الذكر في القرآن
الذكر يقال على وجهين :
أحدهما : الذكر بالقلب .
والثاني : الذكر باللسان .
وذكر أهل التفسير أن الذكر في القرآن على عشرين وجها :
أحدها : الذكر باللسان . ومنه قوله تعالى في البقرة : " فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا " ، وفي آل عمران : " الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ " ، وفي سورة النساء : " فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُم " ، في الأحزاب : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا " .
والثاني : الذكر بالقلب . ومنه قوله تعالى في آل عمران : " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ " ، وقيل هو الندم .
والثالث : الحديث . ومنه قوله تعالى في يوسف : " وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ " ، أي : حدثه بحالي . ومثله : " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ " ، " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى " ، " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ " ، " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ" .
والرابع : الخبر . ومنه قوله تعالى في الكهف : " قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا " ، وفي الأنبياء : " هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي " ، وفي الصافات :" لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ " .
والخامس : العظة . ومنه قوله تعالى" في الأنعام : " فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ" ، وفي الأعراف: " فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ " ، وفي يس : " قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ " ، وفي ق : " فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ " .
والسادس : التوحيد . ومنه قوله تعالى في طه : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا " ، وفي الزخرف : " وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ " .
والسابع : الوحي . ومنه قوله تعالى في الصافات : " فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا " وفي القمر : " أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا " ، وفي المرسلات : " فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا " .
والثامن : القرآن . ومنه قوله تعالى في الأنبياء : " مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ" وفيها " وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ " ، وفي الزخرف : " أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا " أي أنه تعالى من لطفه ورحمته بخلقه لا يترك دعاءهم إلى الخير والذكر الحكيم - وهو القرآن - وإن كانوا مسرفين معرضين عنه.
والتاسع : التوراة . ومنه قوله تعالى في النحل: " فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " ، ومثله في الأنبياء .
والعاشر : الشرف . ومنه قوله تعالى في الأنبياء : " لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ " ، وفي المؤمنين : " بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ " ، وفي الزخرف : " وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ " .
والحادي عشر : الطاعة ومنه قوله تعالى في البقرة : " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " ، أي : أطيعوني ، قال ابن عباس: اذكروني بطاعتي، أذكركم بمغفرتي.
" والثاني عشر : الحفظ " . ومنه قوله تعالى في البقرة : " خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " ، وفي آل عمران : " وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ " .
والثالث عشر: البيان : ومنه قوله تعالى في الأعراف :" أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ " ، وفي ص : " ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ " ، وفيها : " هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ " .
الرابع عشر : الصلوات الخمس . ومنه قوله تعالى في البقرة : " فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ " ، وفي النور : " لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ " ، وفي المنافقين : " لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ " .
والخامس عشر : صلاة الجمعة : ومنه قوله تعالى " في سورة الجمعة :" فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ " .
والسادس عشر : صلاة العصر . ومنه قوله تعالى في ص : " إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي " .
والسابع عشر : العيب . ومنه قوله تعالى في الأنبياء : " أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ " أي يعيبها، يقال: فلان يذكر فلانا أي يعيبه، وفلان يذكر الله أي يعظمه ويجله.
والثامن عشر : اللوح المحفوظ . ومنه قوله تعالى في الأنبياء : " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ".
والتاسع عشر : الثناء على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم " .ومنه قوله تعالى في الشعراء : " إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ".
والعشرون : الرسول . ومنه قوله تعالى في الطلاق : " قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ " ، قيل : أنزل ها هنا بمعنى أرسل .