الحسنة في القرآن

الحسنة في القرآن

أصل الكلمة القبول، والحسن ما تقبله النفس إذا رأته، والحسنة الخصلة التي تقبلها النفس.

والإحسان ما تشتهيه النفس وتقبله، ونقيضه الإساءة، وهي التي تكرهها وتردها.

والحسنة في القرآن على خمسة أوجه:

الأول: الحسنة: النصر والغنيمة، والسيئة: القتل والهزيمة. فذلك قوله في آل عمران: “ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ “، يعني: النصر والغنيمة ببدر تسؤهم، “ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا “، يعني: القتل والهزيمة يوم أحد، نظيرها في النساء حيث يقول: “مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ” . وقوله في براءة: “إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ”، يعني: النصر والغنيمة.

الوجه الثاني: العمل الصالح ، قوله في الأنعام: “ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا “، وفي سورة النمل " مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ"، وفي القصص" مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".

الوجه الثالث: أن الحسنة: كثرة المطر والخصب والسعة والسيئة الضيق والقحط: قال الله تعالى: “وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ” يقول إن أصابهم خير وسعة وخصب نسبوه إلى الله تعالى، وإن أصابهم ضيق وقحط نسبوه إليك، وقالوا: إنما نالنا ذلك من شؤمك، ومثله قوله: “ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ” أي: بدل الضيق بالسعة، وقيل مكان قحط المطر وقلة الخير، كثرة المطر والخصب والخير. ومثله: “وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ” أي: اختبرناهم بالضيق والسعة والبلوى.

الوجه الرابع: الحسنة: العافية والسلامة ، والسيئة العذاب في الدنيا. قال اللَّه تعالى: “وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ” يعني: أنهم يريدون تقديم العذاب لهم في الدنيا على ما هم فيه من العافية فيها، وقوله “فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ. وقوله في النمل: “قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”. يعني بالعذاب في الدنيا، قبل الحسنة، يعني: قبل العافية.

 

الوجه الخامس: الحسنة: العفو وقول المعروف. والسيئة: القول القبيح والأذى. فذلك قوله في المؤمنين: “ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ “. يقول: ادفع بقول المعروف والصفح قول الشين والأذى. وفي القصص: “ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ”. أي: يدفعون القول القبيح المؤذي بالقول الحسن. وقوله في فصلت: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” ، يعني: العفو والصفح.