة النساء :“ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا “ ، وفي الفرقان : “وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا “ أي: لا يحضرونه بنفوسهم ولا بهمهم وإرادتهم.
والسابع : الشريك وهو الصنم . ومنه قوله تعالى في البقرة : “فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ “ .
وقد يعبر بالشهادة عن الحكم نحو قول تعالى في سورة يوسف: “وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ” ، وعن الإقرار كما في سورة النور: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ” ، وفي يوسف: “وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ” أي: ما أخبرنا، وقال تعالى في التوبة: “مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ” ، أي: مقرين. وفي فصلت “وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا” .