اللبس واللباس في القرآن

اللبس واللباس في القرآن

 

اللباس : اسم لما يحصل به الاستتار من ثوب أو غيره ومما يكون على بدن الإنسان .

يقال : لبست الثوب ألبسه . وكل ملبوس من الثياب أو درع فهو : لبوس .

وأما اللبس - بفتح اللام - فهو : اختلاط الأمر .

يقال : لبست عليه الأمر - بفتح الباء - ألبسه - بكسرها - ، ومنه قوله تعالى : “ وللبسنا عليهم ما يلبسون “ ، ويقال : في الأمر لبس ، إذا لم يكن واضحا .

 

وذكر أهل التفسير أن اللباس في القرآن على ثلاثة أوجه :

أحدها : اللباس المعروف . ومنه قوله تعالى في الأعراف : “ لباسا يواري سوءاتكم “ ، وفي الحج : “ ولباسهم فيها حرير “ ، وفي الدخان : “ يلبسون من سندس “ .

ترى الجليس يقول الحق تحسبه ... رشدا وهيهات فانظر ما به التبسا

 

والثاني : السكن . ومنه قوله تعالى في البقرة : “ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن “ ، وفي عم يتساءلون : “ وجعلنا الليل لباسا “ .

 

والثالث : العمل الصالح . ومنه قوله تعالى في الأعراف : “ ولباس التقوى ذلك خير “ .

 

لقد ورد في القرآن الكريم مادة لبس في آيات متعددة منها قوله تعالى: "وَلاَ تَلْبِسُواْ الحَقَّ بِالبَاطِل" ، وقوله: " لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ".

وقوله: " الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلمٍ".

وقوله: " هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُم لِبَاسٌ ".

وقوله تعالى: "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً". وقوله: "قَد أَنزَلْنَا عَلَيْكُم لِبَاساً يُوَارِى سَوْءَاتِكُم". وقوله: "يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإسْتَبْرَقٍ".

وقوله: "وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ". وغيرها.

 

فلو تأملنا اشتقاقات هذا اللفظ في هذه الآيات لوجدنا أن معناه ليس واحداً فيها ، إذ أننا نجد معناه في الآيات الثلاث الأولى ““الخلط”“، ومعناه في الرابعة والخامسة “السكن” ومعناه في السادسة والسابعة “الثياب” ومعناه في الثامنة “العمل الصالح” فنعلم أن للفظ “اللباس” أربعة وجوه .

 

قالَ اللهُ تَعَالى: يَابَنِي ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذالِكَ خَيْرٌ ذالِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ

يعنى : ما أنزل من المطر فنبت به الكتان والقطن ، ونبت به الكلأ الذي هو سبب ثياب الصوف والوبر والشعر على ظهر البهائم ، وَلِباسُ التَّقْوى لباس الورع والخشية من اللّه تعالى.

 

وقالَ اللهُ تَعَالى: " وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) "

قيل : هي الدِّرْعُ تُلْبَسُ في الحُرُوبِ .

 

قول اللهُ تَعَالى : " فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ "

أي أثرهما - قحطوا سبع سنين - وسمي ذلك لباساً لأنه يظهر به عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس فاستعير له اسمه.

 

قولُه تعالَى : " وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ " أي : ولو أنزلنا مع الرسول البَشَرِيّ ملكًا ، أي: لو بعثنا إلى البشر رسولا ملكيًا لكان على هيئة رجل لتُفْهَم  مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه ، ولو كان كذلك لالتبس عليهم الأمر كما يلبسون على أنفسهم في قبول رسالة البشري

قَولهِ تَعَالى : " ولاَ تَلْبِسُوا الْحَقَّ بالْبَاطِلِ " أَي لا تَخْلِطُوه به .

قوله تعالى : " أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً " أي : فرقا متخالفين، يوخْلِطَ أَمْرَكُم خَلْطَ إضْطِرابٍ لا خَلْطَ إتَّفَاقٍ .

وقوله جلّ ذِكْرُه " ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ " أَي لم يَخْلِطُوه بشِرْكٍ .

 

قال تعالى في سورة البقرة : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ ... “187”

وأصل اللباس فى الثياب ، ثم سمى امتزاج كل واحد من الزوجين بصاحبه لباسا ، لانضمام الجسد وامتزاجهما وتلازمهما تشبيها بالثوب ، والعربُ تُسَمِّي المَرْأَةَ لِبَاساً وإِزاراً قال الجَعْدِيُّ يصِفُ امرأَةً :

إِذَا ما الضَّجِيعُ ثَنَى عِطْفَهُ ... تَثَنَّتْ فكانَتْ عَلَيْهِ لِبَاسَاً