المد في القرآن
الأصل في المد : إشباع بعض الشيء بعضا، ومنه مددت الجيش ومد الحبل ، ومنه مددت الثوب والبساط، أي: بسطته ، والعرب تقول للشيء الذي لا ينقطع: ممدود .
وذكر أهل التفسير أن المد في القرآن على خمسة أوجه:
أحدها : الامهال والإطالة . ومنه قوله تعالى في البقرة : " اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " ، وفي الأعراف : " وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ " ، وفي مريم " قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا" يدعه في طغيانه ويمهله في كفره.
والثاني : الدوام . ومنه قوله تعالى في مريم : " كَلا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا " يعني: لا انقطاع له، وقال في المدثر: " وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا "، قال مقاتل: كان له بستان بالطائف لا تنقطع ثماره شتاءً ولا صيفًا ، وقال سبحانه في الواقعة : " وَظِلٍّ مَمْدُودٍ " أي دائم لا تنسخه الشمس.
والثالث : البسط . ومنه قوله تعالى في الرعد : " وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا " ، وفي الفرقان : " أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا " وقال تعالى: وكقوله في الحجر: "وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ " مثلها في: ق والقرآن.
والرابع : التسوية . ومنه قوله تعالى في الانشقاق : " وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ " ، أي : سويت فدخل ما على ظهرها في بطنها .
والخامس: يمد بمعنى يعطي. ومنه قوله تعالى في المؤمنين: " أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ" نعطيهم ونجعله مددا لهم من المال والبنين في الدنيا، وكقوله في سورة نوح:" وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " ، وكقوله في آل عمران: " أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ "، وقال في الأنفال: " إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ "، يعني معطيكم.