الإذن والأذان في القرآن

الإذن والأذان في القرآن

الأذان : نداء يقصد به إعلام المنادى بما يراد منه .

ومنه الأذان للصلاة ، فإذا أصغى إليه المنادى بالاستماع والاستجابة قيل قد أذن ، ومنه قوله تعالى : " أذنت لربها وحقت " ، يريد استمعت ، وكذلك قول النبي " صلى الله عليه وسلم " : " ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به " . أي : ما استمع .

وذكر أهل التفسير أن الأذان في القرآن على وجهين :

أحدهما : النداء . " ومنه قوله تعالى في الأعراف " :" فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين " ، وفي يوسف : " ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون " ، وفي الحج : " وأذن في الناس بالحج " .

والثاني : الإعلام ومنه قوله تعالى في براءة : " وأذان من الله ورسوله " ، وفي فصلت : " قالوا آذناك ما منا من شهيد " .

ويجوز أن يعد هذان الوجهان وجها واحدا ، فلا يصح التقسيم إذن .

 

الإذن :

الأصل في الإذن : الإطلاق من غير حجر . وأذنت للحديث استمعت ، وفي الحديث :  "  ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن  "  أي ما استمع .

وذكر بعض المفسرين أن الإذن في القرآن على ثلاثة أوجه :

أحدها : الإذن نفسه . ومنه قوله تعالى في آل عمران  : "  وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا " ، يريد إلا أن يأذن الله في موتها . وفي يونس  : "  وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله " .

والثاني : الأمر . ومنه قوله تعالى في سورة النساء  : "  وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله " ، وفي المائدة  : "  ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه " ، وفي الرعد  : "  وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله " ، وفي إبراهيم  : "  لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم " ، وفيها  : "  تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " ، وفيها  : "  خالدين فيها بإذن ربهم " .

والثالث : الإرادة . ومنه قوله تعالى في البقرة  : "  وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " ، وفيها  : "  كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله " " وفيها " " فهزموهم بإذن الله " ، وفي آل عمران : " وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله " .

 

قال الله جل وعلا: "وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [التوبة:61].

يقال: فلان أُذُنٌ وأُذْنَةٌ على وزن فُعْلَة إذا كان يسمع كل ما قيل له ويقبله، والأذن: الجارحة المعروفة، والمقصود أن النبي يسمع ويصدق كل ما يقال له حسب زعمهم فقال الله: (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ).

 

وأما قوله تعالى في سورة الحج: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ .

أي: أذن الله ، نزلت هذه الآية في قوم بأعيانهم خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة فكانوا يمنعون من الهجرة،  فأذن الله تعالى لهم في قتال الكفّار الذين يمنعونهم.

 

قوله تعالى : " وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)"

أي : فراركم بين يدي عدوكم وقتلهم لجماعة منكم وجراحتهم لآخرين ، كان بقضاء الله وقدره ، وله الحكمة في ذلك.

وفي الحشر : مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5).

أي : ما قطعتم وما تركتم من الأشجار ، فالجميع بإذن الله ومشيئته وقدرته .

وقوله تعالى في سورة الأنبياء  : " فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109)

أي أعلمتكم على بيان أنا وإياكم حرب لا صلح بيننا.

 

وفي سورة فصلت " إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)"

" آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ " أي: أعلمناك يا ربنا، واشهد علينا أنه ما منا أحد يشهد بصحة إلهيتهم وشركتهم.

 

وقوله تعالى في الأعراف : وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ، وفي سورة ابراهيم "وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ" ، " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ " أي: آذن وأعلم ربك، يقال: تأذن وآذن، مثل: توعد وأوعد. وقال ابن عباس: تأذن ربك قال ربك. وقال مجاهد: أمر ربك. وقال عطاء: حكم ربك ، فقال الخليل: التّأذُّن من قولك لأفعلنَّ كذا، تريد به إيجاب الفعل، أي سأفعله لا محالة. وهذا قولٌ. وأوضَحُ منه قولُ الفرّاء تأَذَّن رَبُّكم: أَعلَمَ رَبُّكم.

 

ومما ذكره ابن منظور في لسان العرب :

( أذن ) أَذِنَ بالشيء إذْناً وأَذَناً وأَذانةً عَلِم

وفي التنزيل العزيز فأْذَنوا بحَرْبٍ من الله ورسوله أَي كونوا على عِلْمٍ

ويقال قد آذَنْتُه بكذا وكذا أُوذِنُه إيذاناً وإذْناً إذا أَعْلَمْته .

ويقال أَذِنْتُ لفلانٍ في أَمر كذا وكذا آذَنُ له إِذْناً واسْتَأْذَنْتُ فلاناً اسْتِئْذاناً وأَذَّنْتُ أَكْثرْتُ الإعْلامَ بالشيء .

والأَذانُ الإعْلامُ وآذَنْتُكَ بالشيء أَعْلمتُكه

وآذَنْتُه أَعْلَمتُه

وحكى أَبو عبيد عن الأَصمعي كونوا على إِذْنِهِ أَي على عِلْمٍ به

ويقال أَذِنَ فلانٌ يأْذَنُ به إِذْناً إذا عَلِمَ

ويقال فَعلْتُ كذا وكذا بإِذْنِه أَي فعلْتُ بعِلْمِه ويكون بإِذْنِه بأَمره

وأَذِنَ له في الشيءِ إِذْناً أَباحَهُ له

واسْتَأْذَنَه طَلَب منه الإذْنَ وأَذِنَ له عليه أَخَذَ له منه الإذْنَ يقال ائْذَنْ لي على الأمير

قال ابن سيده وأَذِنَ إليه أَذَناً استمع

ورجل أُذانِيّ وآذَنُ عظيمُ الأُذُنَيْنِ طويلُهما وكذلك هو من الإبلِ والغنم ونَعْجةٌ أَذْناءُ وكَبْشٌ آذَنُ وفي حديث أَنس أَنه قال له يا ذا الأُذُنَيْنِ قالَ ابن الأَثير قيل معناه الحضُّ على حُسْنِ الاستِماعِ والوَعْي لأَن السَّمْعَ بحاسَّة الأُذُنِ

والأَذانُ اسمُ التأْذين كالعذاب اسم التّعذيب

قال ابن الأَثير وقد ورد في الحديث ذكر الأَذان وهو الإعلام بالشيء يقال منه آذَنَ يُؤْذِن إيذاناً وأَذّنَ يُؤذّن تأْذِيناً والمشدّدُ مخصوصٌ في الاستعمال بإعلام وقت الصلاة والأَذانُ الإقامةُ ويقال أَذَّنْتُ فلاناً تأْذيناً أَي رَدَدْتُه

آذَنَ وتأَذَّنَ بمعنًى كما يقال أَيْقَن وتَيَقَّنَ ويقال تأَذَّنَ الأَميرُ في الناس إذا نادى فيهم يكون في التهديد والنَّهيْ

إذنْ حرفُ مُكافأَة

قال الجوهري إذا قال لك قائلٌ الليلةَ أَزورُكَ قلتَ إذَنْ أُكْرمَك

 

وفي تاج العروس من جواهر القاموس ( واذن ) حرف ( جواب وجزاء ) تأويلها ان كان الامر كما ذكرت  أو كما جرى .